يبدو أن الأمريكيين دخلوا في المرحلة الثانية من مشروعهم في مناطق روژآڤا وشمال شرق سوريا والخاضعة للإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية وذلك بعد أو بالأحرى تزامنًا مع المرحلة العسكرية بحيث يتم استكمال بناء هذه الإدارة الفتية من النواحي الأخرى الاقتصادية والسياسية وذلك إلى جانب حمايتها عسكريًا، وبهذا الصدد كتب موقع “المدن” تقريرًا عن الموضوع قالت فيه ما يلي: ((يحمل رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية مارك ميلي في زيارته الثانية خلال 45 يوماً إلى منطقة شرقي الفرات الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، حزمة من القرارات المتعلقة بهيكلة قوات “قسد” والإدارة الذاتية وتوقيع اتفاق نفطي بين “قسد” والشركات الأميركية بحسب ثلاثة مصادر تحدثت ل”المدن”)).
زيارة المسؤول الأمريكي استنفرت النظامين السوري والتركي حيث قال وزير داخلية هذه الأخيرة؛ سليمان صويلو ل”قناة سي إن إن تورك”، بأن “الولايات المتحدة تحاول تشكيل دولة إرهابية قرب حدود تركيا”، طبعاً كلام صويلو محاولة جديدة من تركيا لحشد الأطراف ضد الكرد والإدارة الذاتية من خلال التلويح ب”بعبع الدولة الكردية التي تريد انشاءها أمريكا في سوريا” مع العلم؛ بأن تركيا تدرك قبل الجميع بأنها دعوة كاذبة ولا مشروع أمريكي بهذا الخصوص وإلا كانت دعمت الاستفتاء في إقليم كردستان وهي الأكثر ترشيحًا واستعداداً لتصبح دولة وبالتالي فلا مشاريع أمريكية لتكوين دول وإنما مصالحها تلتقي مع دور كردي كقوة ولاعب سياسي جديد في المنطقة يصبح شريكًا مع المكونات الأخرى الموجودة بهذه الجغرافيا، مما قد يتيح للكرد بعض الهامش السياسي لينالوا بعضًا من الحقوق الوطنية المشروعة وهو ما تحاول أن تقمعها وتفشلها الدول الغاصبة لكردستان وفي المقدمة تركيا.
كما أن النظام السوري وعلى لسان الخارجية ((أعلن في تصريحات صحفية نقلتها “جريدة الوطن” إدانتها هذه التصرفات، مطالبة الإدارة الأمريكية وقفها ودفع تعويضات للشعب السوري لأنه “لا يجوز لها القيام بدور القراصنة وقطاع الطرق”، كما وطالبت بوقف الدعم عن ما وصفتهم بـ”الإرهاب والميليشيات الإنفصالية” والانسحاب من الأراضي السورية، وفق تعبيرها)) وذلك بحسب ما نقله قناة “الحدث السوري”. وهكذا نجد توافق وتناغم بين الخطابين التركي والسوري، ومعهم بقية دول محور أستانة؛ الروس والإيرانيين، حول الدور والمشروع الأمريكي حيث بات الجميع ومعهم ملحقاتهم من الثورجية السورية وأذنابهم من الكرد يدركون جيدًا، بل وعلى قناعة تامة؛ بأن الأمريكان لن يغادروا سوريا ويتركوا قسد والإدارة الذاتية “لقمة سائغة”، كما كانوا يتأملون ويحلمون، بل ها هي تعمل على تعزيز وتقوية دورها ومكانتها في المعادلة السورية وأن لا حل سياسي في سوريا من خلال تطبيع البعض مع دمشق وإنما من خلال مشروع سياسي سوري وطني يضم كافة القوى والأطراف ويحقق الحد المقبول من مطالبهم وحقوق كل مكونات سوريا!
وباختصار يمكن القول: بأن الإدارة باقية كشريك سياسي وعلى الدول والأطراف الأخرى أن تدرك بأن لا مجال لإلغائها من اللوحة السورية وبالتالي على تلك القوى أن تضبط مشاريعها وفق هذه الحقيقة الجديدة وهذا تأكيد لم كنا نقوله دائمًا خلال السنوات الماضية، بأن الكرد في سوريا وعلى درب إخوتهم في جنوب كردستان (العراق) باتوا ضمن اللعبة السياسية وحجزوا لأنفسهم مقعدًا بين لاعبي السياسة في هذه المنطقة والدور على كرد الجزأين الكبيرين؛ تركيا وإيران، ليتخلصوا أخيرًا من لعنة الجغرافيا والتاريخ والسياسة ومؤامرات الغرب عليهم وبالتالي ينالوا حريتهم واستقلالهم أسوةً بباقي شعوب المنطقة والعالم وها هم كرد سوريا يحققون الخطوة الثانية من مشوار الأميال الأربعة أو الأجزاء الأربعة لكردستان
بير رستم
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=21147