السبت, يوليو 27, 2024

نُشر في: 4 مارس، 2024

حقوق الإنسانرئيسي

تقرير صادرعن المكتب الحقوقي وتوثيق الانتهاكات في لجنة مهجري سري كانيه/ رأس العين و المتعلق بالانتهاكات الجسيمة بمافيها انتهاك حق الملكية والجرائم التي أرتكبت في منطقة سري كانيه / رأس العين و اريافها على مدار السنوات السابقة من الاحتلال

نص التقرير

سوريا: سري كانيه/رأس العين نرصد لكم في هذا التقرير تورط الدولة التركية بكافة أجهزتها الأمنية والعسكرية والفصائل المدعومة من قبل الأحتلال التركي والتابعة للجيش الوطني السوري /المعارض بانتهاكات جسيمة بمافيها حق الملكية والجرائم التي أرتكبت في منطقة رأس العين / سري كانيه بعد العملية التركية التي سميت
“نبع السلام”

☐ ملخص تنفيذي:

خلطت العملية العسكرية التركية المُسمّاة “نبع السلام” التي بدأت في 9 أكتوبر من العام 2019 الأوراق في المشهد السوري، وأفرزت خارطة جديدة للنفوذ والسيطرة ربحت فيها
كافة الأطراف والدول المُتدخلة.
ووفقاً لإحصاءات وبيانات موثقة أصدرها المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد سيطرت قوات الاحتلال التركي والفصائل الموالية لها على مساحة تقدر بـ 4875 كم2, وفي الوقت نفسه، دخلت قوات النظام السوري إلى المنطقة وسيطرت على مساحة تقدر بـ 18821 كم2.
وتسببت العملية العسكرية التركية في كارثة إنسانية أخرى تضاف إلى سلسلة أزمات السوريين التي يعانون منها منذ 13 سنة، فقد تجاوز عدد الَمهجرين نتيجة تلك العملية العسكرية 300 ألف مدني نزحوا/هجرمن بلداتهم ومدنهم وقراهم في تل أبيض ورأس العين والدرباسية وعين العرب (كوباني)وعين عيسى ومناطق أخرى شرق الفرات عند الشريط الحدودي مع تركيا، وسط أوضاع إنسانية صعبة تعيشها المنطقة من التصاعد الكبير في أعداد النازحين ووجهتهم.

وشهدت المناطق التي خضعت لسيطرة فصائل “نبع السلام” انتهاكات مروعة وجسيمة واسعة، بداية من سرقة ونهب المنازل والاستيلاء على الممتلكات الخاصة بقوة السلاح مرورا باختطاف المواطنين والإخفاء القسري لطلب مبالغ مالية للإفراج عنهم وصولا إلى ارتكاب أبشع أنواع التعذيب بحق السكان الأصليين بحجة التعامل مع الإدارة الذاتية وفرض سياسة التتريك والتغير الديمغرافي وتغيير َمعالم المدن محاولة طمس هويتها التاريخية, ولم تكن الانتهاكات التي جرت على مدار هذه الاعوام لتصبح ممكنة لولا تغاضي المجتمع الدولي عن الانتهاكات التركية وانتهاكات الفصائل الموالية لها، بداية من غضّ الطرف عن العملية العسكرية التركية والانتظار عدة أيام حتى بدء مفاوضات الوساطة لوقف إطلاق النار، مرورا بالصمت على الانتهاكات اليومية التي تجري بحق المواطنين، ووصولا إلى الاعتداءات والاقتتال الداخلي والفشل الإداري للمناطق التي خضعت لسيطرة ما يسمى بـ”الجيش الوطني السوري”.
وإلى جانب سرقة متعلقات المواطنين وممتلكاتهم، شنت فصائل ما يسمى بـ”الجيش الوطني السوري” حملات مداهمة واعتقالات في قرى أسدية وأسدية شرقية وسفح وسلام عليك وتل خنزير ودهماء ضمن مناطق “نبع السلام”، إضافة إلى سرقة هواتف نقالة من المواطنين، كما تعمد تلك الفصائل إلى مداهمة المنازل في قرية قاطوف في ريف رأس العين (سري كانييه) الجنوبي ضمن مناطق “نبع السلام” بريف الحسكة, ومن بين الانتهاكات أيضا، إجبار مسلحي “فرقة الحمزات” الموالية لأنقرة أصحاب عدد من المحال التجارية على إغلاقها تحت تهديد السلاح، في مدينة رأس العين، وذلك بعد قيامهم بتوزيع منشورات ورقية في المدينة تطالب بالإضراب ضد المجلس المحلي في المدينة, وحاولت “فرقة الحمزات” إجبار أهالي “رأس العين” على الخروج بمظاهرات ضد المجلس المدني في مدينة “رأس العين” بسبب رفضه لهيمنتها على المعبر الحدودي مع تركيا.

