الثلاثاء, نوفمبر 5, 2024

الجزء الخامس.. بارزان في المصادر اليهودية والسريانية والبريطانية

ب. د. فرست مرعي

1- ما بين سنة 1899م وسنة 1906م زار السياسي والضابط البريطاني ” مارك سايكس” (1879 – 1919م) صاحب اتفاقية سايكس بيكو 1916م. الولايات الاسيوية من الدولة العثمانية، وقادته تلك الرحلات والجولات الى أصقاع مختلفة من كردستان العثمانية، فزار أربيل وكركوك والسليمانية والموصل وجزيرة بوتان (= ابن عمر في المصادر الاسلامية) وكويسنجق وزاخو وآميدى (= العمادية) ودوكان، ومناطق بارزان والزيبار وغيرها، ونشر تفاصيل تلك الرحلات والجولات في ثلاثة كتب. و بخصوص تطرقه الى القبائل الكردية وتحديداً بارزان فقد نشره أصلاً في مجلة المعهد الانثروبولوجي الملكي المجلد (28) لسنة 1908م، ثم وضعه ملحقاً لكتابه ” الارث الاخيرللخليفة)، جاء فيه:” بارزان Barzan: 750 أسرة، أخذت اسمها القبلي من منطقة بارزان، وهذه القبيلة مشهورة بمؤهلاتها القتالية وبعائلة مبجلة تعرف باسم شيوخ بارزان. ينظر: مارك سايكس، القبائل الكردية في الامبراطورية العثمانية، ص22 – 24، 45.

2- في سنة 1913م دبج الخوري “يوسف تفنكجي” إحصائية خاصة بكنيسة المشرق الكلدانية، ونشرها في الدليل الحبري Annuario Pontificio لسنة 1914م، بعد أن كانت قد نشرت في كتيب خاص بالفرنسية تحت عنوان “الكنيسة الكلدانية سابقاً ولاحقاً سنة 1913م، وترجمها المطران أندراوس حنا الى اللغة العربية ونشرها في مجلة “نجم المشرق” التي تصدرها بطريركية بابل على الكلدان اعتباراً من سنة1995م، وفي هذه الاحصائية أشار(تفنكجي) الى أن عدد المسيحيين في قرية برزان (= بارزان) هم 90 نسمة لديهم كاهن واحد، ولم يشر في احصائيته الى قريتي أرديل وبيديال. فضلا عن ذلك فانه لم يتطرق في الإحصائية إلى وجود أية كنيسة في بارزان ولو كانت موجودة لكان قد ذكرها في إحصائيته، حيث خصص حقولاً لعدد الكنائس والمصليات والمدارس، ومن خلال هذه الإحصائية يستنتج الباحث بان كنيستي مريم العذراء ومار كوركيس اللتان ذكرتهما المخطوطات آنفا لم يبق لهما اثر رغم عودة المسيحيين الذين لا بأس بهم في بداية الحرب العالمية الاولى، يبدو أنهما قد دمرتا اثناء الصراعات والحروب التي كانت بارزان مسرحا لها في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وتجدر الاشارة الى أن الشخصية اليزيدية (حمو شرو) قائمقام سنجار المعين من قبل الاستعمار البريطاني كان قد أنقذ (التفنكجي) مع عدد كبير من المسيحيين والارمن من الموت، أثناء هروبهم الى جبل سنجار خوفاً من ملاحقة الجيش العثماني لهم.

