رغم مرور 50 عاما على رحيله، لايزال الفنان الكردي حسن زيرك الذي حمل بين أنغامه آلام شعب بأكمله، وأحلامه ، وأمله العميق في الحرية والسلام حاضرا في ذاكرة الأجيال، ولا يزال صوته ينبض بالحياة في قلوب أبناء شعبه، وتحول إلى رمز للفن المقاوم والمعبر عن الوجدان الكردي.
في مثل هذا اليوم، 26 حزيران من عام 1972، رحل الفنان الكردي حسن زيرك عن عالمنا، لكن صوته ما زال حياً في ذاكرة كل من سمعه، فرغم مرور 53 عاماً على رحيله، ولا تزال أغانيه تبث الدفء والحنين في القلوب.
ولد حسن زيرك في 2 تشرين الثاني 1921 في قرية هرميلة التابعة لمدينة بوكان بشرق كردستان، حاله حال الكثير من أبناء جيله، عاش الفقر منذ نعومة أظفاره، فاضطر لترك مقاعد الدراسة مبكراً، والعمل لتأمين لقمة العيش، ومع ذلك، لم تفارقه الموهبة ولا الحس الفني الذي وُلد معه، فكان صوته سلاحه ورسالة حبه لوطنه.
بدأت رحلته مع الغناء في بغداد، حيث سجل أولى أغانيه عام 1953، وانتشر صوته سريعًا عبر الأثير، وخلال مسيرته، سجل أكثر من 75 أغنية في بغداد، ثم عاد إلى إيران ليساهم في إثراء إذاعة كردستان في طهران بـ 83 أغنية أخرى، أما في إذاعة كرمانشاه، فيروي الموسيقار مجتبى ميرزاده أن زيرك سجّل ما يقرب من 100 أغنية من أصل 150 عملاً موسيقياً.
رغم تنقله المستمر بين المدن والقرى – من طهران إلى بغداد، ومن كرمانشاه إلى مهاباد – لم يتوقف زيرك يوماً عن الغناء، سواء في الاستوديوهات أو في الجلسات الخاصة والمناسبات العامة، كان صوته حاضراً دائماً، يحاكي معاناة الشعب الكردي، ويفيض بالشجن والحنين، كما كان مرآةً لروحه المتعبة.
ورغم المحبة التي حظي بها، لم يخف زيرك خيبة أمله في قلة التقدير لفنه، إذ قال في إحدى تسجيلاته:
“الفن في كردستان لا يُقدّر، والفن لم يجلب لي سوى التعب والمعاناة.”
في أغانيه، رسم زيرك صورة مشرقة للمرأة الكردية، واحتفى بها بكل احترام وجمال، كما احتضنت كلماته الطبيعة الكردية، فذكر الجبال والوديان والقرى والمدن، ليضفي على فنه بعدًا مكانيًا وروحيًا لا يُضاهى.
في عام 1971، داهمه مرض سرطان الرئة، وبعد عام من الصراع، توفي في 26 حزيران 1972، ودفن – بناءً على وصيته – في مسقط رأسه بمدينة بوكان.
لم يعرف زيرك طعم الراحة، فقد عانى كثيرا في حياته، سجن مرات عدة، لكنه لم يتخل عن صوته ولا عن رسالته، لم يكن مغنياً فحسب، بل مؤلفاً وملحناً بالفطرة، وأسّس مدرسة فنية لا تزال تؤثر في الأجيال حتى اليوم.
كان زيرك حاضراً في كل فرح كردي، وصوته يصدح في احتفالات نوروز، وأغنيته الوطنية “ئهم ڕۆژی ساڵی تازەیە” لا تزال تتردد يومياً في البيوت والشاشات الكردية، عاش عصاميا، وترك إرثاً من الحب والنقاء في قلوب الملايين.
وفي ذكرى رحيله الأليمة، نهمس في آذان مؤسساتنا وقلوبنا: لا تنسوا كنوزكم، فالشعوب العظيمة تخلّد مبدعيها، وتفخر بتراثهم.
في هذا اليوم، نهدي لحسن زيرك وردود الوفاء، وكلمات تمسح غبار النسيان عن شاهدة قبره في بوكان، ليبقى صوته، كما كان دومًا، خالدًا لا يمحوه الزمن.
المصدر: روج نيوز
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=71186