أصدرت 22 منظمة دولية، بياناً مشتركاً حذرت فيه من أن التدهور البيئي الناجم عن النزاعات المسلحة يفاقم أزمات العالم الإنسانية والاقتصادية والأمنية.

وأشارت المنظمات إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا وتدهور الأوضاع في سوريا هما مثالان على الآثار المدمرة للنزاعات على البيئة.

وطالبت المنظمات المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات لمنع التدهور البيئي في النزاعات المسلحة والحد من وطأته ومعالجته.

وألقت السيدة بريتني روزر، من منظمة باكس، بيانًا نيابة عن 22 منظمة، حذرت فيه من أن التدهور البيئي الناجم عن النزاعات يفاقم أزمات العالم الإنسانية والاقتصادية والأمنية.

وجاء في نص البيان:

حضرة الرئيس المحترم، حضرات المندوبين الموقرين:

مازال التدهور البيئي الناجم عن النزاعات يفاقم أزمات العالم الإنسانية، والاقتصادية، والأمنية في عام 2023. إذ تستمر الأبعاد البيئية للصراعات والأنشطة العسكرية في التَّجذُّر في ظل عدم التصدي لها بشكلٍ كافٍ من قبل السياسات الدولية المعنية بإحلال السلم والأمن.

دعونا ننظر على سبيل المثال إلى الغزو الروسي لأوكرانيا. لقد أسفر هذا الغزو عن الحاق أضرار بمنشآت ذات خطورة عالية، وتدمير واسع النطاق لعدد كبير من المدن والبلدات، وتلوث ثلث أراضي أوكرانيا بالألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة. كل ذلك تسبَّبَ في مخاطر حادة وطويلة الأجل على صحة الإنسان والبيئة. ومن ناحية أخرى، تَسبَّبَ تدمير سد كاخوفكا في إحداث خلل هائل في النظام البيئي، وتقويض الإمكانات الزراعية لأوكرانيا ماترك آثاره على الأمن الغذائي العالمي، وهدد العمليات في أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا.

وفي سوريا، فقد أدَّت التداعيات المتفاقمة للنزاع المستمر منذ أكثر من عقد من الزمن إلى جانب الجفاف الناجم عن التغيُّرات المناخية إلى حرمان ملايين السوريين الذين يعانون أصلاً من الفقر، والجوع، والتهجير من مياه الشرب النظيفة، وذلك في الوقت الذي تستخدم فيه مصادر المياه كسلاح على نطاق واسع في البلاد. وبالنتيجة فقد أدى شح المياه إلى زيادة تعرض السكان للأمراض المعدية، وتجلَّى ذلك في تفشي وباء الكوليرا مؤخراً. وعلاوةً على ذلك، فقد تَسبَّبَ النزاع بتدمير %40 من الغابات في سوريا، مما أدى إلى تعطيل سبل العيش، والإخلال بالنظم البيئية (الإيكولوجية)، وإضعاف القدرة على الصمود في مواجهة تغيرات المناخ.

ولئن كان من الصحيح أنَّ عواقب التَّغيُّر المناخي ملموسة في جميع أنحاء العالم، إلا أنها تظهر بشكل أكثر حدّة في البلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات، حيث تؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن وزيادة المعاناة الإنسانية فيها. إنَّ النظم البيئية الصحية والمستدامة هي أفضل حاجز دفاع لنا ضد أزمة المناخ، وعليه يجب علينا حماية هذه النظم بشكل أفضل وفي جميع الأوقات.

يُعتقد أنَّ الجيوش العسكرية التي تمَّ تجاهلها عبر التاريخ في محادثات الأمن المناخي مسؤولة عن %5.5 من انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، ومع ذلك لازالت الرقابة على هذه الجيوش محدودة بموجب اتفاقيات تغير المناخ. هذا يتطلب من المجتمع الدولي أن يتحمل عبء مهمة مزدوجة تتمثل في: النظر في دور الجيوش العسكرية في تفشي أزمة المناخ، ودراسة المخاطر المناخية المرتبطة بالنزاعات المسلحة وسبل حماية البيئة منها. ومن الأهمية بمكان أيضاً ضمان تعافي الأراضي المتضررة بعد انتهاء الصراع بطريقة تجعلها قادرة على تحمل تغيّرات المناخ.

