الإثنين, فبراير 10, 2025

أيقونة الكوميديا الكردية الشهيد بافي طيار مدرسة فنية أُرِّخَتْ بشهادته

قامشلو/ علي خضير 

يروي المخرج المسرحي أنور محمد مسيرة الشهيد جمعة خليل “بافي طيار” الفنية وتجاربه معه، موضحاً أنَّ الشهيد كان يمثل الأطياف، يطرح أفكاراً وحلولاً لما يحصل لدى المجتمع السوري بشكل عام والمجتمع الكردي بشكل خاص، مشدداً على ضرورة السير على نهجه وتحقيق آماله الفنية.

 جمعة خليل إبراهيم المشهور باسم بافي طيار (Bavê Teyar) من مواليد 1957، كان مسرحيًا وممثلًا كوميديًا كرديًا مشهورًا، تمتع بشهرة واسعة في كردستان والعالم أجمع بأسلوبه البسيط والمضحك، أثناء مناوبته على سد المقاومة “سد تشرين” تعرَّض لإصابة خطيرة في بطنه أدَّت لاستشهاده في التاسع عشر من كانون الثاني الجاري.

مسيرة الشهيد بافي طيار الفنية

 بدأ الشهيد جمعة خليل (بافي طيار) مسيرته الفنية والثقافية في سنة 1989، وذلك من خلال تقديمه عروض فكاهية باللغة الكردية، ما أكسبه شهرة واسعة بين الشعب الكردي، ثم أسس فرقة “بافي طيار” مع عبد الباسط نيان سنة 2001، وهي فرقة مختصة بالمسرح والموسيقا والأفلام الكردية، طورت المجموعة أسلوبًا فنيًا فريدًا، يتمثل في دمج عدة أنماط وتعابير فنيّة مختلفة، وكانت هذه الفنون تحاول تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية وقضايا الشعب الكردي، وترفع من الروح الوطنية عند الكرد.

قدم بافي طيار العديد من البرامج التلفزيونية وشارك بتمثيل ستة أفلام قصيرة، كما شارك في العديد من العروض المسرحية في مدن مختلفة وكذلك في باكور كردستان، رغم ضعف التجهيزات الفنية والتقنية في المنطقة.

وللحديث أكثر عن أعمال الفنان الشهيد جمعة خليل ومسيرته الفنية في مجال المسرح، التقينا المخرج المسرحي “أنور محمد”، الذي كانت له تجارب كثيرة مع الشهيد جمعة خليل، بإخراج كليبات سينمائية للمؤسسة العامة السورية للسينما.

الشهيد بافي طيار مدرسة فنية

 بداية اللقاء عزّى المخرج “محمد” نفسه والعائلة الفنية وعائلة الشهيد خليل والشعب الكردي خاصةً وشعوب المنطقة عامةً، ليباشر حديثه موضحاً أنَّ الفنان جمعة خليل (بافي طيار) كان يمثل جميع الأطياف، وكان يطرح أفكاراً وحلولاً لما يحصل لدى المجتمع السوري بشكل عام والمجتمع الكردي بشكل خاص بسلبياته وإيجابياته، عن طريق فن خاص به عن طريق كوميديا شعبية اجتماعية، وكان فناناً يحب وطنه وشعبه بمآسيه وأفراحه وكان يناضل من أجل الفن قلباً وقالباً.

وتحدث عن شخصيته بعيداً عن تمثيله: “كان الفنان بافي طيار إنساناً متواضعاً بشكل كبير، وكان يتماشى مع أجيال المجتمع وفئات الشعب عامة، في الشارع وفي أي مكان، كانت معاملته إنسانية مرحة طيبة، يتقبل النقد وما يُطرَح عليه”.

عمل المخرج محمد مع الشهيد جمعة خليل في فيلم (غيرت) الكردي في عام 2019، حيث صور الفيلم في مقاطعة الجزيرة، الفيلم الذي كان يتحدث عن الخدمة العسكرية والدفاع عن الأرض والشعب.