هذه، بالطبع، ليست المرة الأولى التي يقوم بها الجيش التركي بعملية عسكرية في الأرض السورية؛ ففي أواخر فبراير/ شباط 2015، تقدمت قوة مدرعة تركية، مدعومة بقوات من المشاة، عبر الحدود التركية-السورية، وقامت بنقل ضريح سليمان شاه، جد مؤسس السلطنة العثمانية، من موقعه في عمق الأراضي السورية إلى موقع بالقرب من الحدود مع تركيا.

ولكن الواضح، على أية حال، أن العملية التركية في الشريط الحدودي مع سوريا كانت خطوة بالغة الخطورة، وتختلف إلى حدٍّ كبير عن عملية ضريح سليمان شاه, في المرة الأولى، لم يكن للعملية العسكرية علاقة بحسابات القوة في الساحة السورية، أما في عملية جرابلس، فقد حملت العملية أهدافًا ذات طابع استراتيجي، وتركت أثرًا ملموسًا على خارطة القوى في شمال سوريا.
وليس ثمة شك، في أن الموقف التركي الجديد من الحل السياسي للأزمة السورية، الذي أبلغت به الأطراف المعنية منذ مايو/أيار 2016، والذي أعلن عن تغيير موقف أنقرة من طلب تنحي الأسد منذ بداية المرحلة الانتقالية إلى القبول بوجوده خلال فترةٍ ما من المرحلة الانتقالية، قوبل بردِّ فعل إيجابي في موسكو وطهران.

وبقدر عال من اليقين، ودون شك أن الهدف النهائي للعملية هو إقامة منطقة على طول الشريط الحدودي غربي الفرات، من جرابلس إلى إعزاز، بطول سبعين وعمق عشرين كيلومترًا، ولا يمكن وصف هذه المنطقة بالآمنة تمامًا، لأن الطائرات الروسية يمكن أن تحلِّق في سماء المنطقة متى أرادت, ولكن وعلى اعتبار أن بطاريات الهاوتزر، المنتشرة في الجانب التركي من الحدود، يمكن أن تغطي ما يقارب الأربعين كيلومترًا من العُمق السوري، يمكن القول: إن الغرض العملية إقامة وحدات تركية على طول الشريط الحدودي واحداث تغيرات سياسية وديموغرافية.

وبالعودة الى مناطق سري كانييه/رأس العين و تل ابيض/كري سبي, وباعتبار ان عملية «نبع السلام» قلبت موازين القوى والتحالفات في شمال شرقي سوريا, فأنه على المجتمع الدولي أن يتحمل العبء الأخلاقي لوقف الانتهاكات التركية والفظائع التي ترتكبها الفصائل الموالية لتركيا تحت مرأى ومسمع السلطات التركية، التي بدا واضحا أنها تتغاضى بل وتوجه بتنفيذ تلك الانتهاكات بهدف إجبار من تبقى من السكان على الرحيل، لاستكمال عملية التغيير الديمغرافي التي تسعى تركيا لإنهائها سريعا.

التحليل القانوني:

