منذ الاجتماع الموسع للحزب قبل سنة، حدثت تطورات كبيرة على المشهد الدولي والإقليمي والمحلي، ألقت بظلالها على نضال الشعب الكردي بعامة، وعلى روجآفاي كردستان بخاصة.

أولاً- الوضع الدولي:

أدى استمرار الحرب في أوكرانيا ودون وجود أية آفاق بإيقافها إلى مزيد من التصعيد والتوتر في العلاقات الدولية، وإلى تغيير في قواعد اللعبة الدولية، عودة سياسة البوارج والتهديد بالقوة، ما أضر بالسلم والأمن الدوليين، وقسم العالم من جديد.

من جهة هناك التكتل الغربي بقيادة الولايات المتحدة والذي يضم أوروبا وتحديداً حلف الناتو، إضافة إلى اليابان وكوريا الجنوبية واستراليا، وهناك العديد من الدول التي تقف مع هذا التكتل دون إعلان رسمي، وهناك أيضاً التكتل الصيني الروسي الإيراني الكوري الشمالي، وهناك دول أخرى تقف مع هذا التكتل دون إعلان رسمي أيضاً، وبين هذين التكتلين هناك بعض الدول التي تراعي مصالحها الوطنية مثل السعودية ودول الخليج الأخرى التي هي بالأساس ضمن التكتل الغربي، ولكنها تقيم علاقات مع التكتل الآخر، ونشأ عن هذا الموقف على سبيل المثال الاتفاق السعودي – الإيراني برعاية الصين لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، ويرتبط مع ذلك أيضاً إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، وكذلك تحديد كميات إنتاج البترول بالاتفاق بين دول أوبك وروسيا والذي لعبت السعودية في ذلك الدور الرئيسي، وغير ذلك من الأحداث والتطورات.

في هذه الآونة يسطع نجم الصين كقوة اقتصادية وعسكرية وبشرية هائلة، ويزداد نفوذها دون أن تدخل حتى الآن في معارك عسكرية، إذ أنها منذ فترة طويلة مارست الدبلوماسية المرنة بشكل كبير مستفيدة من تطورها الاقتصادي لإقامة علاقات مع العديد من دول العالم، وكسبت خلالها ود هذه الدول وخاصة في أفريقيا حيث كانت الصين تقدم لها الكثير من المساعدات لتخليصها من الإرث الاستعماري، وتعمل الولايات المتحدة جاهدة لإضعاف دور الصين، ولكنها تقف عاجزة عن ذلك بالرغم من قرقعة السلاح، وأكثر من ذلك فإن الولايات المتحدة نفسها تحتاج إلى الاقتصاد الصيني، وهي مدينة للصين بتريليونات الدولارات.

في خضم هذه التطورات المتسارعة تفعل تداعيات الحرب الأوكرانية فعلها، فمن جهة أن العديد من دول العالم وشعوبها تبحث عن مصالحها، وعن أمن وسلامة شعوبها، وتبحث عن أدوار جديدة وعلاقات جديدة، وبذلك يبدو أن العالم يتجه إلى ظهور تكتلات وأقطاب جديدة، فتظهر الهند كقوة واعدة، وتبرز البرازيل أيضاً كقوة اقتصادية وبشرية ليس فقط على مستوى أمريكا الجنوبية، وإنما على الصعيد العالمي، ومجموعة البريكس الاقتصادية تثبت يوماً بعد آخر عن فاعليتها الاقتصادية الكبيرة، والتي تنطوي أيضاً على أدوار ومواقف سياسية في السياسة الدولية.

يدور منذ فترة، وفي هذه الأثناء أيضاً كلام كثير عن أن الولايات المتحدة تغير أولوياتها بحيث أنها تريد الآن تخفيف وجودها العسكري في الشرق الأوسط، والتوجه إلى الشرق الأقصى وفي بحر الصين الجنوبي بهدف مواجهة الصين والضغط عليها لعرقلة تمددها لأن الأولوية الآن لدى الولايات المتحدة هي إضعاف الصين التي تعتبرها الولايات المتحدة الآن العدو الأول في العالم.

قد يكون هذا الكلام وهذا التوقع قريباً من الواقع لأن الصين بالفعل المنافس الأول عالمياً للولايات المتحدة، غير أن هذا التوقع يستند إلى منطق شكلي وخاطئ لأسباب عديدة منها:

– إذا أرادت أية قوة أن تكون قوة عالمية – والولايات المتحدة قوة عالمية فعلاً – فعليها أن لا تنسحب من أية منطقة هي بالأساس القوة الرئيسية فيها، خاصة أنها إذا انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط فإن القوة الأخرى المنافسة وبخاصة الصين وروسيا وإيران هي التي ستملؤها وهذا ما لن تقبله الولايات المتحدة وحلفاؤها والتي تمتلك مصالح ضخمة في المنطقة، ثم أن هذا الكلام ينطوي على الاستهانة بقوة الولايات المتحدة كقوة عالمية.