3- نظراً لتوارد معلومات بخصوص اسكان الاثوريين في مناطق عشائر الاتحاد البارزاني، وثأرا لهجمات الميليشيات الآثورية بقيادة كل من: بطرس آغا وملك خوشابا على مناطق كل من قبيلة الزيباري والبارزاني وغيرها من العشائر في شهر تشرين الثاني عام1920م، ففي شهر سبتمبر/ ايلول عام 1922م، قامت مجموعة من المقاتلين البارزانيين بقيادة شريف آغا وخليل خوشبي باشراف الشيخ احمد البارزاني بمهاجمة مركز قضاء العمادية بقصد السيطرة عليها وطرد المحتلين البريطانيين منها، ويبدو أن هذا الهجوم جاء بتنسيق مع “حجي عبداللطيف آغا” أحد زعماء العمادية (الذي له مصاهرة مع شيوخ بارزان، حيث كان الشيخ عبد السلام الثاني البارزاني متزوجاً من أخته)، لذلك تعاون مع الشيخ أحمد البارزاني واستدعى مقاتلي العمادية الذين كانوا طوع أمره وقاموا بحفر نفق تحت الجدار الذي يحيط بقصر ” حاجي عبد اللطيف آغا” المطل على سور العمادية من الجهة الشمالية المطلة على مصيف السولاف، تمهيداً للتغلغل الى داخل العمادية التي كانت محصنة ومن الصعوبة بمكان الدخول إليها دون مساعدة من داخل العمادية، واندلع القتال بين المسلحين الكرد وبين قوات الشرطة في “القشلة” (السراي) في ايلول عام 1922م، الذي ترافق مع ليلة عيد رأس السنة اليهودية. ومن سوء الحظ فقد ترافق هذا الهجوم مع دخول مجموعة من قوات الليفي الاثورية بقيادة المطران سركيس الذين انقذ المكان وأنقذ حياة قائممقام العمادية حسب الروايات الانكليزية؛ مما حدى بالمقاتلين البارزانيين الى الانسحاب من مركز العمادية وأخذوا معهم ” الحاج عبداللطيف آغا العمادي” الذي أصبح مطلوباً لدى السلطات البريطانية بسبب دعمه للمقاتلين البارزانيين، ذلك صدرت الأوامر لتنفيذ حركة ضد الكرد البارزانيين. وعلى إثره تحرك رتل مكون من قسم من كتيبة الليفي الثانية ومجموعة من الجنود الأثوريين غير النظاميين بإمرة زيادي (= داود) مار شمعون المنسوب الى البيت البطرياركي وملك إسماعيل زعيم عشيرة التياري العليا وهذه القوة باجمعها كانت تحت قيادة العقيد البريطاني ( بينتنيك Bentinck ) الذي زحف بإتجاه بارزان من جهة الغرب (= العمادية – بالنده – بارزان) وزحف رتل صغير آخر مؤلف من سريتين من سرايا الفوج الثالث rd. Battalion) ) وبطرية إسناد من بطريات الليفي تحت قيادة الرائد لاكسيرLake-Ceer) ) إلى عقرة. اندفع الجنود غير النظاميين برفقة رتل (بينتنيك) واحتلوا بارزان في شهر اكتوبر/ تشرين الاول 1922م، في حين هو والكتيبة التي بمعيته كانوا في بالنده Belinda)) عندما وصلت الأوامر له من القيادة العامة بالعودة حالاً . لقد نفذ العقيد بينتنيك الأمر خلال الليل متحركا من بالنده مثل هذه الأنباء يبدو أنها لم تصل الى الجنود غير النظاميين (= المتطوعين الاثوريين) الذين قد سيطروا لوقت قصير على بارزان مقاومين هجمات الكرد البارزانيين عليهم الأمر الذي جعل موضوع عودتهم مشوباً بالمصاعب حيث تعرضوا إلى بعض الإصابات(= حسب المصادر البريطانية). الرتل الصغير الآخر احتل قمة جبل عقرة وإحدى السرايا التابعة لهذا الرتل قامت بإحراق قرية نقابا – نه قه بى (Naqaba) الواقعة في أسفل الوادي (= شرق ناحية دينارته) حيث استلمت هذه السرية أمراً مماثلا بالانسحاب وقد انسحبت فعلاً، هذه الأحداث كانت لها انعكاساتها السلبية محليا حيث جعلت الكرد البارزانيين والزيباريين يتصورون أن الرتل قد انسحب بسبب مقاومتهم وبالتالي منحهم مثل هذا الاعتقاد انطباعاً خاطنا بما يتمتعون به من قوة. ويبدو للباحث على أن مقاتلي قبيلتي بارزان والزيبار قاوموا قوات الليفي والجنود الاثوريين غير النظاميين المدعومين بقوة من الجيش البريطاني وآلته الحربية وأوقعوا فيهم خسائركبيرة ولقونهم درساً لن ينسوه لم يذكرها المصدر. ينظر: كيلبرت براون، قوات الليفي العراقية، ص99 – 100.

4- في عام1925م قام الاكراد البارزانيون بالهجوم على قرية نيرم(= كوندك) الواقعة غرب مدينة عقرة، وقتلوا كاهن(قس) القرية مع (12) من أهالي القرية، وحالياً أصبحت القرية كردية تماماً. ينظر: جان موريس فييه، اشور المسيحية، ج1، ص198.