وعن تجربته مع الشهيد بهذا الفيلم أفاد: “ضمن الفيلم أخذ الشهيد جمعة دور شخصية (شيخو)، وكان الفيلم جدّياً نوعاً ما وبعيداً عن إطار الكوميديا الاجتماعية والابتسامة، أخذ بافي طيار في الفيلم دور رجل خمسيني يتطوع في صفوف المقاتلين، وخلال فترة حياته في الجيش كان يعالج وضع الجيش والأساليب التي يمر بها المقاتلون وأهدافه، وما يجب على المقاتلين فعله، وكان يطالب دائماً أن يكون في الجبهة”.

تأثَّر المخرج المسرحي أنور محمد كثيراً عند سماعه خبر استشهاد بافي طيار، واصفاً ذلك: “حينها تذكرت مقولة مشهورة له أثناء تمثيله في الفيلم وإصابته في المعركة، كانت المقولة (دعوني وحيداً في الجبهة)، وعند لحظة إصابته وقبل استشهاده في الفيلم قال (الآن هدأ قلبي)، فخبر استشهاده ذكرني بهذا المشهد، وقلت لنفسي بافي طيار الحلم الذي كنت تطمح له قد تحقق واستشهدت في سبيل الوطن والشعب”.

عقود من النضال والكفاح

 كان بافي طيار مدرسة بمعنى الكلمة في الفن والمسرح والتمثيل وكان له خصوصية، ويرى المخرج “محمد” أنَّ فرقة بافي طيار المسرحي ستكون صعبة للغاية في المستقبل بدون وجود بافي طيار، لأن شخصيته لا يستطيع أحد أن يملأ مكانها الخالي، ورغم ذلك تمنى محمد أن تستمر الفرقة في الطريق الذي سلكه بافي طيار.

وحسب “محمد” كان بافي طيار لديه نشاطاً مسرحياً، وكان لديه في المناسبات الوطنية والاحتفالات الشعبية تقديم اسكتشات وطنية اجتماعية كوميدية، وكان لديه عروض مسرحية عديدة يطرح من خلالها أفكاراً وطنية وتاريخية واجتماعية، ومنذ عقود وهو يناضل ويكافح في هذا المجال من أجل إظهار واقع وثقافة شعبه، وما يتعرض له من مآسٍ في ظل الاعتداءات التي يتعرض لها لاسيما من الاحتلال التركي.

مضيفاً: “كما كانت له أعمال في كليبات غنائية كان يغذي هذه الكليبات بوجوده فيها، ووجود فريقه، وكان متواجداً في جميع المناسبات الوطنية حتى لدى افتتاح المدارس للغة الكردية شارك ببدايتها بهذه المناسبة العظيمة في الأحياء الشعبية، بتصوير مشاهد فرح بهذه الخطوة”.

أحلام بافي طيار وآماله ستتحقق

كان الشهيد بافي طيار يطمح لتطوير مسيرته الفنية، وقال المخرج أنور محمد في ذلك: “كان الشهيد جمعة يقول لي بأن نقوم بأعمال جادة ناقدة اجتماعية، وأنه لدينا إمكانات فنية وإمكانات تمثيلية كباقي الشعوب، منها الشعوب العربية والمسرح العالمي، كما طرح علي فكرة بأن نقوم بعمل بمستوى مسارح العربية مثل (كاسك يا وطن، ومسرحية الناقد السياسي والاجتماعي) وعلى مستوى الوطن العربي مثل مسرحية الزعيم لـ (عادل إمام)”.

وزاد: “قال حينها أمنيتي أن أحقق هذا الحلم وأقوم بأعمال كبيرة ونتعاون مع بعضنا في عمل هذا المشروع، وقبل استشهاده بيومين التقينا وقررنا أن نبدأ بهذا المشوار، ولكن للأسف لم يتحقق حلمه، ولكن بقدر الإمكان بمساعدة فريقه ومساعدتنا ومساعدة أي إنسان يعمل في الفن سنحقق أحلامه”.

وفي الختام توجَّه المخرج “أنور محمد” بكلمة لفرقة الشهيد بافي طيار: “أتوجه بكلامي لفريق الشهيد بافي طيار، بالاستمرار في هذا الطريق الذي سلكه بافي طيار بأن يحققوا آماله وأحلامه، التي قطع حبل وصالها الاحتلال التركي، وأن يثابروا على طريقه الفني ولا ييأسوا ويتابعوا طريقهم ليطمئن الشهيد بافي طيار في قبره”. 

 

​ صحيفة روناهي

 

شارك هذه المقالة على المنصات التالية