بالرجوع للمادة 42 من اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية في أتفاقية لاهاي لعام 1907 يعتبر وجود تركيا في سوريا وسيطرتها الشاملة على أجزاء من الأراضي
السورية عقب عملية “نبع السلام” سواء بشكل مباشر أو من خلال الميليشيات التابعة لها.
ويتوضح في المادة 2 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 فأن مثل هذا الوضع يحكمه القانون الأنساني الدولي للنزاع المسلح
ومن خلاله فأن الانتهاكات المشار اليها في هذا التقرير والمرتكبة ضد المدنيين وممتلكاتهم داخل هذه المناطق المحتلة تشكل أنتهاكات واضحة للقانون الدولي الأنساني وفي معظم
الحالات انتهاكات جسيمة لأتفاقيات جنيف التي هي أيضا ترتقي لجرائم حرب.
المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة تلزم قوة الأحتلال بمسؤولية أمن وسلامة المدنيين في الأراضي المحتلة بالأضافة الى ذلك فالمادة 147 من هذه الأتفاقية تعتبر
“تدمير الممتلكات والأستلاء عليه على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق واسع بطريقة غير شرعية وتعسفية” تعتبر كلها انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف
بالأضافة لمسؤولية الدولة فأنها تستوجب عليها المحاسبة الجنائية للأفراد والقيادات المتورطة بارتكابها بحسب المادة 146 من نفس الأتفاقية
بالنسبة للحالات الموثقة في هذا التقرير من الاستيلاء على ممتلكات المدنيين بشكل تعسفي بالأضافة لكونها انتهاكآ جسيما لاتفاقيات جنيف كما ذكر. فهي تعتبر جريمة حرب استناداً للمادة 8(2)ب (١٣) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (اتفاقية روما لعام ١٩٨٨)وقد تم التأكيد على حظر هكذا انتهاك كأحد قواعد القانون الدولي العرفي التي تلزم كل الدول والجماعات والأفراد في النزاعات المسلحة الدولية وكذلك غير الدولية.بحسب القاعدة ٥٠ من قواعد القانون الدولي الأنساني العرفي أما عن عمليات النهب أو سلب الممتلكات الواردة في التقرير فهي تعتبر انتهاكا للقانون الإنساني الدولي بحسب المادة ٣٣ من اتفاقية جنيف الرابعة لعام ١٩٤٩ وتعتبر هذه الأنتهاكات جرائم حرب استناداً لميثاق المحكمة العسكرية الدولية (نورمبرغ) بحسب المادة ٦(ب) وكذلك كل المادة (٢)(ب)(١٦) من اتفاقية روما لعام ١٩٨٨المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية .وفيما يتعلق بحقوق الملكية للأشخاص النازحين فالمادة ٤٦ من بنود اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية في اتفاقية لاهاي لـ عام ١٩٠٧ تنص على أنه “لا تجوز مصادرة الملكية الخاصة “وكل نتائج النهب والتدمير لممتلكات هؤلاء المدنيين والممارسات التعسفية بحقهم تسهم بشكل مباشر في عملية نزوح وتشرد السكان المدنيين (بالتحديد في المناطق والأراضي المحتلة) وتعد انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني بموجب المادة ٤٩ من اتفاقية جنيف الرابعة إن تشريد المدنيين من قبل قوة الاحتلال او أي قوة تابعة له هذا من شأنه أن يعتبر جريمة حرب وفقا لميثاق المحكمة العسكرية الدولية وكذلك وفقاً لنظام روما الأساسي ويتبين من خلال جميع الانتهاكات المذكورة في التقرير بأن تلك الانتهاكات تتم بشكل ممنهج وعلى نطاق واسع ومن خلال ذلك يجب على تركيا أن تكون ملزمة قانونياً بأحترام جميع التزاماتها الدولية وجميع معاهدات القانون الدولي لحقوق الإنسان التي تبقى سارية وقيد التطبيق حتى في حالات النزاعات المسلحة وكذلك خارج حدودها بما في ذلك بحالات الاحتلال بما يتعلق بمعاملة المدنيين وممتلكاتهم التي من الواضح انها تحت سلطة الدولة التركيا بحكم الواقع لذلك فأنها مسؤولة بشكل مباشر عن كافة الأنتهاكات والجرائم الآنفة ذكرها.عليها فأن الدولة الركيا ملزمة بوضع حدا لتلك الممارسات والجرائم المرتكبة بحق المدنيين وممتلكاتهم
الخاصة في الأراضي المحتلة من قبلها.كما يجب أن تتحمل كامل مسؤولياتها في حماية المدنيين وممتلكاتهم في الاراضي التي قامت باحتلالها

منهجية التقرير:

يعتبر المسح الديموغرافي أحد أهم مصادر البيانات اللازمة للتخطيط التنموي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية على المستويين الدولي والمحلي، وتكمن أهميتها في أنها توفر بيانات تغطي الفترات الطويلة نسبيا بين تعداد وآخر، و يمكن من خلاله دراسة العديد من الظواهر الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية بتفصيل أدق مما يتاح في تعدادات السكان، نظرا لأن تعدادات السكان تعتمد على الحصر الشامل لجميع الأسر, أما في البحوث الديموغرافية فأنها تتسم بأسلوب العينة لأسر مختارة بطريقة علمية، بالإضافة إلى دراسة بعض الظواهر الديموغرافية والاجتماعية الأخرى .
تم العمل على هذا التقرير بعد رصد 30 حالة من المهجرين قسرا وبعد التيقن القانوني حول حقوق الملكية ومن ضمنها حقوق الاستخدام, وتوثيق جميع انتهاكات الملكية حقوق الملكية ومعرفة السياسات التي حدثت فيها تلك الانتهاكات
ولغرض هذا التقرير تم ادراج شهادات بعض الاشخاص الذي تمت مقابلتهم, والاقتباس منها, حيث كان الاشخاص الذين تمت مقابلتهم, قادرين بشكل تفصيلي على التحدث عن حالة منازلهم وارضهم وممتلكاتهم, وايضا نقل شهادات معارفهم من رأس العين/سري كانيه
شهادات بعض الاشخاص
“احمد الاحمد/اسم مستعار” (المصدر رقم1)، من مواليد مدينة رأس العين/سري كانيه زار هو الآخر المدينة بعد النزوح منها، نتيجة العملية العسكرية التركية. كان لديه محل لبيع قطع التمديدات الصحية والدهانات في سوق المدينة، قال في شهادته لنا ما يلي:”بعد سيطرة القوات التركية والفصائل التابعة لها على المدينة، خاطرت بحياتي وقمت بزيارة المدينة، حيث بقيت فيها مدة ٣أيام. وزرت المدينة وشاهدت جميع المحلات منهوبة ومسروقة. حاولت الوصول ل محلي حيث شاهدته وهو فارغ تماماً من بضاعة كانت تقدر بحوالي20ألف دولار. وعدت دون استفادة”
وبحسب “احمد الاحمد” فأن فرقة السلطان مراد، هي التي قامت بالاستيلاء على محله التجاري وعشرات المحال الأخرى، في حي السوق. وأكد الشاهد أن لباسهم العسكري كان مكتوباً عليه (السلطان مراد) مع وجود علم تركيا على لباسهم العسكري .

“سلمى/اسم مستعار” (المصدر رقم2)، من مواليد مدينة رأس العين/سري كانيه زارت هي ونساء من جيرانها المدينة بتاريخ ٢٧ تشرين الأول (أكتوبر ۲۰۱۹ بعد النزوح منها، نتيجة العملية العسكرية التركية حيث قالت في شهادته لنا ما يلي:”عند وصولنا لأول حاجز للجيش التركي والفصائل السورية المسلحة (عند منطقة العالية) أنزلوالرجال وفتشوهم واخذو هواتفهم وطالبو جميع الركاب بدفع مبلغ 3ألف ليرة سورية للسماح لنا بالدخول عند وصولي للمدينة ذهبت للأطمئن على بيتي شاهدت الباب مخلوع والمنزل منهوب ومسروق بالكامل”

( الحاج عبد الكريم) , (المصدر رقم3) احد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم من قبلنا , والذي سرد جزئا من قصته كونه احد نازحي المدينة الموجودين في محافظة الحسكة و احد المزارعين المعروفين المنطقة , حيث قال : ( بعد انتهاء المعارك و احتلال المدينة عدت إليها مرة أخرى والخوف يمتلكني , لقد كان الطريق طويل و مرعب و رغم كبر سني كانت عناصر الحواجز المنتشرة على طول الطريق الواصل للمدينة , يقومون بإهانتي بشكل متعمد وكان باستقبالي احد الأصدقاء من قرية ( تل حلاف ) وهناك عن طريق بعض الأشخاص ( رفض ذكر أسمائهم ) تواصلنا مع قائد فصيل مسلح و اتفقنا على مبلغ قدره ( 6 الآف دولار أمريكي ) مقابل إعادة الجرار الزراعي (نوع فولفو) مع ملحقاته من المعدات الذي يخصني و هو ملكي الشخصي , و في الليلة التالية وبحلول المساء علمنا انه سوف يتم مداهمة المنزل الذي كنت فيه بقرية تل حلاف و ذلك لابتزازي و اخذ المال الذي بحوزتي ثم طردي من المدينة وبمساعدة صاحب المنزل ( ح , ق ) قام بإخراجي من المدينة إلى مدينة الرقة إلى أن وصلت الحسكة خائبا دون جدوى.

