كفاح الايزيديين.. عقد مر على معاناة الأسر والموت وحلم العودة لأرض تحولت مقابر

كورد أونلاين | ,

ذكرت اذاعة “صوت امريكا” ان الايزيديين يكافحون من اجل الاستقرار بمنازلهم الآمنة، خصوصا في سنجار، لكنها اشارت الى التحديات التي يواجهونها في محاولاتهم البقاء خصوصا ان 43% فقط من النازحين الايزيديين فقط عادوا حتى الآن.

وتناول التقرير الأمريكي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، التجربة التي عاشتها ريحان اسماعيل التي عادت الى منزل عائلتها في قلب مجتمعها الايزيدي، والتي عندما عادت كانت واثقة من أن عودتها هذه ستكون نهائية، بعدما أمضت سنوات طويلة وهي اسيرة لدى داعش.

ولفت التقرير الى ان مسلحي داعش كانوا قد خطفوا ريحان إسماعيل التي كانت بعمر المراهقة وقتها، عندما اجتاحوا منطقة سنجار، مما أسفر عن مقتل واستعباد الآلاف من الأقلية الدينية الايزيدية.

وتابع التقرير ان مسلحي داعش نقلوا ريحان من العراق الى سوريا، وعندها تمسكت بما يعنيه الوطن بالنسبة لها حيث الطفولة الحافلة بالضحك، والمجتمع المتماسك حيث كان منزل الجيران بمثابة منزلك. واضاف التقرير ان ريحان بعدما أخذها خاطفوها إلى تركيا، تمكنت من الحصول على هاتف والاتصال بأسرتها والتخطيط لعملية الانقاذ.

ونقل التقرير عن ريحان (24 عاما) قولها بعدما عادت الى قريتها حردان في العام الماضي، “كيف يمكنني المغادرة مرة أخرى؟”.

لكن التقرير لفت الى الوضع الصعب القائم مشيرا مثلا إلى أن المنزل الذي تعيش فيه ريحان مع عائلة شقيقها، يعتبر أحد المنازل القليلة التي لا تزال قائمة في القرية، بينما تضم المدرسة المجاورة العائلات النازحة.

وبالاضافة الى ذلك، فإن والد ريحان وشقيقتها الصغرى هما في عداد المفقودين. ولفت التقرير إلى أنه في مقبرة محلية، جرى دفن 3 من اخوتها مع 13 رجلا وصبيا آخرين قتلوا على يد تنظيم داعش، هي مقبرة تمر ريحان بجوارها كلما كانت تذهب الى قرية مجاورة.

ونقل التقرير عن ريحان قولها “انك تشعر وكأنك تموت الف ميتة من هنا الى هناك”.

وذكر التقرير أنه بعد مرور عقد من الزمن على هجوم الدواعش، عاد ابناء المجتمع الايزيدي الى منازلهم في سنجار، الا انه برغم الاهمية العاطفية والدينية العميقة لموطنهم هذا، غير ان العديد منهم لا يرون أي مستقبل هناك.

وبحسب التقرير، فإنه لا تتوفر الاموال من اجل اعادة بناء المنازل، بينما لا تزال البنية التحتية في حالة دمار، في حين تتقاسم مجموعات مسلحة متعددة السيطرة على المنطقة.

وقال التقرير ان المشهد العام في سنجار تسكنه الذكريات المروعة، مضيفا أنه في آب/اغسطس العام 2004، اقتحم المسلحون سنجار، بهدف محو هذه الجماعة الدينية الصغيرة المنعزلة التي اعتبروها مهرطقة، فقتلوا الرجال والفتيان، وباعوا النساء في سوق العبودية الجنسية أو اجبروهن على التحول والزواج من المسلحين.

وتابع التقرير أنه بعد مرور 7 سنوات منذ هزيمة داعش في العراق، فانه حتى ابريل/نيسان 2024، لم يكن سوى 43% فقط من اكثر من 300 الف شخص نزحوا من سنجار، قد عادوا، وفقا لمنظمة الهجرة الدولية.

وحذر التقرير من ان كثيرين يخشون من أنه اذا لم يعود الايزيديون، فقد يفقد هذا المجتمع هويته.

ونقل التقرير عن هادي بابا شيخ، وهو شقيق ومدير مكتب الزعيم الروحي الايزيدي الراحل الذي شغل هذا المنصب خلال فظائع داعش، قوله إنه “من دون سنجار، فإن الايزيدية ستكون مثل مريض السرطان الذي يحتضر”.

