لمحة موجزة عن حياة كلٍ من الأمير بدرخان البوطاني والأمير جلادت عالي بدرخان والأم
بقلم : كوني ره ش
الأمير بدرخان الآزيزي البوتاني
1802- 1868
(( عندما تطالع أي كتاب يبحث عن كوردستان وتكلم أي شخص شيئاً عن الكورد, يحدثك حالاً عن الأمير بدرخان . حتى إن ( كارل مالي ) الذي لم يعرف شيئاً عن الكورد سوى في الصور والكتب لم يمسك يراعه عن الكلام بقصة الأمير بدرخان في كتابه : سياحة في كردستان… )) .
البروفيسور الألماني زوس هايم –1922
كما هو معروف في كتب التاريخ إن إمارة بوتان الكوردية ظهرت أول مرة بعد الفتح الإسلامي. وأول من تولى شؤون إدارتها الأمير عبد العزيز من كورد بوتان – والأمير بدرخان الذي نحن بصدده يمتد بنسبه إلى هذا الأمير البوتاني .
ولد الأمير بدرخان بن الأمير عبد آل خان عام 1802 في مدينة الجزيرة ( جزيرة ابن عمرو ) في عام 1821 ، تقلد مقاليد الحكومة وارثاً عن عائلته الراقية في الحسب والنسب ويعد آخر أمراء بوتان على تراب كردستان. أثناء توليه سدة الحكم في بوتان, أجرى تغيرات كثيرة في إمارته ومن ثم تزعم حركة المقاومة ضد السلطة العثمانية
ومن أهم إنجازاته :
وحد الزعماء والأغوات والبكوات الكورد في حلف اسماه ( الحلف المقدس )، استأصل جذور الفتن الطائفية والمذهبية بين المسلمين والنصارى واليزيديين وقال قوله الشهير ( الدين لله وكلنا أخوة ). شجع الحركة العمرانية وشرع في بناء معامل السلاح والذخيرة واهتم بالعلم وأوفد الطلبة إلى الخارج للدراسة . بلغت عدالته درجة عالية من الرقي حتى قيل في وصفها ( العدالة هي بدرخان ، بدرخان هو العدالة ) .
في عام 1830 تمكن من إنشاء وحدة إقليمية كوردية مستقلة عن السلطة العثمانية ، وفي عام 1843 سك النقود باسمه وأعلن عن استقلالية إمارته . في عام 1847, جراء التغيرات والإصلاحات التي قام بها الأمير بدرخان وإعلانه عن استقلال إمارته, دفعت بسلطة الباب العالي إلى مراقبته بحذر شديد هذا من جهة, ومن جهة ثانية, طلبت كل من بريطانيا وفرنسا من حكومة الباب العالي الحد من نفوذ الأمير الكوردي ومعاقبته وذلك خوفاً على مصالحهما في منطقة الشرق ، وفي صيف 1847 وبعد ثمانية أشهر من المعارك بين القوات الكوردية والجيش التركي المدعوم بالمدفعية الإنكليزية استسلم الأمير بدرخان وتم نفيه مع أخويه وأفراد عائلته وأركان حكومته إلى الأستانة (أستا نبول), ومن هناك تم نفيه إلى جزيرة كريت ( كندية ), حيث أمضى فيها محكوميته . وفي السنوات الأخيرة من عمره سمح له السلطان عبد الحميد بالذهاب إلى الشام ( دمشق ) لقضاء المتبقي من حياته ، وفي عام 1868 حل الأمير بدرخان الآزيزي ضيفاً على مقبرة الشيخ خالد النقشبندي في حي الكورد بسفح جبل قاسيون .
الأمير جلادت عالي بدرخان
1893 – 1951
الأمير جلادت هو نجل الأمير عالي بدرخان وحفيد الأمير بدرخان الآزيزي. ولد في استانبول عام 1893 وفيها أكمل دراسته الثانوية وتعلم اللغات الأجنبية في المدرسة السلطانية.ساهم مع والده في تأسيس أولى الجمعيات الكوردية في استانبول. اشترك في الحرب العالمية الأولى وله الفضل في إعداد الألفباء الكوردية اللاتينية ويمكن القول أنه أبدع في إعداد الألفباء اللاتينية قبل الألفباء التركية, إلا أنه لم يتمكن من نشرها في حينه .
في عام 1922 اضطر إلى مغادرة تركيا شأنه شأن الوطنيين الكورد خوفاً على حياته من الكماليين ، وذهب إلى ألمانيا عبر سورية لإكمال دراسته . وفي ألمانيا أكمل دراسته في الحقوق وسعى إلى نيل الدكتوراه إلا أن التحاقه بثورة شيخ سعيد 1925, حدى دون ذلك ، وفي عام 1927 ترأس تأسيس جمعية ( خويبون ) في لبنان. وفي عام 1930, التحق بالثورة الكوردية في جبال آرارات ومنها ذهب إلى إيران وعاد راجعاً إلى دمشق ليصبح تحت الإقامة الجبرية ، حينها فقد الأمل من جدوى الكفاح المسلح ، لذا انصرف إلى نشر المعرفة بين شعبه وكان قد استنتج بأن المعرفة لا يمكن امتلاكها إلا عن طريق اللغة القومية . في عام 1932 اصدر مجلة ( هاوار : الصرخة ) باللغة الكوردية والأحرف اللاتينية ، وفي عام 1942 اصدر مجلة ( روناهي : النور ) وألف العديد من الكتب وبلغات عديدة ، حيث كان يجيد تسع لغات عالمية. في عام 1935 تزوج من الأميرة روشن بدرخان .
توفي يوم 15 تموز 1951م في قرية الهيجانة القريبة من دمشق اثر حادث أليم.
الأميرة روشن صالح بدرخان
1909 – 1992
ولدت الأميرة روشن ابنة الأمير صالح في عام 1909 في مدينة قيصري التركية عندما كان والدها منفياً هناك.
في عام 1913 عندما نفى الأتراك البدرخانيين مرة أخرى, استقرت الأميرة روشن مع والدها في دمشق ، في عام 1923 أكملت دراستها في دار المعلمات بدمشق وهي من أوائل المعلمات في سورية . عملت في سلك التدريس وهي من المؤسسات للاتحاد النسائي في سوريا عام 1934 ، حيث مثلت سوريا في مؤتمرات عديدة . في عام 1947 عملت في الإذاعة السورية . لها اسم بارز في كتاب ( الكاتبات السوريات ) ولها العديد من المؤلفات والترجمات وكانت تجيد عدة لغات عالمية . توفيت يوم ( 1 حزيران 1992) في مدينة بانياس السورية, وتم دفنها في نفس اليوم بدمشق بجوار زوجها الأمير جلادت وجدها الأمير بدرخان بناءً على وصيتها .
إن ما قدمته أسرة الإمارة البدرخانية لشعبها الكوردي لم يكن له مثيل في التاريخ ، وان ما لحق بهذه الأسرة من الظلم والجور والاضطهاد على يد العثمانيين وأحفادهم الكماليين أيضاً لم يكن له المثيل في التاريخ المعاصر .
(هدية من كوني ره ش للمهرجان الثالث للأمير بدرخان في مدينة هولير 2006)
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=48119