إنَّ اتحاد جهود المجتمع الدولي يمكن أن يؤدي إلى تحقيق إنجازات مُجدية في مجال حماية البيئة. ومن الجدير ذكره في هذا الصدد أنَّه في العام الماضي أحاطت الجمعية العامة للأمم المتحدة علماً بتوصية لجنة القانون الدولي المتضمنة لمبادئ حماية البيئة فيما يتعلق بالنزاعات المسلحة، ويعتبر ذلك أهم الإنجازات القانونية التي تحققت في مجال حماية البيئة أثناء النزاعات حتى الآن. وبدورنا ندعو جميع الدول إلى الالتزام بهذه هذه المبادئ جنباً إلى جنب مع المبادئ التوجيهية المُحدَّثة للجنة الصليب الأحمر الدولية والموجهة للجيوش العسكرية بشأن حماية البيئة الطبيعية في النزاعات.

وفي العام الحالي، تمكنت الأمم المتحدة من إرسال بعثة بمهمة التصدي للخطر الكارثي الناجم عن التسرب النفطي من خزان صافر العائم الموجود قبالة سواحل اليمن، بيد أنَّ هذه البعثة واجهت تأخيرات في أداء مهمتها وتحديات في التمويل، ما أظهر الحاجة إلى إيجاد آلية دولية متخصصة يمكنها الاستجابة بسرعة لحالات الطوارئ البيئية المرتبطة بالنزاعات.

إننا نحثّ جميع الوفود على أن توضح بشكل كامل الأبعاد البيئية للمواضيع المدرجة في جدول أعمالها خلال اجتماعات دورة اللجنة الأولى. وونرى أنه ينبغي على الدول أن تقوم خارج هذه القاعة بوضع جدول أعمال شامل للبيئة والسلام والأمن وذلك لتعميم مراعاة الاعتبارات المتعلقة بالبيئة والمناخ والصراع في جميع أعمال منظومة الأمم المتحدة.

وأخيراً يمكن للمجتمع الدولي، بل يجب عليه، أن يفعل المزيد لمنع التدهور البيئي في النزاعات المسلحة، والحد من وطأته، ومعالجته، وذلك من أجل توفير حماية أفضل للناس، والكوكب، والسلم.

شكراً لكم.

ألقي هذا البيان بالنيابة عن المنظمات التالية:

منظمة العمل ضد العنف المسلح (AOAV)
منظمة المادة 36
مركز المبادرات البيئية (Ecoaction)
مركز الدراسات المسكونية (CEE)
مركز السياسة الدولية
الحملة الكولومبية لحظر الألغام الأرضية (CCCM)
مرصد الصراعات والبيئة
مشروع التوعية بالنزاعات
مركز СSO Interecocentre
المعهد الأوروبي للسلام (EIP)
هيومن رايتس ووتش
ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻹﺯﺍﻟﺔ ﺍﻷﻟﻐﺎﻡ في ﻛﻨﺪﺍ
المركز البيئي الوطني في أوكرانيا
منظمة اللاعنف الدولية
المساعدات الشعبية النرويجية
منظمة باكس لبناء السلام (PAX)
ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺑﻼﻭﺷﻴﺮﺯ
علماء من أجل المسؤولية العالمية (SGR)
حركة سوكا غاكاي الدولية
منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة (STJ)
الرابطة النسائية الدولية للسلام والحرية
شبكة زوي للبيئة

 

شارك هذه المقالة على المنصات التالية

تابعونا على غوغل نيوز
تابعونا على غوغل نيوز