الأحد, فبراير 16, 2025

مظالمنا لم تكن واحدة يا سيد دالاتي!!

بير رستم

القيادي في هيئة تحرير الشام؛ أحمد الدالاتي، وفي معرض ردّه على سؤال مذيعة قناة الشرق، بخصوص ما جاء على لسان قائد قوات سوريا الديمقراطية؛ مظلوم عبدي، حول رفضهم حل قواتهم والانضمام لما يسمى بمنظومة الدفاع السورية المشتركة كأفراد، وذلك لأسباب ومبررات قدمها السيد عبدي في مقابلة له على نفس القناة حيث كان صرّح للقناة؛ بأن هناك أكثر من سبب يجعلهم يرفضون ذاك الطرح بحل قواتهم والانضمام بشكل أفراد لمنظومة الدفاع الجديدة، وكان عبّدي قد وقف بشكل خاص على قضية محاربة الإرهاب كمهمة مكلفين بها مع قوات التحالف الدولي، والأهم من كل ذاك هو مسألة تخوف الكرد من أن تتكرر المظالم القديمة والتي مارستها كل الأنظمة السابقة بحق الكرد!

وعندما تذكر المذيعة بما جاء على لسان عبدي، يأتي الرد من الدالاتي وهو يحاول الفصل بين قسد وبين الكرد حيث يكرر نفس إسطوانة النظام السابق، وكل مخاتل مخادع للكرد، في استغباء و”استكراد” شعبنا؛ بأن “الكرد جزء من النسيج الاجتماعي والوطني السوري”، وبأن عليهم الفصل بين قوات سوريا الديمقراطية وبين الشعب الكردي! بل يمضي ليقول ما يمكن اعتباره حقاً؛ بأنه نوع من الهراء السياسي والذي يكرره الكثيرون وذلك عندما يقولون: بأن كل السوريين تعرضوا ل”نفس المظالم” من النظام السابق، وبأن لا فرق بين السوريين في هذه المسألة وأن الكرد ليسوا استثناء من حيث ما تعرضوا له من قمع وإجحاف وظلم مورس بحقهم حيث الظلم وقع على الجميع.

وهنا ليسمح لنا السيد الدالاتي وكل الجوقة التي تردد تلك الأسطوانة المشروخة؛ بأن كلنا تعرضنا ل”نفس المظالم” لنقول لهم وبصوت عال وعال جداً؛ لا يا أيها السادة، لم تكن مظالمنا واحدة وبنفس الدرجة ولا النوعية حيث كلنا تعرضنا للقمع والاجحاف بخصوص نقدنا للنظام القمي الاستبدادي كأفراد ومواطنين مقموعين سياسياً من إبداء الرأي، نعم هذه لا خلاف عليها، لكن كمكونات وإثنيات كانت هناك فروق كثيرة، بل كانت هناك مكونات تتفق وتتوافق مع النظام في قمع مكونات أخرى، وبشكل أوضح وبالمشرمحي؛ كنتم أنتم الأغلبية العربية متفقين ومتوافقين مع الأنظمة البائدة كلها ضد باقي المكونات الثقافية الإثنية الأخرى في قمعهم ومنعهم من ممارسة ثقافتهم ولغتهم الوطنية، وبالأخص الكرد منها!

يعني وباختصار؛ كنت أنت العربي تذهب لمدرستك وينتظرك تحية العلم بلغتك وهي تمجد عروبتك وهويتك القومية وتعزز شخصيتك وهويتك الثقافية العروبية، بينما كنت أنا الكردي أذهب وأنا أرتجف من الخوف من أن أخطأ وأتكلم لغتي حيث سأتعرض للتوبيخ إن لم يكن للضرب والإذلال والإهانة بسبب عدم إتقاني للغة لم أسمع بها إلا في مدارسكم ومناهجكم العروبية، ناهيكم عن آثار تلك السياسة القمعية العروبية لثقافتي ولغتي وهويتي الكردية حيث تكريس عقدة النقص والدونية امام سيطرتكم الهوياتية الثقافية. وسأذكرك وأذكر الآخرين بحادثة شخصية حصلت معي وقد سبق وتوقفت عندها، كونها تعبر عن هذه الأزمة والفرق بيننا؛ بين أن تكون عربياً وغير عربي في دولة البعث ومن سبقتها من أنظمة الاستبداد العروبية.

والحادثة رويتها لأول مرة للضابط الذي كان يحقق معي بفرع الأمن السياسي بحلب، وحينها كان العقيد؛ خليل ملا، حيث حينها كان نائب رئيس الفرع وذلك قبل أن يستلم الفرع ويصير عميد، وأنا استدعيت للتحقيق وقتها، لكوني كنت قد رجعت من مؤتمر ثقافي كنت دعيت له من قبل اتحاد الكتاب في دهوك بإقليم كردستان وأعتقد كان بعام 2005 حيث قال المدعو ملا، نفس ما جاء على لسان هؤلاء؛ بأن “لا فرق بيننا وكلنا سوريين”! وحينه سردت له حكاية ابنتي مايا ويومها الأول في المدرسة حيث كانت خلال عام كامل تنتظر ذاك اليوم لتذهب للمدرسة، كما إستر؛ أختها التي تكبرها بعام، ولأجل ذلك طلبت مني أن أشتري لها كل مستلزمات المدرسة، لكن وبعد عام من الانتظار ولهفتها للذهاب مثل إستر وفي اليوم الأول لالتحاقها بمدرستها، تلقيت اتصالاً من مديرها، وكان صديقاً طيباً، وهو يدعوني لزيارته، لأن مايا تريد الرجوع للبيت!!

وعندما ذهبت للمدرسة وجدتها فعلاً في حال بائسة وهي ترتجف من البكاء، فهل تعلم لم كانت ابنتي التي كانت ولمدة عام تنتظر هذا اليوم، لم تعيش تلك الحالة الهستيرية والخوف؟! أكيد لن تعرف؛ لأن ابنك وابنتك عرباً وليسوا كرداً، نعم لا تستغرب من كلامي؛ لان تلك الطفلة ذات الأعوام الستة أجابتني وبخوف: بأنها لا تريد المجيء للمدرسة لأن معلمتهم تتكلم لغة هي لا تفهمها! فهل عرفت ما هو “الفرق” بيننا وكيف إن “مظالمنا ليست واحدة” وبالتالي من حقنا أن نخاف أن تعيدوا تلك المظالم معنا، كما سبق وفعلها من سبقكم من أنظمة القمع والاستبداد وبالتالي من حقنا أن نتمسك بقوات سوريا الديمقراطية كآخر قلاعنا آلتيّ نلجأ لها لحمايتنا من جور وظلم أنظمتكم الأيديولوجية، إن كانت قومية عروبية بعثية أو دينية إسلامية سنية.

بالأخير نقول؛ نخاف أن لا تصلكم الرسالة، كما لم تصل لمن قبلكم حيث جاء رد المدعو ملا ليقول لي؛ “اشقدكم عنصريين”! قال نحن عنصريين لأننا بالبيت لا نتحدث إلا الكردية ولا نتحدث العربية، وتناسى الرجل؛ بأن طبيعة الكينونة الانسانية تفرض أن يتحدث أحدنا بلغته الوطنية الأم وأن كل العنصرية هو أن تجبر طفلة في السادسة أن تتكلم لغة هي لا تعرفها أساساً!!

شارك هذه المقالة على المنصات التالية