– إن الصراع يحتدم الآن في أفريقيا، وما حدث في النيجر ليس أمراً داخلياً فقط، وإنما هو نتيجة صراع دولي كبير على هذه القارة. إن الصراع الدولي يحتدم الآن في أفريقيا، ومن يسيطر على أفريقيا يسيطر أيضاً على الشرق الأوسط والعكس صحيح، وهذا مهم جداً من الناحية الاستراتيجية لأن كلاً من الشرق الأوسط وأفريقيا يشكلان قلب العالم، خاصة أن الصين تمتلك نفوذاً هائلاً في أفريقيا لأنها وقفت منذ فترة طويلة إلى جانب العديد من الشعوب الأفريقية من أجل تحررها الوطني، وقدمت لها مساعدات عسكرية ومالية، ودربت مقاتليها إلى جانب أنها قدمت لها وماتزال مساعدات اقتصادية من أجل تعزيز اقتصاداتها الوطنية، كما قامت بإقامة مشاريع استثمارية كبيرة في القارة، هذا في الوقت الذي يمتلك فيه الغرب إرثاً استعمارياً كبيراً في أفريقيا إلى جانب مصالحها الاستراتيجية فيها.

ولهذا كله فانه من المبكر وغير الواقعي توقع انسحاب أمريكي سريع من الشرق الأوسط، وستبقى الولايات المتحدة والغرب عموماً وحلف الناتو تعمل بجدية من أجل مصالحها فيها.

يجب إدراك أن هذا الصراع الدولي الواسع والخطير لا يهدف بالدرجة الأولى إلى نشر الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، وحرية الشعوب المضطَهَدَة، وإنما هو صراع للسيطرة على العالم وعلى الثروات والمواقع الاستراتيجية، وأن الديمقراطية والحريات العامة تصنعها الشعوب بنفسها، وبالاعتماد الرئيسي على طاقاتها وقوتها التي يجب أن تنسجم مع روح العصر، غير أن مثل هذا الأمر والتوجه يجب أن لا يعني بالنسبة لنا الانعزالية، خاصة أن حرية الشعب الكردي تتعلق بأبعاد دولية وإقليمية ومحلية، وأنه يجب كسب أصدقاء جدد باستمرار إلى جانب قضية شعبنا، ولنتذكر جيداً أن معاهدة لوزان المشؤومة عام 1923 كانت نتيجة مصالح الدول التي أزكمتها رائحة النفط.

إن الحرب في أوكرانيا تؤثر بشكل كبير في سلبية موقف روسيا من الإدارة الذاتية، ومن قوات سوريا الديمقراطية، وتوجهاتها في محور أستانا الذي يضم كلاً من روسيا وتركيا وإيران وسوريا تسيء إلى علاقاتها مع عموم الشعب الكردي، وبخاصة إلى الإدارة الذاتية في روجآفاي كردستان – شمال وشرق سوريا، وظهر ذلك واضحاً في الاجتماع رقم /20/ لمحور أستانا، بعد ما كانت في الفترات السابقة تقيم علاقات مع الإدارة الذاتية وتحاورها، وتتوسط من أجل الحوار بين الإدارة الذاتية والنظام السوري، كما سمحت بإقامة ممثلية للإدارة الذاتية في موسكو، كل ذلك مع غموض في الموقف الصيني الذي يرتبط بتعاون مع دول محور أستانا، والداعم للنظام السوري بوضوح كامل، وعليه يجب مطالبة روسيا الاتحادية بمراجعة موقفها بهذا الخصوص.

تشكل سوريا اليوم المنطقة الأكثر سخونة في العالم بعد أوكرانيا، إذ تتواجد فيها القوات العسكرية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، والقوات العسكرية لروسيا وتركيا وإيران، بالإضافة إلى جبهة النصرة وداعش الإرهابيتين، وعشرات المجاميع الإرهابية الأخرى المرتبطة بتركيا وجماعة الأخوان المسلمين العالمية، وهذا ما يعقد الأزمة السورية بشكل كبير بسبب تدويلها، وفي ظل الوضع الدولي الساخن حالياً فإنه لا يمكن توقع خروج أية من القوات المذكورة من سوريا لأنها أصبحت أهم مواقع الصراع الدولي، وعليه فإن الأزمة السورية ستطول أكثر، ولا تبدو في الأفق أية إشارة تدل على حلها قريباً.

بقي أن نؤكد أن الصراع على امتداد العالم يأخذ أبعاداً متعددة، فهو لا يقتصر على الجانب العسكري فقط، وإنما يشمل الجوانب الاقتصادية والثقافية والحضارية ويتداخل فيه أيضاً الديني والمذهبي والقومي.

ثانياً- الوضع الإقليمي:

   ألقت الأوضاع الدولية المضطربة بظلالها على الوضع الإقليمي بشكل كبير، إضافة إلى المشاكل الخاصة بالمنطقة بذاتها، ولذلك كانت هناك تطورات هامة في الإقليم، من أهمها:

أ- العلاقات السعودية – الإيرانية:

   في الوقت الذي كانت تتميز فيه العلاقة بين كل من السعودية ومعها باقي دول الخليج وبين إيران بالتوتر الشديد بنتيجة سياسات التمدد الإيراني في المنطقة العربية بدعمها الحوثيين في اليمن بالمال والسلاح والخبراء، وكذلك دعم الميليشيات الشيعية العراقية وحزب الله اللبناني والنظام السوري بما ينطوي على تصدير الثورة الإسلامية بالمذهب الشيعي إلى العالمين العربي والإسلامي، فقد حدثت استدارة في الموقف السعودي، إذ في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة وأوروبا تعمل جاهدة من أجل التخلي عن البترول والغاز الروسيين ظهر موقف سعودي لم يكن متوقعاً لحلفائها الغربيين، وهو الاتفاق مع روسيا في إطار الدول المصدرة للنفط بخفض إنتاج نفطها شهرياً بمليوني برميل، أي عرقلة المشروع الأمريكي-الأوروبي وإجبارهما على شراء النفط الروسي بحجة أن ذلك يساهم في استقرار السوق العالمية، وقد اعتبر حلفاء السعودية الغربيون أن هذا القرار السعودي يعتبر تغييراً في السياسة السعودية، وإساءة للعلاقات بين الطرفين، غير أن السعودية ومعها دول الخليج الأخرى اعتبرت أن ذلك يتماشى مع مصالحها الوطنية، ومن ثم بدأت السعودية ودول الخليج بتعزيز علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع روسيا والصين، وكان هذا الحدث علامة فارقة في علاقات السعودية مع الولايات المتحدة، وبعد هذه الخطوة فوجئ العالم بالاتفاق السعودي-الإيراني بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين برعاية صينية، وكانت هذه هي العلامة الفارقة الثانية في علاقات السعودية ودول الخليج الأخرى مع الصين من جهة، ومع الولايات المتحدة وأوروبا التي هي في عداء سافر مع إيران من جهة وفي خلاف كبير مع الصين من جهة ثانية، وبالطبع فقد أدى هذا الاتفاق السعودي-الإيراني إلى تحسين العلاقات الخليجية مع إيران.

كان للسياسة السعودية الأخيرة بالإضافة إلى قوتها الاقتصادية الهائلة آثار هامة كرست زعامة السعودية للعالمين العربي والإسلامي، أي تجاوزت محاولات تركيا أردوغان الرامية إلى زعامة العالم الإسلامي، كما قد أدت هذه السياسة السعودية الجديدة مع إيران إلى اتخاذ قرار جامعة الدول العربية بإعادة عضوية النظام السوري في الجامعة لأن الاتفاق السعودي-الإيراني قد أوحى وكأن هناك اتفاقاً شاملاً بينهما على تهدئة الأوضاع في اليمن ولبنان والعراق، وعلى إيجاد حل للأزمة السورية، خاصة أنه فيما يخص سوريا ظهر تعبير (حل الأزمة السورية خطوة بخطوة).

وبالرغم من معارضة قلة من الدول العربية على إعادة النظام السوري إلى الجامعة، إلا أن الضغوطات السعودية نجحت في إعادة النظام إليها، غير أن الأيام أثبتت بأن العمل على (حل الأزمة السورية خطوة بخطوة) كان وهماً وأنه كان هناك خداع لأن النظام اعتبر منذ البداية أنه عاد إلى الجامعة لأنه انتصر في الحرب الدائرة في سوريا، وكان قراره مع إيران بأنه لن يقدم أي تنازل، وأنه سيسير وفق سياسته المعروفة.

وفي موقف حزبنا تجاه هذا الحدث فقد أكد في جريدته المركزية في حينه بأن النظام لن يقدم شيئاً، وأنه يسعى فقط إلى إعادة الشرعية العربية لنظامه، وأكد أيضاً بأنه سيكون موقفاً انتهازياً ولا أخلاقياً إذا تمت هذه العودة على حساب الشعب السوري وتضحياته وبالفعل فإن هذا ما جرى.

العديد من الدول العربية ساهمت بهذا الشكل أو ذاك في الأزمة السورية، وأن موافقتها على تطبيع علاقاتها مع النظام هو خذلان للشعب السوري، وأن هذا التطبيع يعني انتصار النظام وانتصار إيران.

 

ب- الانتخابات التركية ونتائجها:

بعد نجاح أردوغان وحزب العدالة والتنمية وحلفائه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية كان من المتوقع أن تواصل تركيا سياستها السابقة غير أن أردوغان المعروف بتقلباته السياسية وانقلابه حتى على رفاقه في الحزب أحدث استدارة في مواقفه تبدو أنها استدارة محسوبة، إذ أخذ يتقرب من الغرب وبخاصة من الولايات المتحدة ومن حلف الناتو إلى درجة أدت بالبعض في تفكير ساذج إلى قبول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، وقد أثار ذلك حفيظة الروس، ولأننا نعتقد بأنها استدارة محسوبة منطلقين من أن كل المؤشرات تدل على أن أردوغان لن يستطيع الانقلاب على روسيا بشكل كامل لأن روسيا قدمت لتركيا النفط والغاز بأسعار شبه مجانية وبالدين، وأن أجل تسديد تلك الديون التي تصل إلى أكثر من /30/ مليار دولار هو عام 2024، إلا إذا تبرعت الولايات المتحدة والغرب لتركيا بتسديد تلك الديون، وهذا لن يكون لأن الغرب لا يثق بأردوغان، ولذلك فإن أردوغان سيضع أحد قدميه في واشنطن والآخر في موسكو لتخفيض معدل التضخم الذي يبلغ أكثر من 30%.

أردوغان يمارس سياسة براغماتية، وهو بارع فيها، والوضع الاقتصادي المتدهور في تركيا هو الذي دفعه إلى هذه الاستدارة، ويتوقع الكثير من المراقبين أن تركيا ستشهد وضعاً اقتصادياً صعباً للغاية في قادم السنوات، ويعتبرون أن سياسات أردوغان هي التي أوصلت تركيا إلى هذه النتيجة، وأن جولته الخليجية الأخيرة، وسياسته الجديدة تجاه مصر وغيرها من الدول العربية قد تأتي بحلول إسعافية ولكنها لن تنقذ الاقتصاد التركي.

