بير رستم
كتب الصديق والباحث سامي داوود
تعود استراتيجية “الفصائل المنفلتة” في التاريخ الحديث إلى حركة “الاتحاد والترقي” أثناء إبادة الأرمن في إسطنبول عام 1915، حين طلب قادة الحركة (طلعت، جمال، وأنور)، المعروفون بـ”الثلثية”، من عناصر “التشكيلات الخاصة” (Teskilat-ı Mahsusa) تنفيذ عمليات قتل بحق الأرمن في إسطنبول، بدءًا بالمثقفين والسياسيين، ثم عامة الناس. وقد بدأت هذه الأحداث في 24 نيسان 1915، فيما عُرف باسم “الأحد الأحمر”.
تطوّرت فكرة “الفرقة الخاصة” لاحقًا إلى تنظيم “الذئاب الرمادية” في النظام التركي الحديث، أي مافيات منظمة تُكلَّف بتصفية الخصوم السياسيين، مع الادعاء بأن الفاعلين لا علاقة لهم بالدولة.
وقد تبنّت النازية الفكرة نفسها عبر تنظيم “شبيبة هتلر”، حيث لم يكن هذا التنظيم مرتبطًا بأي مسؤول أو جهاز حكومي أو حزبي، مما جعل أنشطته الإجرامية – بما في ذلك التنافس الداخلي في الرايخ – بمنأى عن المتابعة القضائية.
وانتقلت الفكرة لاحقًا إلى نظام صدام حسين، الذي استعان بعصابات بغداد المعروفة بـ”الشقاوات”، ونظّمهم ضمن جهازين إرهابيين: جهاز المخابرات، و”فدائيو صدام” بقيادة ابنه عدي.
أما الإبادات المتنقلة من منطقة إلى أخرى في سوريا، فلا تقوم بها “فصائل منفلتة”، إذ إن الجولاني قام بترقية قادة هذه الفصائل إلى رتب عسكرية ضمن أركان جيشه. وبالتالي، فإن تطبيق الجولاني لاستراتيجية القتل من دون محاسبة لم يُفلِح في التملّص من المسؤولية.
نقلاً عن صفحة الصديق؛ خضر عبدالكريم
………………………………….
تعليق مختصر:
نأمل أن تصل هذه الرسالة للقيادة الراهنة في سوريا؛ بأن النظام البائد هو الآخر استخدم مثل كل الأنظمة المستبدة هذا السلوك العقابي -بالأحرى الإجرامي- المنفلت عن السياق القانوني والأخلاقي وذلك بالاعتماد على قوات ميليشاوية غير نظامية، إن كانت فئوية طائفية داخلية أو حتى بالاعتماد على أطراف وجماعات إقليمية من نفس الطائفة كميليشيات حزب الله أو إيران أو بعض الجماعات الأخرى، كما يفعله الآن النظام الراهن في دمشق من خلال الاعتماد على بعض الميليشيات الطائفية من خارج سوريا، لكن وكما نعلم جميعاً؛ بأن ذاك السلوك الإجرامي هو لم يتسبب فقط في تزكية المزيد من العنف والقتل المجاني وعلى الهوية في البلد، بل كانت المقدمة لتحشيد دولي ضده وإسقاطه كحال كل النظم الديكتاتورية.. ولذلك نأمل أن يتعظ من يحكم حالياً في دمشق من هذه العبر والدروس حيث لا يمكن اخضاع الشعوب بالإذلال والإبادة، فإن نجحت في مرحلة ما، لكن لا بد أن يأتي يوم وتدفع ثمن ما أرتكبت من جرائم بحق الآخرين.
بالأخير نود أن نقول للحكام الجدد: بأن “الشمس لا تخفى بالغربال”، وبالتالي هذه الادعاءات بأن هؤلاء هي جماعات منفلتة لا تقنع حتى أشد الموالين لكم ولذلك من المعيب تكرار مثل هذه الإدعاءات من قبل وزراء وقيادات ووسائل إعلامكم والذي جعلنا لا نفرق بين خطابكم الزائف عن خطاب النظام البائد، إلا في لونها الأيديولوجي، أما من حيث البروباغندا فالخطابان هما سلطويان كاذبان وللأسف.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=68188