الخميس 17 تموز 2025

الكرد والمؤامرات الدولية

بير رستم

كردستان حقيقيةً هي ضحية المصالح والمؤامرات والاتفاقيات الدولية، طبعاً هنا لا نقول جديداً حيث بات الجميع يدرك هذه الحقيقة، لكن ما نود هنا توضيحه هو كل من الدور الروسي السوڤيتي وأمريكا في اللعب بالقضية الكردية، وتحديداً في ملف كرد جنوب كردستان -إقليم كردستان الحالي- وذلك استناداً إلى شهادة السياسي العراقي؛ أحمد الچلبي، للدكتور حميد عبدالله في برنامجه “شهادات خاصة” حيث يقول السيد الچلبي وبما معناه؛ أن الروس صحيح ساهموا في توقيع إتفاقية آذار بين البارزاني الأب والقيادة العراقية عام ١٩٧٠م، لكن وبعد اتفاقية التعاون بين العراق والاتحاد السوفييتي وذلك في عام ١٩٧٢ تخل السوڤييت، مثل كل مرة، عن دعمهم للكرد، وكذلك انقلبت القيادة العراقية على اتفاقية آذار بعد أن فقد الكرد داعمهم الدولي؛ الاتحاد السوفييتي، مما أجبر الكرد والبارزاني للبحث عن داعم جديد لقضاياهم الوطنية.

وهنا جاء دور الأمريكان حيث كان التقارب العراقي السوڤييتي وتوقيعهم لاتفاقية الصداقة والتعاون، والتي سبق وذكرناها، قد تسببت بقلق للإدارة الأميركية وإيران؛ حليفتهم في المنطقة حينذاك، مما جعل كيسنجر؛ وزير خارجية أمريكا، أن يوعز لشاه إيران؛ محمد رضا بهلوي، بأن يدعم القضية الكردية. وفعلاً بدأت إيران تقدم الدعم المادي واللوجستي للحركة الكردية بقيادة البارزاني وجعلتها تحقق نجاحات عسكرية على حساب الجيش العراقي. وهنا بدأت العراق تبحث عن سبل لإنقاذ نفسها، فوجد الأمريكان الفرصة سانحة وألتقى كيسنجر مرة أخرى بشاه إيران، وهذه المرة في سويسرا، وبعد لقائهم ذهب شاه إيران للجزائر وتم توقيع اتفاقية بينهما في ٦ آذار من عام ١٩٧٥ وبرعاية الرئيس الجزائري بومدين وحضور صدام عن الجانب العراقي، وبموجبها تنازلت العراق لإيران عن شط العرب، مقابل إيقاف الدعم عن القضية الكردية.

وهو ما تمّ فعلاً حيث وللأسف تمت المؤامرة الدولية الثانية خلال أقل من خمس سنوات حيث الأولى من الجانب السوفييتي وهذه المرة من الطرف الأمريكي وعلى إثرها أجهضت الثورات الكردية ولغاية تسعينيات القرن الماضي إلى أن كان غزو العراق للكويت لتعود وتتلاقى المصالح الأمريكية مع الطموحات الكردية، فكانت الانتفاضة بعد طرد العراق من الكويت ومن ثم منطقة الحماية الدولية على كردستان ولتتوج العملية بولادة إقليم كردستاني فيدرالي. لقد توقفنا عند هذه المحطة من تاريخ شعبنا لنقول للأصدقاء والأخوة المتابعين، وخاصةً مع ما نشهده من تحركات دولية في ساحتنا الشرق أوسطية؛ بأن هذه الدول لا تقدم خدماتها مجانياً، بل دائماً تطلب ما هو المقابل، وهذه طبيعة هذه الشعوب المادية حيث المال والاستفادة والمصالح هي ما تهمهم وخاصةً مع شخص مثل ترامب، وبالتالي هم لم ولن يأتوا ليعملوا لنا كردستان، لكن بنفس الوقت؛ فإن تحركهم نتيجة مصالحهم أحياناً تتوافق مع مطالبنا ومطامحنا، وهنا يأتي دور السياسي المحنك وكيف يستفيد من الظروف الإقليمية والدولية.

نأمل أن نفهم السياسة بطريقة واقعية عقلانية لكي نعرف كيف نلعبها بطريقة صحيحة ولفهم ذلك، علينا أولاً أن نقرأ التاريخ ونستفيد من تجاربنا ومن تجارب الإخري، وإلا فإننا سوف نقع في أخطاء الماضي دائماً.. هي رسالة للقيادات الكردية الحالية.