وتابع التقرير أن هذه المنطقة النائية النائية ذات الموقع الاستراتيجي في شمال غرب العراق بالقرب من الحدود السورية، كانت موطنا للايزيديين لعدة قرون. واضاف ان جبال سنجار ترتفع من الأراضي المسطحة، وهي سلسلة طويلة وضيقة تعتبر مقدسة لدى الايزيديين، حيث تقول الاسطورة ان سفينة نوح استقرت على الجبل بعد الطوفان. ولفت التقرير الى ان الايزيديين فروا الى المناطق المرتفعة هربا من تنظيم داعش، مثلما فعلوا في موجات الاضطهاد السابقة.

وبينما تعمل بعض فرق اعادة الإعمار بين اكوام من كتل الرماد في البلدة نفسها، قال التقرير انه في المناطق النائية، لا تزال مظاهر الدمار المتمثلة بالمنازل المنهارة، ومحطات الوقود المهجورة، موجودة في كل مكان، في حين لم يتم اعادة بناء شبكات المياه والمرافق الصحية والمدارس، وحتى المزارات الدينية، في حين لا يزال معظم الحي السني الرئيسي في بلدة سنجار، تحت الانقاض.

ولفت التقرير الى النزاع الجاري بين الحكومة المركزية في بغداد والسلطات في اقليم كوردستان حول سنجار، حيث يدعم كل طرف منهما حكومة محلية منافسة، وهو خلاف يبرز حاليا في الجدل القائم حول مخيمات النازحين في الاقليم الكوردي الذي يؤوي العديد من الذين فروا من سنجار.

وذكر التقرير بأن بغداد كانت أمرت في وقت سابق من العام الحالي بإغلاق مخيمات النازحين بحلول 30 يوليو/تموز الماضي، وعرضت دفع 4 ملايين دينار (حوالي 3 الاف دولار) لكل نازح يخلي المخيم.

ونقل التقرير عن نائب وزير شؤون النازحين، كريم النوري قوله انه جرى تخطي الصعوبات المتعلقة بالعودة الى سنجار، الا ان سلطات الاقليم تقول إنها لن تقوم بطرد ساكني المخيم.

كما نقل التقرير عن خيري بوزاني، وهو مستشار رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، قوله ان سنجار “غير ملائمة للسكن البشري”، مضيفا ان المفترض القيام به هو “أن تنقل الحكومة الناس من مكان سيء الى مكان جيد وليس العكس”.

ونقل التقرير عن النازح خديدة مراد اسماعيل قوله إنه يرفض مغادرة المخيم في دهوك، حيث يدير متجرا حيث ان رحيله يعني خسرانه مصدر رزقه، بينما المبلغ المقدم لهم لن يكفي لتغطية كلفة إعادة بناء منزله. وتابع قائلا انه في حال جرى اغلاق المخيم، فإنه سيبقى في ويقول انه اذا اغلقت المخيمات، فإنه سيبقى في المنطقة، ويبحث عن عمل آخر.

إلا أن التقرير قال ان البعض يعودون بالفعل، مشيرا الى ان عائلة بركات خليل المؤلفة من 9 أفراد عادت في 24 حزيران/يونيو من دهوك التي استوطنوا فيها طوال نحو عقد من الزمن، وهم يقيمون الآن في منزل صغير مستأجر في سنجار بعدما قاموا باصلاح أبوابه وشبابيكه، ويشترون الاثاث تدريجيا، لأن منزلهم الاصلي في سنجار مدمر. بعدما فجره مسلحو داعش.

ونقل التقرير عن هيفاء بركات (25 سنة) وهي الابنة الوحيدة التي تعمل حاليا في صيدلية المستشفى، قولها “أنها الآن حياة جديدة بالكامل، ولا نعرف أحداً هنا”.

ولفت التقرير إلى أنه برغم ان الحياة الجديدة مقبولة، إلا أن هيفاء تخشى من الوضع الأمني.

وقال التقرير إن الجيش العراقي وقوات البيشمركة تسيطر على مناطق مختلفة، وانما الى جانب مجموعة من الميليشيات التي جاءت لمحاربة داعش، ولم تغادر لاحقا. وتابع التقرير أن وجود الميليشيات المسلحة عقد في بعض الأحيان عمليات إعادة الإعمار، مشيرا إلى أنه في العام 2022، قامت منظمة يابانية بترميم مدرسة، الا ان المسؤولين اليابانيين اشتكوا لاحقا من أن إحدى المجموعات المسلحة قامت بالسيطرة عليها.

واعتبر التقرير أن الأشخاص ممن عادوا الى سنجار يفكرون باحتمال المغادرة مجددا.

شارك هذه المقالة على المنصات التالية