بير رستم
إنني لا أستغرب من بعض “مثقفينا” الكرد أن يخرجوا على الإعلام وهم يريدون أن يعطوا دروس في الأخلاق والإنسانية لشخص وقائد عسكري نبيل مثل؛ مظلوم عبدي، الذي يعمل بكل حس وضمير انساني مع أعقد المشكلات التي تواجه مناطقنا، وبالأخص في الجانب العسكري حيث الجماعات التكفيرية السلفية من جهة والنظام البائد والحالي من جهة أخرى، وتركيا التي تعمل المستحيل للقضاء على تلك القوات وإفناء الإدارة الذاتية بكل مؤسساتها المدنية والعسكرية بحيث لا يكفي عبدي وشعبنا وقواتنا العسكرية كل هؤلاء الأعداء ليأت بعض السفهاء من “مثقفي”نا -وهم الأخطر بالمناسبة، كون الشجرة لا تسقط إلا من الداخل- ليحاولوا النيل من رجل وقوات حماية قدمت آلاف الشهداء دفاعاً عن عرضنا وأرضنا، لكن يبدو ليس عن عرض وأرض أولئك الإمعات.
يعني حقيقةً لا أعلم كيف يمكن تحميل عبدي وقوات سوريا الديمقراطية مسؤولية استشهاد الآلاف من أبناء شعبنا، ليش يا متذاكي مين يلي هجم ومين دافع عن نفسه وأرضه وشعبه، لكي يأت من يحمل هؤلاء مسؤولية من راح من الضحايا والقرابين، ثم من قال بأن هؤلاء يدافعون عن أمريكا، نعم نردد هذه العبارة على مسامع العالم لكي يدركوا؛ بأن من واجبهم حماية شعبنا وقواتنا، لكن كلنا نعلم بأن الجزء الأكبر من هذه العمليات هي لأجل حماية مصالحنا ومصالح شعبنا، وبأن الدفاع عن مصالح الأمريكان والغرب لا يشكل واحد بالمائة، فهل هؤلاء الوحوش قادرين أساساً على الوصول لأمريكا وخاصةً بعد أحداث سبتمبر أيلول 2001؟
فعلاً الاستغباء باتت صفة الكثيرين ممن يعملون حتى في المجال الثقافي والفكري بحيث يأت من ينسى كل عمالة وخيانة أشخاص وجماعات، بل يتناسى ظروف الحرب القاسية وكل التضحيات التي قدمتها قوات الحماية والمرأة، وبعدهما قسد، ويتحدث عن بعض الانتهاكات والجرائم التي كلنا غير راضين عنها، بل حتى الأطراف المتورطة ومن الجهتين غير راضين عنها بحيث وصل الأمر إلى تقديم نوع من الاعتذار مع أن وكما أسلفنا وقلنا؛ بأن ظروف الحرب خلقت تلك البيئة الغير طبيعية، ثم ليس فقط طرف يتحمل المسؤولية؛ يعني الطرف “الضحية” هو الآخر وقف في الضفة الأخرى من صراع الأجندات. طبعاً لا نبرر، بل نوضح بأن كانت هناك ظروف غير طبيعية خلقت تلك الأحداث المؤلمة وللأسف.
ثم ما هذا النفاق والإزدواجية في القراءة والموقف بحيث تحمّل وزر وتبعات الاقتتال الأخوي لطرف قوات الحماية وقائدها عبدي ودون أن تذكر الأسباب والدوافع التي تقف خلف تلك الأحداث وتتناسى أن تحمّل جزء ولو يسير من المسؤولية على الطرف الآخر وهو الشريك في تلك الوقائع والأحداث المؤلمة، والأهم والفاضح في نفاق وإزدواجية الموقف لهؤلاء تجد الواحد منهم يحمّل قسد تبعات تلك الصراعات والتي راحت نتيجتها عدد من الضحايا، بينما يتغاضى الطرف عن حروب واقتتال أخوي آخر حدث في أجزاء كردستان أخرى وراحت آلاف الضحايا نتيجتها، لا وبل يمجد بقيادات تلك الأحزاب أو بعضها على الأقل.. يعني بحسب الإرتزاق أو الولاء تكون المواقف والإدلاء بالآراء وأخذ المواقف من هذا الزعيم أو الآخر مثلاً؟!
