بيان:

تشهد مدينة عفرين السورية، الواقعة في شمال غرب سوريا، حالة من التوتر والاضطراب بسبب استمرار عمليات اختطاف المواطنين العائدين إلى قراهم ومنازلهم من قبل ميليشيا “الجيش الوطني السوري” والذين تم تهجيرهم سابقا من قبل ذات الميليشيا والأجهزة الأمنية والجيش التركي. تأتي هذه الأعمال وسط دعوات مستمرة من قبل “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” ورئيسه هادي البحرة بضرورة عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم في عفرين والذي كان قد أكد في وقت سابق بأنهم يضمنون عدم تعرض العائدين لأي عقبات. إلا أن المستجيب لهذه الدعوات دفع ثمنا باهظا بتعرضه وعائلته للخطف والمحظوظين منهم من تمكنوا من النجاة عبر دفع مبالغ مالية وصلت الى 11 ألف دولار لكسب حريته. وهو ما يثير قلقاً متزايداً بسبب ما يبدو أنه تنسيق بين الائتلاف وهذه الميليشيات لاحتجاز هؤلاء المواطنين وابتزازهم مادياً.

استمرار عمليات الاختطاف:
– وفقًا لمتابعات فريقنا فإنه من أصل 345 مواطن في مدينة عفرين تعرض للاختطاف منذ بداية العام الحالي وحده (2024) على يد ميليشيا الجيش الوطني وأجهزته الأمنية فإن 108 شخصا على الأقل هم من الذين استجابوا لنداءات العودة منهم مازال مصير 64 شخصا مازال مجهولا.

واضح أنه يتم استهداف المواطنين الكرد العائدين إلى قراهم بعد نزوحهم عنها نتيجة العمليات العسكرية التركية وانتهاكات ميليشيا الجيش الوطني والقوات التركية

يُقدر أن الفدية التي تُطلب للإفراج عن كل مختطف تتراوح بين 3,000 إلى 11,000 دولار أمريكي، مما يضع ضغوطًا مالية هائلة على الأسر المتضررة.

دور الائتلاف الوطني السوري:
قام الائتلاف السوري، بقيادة هادي البحرة، بحملات إعلامية متعددة تشجع اللاجئين والنازحين على العودة إلى مناطقهم الأصلية في عفرين، تحت ذرائع استعادة الحياة الطبيعية وتحقيق الاستقرار.

يواجه الائتلاف اتهامات بالتواطؤ مع الفصائل المسلحة التي تسيطر على المنطقة، حيث تزداد الشكوك أن هذه الدعوات هي جزء من مخطط لابتزاز العائدين مادياً بعد خطفهم من قبل الميليشيات المرتبطة بالجيش الوطني.

الوضع الإنساني:
يواجه المواطنون العائدون إلى عفرين ظروفًا قاسية، حيث يجدون منازلهم مدمرة أو محتلة، بالإضافة إلى غياب الأمن والخدمات الأساسية اضافة لتعرضهم لمضايقات بشتى السبل منها الخطف والتعذيب.

تم توثيق حالات عديدة من التعذيب وسوء المعاملة التي يتعرض لها المختطفون، بما في ذلك الضرب والحرمان من الطعام والماء.

نؤكد مجددا في مركز التوثيق أن منطقة عفرين غير مستقرة، وهي تصنف ضمن مناطق الحرب والاضطرابات، لا ننصح بعودة المدنيين لانعدام شروط العودة. حيث لا تتوفر الظروف الآمنة والملائمة لعودتهم. يجب أن تؤخذ عدة عوامل بعين الاعتبار قبل اتخاذ قرار العودة:

الوضع الأمني: يجب أن يكون الوضع الأمني في المنطقة مستقراً بشكل كافٍ لضمان سلامة المدنيين. عودة المدنيين إلى مناطق لا تزال تشهد أعمال عنف، أو تسيطر عليها ميليشيات مسلحة غير منضبطة، قد يعرضهم لخطر الاختطاف أو القتل.

توافر الخدمات الأساسية: يجب أن تكون هناك خدمات أساسية مثل المياه، والكهرباء، والرعاية الصحية، والتعليم، لضمان حياة كريمة للعائدين.

الاستقرار السياسي: يحتاج المدنيون إلى ضمانات بعدم التعرض للاضطهاد السياسي أو التمييز بناءً على خلفياتهم العرقية أو الدينية أو السياسية.

دعم المنظمات الدولية: يجب أن يكون هناك دعم من قبل منظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي يمكنها تقديم المساعدة في حال تعرض العائدون لمخاطر.

إزالة الألغام والمخلفات الحربية: من الضروري التأكد من أن المنطقة خالية من الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة التي قد تشكل تهديداً كبيراً على حياة المدنيين.

في ظل غياب هذه الشروط، والوضع القائم في عفرين فإن العودة قد تكون محفوفة بالمخاطر، تعرض المدنيين لأذى جسيم، سواء من حيث التعرض للعنف أو الفقر المدقع أو الأمراض. لذلك، ينبغي على الحكومات والمنظمات الدولية ضمان توفر هذه الشروط قبل تشجيع أو تنظيم عودة المدنيين إلى مناطق النزاع أو الاضطرابات.

تظل عفرين منطقة مضطربة بفعل هذه الممارسات، حيث يعاني المواطنون العائدون من انعدام الأمن والاستقرار. وبينما يستمر الائتلاف الوطني السوري في دعواته للعودة، فإن الخطر الحقيقي يكمن في ما يواجهه هؤلاء العائدون من اختطاف وابتزاز على أيدي الفصائل المسيطرة على المنطقة. تحتاج هذه القضية إلى اهتمام دولي عاجل لوقف هذه الممارسات وحماية حقوق المدنيين في عفرين.

مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا

 

شارك هذه المقالة على المنصات التالية

تابعونا على غوغل نيوز
تابعونا على غوغل نيوز