ألقى العميد السوري مناف طلاس، يوم أمس السبت 13 أيلول، محاضرة في كلية العلوم السياسية بباريس «سيانس بو»، بحضور عدد من أبناء وبنات الجالية السورية في فرنسا، إلى جانب مجموعة من الصحفيين الفرنسيين والأوروبيين.
وشدّد العميد طلاس في محاضرته على أن هدفه ليس التنافس على السلطة، بل المساهمة في بناء الدولة السورية، منوهاً بضرورة المشاركة الحقيقية في السلطة لا الشكلية، والتركيز على بناء دولة لا سلطة، من خلال مؤسسات سليمة وتشاركية بعيدة عن هاجس الحفاظ على الحكم. وأكد أن العدل والأمان هما أساس بناء الثقة، مشيراً إلى أن هذه الثقة هي التي تفتح الأبواب أمام مشروع وطني سليم، وتؤسس لدولة قادرة على جذب الاستثمارات الجادة في ظل دولة القانون.
وقال طلاس إن السؤال الجوهري هو: هل المطلوب سلب السلطة أم تأسيس الدولة؟ ومن هنا يرى ضرورة أن يتنازل رئيس السلطة أحمد الشرع عن جزء من صلاحياته لصالح مؤسسات الدولة.
كما شدّد العميد طلاس على ضرورة تشكيل جيش وطني، موضحاً أن الجيش السوري يجب أن يكون مؤسسة وطنية حقيقية، قائمة على عقيدة علمانية تحترم التنوع السوري، وتضمن الثقة والأمان لجميع المواطنين، وتحمي السلم الأهلي ودولة المؤسسات.
وذكر طلاس أنه عمل على تأسيس مجلس عسكري يضم أكثر من عشرة آلاف ضابط من الجيش السابق (ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء)، إضافة إلى عناصر من الفصائل المختلفة، وقوات سورية الديمقراطية، ومن مختلف المناطق السورية بما فيها السويداء والساحل.
وأوضح طلاس، أن السلاح يجب ألا يُستأجر لأجندات خارجية، بل أن تتوحد البندقية، معتبراً أن انتقال جزء من سلطات الرئيس إلى المجلس العسكري يعني الانتقال من حكم السلطة إلى بناء الدولة وبناء جيش وطني علماني.
وأكد طلاس أن المسار السياسي يجب أن يستند إلى قرار مجلس الأمن 2254، مع ضرورة تعديله بما يتناسب مع سقوط سلطة الأسد. واعتبر أن المرحلة الانتقالية ينبغي أن تقودها هيئة حكم تشاركية، تضم جميع القوى السياسية والاجتماعية، مشدداً على أن الإسلام السوري معتدل بطبيعته، وهو أشعري وصوفي، ولا مانع من وجود أحزاب ذات مرجعية إسلامية، شرط ألا تفرض رؤيتها على المجتمع بأسره، بل أن تتفاعل مع باقي الأطراف في إطار تشاركي.
ورأى طلاس أن الدول العربية لم تفتح بعد مرحلة دعم تعافي سوريا بسبب استمرار التجاذبات والأجندات الخارجية المتصارعة على البلاد، إضافة إلى غياب الثقة التي لا تُبنى إلا على الأمان والعدل، أي على دولة القانون.
وفي ما يخص مسألة اللامركزية والفدرالية، شدّد العميد طلاس على أن الجيش يجب أن يبقى مركزياً ووطنياً، في حين يمكن منح المدن والمحافظات صلاحيات واسعة لإدارة شؤونها ضمن إطار الدستور. وأكد أن سوريا واحدة لا تتجزأ، ويمكن توسيع السلطات المحلية من دون المساس بوحدة الدولة.
أما بخصوص التطبيع مع إسرائيل، فرأى طلاس أنه من المبكر الحديث عن هذا الموضوع، خاصة أن سوريا اليوم ضعيفة ومهددة بتجاذبات إقليمية ودولية، لافتاً إلى أن السلام لا يمكن أن يتحقق إلا بعد استعادة الدولة السورية لعافيتها وامتلاكها للسلطة الشرعية الكاملة. وشدد على أن أي سلام يُصنع فقط للحفاظ على السلطة لا معنى له، بل يجب أن يقوم على أسس شرعية وشعبية حقيقية.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=75868