وأخيراً هذه السردية يلي كل مرة يخرجون بها، بخصوص حكاية “خطف القاصرين”، ويحاولون من خلالها الطعن بالإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، وصولاً لشخصية مظلوم عبدي مؤخراً وتحميله مسؤولية هذه “الانتهاكات”، بل وتهديده بالمحاكم الدولية مع أن قسد ليس بوارد تجنيد القاصرين وهي موقعة مع المنظمات الدولية بتحريم ذلك وعلى استعداد لأن تكشف كل سجلاتها، وبالتالي تبقى قضية أو إشكالية ما يعرف بوجود منظمة شبابية؛ “جوانن شورشگر” مرخصة وهي المتهمة ب”خطف” هؤلاء القاصرين وبذلك تكون الإدارة الذاتية ومؤسساتها السياسية والإدارية هي من تتحمل مسؤولية إيجاد حل للمشكلة وليس قائد قوات قسد.. وللعلم لا يتم خطف أحد، كما يدعون، بل إقناعهم بالالتحاق بأحد مراكزهم التدريبية، فقل غسل دماغ يمكن، أما خطف فهي كذبة فاضحة.
آخر الكلام؛ لست بوارد الدفاع عن شخصية مظلوم عبدي ولا أي شخص قيادي آخر، كوني ضد قضية تمجيد الأشخاص كمبدأ أخلاقي وسياسي، لكن أن يأت بعض مدعي الوطنية والإنسانية وهو يريد أن يتاجر بقضايا كبيرة عن الحرية والكرامة وحقوق الانسان، بل والدعوة لحرية واستقلال كردستان وهو الذي قال يوماً؛ بأن “ظفر بنتي بيسوى كل روجآفاك”م، فأعتقد إنه ينافق بوطنية زائفة وادعاء كاذب عن الحرية والكرامة، كون من ضحى بحياته هو من حقق لنا بعض الكرامة وليس من يبيعنا الكلام عن الحقوق والوطنيات الخلبية.
وللعلم لست من دعاة الحرب، بل دعوت عدد من المرات المنظومة العمالية إلى اللجوء للنضال السلمي حيث الظروف تغيرت عما سبق وبات الكفاح المسلح لا يجدي الكثير من النفع، بل وأحياناً يجلب لشعوبها المآسي والكوارث، كما حال حماس، وتعرضت حينها لشتائم ومسبات من أصحاب الرؤوس الحامية داخل المنظومة، نفس هؤلاء الذين يمجدون بالسلم فقط لأن زعيمهم أوجلان دعى لها، لكن بنفس الوقت علينا أن لا ننسى؛ بأن ليس شعبنا ولا قواتنا ولا عبدي من يدعو للحرب وتقديم القرابين على مذبحها، بل الآخرين يريدون ذبحنا وتهجيرنا مما تدفع بشعبنا وقواتنا للدفاع عن نفسها، فأي تحميل لمسؤولية هؤلاء على طرف الضحية بدل الجاني هي الخيانة الوطنية وترويج لدعايات الأعداء وليس هي فقط غباء وحماقة سياسية وطنية.
أيضاً بالمناسبة ولعلم هؤلاء السفهاء الذين يتاجرون بقضية “تجنيد القاصرين” وهي كذبة من الأساس، كما وضحنا، نقول؛ بأن في أغلب ثورات الشعوب المغلوبة على أمرها مثل شعبنا الكردي، فإن الأطفال أيضاً شاركوا بحمل السلاح وأغلب هؤلاء كانوا وما زالوا يصفقون لتلك الثورات وتضحيات شعوبها، لكن فقط تصبح مشكلة إنسانية إن ألتحقت قاصر بنضال شعبنا، وهنا مرة أخرى يكشفون عن خيانتهم وعمالتهم وهم يروجون لأسطوانة الأعداء بهذا الخصوص أو على الأقل يكشفون عن حجم حقدهم وغبائهم المعرفي والسياسي والأخلاقي معاً وللأسف
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=66831