الأربعاء, فبراير 5, 2025

بتنسيق من هيثم مناع.. اجتماع موسّع لتشكيل أوّل معارضة للنظام السوري الجديد

تتهيأ قوى وشخصيات سورية لعقد اجتماع موسّع في الخامس عشر من الشهر الجاري لرسم خريطة طريق للمرحلة الانتقالية في سوريا، ومواجهة بوادر ما يعتبرونه استئثاراً بالسلطة. ومن المتوقع أن ينعقد الاجتماع في كلٍّ من جنيف وعدد من المدن السورية أهمها السويداء وحلب بالتزامن، ما يمكن اعتباره أول خطوة سياسية تتبلور في وجه إدارة سوريا الموقتة بقيادة أحمد الشرع، ومن المحتمل أن تتحول إلى أول جسم سياسي مدني ديموقراطي يعلن معارضته للحكم الجديد.

وعلمت “النهار” أن مجلس سوريا الديموقراطية (مسد) الجناح السياسي لـ”قوات سوريا الديموقراطية” التي تقود “الإدارة الذاتية” في شرق الفرات سوف يشارك في هذا الاجتماع.
وأفادت مصادر مطلعة “النهار” بأنه جرى تشكيل لجنة تحضيرية من داخل البلاد وخارجها تتولى مهمّة التنظيم والدعوة.

ويتولى المعارض السوري المعروف هيثم منّاع مهمة المنسق العام لهذه اللجنة. وأكدت المصادر أنه جرى الاتفاق على الخطوط الأساسية للاجتماع والتي تتمثل في سيادة الدولة، والمواطنة المتساوية، والكرامة الإنسانية، وإحياء شعار الثورة السورية الكبرى “الدين لله والوطن للجميع”، وكذلك اعتماد التنمية الاقتصادية المستدامة من أجل إعادة البناء.

واطّلعت “النهار” على نص الدعوة التي وجّهتها اللجنة التحضيرية إلى القوى والشخصيات للمشاركة في الاجتماع، والتي تضمنت تحديد أهم الخطوات التي سيطالب المشاركون بتحقيقها وأهمها: تشكيل مجلس عسكري وطني يشمل الضباط المنشقين والخبراء المتقاعدين والأكاديميين الأكفاء على أن يتولى هؤلاء تشكيل مجلس للإشراف على إعادة بناء جيش وطني سوري موحد، وعقد مؤتمر وطني عام يضم كل القوى الوطنية السورية، من دون استثناء أحد، تحت رعاية دولية بما يتماشى مع تنفيذ القرار 2254 الهادف إلى إنشاء هيئة حكم انتقالية، ولجنة صياغة دستورية، وهيئة قضائية مستقلة للعدالة الانتقالية.

وتضمنت الدعوة أيضاً المطالبة بتشكيل حكومة تكنوقراط موقتة، تنتهي ولايتها بانتخاب حكومة بموجب الدستور الجديد، واحترام الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وكذلك تجريم خطاب الكراهية والتحريض الطائفي، وختاماً المطالبة برفع العقوبات الاقتصادية الأحادية الجانب عن سوريا.

وكشف عضو اللجنة التحضيرية محمد عبيد لـ “النهار” عن تكليف نخبة من الاقتصاديين والحقوقيين وأساتذة القانون الدستوري والمحامين والقضاة وكبار الضباط المنشقين إعداد أوراق تقدم إلى الاجتماع حول مختلف الموضوعات الواردة في الدعوة.

وأكد عضو اللجنة محمد الأحمد أيضاً أن “الدعوات مفتوحة لكل من يشعر بضرورة الاجتماع والتشاور والنقاش الحر، ولا تسمح اللجنة التحضيرية باستبعاد أو إبعاد أي طاقة سورية خلاقة تطمح لبناء سوريا التي تشبهنا ونشبهها”.

وعن توافر الظروف الأمنية في الداخل السوري لعقد الاجتماع في عدد من المدن بالتزامن مع انعقاد جلسة في جنيف، قال صالح النبواني من السويداء لـ “النهار” : “تعرفون الأوضاع الحالية والضغوط المتزايدة على أي ندوة أو اجتماع يعقد داخل البلاد، لذا سنقوم بتنظيم الاجتماع في السويداء بحضور أبناء المحافظة ومن لا يستطيع الحضور في مدينته، أهلاً وسهلاً به في جبل العرب الأشم”.

وعلمت “النهار” من المصادر السابقة نفسها بأن الاتصالات جارية لاختيار أكثر من مكان يشارك فيه أبناء المدن التي تشهد أوضاعاً أمنية سيئة.

