صوّر الإعلام صلاح الدين دميرتاش على أنه “(الرئيس الأميركي السابق) باراك أوباما الكردي” وترشح للانتخابات الرئاسية التركية ضد أردوغان في 2014 ثمّ عام 2018 من السجن.
ولد في منطقة بالو التابعة لآلازيغ شرقي تركيا عام 1973، ودرس في كلية الحقوق بجامعة أنقرة، وبعد تخرجه، عمل كمحام وناشط في مجال حقوق الإنسان وهو الدور الذي مهد له الطريق لدخول عالم السياسة. بفضل نشاطه المكثف في مجال حقوق الإنسان، تمكن دميرتاش من بناء سمعة قوية كمحامٍ ملتزم بالدفاع عن القضايا العادلة.
وبعد ذلك صعد ليشغل منصب رئيس اللجنة، وأسس مكتب ديار بكر لمنظمة العفو الدولية، في تلك الفترة، حسبما تشير تقارير متقاطعة لوسائل إعلام تركية.
خلال فترة شبابه تعرض لأكثر من مرة للاعتقال، بسبب المسار الذي كان ينشط فيه وهو الدفاع عن حقوق الإنسان.
وفي السنة الأولى من حياته السياسية، التي بدأها بهدف التوصل إلى حل سلمي للمشكلة الكردية، تم انتخابه عضوا في البرلمان عن ديار بكر في 22 يوليو 2007 عن حزب “المجتمع الديمقراطي اليساري” الكردي، حسبما توضح السيرة الذاتية المخصصة له بموقع إلكتروني.
في عام 2009 اتهم من قبل السلطات والمحكمة الدستورية العليا بالارتباط مع حزب “العمال الكردستاني” الذي يخوض تمردا ضد الدولة التركية منذ 1984.
ومن ثم أصبح نائبا عن حزب “السلام والديمقراطية” اليساري الكردي الذي حظرته المحكمة المذكورة لذات السبب.
شارك في عام 2012 في تأسيس حزب “الشعوب الديمقراطي” (HDP)، الحزب الرئيسي الذي يمثل الأكراد في تركيا، حيث تدرج في صفوفه إلى أن تمكن من الوصول لرئاسته في عام 2014. تحت قيادته، نجح حزب الشعوب الديمقراطي في تحقيق نجاحات كبيرة، منها دخول البرلمان التركي عدة مرات والعمل على قضايا الأكراد والديمقراطية في البلاد.
وخلال مسيرته السياسية، كان له دور كبير في محاولات تحقيق السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني (PKK)، حيث سعى إلى إيجاد حلول سلمية للصراع الطويل الذي أرهق البلاد، بفضل مواقفه الجريئة والخطابية المؤثرة.
وبعدما انخرط في تلك المحطة السياسية الهامة شارك في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 10 أغسطس 2014 كمرشح للرئاسة عن “الشعوب الديمقراطي”، وحصل على 9.8 بالمئة من الأصوات.
وفي الانتخابات التي أجريت في 7 يونيو 2015، حقق حزبه نجاحا كبيرا بحصوله على 80 نائبا بنسبة 13.1 بالمئة من الأصوات.
في نوفمبر 2016، تعرض دميرتاش للاعتقال بتهم تتعلق بالإرهاب والتحريض على العنف، وهي تهم يعتبرها هو ومؤيدوه ذات دوافع سياسية. على الرغم من الانتقادات الدولية والدعوات للإفراج عنه، بقي دميرتاش محتجزا لفترات طويلة. وفي عدة مناسبات، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قرارات تطالب بالإفراج عنه، معتبرة أن احتجازه ذو طابع سياسي.
لا تقتصر شهرة دميرتاش على تركيا فحسب، بل تمتد إلى الساحة الدولية. إذ يحظى بدعم من العديد من منظمات حقوق الإنسان والسياسيين في أوروبا وأماكن أخرى، ويُعتبر رمزا للمقاومة الديمقراطية في تركيا.
وقضت محكمة تركية الخميس بسجن الزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش 42 عاما على خلفية تظاهرات اندلعت عام 2014 تنديدا بحصار تنظيم داعش لمدينة كوباني ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا.
ما قصه “أحداث كوباني”؟
في سبتمبر 2014 وبينما كان تنظيم داعش يشن هجوما على مدينة كوباني التي كان يسيطر عليها آنذاك حزب “الاتحاد الديمقراطي” الكردي في سوريا شهد الطرف الآخر من الحدود احتجاجات و”فعاليات دعم” سرعان ما تطورت إلى أعمال شغب وقتل.
وتتنظر تركيا إلى “الاتحاد الديمقراطي” منذ بداية تأسيسه في سوريا على أنه “الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني”، وهو الأمر الذي ينفيه الحزب الكردي.
وجاء تنظيم الاحتجاجات ردا على عدم استجابة دعوات مسؤولي “الشعوب الديمقراطي” بفتح ممر إلى كوباني عبر الحدود، حتى تصل المساعدات العسكرية من مناطق أخرى في شمال سوريا ومن جانب حكومة إقليم كردستان العراق.
كما طالب مسؤولو “الشعوب الديمقراطي” حينها بالسماح لمقاتلين أكراد أتراك بالدخول إلى البلدة الواقعة على الحدود، من أجل مساندة نظرائهم هناك.
وتطورت الاحتجاجات وخاصة في المدن الشرقية والجنوبية الشرقية إلى اشتباكات بين القوات الأمنية والمتظاهرين، ما أسفر عن قتلى وجرحى.
وبحسب البيانات الرسمية، فقد 37 شخصا أرواحهم وأصيب 761 شخصا، بينهم 326 من رجال الأمن، في الحوادث التي وقعت في 35 إقليما و96 منطقة.
وجاء في هذه البيانات، أنه تم إحراق 197 مدرسة، وتدمير 269 مبنى عام، ونهب 1731 منزلا ومكان عمل، وتضرر 1230 مركبة.
وعلى إثر ذلك فتح القضاء سلسلة تحقيقات، وبعدما استهدفت عدة مسؤولين ونوابا في “الشعوب الديمقراطي” وصلت إلى دميرتاش في 2016، حيث تم رفع حصانته البرلمانية ومن ثم اعتقاله.
وفي شهادة أدلى بها عام 2023، انتقد دميرتاش القضية ووصفها بأنها محاكمة “انتقامية”، وقال “لا يوجد دليل واحد عني. هذه قضية انتقام سياسي، لم يتم اعتقالنا قانونيا، كلنا رهائن سياسيون”.
لكن السلطات حملته مسؤولية الوقوف وراء وراء الاحتجاجات وأحداث الشغب ودعوة المتظاهرين للنزول إلى الشوارع، وتحريضهم ضد الدولة التركية.
المصدر: الحرة + مونت كارلو الدولية
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=43433