5- في ربيع سنة 1923م حدث نزاع قبلي بين البارزانيين وبين عشيرة (أركوش) المزورية، وقتل من جرائها المدعو (اسحق) جد عائلة (موشي بنيامين) الساكن في قرية سروكانى في عيد الفصح اليهودي، مما حدا بهم الى الهجرة الى منطقة أخرى أكثر أماناً، حيث التجؤا الى الشيخ احمد البارزاني طالبين حمايته، الذي نقلهم بدوره الى قصبة ميركه سور الخاضعة لنفوذه وتحت قيادة أحمد آغا. ينظر: مردخاي زاكن، يهود كردستان ورؤسائهم القبليون، ص265.

6- في سنة 1926م قام العالم الانثروبولوجي الامريكي ” هنري فيلد” (1902 – 1986م) بعملية مسح للقبائل والمكونات الرئيسية في كردستان الجنوبية، وبخصوص قبائل الاتحاد البارزاني فقد أشار الى قرية بارزان ولم يذكر عدد أسرها، وعد الشيخ محمد صديق أخ الشيخ أحمد البارزاني بمثابة رئيس لها. ثم أشار الى قبيلة شيروان، وذكر أن عدد أسرها أو خيمها (420) وليس لهم رئيس أعلى ولهم رؤوساء متعددون مثل: رشيد آغا، وأولوبك، وخليل آغا، كل الولاء يمحضونه للشيخ أحمد البارزاني. وبالنسبة لقبيلة مزوري بالا (= العليا) فعدد أسرها أو خيامها (400)، ولهم آغوات عديدون مثل: محمد أمين سليم، آغا قرية بنان، وخليل خوشوي آغا قرية سيلكى، تيمر آغا، عبدالله آغا. وبالنسبة لقبيلة الزيبار فكان عدد أسرهم (600) ورئيسهم الاعلى “فارس آغا”، ومقره قرية هوكى، مع بابكر آغا، ومقره قرية (الكه) وعلي سليم آغا وقادر آغا ومقره، قرية (شوش). هنري فيلد، جنوب كردستان دراسة أنثروبولوجية، ص56، 60، 63، 67.

7- في سنة 1930م قتل يهودي يدعى (شفان) وهو خال موشي بنيامين المار ذكره في الفقرة (4) الذين كانوا مستقرين في قرية هاوديا(=هاوديان المسيحية) الواقعة غرب قضاء رواندوز على طريق ميركه سور، بعد أن تجرأ على قول الحق أمام (أسعد شيتنه) أحد أغوات المنطقة (= الدولمريين) بقوله “نحن يهودك وكان يجب أن تخجل من هذه السرقة، عندما ترسل لصوصك ليسرقوا مصدر دخلنا… وحذره بأنه سيقدم شكوى الى سلطات الشرطة العراقية للقدوم والتفتيش والتحقيق معه، ولهذا دب الخوف في قلوبهم وعند عودته قتلوه”، لأن رجاله كانوا قد سرقوا الصوف العائد لاحد أقربائه المدعو (برندار)، ويستطرد المصدر اليهودي قائلاً: “لم يستطع الآغا(سواره) عمل شيء لحمايتنا أو الثأر لنا”. مردخاي زاكن، يهود كردستان ورؤسائهم القبليون، ص267.

8- في سنة 1943م توفي زعيم يهود عقرة ” إلياهو خواجه خينو”، وفي سنة 1944م توفي وكيل خواجه خينو، وفي نفس السنة (=1944م) زار الزعيم الكردي ملا مصطفى البارزاني مدينة عقرة بعد انتفاضة عام1943م التي قادها ضد الحكومة الملكية العراقية، واستقبل بحفاوة من قبل وجهاء عقرة وزعماء العشائر الكردية فيها، ومن جهته قدم واجب العزاء لاسرة صديق الاسرة البارزانية (إلياهو خواجه خينو) التي ترجع لعدة عقود الى القرن التاسع عشر، فما كان من نجل الاخير “ديفيد (= داود)” (1893 – 1977م) إلا أن قدم خنجراً ذهبياً مرصعاً بثلاثة فصوص ذهبية الى جنابه (= السيد البارزاني) احتفاءً بزيارته لدارهم وكعربون صداقة، لأن الزعيم البارزاني كان لا يقبل بأن يمس اليهود في منطقة عقرة وأطرافها بأي آذى من قبل من تسول له نفسه الاعتداء عليهم. حيث قال ما نصه:” تعرفون جيداً أن هذه الاسرة عزيزة على قلبي.. وينظر الجميع الينا وكأننا أسرة واحدة رغم اختلاف ديننا. أنا لا أريد أن يصيبهم أي أذى. مُردخاي زاكن، يهود كردستان، ص94، 107 – 108، 159.

المصدر: كردستان 24

شارك هذه المقالة على المنصات التالية