إسطنبول، تركيا – اعتقلت السلطات التركية، فجر الأربعاء، رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض، بتهم تشمل الفساد، التلاعب في المناقصات، تزعم منظمة إجرامية، ومساعدة حزب العمال الكردستاني.
ويأتي الاعتقال في توقيت حساس، حيث كان الحزب على وشك ترشيح إمام أوغلو لمنافسة الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأفاد مكتب المدعي العام في إسطنبول أن التحقيق الأول يشمل 100 شخص، بينهم صحفيون ورجال أعمال، يُشتبه في تورطهم في أنشطة إجرامية مرتبطة بمناقصات البلدية، بينما يركز التحقيق الثاني على اتهامات بمساعدة حزب العمال الكردستاني.
وشملت المداهمات اعتقال نحو 100 شخص آخرين مرتبطين بإمام أوغلو، بينهم رؤساء بلديات وسياسيون والصحفي المعارض إسماعيل سايماز.
ويأتي الاعتقال بعد يوم من إعلان جامعة إسطنبول إبطال شهادة إمام أوغلو العلمية في إدارة الأعمال التي حصل عليها عام 1995، بسبب “الغياب وخطأ واضح”، وهو قرار وصفه رئيس البلدية بـ”غير القانوني”. وفي حال تأييد القرار، سيُمنع إمام أوغلو من الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 2028، والتي قد تُجرى مبكرًا إذا قرر أردوغان الترشح مجددًا.
أثار الاعتقال موجة من الغضب بين أحزاب المعارضة، حيث وصف أوزغور أوزيل، رئيس حزب الشعب الجمهوري، الحادثة بأنها “انقلاب مدني” ضد إرادة الشعب، معتبرًا أنها محاولة لعرقلة ترشيح إمام أوغلو. واتفق معه زعيم حزب الجيد القومي، مساوات درويش أوغلو، واصفًا الاعتقال بأنه “محاولة للقضاء على النظام الدستوري”. كما اعتبر رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش أن هذه الإجراءات “غير مقبولة” في دولة تحكمها سيادة القانون.
من جهته، دعا حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (ديم – الكردي) إلى اجتماع استثنائي في ديار بكر، ووصفت الرئيسة المشاركة تونجاي باكيرهان الحملة بأنها “هجوم على الديمقراطية”.
بينما حذرت تولاي حاتم أوغلاري من أن هذه العملية “ترفع التوتر والاستقطاب الاجتماعي إلى مستويات خطيرة”.
في المقابل، دعا زعيم حزب الحركة القومية وحليف أردوغان، دولت باهتشلي، إلى احترام القرار القضائي، معتبرًا أن وصف الإجراءات القانونية بـ”الانقلاب” هو “فساد سياسي”.
إجراءات أمنية مشددة
شهدت إسطنبول انتشارًا أمنيًا مكثفًا، حيث أظهرت لقطات بثتها قناة “سي إن إن ترك” وجود العشرات من قوات الشرطة أمام منزل إمام أوغلو أثناء تفتيشه. وأصدر مكتب حاكم إسطنبول قرارًا بحظر التجمعات والاحتجاجات لمدة أربعة أيام، مع إغلاق عدد من الشوارع والطرق الرئيسية.
كما أفادت منظمة NetBlocks بأن الحكومة قيّدت الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي مثل “إكس”، “إنستغرام”، “يوتيوب”، و”تيك توك”.
في مقطع فيديو نشره على منصة “إكس”، أكد إمام أوغلو أنه “لن يستسلم” وسيواصل الصمود أمام الضغوط، واصفًا وجود مئات الشرطيين أمام منزله بـ”الاستبداد”. وفي رسالة صوتية نقلها محاموه، اتهم أردوغان بتدبير القضية ضده، مؤكدًا أن “الأمة ستحاسب هؤلاء أمام العدالة”.
Millet iradesine darbe vuruluyor. pic.twitter.com/waXHu23ZVN
— Ekrem İmamoğlu (@ekrem_imamoglu) March 19, 2025
يُعتبر إمام أوغلو (54 عامًا) أحد أبرز السياسيين المعارضين في تركيا. وُلد في طرابزون عام 1970، وتخرج من جامعة إسطنبول بشهادة في إدارة الأعمال، ثم حصل على ماجستير في الإدارة. بدأ مسيرته السياسية مع حزب الشعب الجمهوري قبل 17 عامًا، وتولى رئاسة بلدية بيليك دوزو في 2014، قبل أن يفوز برئاسة بلدية إسطنبول في 2019، منهيًا سيطرة حزب العدالة والتنمية على المدينة منذ 2002. وأُعيد انتخابه في مارس 2024 بنسبة 51.14% من الأصوات.
سبق أن واجه إمام أوغلو تحقيقات وقضايا عدة، أبرزها حكم بالسجن لمدة عامين و7 أشهر في 2022 بتهمة “إهانة” أعضاء اللجنة الانتخابية العليا، مع حظر مزاولته الأنشطة السياسية، وهو حكم استأنفه. كما واجه اتهامات في 2019 بعد وصفه الذين ألغوا الانتخابات البلدية الأولى بـ”الحمقى”، مما أدى إلى دعوى قضائية ضده.
تتيح الاتهامات الموجهة لإمام أوغلو لوزير الداخلية التركي علي يرلي كايا إقالته من منصبه وتعيين مسؤول حكومي بديلًا حتى انتهاء الإجراءات القضائية. ومع تصاعد التوتر السياسي، يبقى مصير إمام أوغلو ودوره في الانتخابات المقبلة محل متابعة، وسط مخاوف من تأثير هذه التطورات على الاستقرار السياسي في تركيا.
وكالات
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=65736