تركيا التي كانت قد أوقفت قصف مناطق الإدارة الذاتية وعمليات اغتيال كوادر الإدارة الذاتية خلال الحملة الانتخابية، عادت من جديد وكثفت من تلك العمليات في ظل صمت دولي، وبخاصة التحالف الدولي والولايات المتحدة، الأمر الذي يخلق الشك بموافقتهما على هذه الاعتداءات بهدف كسب تركيا وإبعادها عن روسيا، وعلى العموم ستبقى تركيا تمارس العدوان على روجآفاي كردستان وعلى جنوب كردستان، واحتلال مزيد من الأراضي تنفيذاً للميثاق الملي التركي، ولن تردعها إلا وحدة الشعب الكردي في مواجهة عدوانها.

ج- الاحتجاجات في إيران:

وفي إيران فإن موجة الاحتجاجات الواسعة بعد مقتل الشابة الكردية جينا أميني لازالت مستمرة وقد دخلت شهرها الحادي عشر، وذلك بالرغم من القمع الشديد للاحتجاجات والمظاهرات عن طريق قتل المتظاهرين في الساحات واعتقال عشرات الآلاف ومئات أحكام الإعدام، وهي حالة نادرة في إيران إذ لم تستمر الاحتجاجات السابقة سوى لبضعة أيام، وأضافت الاحتجاجات الشعبية الناجمة عن تدهور الاقتصاد الإيراني وانتشار الفقر بدرجة كبيرة شحنة جديدة إلى توسع المعارضة ضد نظام الملالي، علماً أن هذه الاحتجاجات تشمل معظم المحافظات الإيرانية بما في ذلك العاصمة طهران، وإن كانت أشد في منطقتي كردستان وبلوشستان.

وأما الدبلوماسية التي تمارسها إيران منذ فترة مع السعودية ودول الخليج الأخرى ومصر فهي تلبي مصالحها وتخفف الضغوط عنها خاصة أنها تعيش وضعاً اقتصادياً صعباً للغاية بسبب العقوبات الغربية عليها، ولكن دون أن تقدم إيران في الواقع أية تنازلات حقيقية، فالاتفاق السعودي-الإيراني بإعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما قد يخفف إلى حد ما من التوتر في اليمن ومن مخاطر الحرب فيها على السعودية، ولكن إيران لن تتخلى عن أذرعها في المنطقة، سواء عن ميليشياتها الشيعية في العراق أو عن النظام السوري وحزب الله، وحتى الحوثيين في اليمن، لأن إيران لن تستطيع التخلي عنها، لأنها إذا فعلت ذلك فستنكفئ إلى داخل حدودها وتعود دولة طبيعية، وعند ذاك سيسقط النظام وقد تنقسم إيران، وفيما يتعلق بملفها النووي فإن إيران تمارس سياسة ندية مع الغرب، ولن تتخلى عن برنامجها النووي والصاروخي، وقد وضعت نصب أعينها هدف الوصول إلى إنتاج السلاح النووي، والتحول إلى دولة كبيرة في المنطقة ومتابعة سياستها التوسعية، وحماية مصالحها الإقليمية والدولية.

وإزاء التوسع الإيراني في عموم المنطقة وبخاصة العربية، وانتشار قواتها في كل الجغرافيا السورية، فإن ذلك يجعل إسرائيل تشعر بخطر هذا الوجود الإيراني على أمنها، ولذلك تقوم إسرائيل بقصف مستمر على مواقع التواجد الإيراني وعلى مخازن أسلحتها وطرق إمداد حلفائها بالسلاح دون أن تقوم إيران بالرد على تلك الهجمات الإسرائيلية، ولكنها في الوقت نفسه تهدد إسرائيل بشكل مستمر، وتعزز وتوسع من وجودها في سوريا.

وفي هذه الظروف تتردد الأنباء عن تعهدات أمريكية وإسرائيلية بمنع إيران من إنتاج السلاح النووي، وعن حشد أمريكي للأسلحة في المنطقة، وعن مناورات أمريكية إسرائيلية تحاكي أشكال هجوم مشترك ضد مواقع تخصيب اليورانيوم، وبهذا يزداد التوتر في المنطقة وتزداد المخاطر.

ثالثاً- الأزمة السورية:

مرت على الأزمة السورية أكثر من /12/ سنة قاسية من الحرب الداخلية، والتدخلات العسكرية الخارجية التي هي بحق حرب في وعلى سوريا، هي ليست حرباً داخلية بحتة، وإنما هي – في الوقت نفسه – حرب خارجية على سوريا، تستهدف الظفر بسوريا كموقع جغرافي، ومنطقة جيوسياسية، وبهذا المعنى فهي أشبه بحرب عالمية ثالثة مصغرة متعددة الأطراف والأهداف، وآخر ما تفكر به تلك الأطراف هو الشعب السوري وطموحه نحو الحرية والديمقراطية.

لقد ساد في سوريا نظام حكم استبدادي منذ ستينيات القرن الماضي، نظام حكم يستند إلى نظام الحزب الواحد، تميزت سوريا في ظله بالأحكام العرفية والحكم الأوتوقراطي، والاستيلاء على السلطة والثروة، وحكم المخابرات والعسكر، يقود الدولة والمجتمع، كما تميز بالتمييز الشديد ضد الشعب الكردي وبالفساد وقمع الحريات العامة…الخ وكل ذلك أدى إلى نشوب الحراك الثوري في 15 آذار 2011م تزامناً مع ما سمي بالربيع العربي الذي بدأ في تونس.

