غيفارا معو: الشعب الكردي بين مطرقة الجلاد وسنديان الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني
منذ فجر التاريخ يعيش الكردي حلم الدولة الكردية كغيره من شعوب الأرض لا بل بقي مع الشعب الأمازيغي الوحيد الذي لم يحلم بدولة أو وطن رغم التاريخ القديم للشعبين ولكن قد تكون ظروف الشعب الأمازيغي مختلفا تماما عن واقع الشعب الكردي رغم اشتراكهما بميزة الشعوب المضطهدة التي تم توزيع أرضها التاريخية بين دول أنشأت إبان الاستعمار القديم.
لن نعود إلى التاريخ القديم لنسرد انتكاسات الكورد كما يفعل الكثير من المثقفين والسياسيين الكورد ولكننا سنقف عند مرحلة ما بعد سايكس وبيكوي التي وقعت يوم 16 مايو عام 1916 حيث وضعت الأساس لقيام الدول القومية التي نراها اليوم في منطقة الشرق الأوسط وتعطيل حلم قيام دولة كردية مستقلة إلى يومنا هذا.
ثورة الشيخ سعيد بيران
الشيخ سعيد بيران أول من قاد ثورة مسلحة ضد كمال أتاتورك آنذاك للمطالبة بالحقوق القومية الكردية المشروعة التي وعد بها كمال أتاتورك بموجب اتفاقية سيفر في 1920/8/10 وثم تنصل منها ولقد بذل الشيخ سعيد جهودا جبارة في سبيل نشر العلم والمعرفة بين الكرد ومارس النشاط السياسي منذ تأسيس الجمعيات والمنظمات الكردية بين أعوام 1908-1923.
وكانت له صلات وثيقة مع العائلات الكردية الكبيرة كعائلة بدرخان بك وعائلة الشيخ عبيد الله النهري بالإضافة إلى الزعماء السياسيين المعاصرين له
تقدمت الثورة بشكل سريع على الأرض وألتف حولها الآلاف ولكن سرعان ما استطاعت الحكومة التركية وبمساعدة بعض رجالات الكرد الخونة القضاء على الثورة وإعدام قادتها.
حركة الشيخ محمود الحفيد البرزنجي
قامت عشية قيام الدولة العراقية أوائل العشرينيات من القرن الماضي والتي استمرت حتى عام 1931 ولكن بسبب تخاذل بريطانيا وتنصلها من وعودها للشيخ الحفيد والقضاء على المملكة واعتقال قادتها والحكم عليهم بالإعدام وبعد إسقاط المملكة قرر الحاكم البريطاني العام في العراق عزمه على منح الكرد وضعا خاصا يتيح لهم حكما ذاتيا ليتجنب عودة الاضطراب إلى المناطق الكردية مرة أخرى، وجاء هذا العزم البريطاني حتى قبل أن يستكمل البريطانيون تنظيم استفتاء عام بين أفراد الشعب العراقي على حكومة مركزية وطنية يرأسها الملك فيصل بن الحسين، واستشهد الحاكم العام البريطاني بنص المادة السادسة عشرة من لائحة الانتداب البريطاني على العراق التي جاء فيها “إنه لا يوجد في هذا الانتداب ما يمنع من تأسيس حكومة مستقلة إداري في المقاطعات الكردية”.
انتفاضة أورمية
إسماعيل آغا السكاكي الملقب بسمكو 1920 1925 ذروة الفكر الاستقلالي الكردي المعبر عن النهضة القومية الهادفة إلى تشكيل دولة كردية مستقلة وأصبح زعيم كردي بامتياز يقود جزءا مهما من حركة شعبه التحررية ونجح في إقامة علاقات كفاحية وإستراتيجية مع ملك كوردستان شيخ محمود الحفيد في السليمانية عام 1923 الأمر الذي يشير إلى تطلعات هذا الزعيم في إنشاء كوردستان الكبرى وعندما بات سمكو الشكاكي يشكل خطرا على المصالح القومية للشعب الإنكليزي في المنطقة، لجأت الدوائر الإنكليزية إلى شق الخلاف بين الكرد والآشوريين وانتهت اللعبة بقتل الزعيم الآشوري مار شمعون
لجأ سمكو آغا إلى العمق الكردستاني، حيث اتخذ من شمال رواندوز ملجأ لقواته. وواصل نضاله محرزا الانتصارات تلو الانتصارات على القوات الإيرانية والعراقية والتركية إلى أن دعي في 21 حزيران عام 1930 إلى مدينة سنو، للتفاوض مع الجانب الإيراني، حيث دبر قتله بمؤامرة خسيسة في سنة 1931.
جمهورية كوردستان الديمقراطية والتي عاصمتها مهاباد
ففي منطقة النفوذ السوفياتي أعلن في عام 1945 عن إنشاء جمهورية أذربيجان الديمقراطية المستقلة ذاتيا بقيادة جعفر بشواري. وأعلن الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة قاضي محمد عن إنشاء جمهورية مهاباد الشعبية الديمقراطية الموردية في 22 من كانون الثاني عام 1946 في الجزء الشمالي من كوردستان الإيرانية بعاصمته مهاباد، حيث انحصرت السلطة الموردية التي تشمل فقط 30 % من المساحة الإجمالية لكردستان الشرقية. وفي 23 نيسان عام 1946 م تم عقد معاهدة تحالف بين الجمهوريتين الديمقراطيتين الأذرية والكردية.
قدمت الحكومة الإيرانية وبدعم المعسكر الغربي في 19 كانون الثاني عام 1946 شكوى إلى هيئة الأمم ضد الاتحاد السوفياتي متهمة إياها بالتدخل في شؤونها الداخلية وعدم تنفيذ بنود معاهدة 1942 بالانسحاب من إيران. وقد دعا مجلس الأمن الطرفين اللجوء إلى المفاوضات لحل الخلاف.
وفي عام 1949 وافق الاتحاد السوفيتي على الانسحاب بشرط انسحاب بريطانيا ولكن بريطانيا تخلت عن وعدها بعد انسحاب الجيش الأحمر وشنت مع الحكومة الإيرانية حملة القضاء على جمهورية مهاباد وبعد القضاء على الجمهورية الفتية واعدام قادتها وفرار البارزاني و500 من البشمركة الى الاتحاد السوفيتي بدأت مرحلة جديدة من التحالفات الكردية وتغيير طبيعة النضال الكردي في المنطقة .