(أ-أ) (المصدر رقم4) والتي أمتنعت عن ذكر أسمها وهي أمرأة في العقد الخامس والتي سردت جزءاً من قصتها كونها أحدى نازحات المدينة القاطنين في مدينة الحسكة ،حيث قالت “بعد أن نزحنا بنفس ليلة الهجوم على المدينة نزحنا مع أفراد عائلتي إلى الحسكة وسكنا في مدرسة (محمود النايف) في تل حجر والتي يقطن فيها النازحين أتفقتُ مع بعض النسوة من مدينة رأس العين على العودة إلى المدينة لتفقد منازلنا وبتاريخ ١٢/شباط/٢٠٢٠م ركبنا حافلة تقلنا من الحسكة إلى رأس العين وأتذكر جيداً أن السائق كان من المكون العربي من رأس العين يعمل على حافلته لنقل الركاب ودفعنا كل شخص مبلغ ٤٠٠٠ل.س وكان عددنا (١٠) عشر نسوة انطلقنا حوالي الساعة (٦ صباحاً ) كان الخوف بادياً على وجوهنا جميعاً من القصص التي رويت عن المدينة لكن رغبتنا بتفقد منازلنا كانت أقوى .حيث بعد خروجنا من تل تمر بأتجاه طريق العالية حذرنا السائق (صالح)بعدم التحدث باللغة الكردية، كان أول حاجز بعد السواتر الترابية هي قرية السوسة قاموا بأنزالنا لتفتيش الحافلة والذي تقدم ألينا وطلب البطاقات الشخصية كان في العقد الثاني طويل القامة ذو شعر كثيف وذقن طويلة لباسه أفغاني ويتحدث اللهجة الأدلبية. كان يقف حوله حوالي (٨)أشخاص بنفس اللباس مدججين بالسلاح ويحيط بهم عربات تحمل أعلام تركية .لن أنسى سؤالهم لنا عندما قالوا من منكن كرديات ،علماً أننا كلنا كرديات سوى سائق الحافلة (صالح) حيث جاوبت أمرأة مسنة كانت معنا قالت أننا كرديات هنا جاوبها الشخص الذي حمل البطاقات الشخصية أين الرجال ،لماذا لم يأتوا معكم أم أنهم خائفون ،هنا أزداد الخوف ولم نستطع الأجابة بشيء وبعد وقوفنا لأكثر من ساعة ،غادرنا الحاجز كان الطريق ترابي وطويل بين القرى كان المنظر مرعباً خالياً حتى من الحيوانات سوى أصوات الأسلحة من بعيد وعربات الجيش التركي ،بعد عبورنا لعدة حواجز بين القرى وبنفس طريقة معاملة الحاجز الأول وصلنا لحاجز قرية (تل ذياب) ذو السيط السيء آنذاك ، لاحظت وقتها أن أغلب النسوة الذين برفقتي أسمعهم يقرأون آيات قرأنية ويتشهدون،إلا (ل.ب) التي بدأت تبكي بصوت عالي من الخوف وبدأت تستفرغ عند الحاجز قمنا بطلب القليل من الماء لها حيث أنفق الماء الذي معنا على الطريق،قام العنصر بالضحك وجملته التي لن أنساها (لا تخافو ما رح تموت ) نزلنا جميعاً عند الحاجز أدخلو السائق (صالح) لغرفة التفتيش مع هوياتنا الشخصية وبعد تفتيش الحافلة قاموا بتسجيل أسمائنا ومكان السكن وإن كان لدينا أبناء عملوا سابقاً مع قوات سوريا الديمقراطية حيثُ جاوبنا جميعاً بالنفي كانوا ٤ أشخاص ذو شعر كثيف بلباسهم العسكري يشربون الشاي بجانب الحاجز يعلوهم علم الجيش الوطني السوري وفي الطرف الأخر من الحاجز قهقهات الجنود بأحدى البيوت القريبة ،خرج السائق (صالح) من الغرفة نحونا وتحدث ألينا قائلاً أنه علينا أن ندفع لهم مبلغاً لنعبر بسرعة حيث قمنا بدفع (٥٠٠٠)خمسة آلف ليرة سورية لكل واحدة منا ومجموع المبلغ كان (٥٠٠٠٠) خمسون ألفاً اخذ (صالح) المبلغ وعند خروجه منالغرفة كان برفقته شخص طويل ذو شعر وذقن شقراء ويلبس قبعة على رأسه ويحمل مسدساً على خصره ،بدأ يسأل إن كنا نحمل هواتف معنا (هواتف ذكية ) وبدأ يهددنا بأنه سوف يقوم بتفتيشنا بنفسه ،هنا قامت (شمسة .