بالرغم من توسع هذا الحراك الشعبي الثوري يوماً بعد آخر، لم يقم النظام بتقديم أي حل سوى الحل الأمني العسكري، وبدأ بقمع المظاهرات بكل الأشكال، بما في ذلك استخدام الرصاص وقتل المتظاهرين، وزج النشطاء في السجون والمعتقلات، وبدأت بعض تيارات المعارضة وقياداتها شيئاً فشيئاً برفع شعارات طائفية ضد الطائفة العلوية، وبتقديم توجهات الإسلام السياسي، وقد أكد ذلك بأن الحراك بدأ ينحدر نحو الطائفية من خلال القوى الإسلامية وتحديداً جماعة الأخوان المسلمين، ثم بدأت بحمل السلاح تحت شعار (حماية المظاهرات) وبذلك بدأ الحراك يتجه نحو التسلح.

وبالرغم من أننا قيمنا هذا الحراك منذ البداية بأنه حراك شعبي ديمقراطي سلمي، وبالرغم من انضمام الشعب الكردي بكل قواه السياسية إليه، فقد توضح بعد أكثر من ستة أشهر على بدايته ظهور القوى الإرهابية والتحول نحو الطائفية وتسليح الثورة، وعندما تأكدنا بأن الحراك قد سرق بعد أن تمكن الأخوان المسلمون والقوى الإرهابية من ركوب موجة الحراك، وأن الحراك قد أفرغ من مضمونه كحراك شعبي ديمقراطي سلمي، وعند هذه النقطة اتجه الشعب الكردي نحو خوض الثورة بلونه الخاص، وبرؤيته الخاصة، وكان يوم 19 تموز 2012م بداية هذه الثورة التي انطلقت من كوباني.

إن من يدقق في الأزمة السورية، أسبابها وملابساتها، والتطورات التي مرت بها يدرك بجلاء أن السبب الرئيسي للأزمة هو النظام، ويتحمل المسؤولية الكاملة عن ما لحق بسوريا والسوريين من قتل وتشريد ومآس إنسانية، ومن دمار للبنية التحتية للبلاد، وأن المسؤول بدرجة موازية أو بالدرجة الثانية هو جماعة الأخوان المسلمين السورية والعالمية، والمجموعات الإرهابية التي خرجت بالأساس من تحت عباءة أردوغان، وإذا كانت إيران تقود الأولى وتركيا أردوغان تقود الثانية، فإنهما – أي تركيا وإيران – تتحملان مسؤولية إيصال الوضع السوري إلى ما هو عليه، وبالتالي لن يكون هناك حل للأزمة السورية بدون إخراجهما من سوريا، وتنحصر مسؤولية أطراف المعارضة السورية الأخرى في ضعفها وعدم نضوج رؤاها، واستسلامها لرؤية الأخوان المسلمين وللضغوط الأخرى، وبخاصة الضغوط التركية، وبالتالي فإن الحل يجب أن يكون بالدرجة الرئيسية سلمياً وسورياً في حوار سوري – سوري للوصول إلى توافق وطني.

رابعاً- الإدارة الذاتية الديمقراطية:

كان الإعلان عن بناء الإدارة الذاتية الديمقراطية في كل من الجزيرة وكوباني وعفرين في بداية عام 2014م بعد أن حررت وحدات حماية الشعب والمرأة معظم مناطق روجآفاي كردستان من أكبر المكاسب التي حققها الشعب الكردي، ولم يكن تأسيس هذه الإدارات، ومن ثم توحيدها فيما بعد، حدثاً عرضياً أو طارئاً، وإنما اقتضته ضرورات وحقائق سياسية وتاريخية واجتماعية وثقافية تعكس من جهة حقيقة التركيب السكاني القومي والاجتماعي والثقافي لسكان هذه المنطقة، بل سكان سوريا بشكل عام، وتأكيداً على الوجود القومي للشعب الكردي، وحقوقه القومية المشروعة، إضافة إلى وجود مكونات قومية أخرى، لقد أكد ذلك بجلاء على القضية الكردية في سوريا، وضرورة نيل الشعب الكردي والمكونات الأخرى حقوقها القومية والديمقراطية، ويجب التأكيد بأن الشعب الكردي لعب دور الطليعة في هذا الإنجاز.

من جهة أخرى فإن الإدارة الذاتية تعكس الاتجاه لتأسيس سوريا المستقبل، سوريا ديمقراطية تعددية لامركزية سياسية، كما تعتبر أنموذجاً لحل الأزمة السورية، وتعبر عن تطلعات أوسع القطاعات الشعبية لكافة المكونات السورية، وأنه يجب تطوير وتعميق هذا الأنموذج باستمرار.

