مسار سياسي جديد.. اتفاق دمشق – قسد ومستقبل الحدث السوري
مع توقيع الاتفاق بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، دخل الملف السوري مرحلة جديدة قد تشكل منعطفاً استراتيجياً في مسار بناء دولة ديمقراطية تعددية. وفي هذا السياق، كان أحمد الشرع قد صرّح في وقت سابق لوكالة “رويترز” بأنه يرى الحل مع الكرد وقسد عبر التفاوض، معلناً عزمه على لقاء قائدها الجنرال مظلوم عبدي. وبالفعل، تُرجمت هذه التصريحات إلى واقع، حيث تم الإعلان عن توقيع اتفاق بين الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع والجنرال عبدي، يقضي بدمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية في إطار الدولة السورية، وفق بيان صادر عن الرئاسة السورية.
يمثل توقيت هذا الاتفاق انعكاسًا لديناميكيات معقدة يشهدها المشهد السوري، حيث تأتي هذه الخطوة في ظل تغييرات متسارعة وتحديات متزايدة. ويعكس الاتفاق مرحلة جديدة من التفاهمات بين الأطراف المعنية، مما يثير تساؤلات حول آفاقه المستقبلية وكيفية ترجمته على أرض الواقع. في ظل هذه المعطيات، تتباين الآراء حول التأثير الفعلي لهذا الاتفاق على مستقبل سوريا السياسي والأمني.
انعكاسات الاتفاق على المشهد السياسي
بغض النظر عن تفاصيل الاتفاق التي تم الإعلان عنها، يرى الصحافي أصف أحمد أن هذه الخطوة ستلقي بظلالها على مختلف الملفات السياسية والأمنية، ممهدة الطريق لانفراج محتمل. ويؤكد أن سوريا المستقبلية ستشهد حضوراً كردياً فاعلاً في مستويات الحكم العليا، في إطار توافقات وطنية تعزز الشراكة بين جميع المكونات حتى تتضح ملامح الخارطة السياسية الجديدة.
ويضيف أحمد أن الاتفاق جرى برعاية أطراف دولية كبرى، مما يعني أن أي تصعيد أمني في مناطق مثل الساحل السوري قد يعرقل تنفيذه، وهو ما لن تسمح به القوى الراعية. كما يرى أن الاتفاق يحدّ من النفوذ التركي في سوريا، ما ينعكس تلقائياً على تقليص دور الجماعات المدعومة من أنقرة لصالح تعزيز الدور العربي، خاصة السعودي والإماراتي، في إعادة ترتيب المشهد السوري والمساهمة في تعافيه.
ويختتم أحمد حديثه بالإشارة إلى أن الاتفاق كان جاهزاً منذ فترة، لكن الإعلان عنه تأخر حتى نضجت الظروف السياسية المناسبة، مؤكدًا أن جميع الأطراف المؤثرة في الأزمة السورية شاركت في صياغته. ومن هنا، تبقى المتابعة الدقيقة لتداعيات الاتفاق ضرورية، خصوصاً فيما يتعلق بتفاعل القوى المختلفة معه وتأثيره على الأوضاع الإنسانية والسياسية في سوريا.
اتفاق في توقيت حاسم لتعزيز الوحدة السورية
من جهته، يرى نضال عكاري، عضو هيئة العمل المدني الديمقراطي، أن توقيع الاتفاق يمثل خطوة جوهرية نحو تحرير سوريا من نظام الأسد، خاصة في ظل المحاولات المستمرة لتقسيم البلاد. ويعتبر أن هذه الخطوة تضع سوريا على مسار إعادة الإعمار كدولة موحدة، وتعزز من حضور المكون الكردي في المشهد الوطني، مما يضيف بعداً جديداً للهوية السورية الجامعة.
ويؤكد عكاري أن الاتفاق يقطع الطريق أمام محاولات عرقلة بناء الدولة السورية الجديدة، كما يمنح المجتمع المدني قوة دفع إضافية في المطالبة بنظام تعددي ديمقراطي. ويرى أن وجود قسد ضمن الهيكل الإداري والعسكري للدولة يعزز مشروع الوحدة الوطنية، ويؤسس لمرحلة جديدة تضمن مشاركة جميع المكونات في صياغة مستقبل البلاد.
لا شك أن الاتفاق بين أحمد الشرع والجنرال مظلوم عبدي يشكل محطة هامة في تطورات الحدث السوري، حيث يفتح الباب أمام مشهد سياسي وعسكري أكثر استقراراً. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في كيفية تنفيذ بنود الاتفاق على أرض الواقع، وترجمته إلى خطوات ملموسة تقود سوريا نحو دولة ديمقراطية تعددية، وفق تطلعات السوريين لمستقبل أكثر عدالة واستقراراً.
عمار المعتوق-دمشق
المصدر: مجلس سوريا الديمقراطية “مسد”
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=64753