رسالة موجزة لمؤيدي ومعارضي الكردستاني

بير رستم

منذ أن أطلق أوجلان دعوته؛ ل”حل الحزب وإنهاء الكفاح المسلح”، والصحافة والنشطاء مشغولين بالمسألة كلٌ من موقعه وموقفه الأيديولوجي من الحركة حيث المؤيدين للحزب يريدون القول: بأن الحزب قام بدوره النضالي خلال المرحلة الماضية وأوصل القضية الكردية لمستويات ما كان يحلم به شعبنا بحيث بات الرفاق يناضلون دفاعاً عن القضية تحت قبة البرلمان التركي، وبالتالي قام بدوره النضالي وبما أن المرحلة والظروف باتت غير ملائمة للكفاح المسلح فقد ترك الساحة للعمل السياسي والبرلماني لجماعة حزب الشعوب الديمقراطية، بينما المعارضين له، وبالأخص أولئك الجالسين في حضن الاستخبارات التركية، وجدوها فرصة للطعن بالحزب والمزايدة سياسياً على نضاله التاريخي وبنوع من الغل والتشفي وهم يردّدون إسطوانتهم المشروخة عن “خيانة” الحزب للقضية والإضرار بها!

ولهؤلاء وأولئك نقول: هلق بربكم صدقتم؛ بأن الحزب سوف يحل نفسه وينتهي من الوجود والحياة السياسية ومعادلات المنطقة وهو الذي خلق أجيال من المناضلين الذين يحملون تلك الأيديولوجيا الذي عمل عليه الحزب خلال كل هذه السنوات؟! طبعاً لا حيث نضال كل تلك السنوات لن ينتهي بقرار حزبي أو سياسي وهذه ليست باختراع أو كشف لحقيقة غائبة عن الأذهان لدى كل من يتابع القضية وأولهم الاستخبارات التركية ودولتهم العميقة وكذلك ليست بخافية على كل من يقرأ السياسة بواقعية وعقلانية حيث الجميع يدرك؛ بأن الحزب والحركة لن ينتهي من الوجود بقرار من أي مؤتمر وبأن كل ما هناك هو تغيير في الأساليب والأدوات النضالية حيث أنتهى مرحلة العمل المسلح وباتت ظروف المرحلة تحتاج للعمل السياسي، وبما أن اسم الكردستاني أرتبط تاريخياً بالأعمال العسكرية والذي جلب لاحقاً صفة “الإرهاب”، نتيجة مصالح الأمريكان والأوروبيين مع تركيا، فبات ضرورياً البحث عن مخرج للمعضلة وجعل تركيا والمنظومة العمالية قادرتين على إيجاد حل سياسي للقضايا العالقة.

يعني وباختصار؛ تركيا والحزب ومعهم كل القوى تدرك بأن لا حل ولا انتهاء لدور الكردستاني على الساحتين المحلية التركية والشرق أوسطية، لكن هذه فرصة للطرفين بالدخول في المفاوضات السياسية وبما أن تركيا وعلى المستويين السياسي والشعبي تتحجج بمشكلة الكردستاني وما روّجت له خلال كل المرحلة الماضية ضدها، فكانت هذه حركة ذكية من الحزب بقناعتي ومناورة سياسية بحيث يفتح المجال للدخول في المفاوضات لحل القضية الكردية تحت قبة البرلمان وإعطاء المجال للرفاق من حزب الشعوب الديمقراطية بأخذ دورهم وزمام المبادرة.. يعني بصراحة ما بعرف كيف سيحل الحزب نفسه وهو الذي ربى كل هذه الأجيال، بل هو الذي دعى بداية القرن الحالي إلى أن يصبح لكل جزء كردستاني حركته وحزبه السياسي الخاص بذاك الجزء وحينها بات هناك حزب الاتحاد الديمقراطي في روژآڤا وحزب الشعوب الديمقراطي في شمالي كردستان (تركيا) وكذلك لباقي أجزاء كردستان الأخرى أحزابها الخاصة بها!

طبعاً عندما نقول الخاصة فذاك لا يعني الاستقلالية التامة، بل كانت تحت وصاية الكردستاني وهكذا كل ما في بالأمر؛ بأن تلك الوصاية سوف تنتهي دون أن ينتهي الحزب ولا أيديولوجيتها حيث من زرع تلك المبادئ والأفكار والقيم الوطنية والسياسية لا يمكن أن ينتهي بانتهاء اسم ما ولذلك الكردستاني وأيديولوجيته مستمرة ولو تحت مسميات عدة، مثلما يفعله الأبن في باكوري كردستان -ونقصد حزب الشعوب- والذي بات يغير اسمه عدد من المرات، لكن سياساته مستمرة بنفس المنهاج السياسي.. لا أعلم كيف يصدق البعض؛ بأن الكردستاني أنتهى وبنفس الوقت يقول: بأن حزب الشعوب الديمقراطي والاتحاد الديمقراطي والآخرين هم جزء من الكردستاني ، بل تركيا نفسها تحاكم ديمرتاش ورفاقه من حزب الشعوب بتهمة “الإرهاب الآبوجي”، يعني مجنون يحكي وعاقل يسمع.. نعم سيكون الغاء لاسم الحزب، لكن الحزب وسياساته باقية ولو بأساليب نضالية جديدة على الساحتين الكردستانية والشرق أوسطية.