ثم تتالت انتصارات وحدات حماية الشعب والمرأة، وبخاصة انتصارها التاريخي في معركة كوباني إثر الهجوم الواسع من قبل داعش بدعم وتأييد مباشرين من الدولة التركية، وشكل هذا الانتصار الكبير مقدمة لانتصارات هامة وكبيرة أخرى، إذ تم بعد ذلك تحرير كَري سبي ومنبج، وكان الانتصار الأكبر هو تحرير الرقة عاصمة ما يسمى بدولة الخلافة الإسلامية وبناء قوات سوريا الديمقراطية، ومن ثم تحرير الريف الشرقي من دير الزور، والقضاء على دولة الخلافة الإسلامية المزعومة في معقلها الأخير في الباغوز، ومن ثم بناء الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وبذلك أصبحت هذه الإدارة قائمة على 30% من الأراضي السورية بعدد سكان قدره خمسة ملايين نسمة، وبذلك أيضاً أصبحت الإدارة الذاتية الديمقراطية، وقوات سوريا الديمقراطية قوة رئيسية في سوريا، وجزءاً أساسياً في أي حل حقيقي للأزمة السورية، ولا يمكن لأية جهة تجاهل هذا الدور الرئيسي، ولقد أثبت فشل كل المفاوضات السابقة في جنيف، ومفاوضات اللجنة الدستورية هذه الحقيقة.

ولكن بالرغم من كل هذه الانتصارات والإنجازات، هناك نواقص وأخطاء في عمل الإدارة، وبالرغم من الحصار المفروض على الإدارة، إلا أن هناك بعض الأخطاء والنواقص التي نعتبر الإدارة الذاتية مسؤولة عنها سواء بسبب البيروقراطية أو عدم التنظيم الجيد أو نقص في القوانين والتدابير والإجراءات، هناك ضائقة اقتصادية بسبب انهيار قيمة الليرة السورية أمام العملات الصعبة والذي يعتبر النظام السوري مسؤولاً عنه لأنه هو الذي يمتلك المصرف المركزي، وهذا ما يسبب الغلاء، غير أن جزءاً من الغلاء سببه ضعف الرقابة التموينية وجشع التجار والاحتكار وبعض مؤسسات الإدارة الذاتية.

دخل المواطن ضعيف مقارنة بالنفقات الأساسية التي يحتاجها المواطن سواء في غذائه أو دوائه وغير ذلك من مستلزمات المعيشة الضرورية، وقد تشكل تفاوت طبقي كبير في المجتمع، إذ ظهرت فئة من القطط السمان وتجار الحرب وفي مقابل ذلك هناك فئة واسعة وتتسع باستمرار يحتارون في تأمين لقمة عيشهم، ويقف وراء ذلك الفساد بجميع أشكاله، كما ترتفع أسعار المحروقات وبخاصة مادة المازوت التي تتسبب في غلاء أسعار جميع المواد، وهناك مشكلة نقص في مادة المازوت المخصص للمشاريع الزراعية، وهناك مشكلة الكهرباء، ومشكلة المياه وبخاصة في الحسكة وتل تمر وأريافهما والتي يحصل عليها المواطنون مقابل أسعار خيالية للبرميل الواحد، وقد أحدث ذلك عبئاً كبيراً لا يستطيع المواطن تحمله خاصة في ظروف الغلاء العام، وكل هذه الأعباء شكلت سبباً حقيقياً للهجرة الواسعة التي تشهدها المنطقة والتي يجب إيقافها بمعالجة الأسباب التي تؤدي إليها.

ومن أجل ذلك يناضل الحزب اليساري الكردي في سوريا من أجل تحسين المستوى المعيشي للشعب ومن أجل عدالة توزيع الثروة، ومحاربة الفساد والطفيليين ومحاربة الغلاء والاحتكار، ومن أجل توفير مادة المازوت وتوزيعه بشكل عادل على المشاريع الزراعية والقطاعات الإنتاجية الأخرى، ومن أجل تحسين الخدمات المقدمة للشعب من الماء والكهرباء والخبز وشبكات الطرق ومحاربة الهجرة، وبالتأكيد فإن كل ذلك يؤدي إلى التفاف الشعب حول الإدارة وتعزيز دورها في مواجهة كافة التحديات وبخاصة العدوان التركي.

خامساً- تحرير الأراضي المحتلة أولوية:

لم تستطع تركيا قبول هذه الانتصارات الكبيرة التي حققتها الإدارة الذاتية، ووحدات حماية الشعب والمرأة وقوات سوريا الديمقراطية، إذ رأت فيها تقويضاً لأحلامها العثمانية الجديدة وللميثاق الملي التركي، خاصة أن انتصارات قوات سوريا الديمقراطية على كافة المجموعات الإرهابية المدعومة تركياً قد أفشلت المخططات التركية في السيطرة على كامل الشمال السوري، وتنصيب حكومة موالية لها من جماعة الأخوان المسلمين وباقي المجموعات الإرهابية في دمشق، ولهذا رأت تركيا أردوغان نفسها أمام حل وحيد لتحقيق أهدافها وهو التدخل العسكري المباشر والقيام باحتلال الأراضي بنفسها وبمساعدة مرتزقتها من ما يسمى بالجيش الوطني السوري (الجيش الحر) بحجة خطر قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية على أمنها القومي، ولتحقيق ذلك فقد لجأت إلى سياسة الصفقات والمقايضات، فباعت تركيا مدينة حلب بما فيها من المعارضة التابعة لها مقابل احتلالها لجرابلس والباب، وباتفاق لا أخلاقي باعت تركيا مناطق غوطة دمشق إلى روسيا والنظام مقابل احتلالها لعفرين، وفي صفقة لا أخلاقية أخرى بين دونالد ترامب وأردوغان احتلت تركيا سريكانيه وكري سبي.