م ) وهي في العقد السادس قالت له “عيب عليك كلنا نسوان وقلنالك مافي معنا هواتف “لأننا تركنا الهواتف في الحسكة بناءً على كلام أشخاص ذهبوا إلى المدينة سابقاً بأن الحواجز تصادر كل الهواتف ،عندها توجه هذا العنصر الى السائق (صالح ) قائلاً: خذهم بسرعة قبل أن أقتلكم جميعاً ،عدنا مسرعين الى الحافلة وكلنا خوف من تلك المناظر المرعبة ،كنا كلما نقترب من المدينة نلاحظ الدخان تشكل الضباب فوق المدينة وأصوات الرصاص بشكل متفرق ،قالوا وقتها هناك كتائب تتقاتل فيما بينها دون معرفة السبب ،دخلنا المدينة كانت مدينة أشباح ،مشبعة برائحة الموت من كل جهة،توجهنا إلى قرية (تل حلف) المحاذية للمدينة لنبقى في منزل (م. ح) حيث تربطهم مع (شمسة. م) صلة قرابة ،كان الوقت بعد صلاة العصر ،قاموا بأستقبالنا وتجهيز الطعام لنا ،رغم الجوع والتعب لم نستطع أكل شيء من الخوف والأصوات في الخارج ،حيث جلس معنا صاحب المنزل مع زوجته وبناته كانوا طيبين جداً قالوا لنا أنه سيذهب معنا غداً صباحاً مع زوجته لتفقد منازلنا واحداً واحداً علماً أننا جميعاً نسكن بحي واحد وحاراتنا مجاورة لبعضها، وفي اليوم التالي جاء صاحب المنزل (م-ح) بحافلة (فوكس) تعود لأبن عمته ركبنا جميعاً وتوجهنا نحو مركز المدينة، كان الشارع العام فارغاً من المارة سوى بعض الأشخاص الغرباء عند مدخل حيينا (شارع خولة بنت الأزور) المحاذي (لمدرسة عبد الرحمن الغافقي ) كان المدخل مغلقاً بأحجار الحواجز الأسمنتية ،إضطررنا للنزول والسير مشياً نحو منازلنا كان كل شيء يبدو غريباً وأبواب أغلب منازل الحي مفتوحة ،كانوا قد قاموا بحرق منزل جارنا،علمنا أن المسؤول عن حيينا هو المدعو (أبو محمد ) قائد كتيبة (أحرار الشرقية ) وأنه قد تم تقسيم المدينة بين الكتائب كل كتيبة مسؤولة عن حي .حيث أنه علينا طلب الأذن منه ليسمح لنا بالدخول إلى منازلنا (كان ابو محمد مع عناصره يقطنون في بيت عمنا المكون من طابقين عند مدخل الحي ) قال أحد عناصره أنه علينا الأنتظار لأنه نائم وبعد أكثر من ساعة ونحن في الشارع خرج شخص طويل الشعر والذقن متوسط الطول كان هو أبو محمد تحدث معه (م-ح ) ليسمح لنا بالدخول إلى منازلنا وبعد الرفض وتهديده بحرق منازلنا إن لم نرجع قام (م-ح) بعرض مبلغ (١٥٠٠٠) خمسة عشر ألف لكل واحدة منا بعد الموافقة سمح لنا بالدخول لساعتين فقط برفقة عنصرين من عناصره يبقوا واقفين أمام المنزل وعدم السماح بأخذ شيء سوى الملابس ،دخلنا منزلنا كان أغلب الأدوات الكهربائية مسروقة والأبواب مكسرة وكانت البومات الصور مكومة مرمية في باحة المنزل وكان المنزل بحالة فوضى ومتسخ جداً، لم يكن هناك شيء لنضع فيه ملابسنا سوى الستائر المقطوعة قمنا بوضع ماتبقى من ملابسنا فوقها وربطها ووضعنا بعض الصور بين الملابس ،وخرجنا بعد أن طلبوا منا المغادرة وأنه قد انتهى الوقت المخصص لنا وإن كنا نرغب بأخذ أغراض المنزل المتبقية علينا أخذ ورقة موافقة من المجلس العسكري ،عدنا لـ قرية (تل حلف ) وفي صباح اليوم الثالث أنطلقت بنا الحافلة إلى مدينة الرقة ومنها إلى الحسكة حيث الطريق الأول كان مغلقاً بسبب الأشتباكات ،علمنا بعد عدة شهور بأذن المدعو (أبو محمد ) قائد كتيبة (أحرار الشرقية ) قد قام ببيع منزلنا مع كامل محتوياته المتبقية إلى عائلة الملقب بـ (الشيباني )
هذه المشاهدة لعشرة نسوة كانت الحالة مشتركةومشابهة…

يتبع…

شارك هذا الموضوع على