بير رستم
قضية تواجد القوات الأمريكية في سوريا وبالأخص في مناطق الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا ودعمها لقوات سوريا الديمقراطية، باتت الشغل الشاغل في الفترة الأخيرة وكلما صرح أحد المسؤولين الأميركيين بخصوص هذه القضية، بل حتى وإن كان التصريح من صحفي أو وكالة أمريكية ما حيث يصبح التصريح ترند على صفحات ومواقع السوريين، وبالأخص جماعة تركيا والإخوان وهم يتوعدون قسد والكرد عموماً بالويل والثبور وأن “ساعة الحساب قد حان”!
ما يدعو للغرابة والتعجب؛ وكأن الكرد من يحتلون الأراضي العربية وليست هذه الحكومات العنصرية هي التي تحتل منذ عقود ودهور أراضينا وتقمع شعبنا الكردي وتنفي وجود أي قضية كردية، تلك من جهة الخصوم، أما من جهة الأصدقاء وأبناء شعبنا والمخلصين للقضية فتصبح سبباً لقلق وجودي حيث للذاكرة الكردية تجارب مريرة مع هذا الشأن وتخليهم عن المقاتلين الكرد، إن كانت في روژآڤا (سوريا) مع الاحتلالات التركية أو قديماً مع تجربة إخوتنا في إقليم كردستان وتخلي شاه إيران عن دعمهم بعد ان وقع اتفاقية هدنة عام ١٩٧٥م مع النظام العراقي البعثي البائد في الجزائر!!
يعني بالمختصر؛ الذاكرة الكردية ملأى بتلك الكوارث والانتكاسات التي عاشها شعبنا مع خيانة الحلفاء لنا والتي تسببت بالعديد من المآسي والجينوسايدات وآخرها تهجير شعبنا من عفرين وبالتالي من الطبيعي أن يشكل مثل هكذا أخبار وتصريحات حتى لدى أصحاب الخبرة والتجربة وأكثر الناس وعياً وثقافة مثل الأستاذ القدير؛ حسين محمد علي، والذي أرسل بالسؤال التالي على الخاص حيث كتب يقول: “مرحبا ماموستا.. اليوم هناك قلق من الأخبار المسربة عن خطط سحب امريكا لقواتها.. قراءتك”.
طبعأ ماموستا حسين وبقناعتي ليس عاجزاً عن الإجابة والقراءة الدقيقة للمسألة، لكن وكما أسلمنا، فإن الخيبات القديمة من خذلان الحلفاء والأصدقاء والتي سببت بكوارث لشعبنا، يدفعنا إلى طلب الاطمئنان أكثر ما نكون محتاجين للإجابة، كما تفضل الأستاذ حسين وطلب قراءتي بخصوص القضية، وبالرغم من هذه الحقيقة فقد كتبت له التالي وطلبت منه الإذن بالنشر والإشارة لاسمه حيث وجدت فيها الفائدة العامة، كون الموضوع يتعلق بالشأن الكردي العام وكلنا تقريباً نحتاج لمن يقدم لنا الطمأنينة بهذا الشأن.
وكانت إجابتي له كالتالي: أهلاً أستاذ حسين.. أعتقد القضية الكردية في سوريا قد تجاوزت مسألة بقاء وعدم بقاء القوات الأمريكية في سوريا، يعني القضية لم تعد مرتبطة بالوجود العسكري الأمريكي، بل باتت قضية إقليمية ودولية وتجاوزت الأدراج الأمنية، بل وحتى الحدود السورية المحلية.
وبالتالي فإن خروج أو بقاء تلك القوات لن يغير كثيراً من المعادلة مع اعتقادي الراسخ؛ بأن تركيا وجهاز استخباراتها هي من تروّج لمثل هذه الشائعات فقط للضغط على قوات سوريا الديمقراطية لتقدم التنازلات للإدارة السورية الجديدة في دمشق وذلك خلال مفاوضاتها القادمة.
ثم علينا أن لا ننسى بأن الملف الكردي غير مرتبط أساساً بطرف سياسي أو عسكري، وإن كانت قسد تشكل رافعة وحماية لشعبنا ومناطقنا، لكن القضية الكردية في سوريا والمنطقة هي قضية شعب وحقوق وستبقى ما دام هناك شعب يطالب بتلك الحقوق، إن كانت هناك قوات أمريكية أو لا وحتى إن بقي قسد أو تم ضمها لمنظومة الدفاع السورية القادمة.
باختصار؛ لا حل في سوريا دون حل كل القضايا وفي المقدمة منها القضية الكردية ولتكن ثقتنا بأنفسنا وشعبنا وقواتنا وأحزابنا أكبر من قرار أمريكي بالإبقاء على وجودها العسكري أو سحب بعض تلك المئات من الجنود حيث شعبنا وقضيتنا أكبر منها بكثير وها هي تركيا منذ أربعة عقود تحاول القضاء على العمال الكردستاني ولكن بالأخير تجبر أن تدعو زعيمها أوجلان لإلقاء خطاب في برلمانها وتساعد تركيا في إيجاد حل للقضية الكردية.
نعم ماموستا شعبنا وقضيتنا لا تتوقف على القرار الأمريكي، بل على القرار الكردستاني ودعني أصارحك بالقول: بأن دعم إقليم كردستان (العراق) والرئيس بارزاني لنا ولقوات سوريا الديمقراطية، أهم بعشرات المرات من تصريح ترامب في بقاء أو خروج القوات الأمريكية.
بالمناسبة فرنسا قد تكون المرشحة بأن تحل محل أمريكا عسكرياً وسياسياً وهناك أخبار تقول بأنها سوف تزيد هي وألمانيا من عدد قواتها في سوريا؛ يعني امتداد الانتداب القديم حيث العراق من حصة بريطانيا وسوريا لفرنسا مع رعاية المصالح الأميركية الإسرائيلية طبعاً، ولذلك لا أعتقد بأن هناك خوف كبير مع دعم دولي واسع للقضية الكردية في المرحلة الحالية وبالتالي لا حل في سوريا دون حل القضية الكردية بوجد الأمريكان أو سحبها لقواتها العسكرية.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=62140