يرفض حزبنا احتلال تركيا لمناطق عفرين، إعزاز، الباب، جرابلس، سريكانيه، كري سبي وإدلب، ويضع تحريرها في أولوية واجبات الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، كما يرفض احتلال إدلب وكافة الأراضي السورية، ويرى أن تحريرها واجب قومي كردي ووطني سوري.

سادساً- وحدة الصف الكردي – وحدة مكونات شمال وشرق سوريا:

منذ أكثر من سنتين جرى حوار بين ENKS و PYNK برعاية أمريكية استمر لأكثر من سنة بهدف تحقيق وحدة الصف الكردي، وقد حقق هذا الحوار في بدايته بعض التقدم والنجاح الأمر الذي خلق جواً من الارتياح في الشارع الكردي، ولكنه – فيما بعد – ظل يدور في حلقة مفرغة إلى أن توقف نهائياً دون أن يحقق أهدافه، ويبدو أن الراعي الأمريكي قد يئس أيضاً من التوصل إلى اتفاق ما.

يرى حزبنا أن وحدة الصف الكردي، ووحدة نضال الشعب الكردي أمر ضروري، وضرورة قصوى، لأن قوة الكرد تكمن في وحدتهم، هذه الوحدة التي كانت مستهدفة على الدوام من قبل الجهات المعادية التي تقتسم كردستان، وعموم الجهات المعادية لنضال شعبنا، ولذلك فقد عمل الحزب بجدية خلال فترة الحوارات من أجل التوصل إلى التوافق وإنجاح الحوار، وتحقيق وحدة الصف الكردي، غير أنه وللأسف فقد فشل هذا الحوار لأسباب لا ضرورة لذكرها هنا.

ومن جهة أخرى تمر العديد من أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا بظروف صعبة وأزمات عميقة تهدد وحدتها وتضعف نضال الجماهير الكردية من أجل تحقيق أهدافها في الحرية، ومن أجل وحدة نضال الشعب الكردي.

وللأسف الشديد فإن هذه الحالة تخلق أزمات عميقة تسيء إلى نضال الشعب الكردي، وتخلق حالة من اليأس وفقدان الثقة بين جماهير الشعب الكردي وقواها السياسية.

وفي الوقت ذاته، وفي نفس السياق، يرى الحزب ضرورة العمل الجاد من أجل وحدة كافة مكونات شمال وشرق سوريا من الكرد والعرب والسريان وغيرهم، ويجب أن يتسم العمل من أجل هذه الوحدة بالجدية اللازمة، وهو نابع من ضرورات التعايش المشترك في ظل احترام وحماية الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية لكافة المكونات، ويؤكد الحزب أيضاً بأن وحدة الصف الكردي لا تتعارض مع وحدة المكونات، وإنما تعززها وتزيدها زخماً.

سابعاً- الوضع الكردستاني:

بتاريخ 24/7/2023م تكون قد مرت مائة عام على معاهدة لوزان المشؤومة التي تم بموجبها تقاسم تركة الرجل المريض من قبل الدول الكبرى التي انتصرت في الحرب العالمية الأولى، وكان من نتيجتها تقسيم كردستان الواقعة تحت النير العثماني، وإلحاق الجزء الأكبر منها بتركيا، وإلحاق جنوب كردستان بالعراق العربي، وإلحاق غرب كردستان بسوريا، وقد لجأت هذه الدول إلى سياسات إنكار وجود الشعب الكردي، وإذابته في بوتقة القوميات التركية والعربية والفارسية السائدة في هذه الدول، بالرغم من إرادة الشعب الكردي الذي أشعل عشرات الثورات والانتفاضات الكردية، وقدم خلالها مئات الآلاف من الشهداء.

حقق الشعب الكردي في هذا النضال بعض المكاسب في جنوب كردستان من حيث وصول الشعب الكردي إلى التمتع بنظام فيدرالي وتشكيل كيان كردي، وكذلك المكاسب التي حققها الشعب الكردي في روجآفاي كردستان من حيث إقامة إدارة ذاتية وبناء قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب والمرأة.

وحيث أن حركة التحرر الوطني الكردية تشهد اليوم تصاعداً في النضال من أجل انتزاع الحقوق القومية والديمقراطية للشعب الكردي، فإننا غير راضين عن وضعها الراهن وبخاصة لجهة الخلافات البينية بين فصائلها، وندعو إلى حل تلك الخلافات بالحوار السلمي الديمقراطي بما يضمن مصلحة الشعب الكردي وتجريم الاقتتال الداخلي وعدم الاستقواء والاعتماد على الأنظمة والحكومات التي تقتسم كردستان، وعدم قيام أي طرف بإقامة علاقات مع تلك الأنظمة والحكومات على حساب الشعب الكردي في ذلك الجزء، كما ندعو إلى إقامة العلاقات بين جميع الأطراف على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للأطراف الأخرى، واحترام خصوصية كل جزء من أجزاء كردستان، وإطلاق الحوار الكردي – الكردي باعتباره المدخل الرئيسي إلى التفاهم والتوافق.

بمرور مائة عام على معاهدة لوزان فإن من شأن انعقاد مؤتمر قومي كردي وإقامة حوار كردي – كردي والقيام بتحرك سياسي ودبلوماسي نشيط على الصعيد الدولي أن يؤدي إلى الكثير من التقدم للقضية الكردية وبخاصة في:

1- تعزيز البعد الدولي المساند لنضال الشعب الكردي في جميع أجزاء كردستان، ودعم دولي متزايد في اتجاه مساندة قضيته العادلة التي ستحتفظ بمكانة متقدمة على الصعيد العالمي كإحدى القضايا الأكثر إلحاحاً من أجل إيجاد الحل المناسب لها.

