الجمعة, ديسمبر 27, 2024

هل تتخلى أمريكا عن قسد لاختلاف أيديولوجي؟!

بير رستم

هؤلاء “السياسيين والمثقفين” الذين ينظّرون على رؤوس شعبنا المسكين بقراءاتهم وتحليلاتهم السياسية وهم يبنون مواقفهم من تطور الأحداث والمسارات من خلال الأيديولوجيا ومواقف الغرب بشقيه الأوروبي والأمريكي، وبأن أولئك لن يقفوا مع الجماعات والقوى التي تتبنى مواقف راديكالية صلبة؛ مثل الجماعات الإسلامية الجهادية أو القوى والتيارات القومية العنصرية وحتى اليسارية الثوروية وذلك اعتماداً على رؤية قاصرة من لدنهم؛ بأن هناك تناقض وصراع فكري بين كل التيارات السابقة الذكر وبين الفكر الغربي الليبرالي وعلى ضوء هذا القصور الفكري في القراءة والتحليل تجد الكثيرين يصلون لتلك النتيجة الخاطئة وذلك اعتماداً على فرضيات خاطئة أساساً بحيث يأتي هؤلاء “المحللين” ليقولوا لنا؛ بأن أمريكا ومعها قوى التحالف الدولي لن تستمر في دعمها لقوات سوريا الديمقراطية لكونها تتبنى فكر يساري ثوروي.

نعم لهؤلاء الفطاحل فيديو مرفق عن علاقة بريطانيا إبان تشكل الأرضية لنشوء كيانات عربية مع سقوط الدولة العثمانية والحرب العالمية الأولى وكيف كانت هناك أكثر من طرف وقوة عربية، كما حال كردنا اليوم مع أمريكا، وكيف أن البريطانيين انحازوا بالأخير في دعمهم لأكثر الجماعات السلفية الراديكالية؛ ألا وهم “آل السعود” ضد الشريف حسين؛ قائد الثورة العربية، بالرغم من أن هذا الأخير كان يتلقى الدعم الأكبر من بريطانيا في بدايات الصراع على “إرث الدولة العثمانية”، لكن نتيجة رفض الشريف حسين بعض من بنود اتفاقية “سايكس بيكو” وقبول آل السعود بها، مالت الكفة بالرجحان لصالح السعوديين وأصبحوا هم سادة العرب، بينما مات الشريف حسين منفياً وذلك بعد أن فقد إمارته وسلطة الأشراف على مكة والحجاز عموماً!

إنني أنصح كل قيادي وسياسي كردي ومعهم جموع المثقفين المهتمين بالعمل السياسي مشاهدة هذا الفيديو ولأكثر من مرة وذلك لاستخلاص الدروس والتجارب منها لنعرف كيف يفكر الغرب مصالحياً وليس أيديولوجياً، كما حالنا في المجتمعات الشرقية المبتلية بداء الأيديولوجيات العقائدية.. نعم ما يهم الأمريكان والغرب عموماً هي مصالحهم الإستراتيجية ويتركون لك أيديولوجياتك لتحشد قطيعك خلفك أو بالأحرى خلف مصالحهم والشاطر من يقدر أن ينسق لكي يخرج ببعض المكاسب والامتيازات كحال آل السعود الذين باتوا أسياد أهم دولة عربية وربما شرق أوسطية قريباً حيث ابن سلمان يريد أن يعيد أمجاد جده ابن عبدالرحمن ابن عبدالعزيز؛ فالأول نسق مع البريطانيين وأسس المملكة وها هو الثاني ينسق مع الأمريكان ليجعل من السعودية أهم دولة شرق أوسطية بدل تركيا وإيران، بعيداً عن كل التنظيرات الأيديولوجية وفقط لأجل مصلحة بلاده وشعبه وفي المقدمة مصلحة سلطة العائلة الحاكمة.

خلاصة؛ طبعاً لا أقول: بأن “الحافر سيقع على الحافر” وبأن البارزاني سيكون في مكان الشريف حسين وقسد أو الآبوجيين السوريين سيكونون في موقع آل السعود والسعوديين، لكن هي فقط عبرة تاريخية ودرس في السياسة الواقعية وعلى الحصيف أن يعرف كيف يستفيد من هذه التجارب التاريخية معبر ودروس لنا في السياسة.. فلنتعلم إذاً من الآخرين بعض الحنكة في إدارة الملفات الإستراتيجية.

 

شارك هذه المقالة على المنصات التالية