وأكد هيثم مناع في حديث مع “النهار” أن عدد الذين سيشاركون في الاجتماع بلغ حوالى 1000 شخصية سورية سياسية ومدنية، مشدداً على أنه حتى الضباط المنشقون سيشاركون بصفتهم مواطنين مدنيين وليس بزيهم العسكري.

وشدد مناع على أن أهم المآخذ على السلطة الانتقالية في سوريا هي أنها جاءت بتفويض من العسكر في مؤتمر النصر، ولم تشارك أحداً معها من الفاعليات والأحزاب، كما أنها ذات لون طائفي ومناطقي واحد، ونحن نرفض ذلك.

وعن إمكان عقد الاجتماع بالتزامن بين عدد من المدن السورية وجنيف وما يستلزم ذلك من تحضيرات لوجستية ونفقات ضخمة، أجاب منّاع: “شاركت منذ 2012 في مؤتمرات عدة من أجل سوريا ديموقراطية ودولة مدنية، وفي كل مرة كان السوريون من أهل الخير يسعفوننا بما نحتاج حتى لا نطلب من غير السوريين أي مساعدة. وكان مؤتمر القاهرة المؤتمر الوحيد الذي جاء في نص القرار الدولي 2245 لم نقبل فيه قرشاً من أحد”، مضيفاً: “لا تتصوروا أن رجال الأعمال السوريين الشرفاء والكوادر العلمية والطبية السورية غير مهتمين بأن يتكون في وطنهم دولة قانون لكل مواطنيها”.

وبما أن من المحتمل أن يتطور الاجتماع إلى ولادة أول معارضة سياسية مدنية ديموقراطية للحكم الموقت في سوريا، سألت “النهار” منّاع حول فاعلية هذه الخطوة في ظل الدعم الذي يلقاه الرئيس السوري الموقت وفريقه من أهم الدول الإقليمية، فضحك “الحكيم” كما يسميه رفقاؤه وأجاب: “نحن نسبح في مواجهة التيار منذ خمسين سنة، جدي ترك لأبي الاستقلال الأول عن المستعمر الفرنسي، هل تظن أن بإمكاني وإمكان الديموقراطيين السوريين النظر إلى أبنائنا وأهلنا ونحن نكوع أمام مشروع يحرمهم من دولة سيدة ومواطنة كريمة؟”

وأضاف منّاع: “لكن أقول بقناعة ومنطق، هذه المرة، ومع كل خطوة تسلطية تقوم بها السلطات الجديدة، فإن على كل دول الجوار أن تدرس نتائجها وما يترتب عليها، ليس فقط على الشعب السوري، وإنما على أمنها القومي والمجتمعي، صار العالم أصغر من صغير، وعندما ينتشر فيروس الأنفلونزا في سوريا، ستصاب المنطقة كلها، عاجلاً أو آجلاً بالزكام”.

واطّلعت “النهار” على إحدى الأوراق المعدة للتقديم في الاجتماع تضمنت إشارات إلى حالة “الهرج والمرج”، بحسب وصفها، التي سادت في سوريا بعد 8 كانون الأول/ديسمبر، وجاء فيها: “شكل هذا الحدث الوطني الكبير (سقوط نظام الأسد) بشائر نهاية الظلم والتسلط والتفرد لملايين السوريين في داخل البلاد وخارجها، إلا أنه ومنذ الأيام الأولى، بدت على السطح مظاهر غريبة وتصرفات لا عهد للسوريين بها، وقرارات لم يعثر فيها الناس على ما قدموا من أجله غالي التضحيات مثل غرفة العمليات العسكرية، وحكومة لتسيير الأعمال جرى نقلها من إدلب إلى دمشق، وما سمي بعملية تنظيف البلاد من فلول النظام البائد، ليكتشف السوريون أول بأول بأنهم في مواجهة وضع تغيب عنه كل طموحاتهم لبناء سوريا جديدة لكل أبنائها”.

وجاء في ورقة أخرى: “…شهدنا ممارسات ومبادرات لا تتفق مع الثوابت الأساسية لثورة 18 آذار/مارس 2011: واحد واحد واحد الشعب السوري واحد، دولة المواطنة لكل السوريين، مواطنون لا رعايا، الكرامة والحرية، الموت ولا المذلة إلخ. هذه المسلمات الأساسية التي دفع السوريون من أجلها قرابة نصف مليون شهيد وسنوات من النزوح واللجوء والقهر والترهيب”.

المصدر: النهار

شارك هذه المقالة على المنصات التالية