2- خلق تأثير إيجابي كبير، وإعطاء زخم نضالي أقوى وأكبر لجماهير الشعب الكردي وقواه السياسية والاجتماعية، وتعزيز العامل الذاتي في نضاله من أجل الظفر بحريته.

ثامناً- نضال الحزب اليساري الكردي في سوريا في الفترة المنصرمة:

منذ المؤتمر الخامس عشر والاجتماع الموسع للحزب قبل عام، ناضل الحزب اليساري الكردي في سوريا على جميع الجبهات، فقد ناضل من أجل وحدة الصف الكردي، ووحدة مكونات شمال وشرق سوريا انطلاقاً من رؤيته الاستراتيجية بأن هذه الوحدة تعزز نضال شعبنا، وتحمي المكاسب الكبيرة التي حققها شعبنا بعرقه وكفاحه، ودماء الآلاف من شهدائه، وخلال هذه الفترة دافع الحزب عن مواقفه وثوابته الوطنية والقومية والطبقية، وقدم رؤيته الخاصة من أجل حل الأزمة السورية وحل القضية الكردية في سوريا، وكان سباقاً في هذا المجال، وركز الحزب في إعلامه على أهم القضايا التي تواجه نضال الشعب الكردي، كما ناضل ضمن الإدارة الذاتية وفي إطار مجلس سوريا الديمقراطية وخارجها من أجل الدفاع عن لقمة الشعب وتحسين مستواه المعيشي، وطالب ويطالب بعدالة توزيع الثروة ومحاربة الفساد وظاهرة القطط السمان، وتحسين الخدمات المقدمة للشعب من الماء والكهرباء ورغيف الخبز وشبكات الطرق، وقدم رؤيته الخاصة بجرأة وبخاصة في معارضة رفع أسعار المشتقات البترولية وبخاصة مادة المازوت التي تؤدي إلى ارتفاع أسعار جميع المواد بدون التشاور مع مكونات الإدارة الذاتية، وطالب الحزب من أجل تزويد المشاريع الزراعية بحاجتها من مادة المازوت بالنظر إلى أهمية هذا القطاع الذي بإمكانه تحقيق الاستقرار وحماية الإدارة الذاتية في مواجهة الحصار والضغوطات التي تمارسها جهات عديدة.

عمل الحزب أيضاً في الفترة المنصرمة ولايزال من أجل إقامة علاقات متطورة على الصعيد الكردستاني، ودعم حركة الشعب الكردي في عموم أجزاء كردستان، فوقف ضد جرائم النظام الإيراني ومع الاحتجاجات التي أعقبت قتل الشابة الكردية جينا أميني، ووقف وساند إعلامياً شعبنا الكردي في شمال كردستان أثناء الانتخابات الأخيرة، كما فضح الحزب هجمات الدولة التركية على جنوب كردستان، ويحتفظ الحزب بعلاقات جيدة مع معظم القوى الكردستانية، وغني عن القول بأن حزبنا قدم العديد من الشهداء، ويناضل الحزب أيضاً من أجل بناء علاقات جيدة مع القوى والأحزاب الوطنية والتقدمية والديمقراطية في سوريا للنضال من أجل سوريا ديمقراطية تعددية لامركزية.

حافظ الحزب أيضاً على رؤيته الطبقية انطلاقاً من ربط نضاله القومي بالنضال الطبقي انطلاقاً من رؤيته في الاسترشاد بالمبادئ العامة للماركسية اللينينية كمرشد للعمل، وهو يقف مع العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين ويمثل مصالحهم، وأدخل الحزب أيضاً العديد من التطويرات على فكره، وفي المقدمة منها الانفتاح على الديمقراطية ليس فقط بكونها أسلوباً للإدارة، وإنما بكونها قيمة بذاتها، وأن هذا الفكر يجب أن يتطور باستمرار.

اهتم الحزب أيضاً بنضال المرأة وحريتها، وإزالة غبن آلاف السنين عنها، ومن أجل ممارستها لحقوقها في كافة المجالات بما في ذلك المجال السياسي والانخراط الجدي في الثورة، كما اهتم الحزب بضرورة إطلاق الطاقات الثورية للشباب وحل مشاكلهم، ومن أجل أن يأخذوا مكانهم المناسب في إطار نضال الشعب الكردي من أجل حرية شعبهم.

ويعطي الحزب الأولوية لتحرير الأراضي المحتلة كعفرين، سريكانيه، الباب، إعزاز، جرابلس وكري سبي.

وأمام الكونفرانس السابع عشر للحزب، تؤكد اللجنة المركزية أن الحزب اليساري الكردي في سوريا موحد الصفوف تماماً من القاعدة إلى القيادة، وأن الحزب يعيش حالة التقدم على جميع الأصعدة، وأنه يحظى باحترام أوسع قطاعات الشعب الكردي، وحتى خصوم حزبنا يحترمون مواقف الحزب المبدئية، كما يتمتع الحزب باحترام معظم الأحزاب الكردستانية.

18/8/2023م

اللجنة المركزية للحزب اليساري الكردي في سوريا

 

شارك هذه المقالة على المنصات التالية

تابعونا على غوغل نيوز
تابعونا على غوغل نيوز