السبت, ديسمبر 21, 2024

ومضات من تاريخ الكرد في دير الزور ـ2

برادوست ميتاني (كاتب وباحث)

أسكن الساسانيون في مدينة “درزور” قبائل الديلم الكردية، حيث كانت تابعة لمدينة الأنبار التي بدورها أخذت اسمها من المعنى البهلوي الكردي “إمبار- أنبار” لأنها كانت مستودعاً للأسلحة؛ لذا بقيت اللغة البهلوية هي لغة المنطقة منذئذ، ومروراً بالعهد الروماني والإسلامي وكذلك الحكم الكردي البويهي والأيوبي والصفوي وقبلهم الخوري والميتاني  بالإضافة إلى المرديسي.
نشرت الجمعية الجغرافية البريطانية في مطلع القرن العشرين وثيقة أظهرت إحصائية تبين أن عدد سكان “دير الزور” قد بلغ خمسة وعشرين ألف نسمة معظمهم من الكرد، وذلك اعتماداً على دراسات “مارك سايكس” ومجلة الجمعية الجغرافية البريطانية (سايكس 1907 ص 384-398) كما أن سنجق “دير الزور” كان جزءاً من كردستان العثمانية بموجب أغلب الوثائق الرسمية أواسط القرن التاسع عشر وبعدها إبان (المشروطية الثانية).
نعم؛ إن اسم كردستان كان موجوداً إدارياً وجغرافياً ككيان سياسي، وكانت دير الزور تابعة له ضمن الدولة العثمانية.
تبعت دير الزور لحكم الوالي المصري الكردي الأصل “محمد علي باشا” وذلك بعد حصوله على ولاية الشام من السلطان العثماني 1831م، وعندما حاول إبراهيم باشا تحرير بلاد الشام من العثمانيين من ضمن ما حرره كان سنجق دير الزور أيضاً، ووقفت بريطانيا في وجهه خوفاً من قوته واستقلاليته بشكل عام ولأن دير الزور كانت تتمتع بموقع استراتيجي تجاري بين ميناء البصرة وبغداد والشام وميناء صيدا بشكل خاص، وكذلك خوفاً من أطماع فرنسا المؤيدة لمشروع محمد علي باشا الطموح، لذلك أيدت الدولة العثمانية الضعيفة، فقاومت ونجحت في إجهاض مشروع محمد علي باشا في سوريا 1841م.
تأكيداً على أطماع بريطانيا في المنطقة فإنها أسست لها متصرفية في “دير الزور” عام 1857م باسم “دير العصافير” التابعة اسمياً لولاية بغداد ومن ثم استخدمت منذئذ للمدينة اسم “دير- زور” كمصطلح مركب من اسمين بعد أن كان اسمها (درزور) وذلك لسبب ديني.
في عام 1836م وحتى عام 1921م ازداد وجود العرب بصورة أكبر وذلك بسبب قدوم قبيلة الشمر من آل الرشيد بعد نزاعاتهم مع آل سعود في نجد بشبه الجزيرة العربية.
في عام 1915م ساعد المتصرف الكردي على دير الزور “علِي سواد بك” الأخوة الأرمن الهاربين من (مذابح سيفو) المرتكبة بحقهم في تركيا على يد السلطة العثمانية وأسكنهم في دير الزور ومنحهم الأمان، وكان يعاقب البدو بشدة عندما يعتدون عليهم.
تحركت القوات الكردية المِلْيِّة 1921م في ظل الاحتلال الفرنسي لسوريا مدعومة من القوات الشيخانية الكردية من الرقة ونجحت بإخراج “العكيدات” من المدينة إلى شرقي الفرات.
من الجدير ذكره هو ظهور عشيرة مِلَّان الكردية وقواتها في منطقة دير الزور في الفترة السابقة لذلك التاريخ وخاصة عام 1920 م وقبله. أما القبائل العربية (العقيدات والبقارة) فقد ظهرت مؤخراً في المنطقة حيث قَدِمَتْ من العراق واستقرت في دير الزور في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
أرسل “فيصل بن علي” في نهاية عام 1918م الأمير “ناصر علي بن ناصر” إلى دير الزور على رأس فرقة غير نظامية من البغالة والهجانة والتقى العشائر العربية فيها ونال مبايعة تلك العشائر للشريف حسين، وعُيِّنَ “مرعي باشا الملاح” كأول متصرف عربي على لواء دير الزور بحسب ما أورده (أ. مؤنس بخاري) والذي قام بإبطال الحكومة المحلية.
في نهاية عام 1920م عينت فرنسا الحاج “فاضل العبود” حاكماً باسمها على القسم الغربي من دير الزور فانحازت العقيدات إلى مصطفى كمال التركي – مثلما ذكرنا سابقاً – وانضمت للقوات التركية الكمالية فاستعانت فرنسا بالقوات الكردية من العشيرة الملية عام 1920م التي كان يرأسها “محمود بك” الملي لقمع العقيدات ومعها جمعية العهد، وكذلك بالنسبة لعام 1921م فنجحت القوات الكردية وسيطرت على تدمر ودير الزور وبذلك صارت أراضي منطقة الجزيرة ودير الزور للاحتلال الفرنسي وليس التركي أو البريطاني.
فيما من الجانب الآخر العراقي ضد بريطانيا الساعية لضم دير الزور شاركت حركة المقاومة العشائرية في ثورة العشرين الضابط (الكردي) حامد المدفعي، كما أن جمعية العهد شكلت لجنة وطنية كان رئيسها (الكردي) العقيد “جودت الأيوبي” وفي عضويتها أيضاً العقيد “جميل المدفعي” الذي كلف فيما بعد بتشكيل الجيش العراقي (القادة الثلاثة من الكرد).
يقول “أ. آزاد أحمد علي” في صفحته الالكترونية: إنه لم يكن انتماء الجزيرة وسنجق (زور) إلى إيالة كردستان العثمانية مسألة تاريخية وإدارية فحسب وإنما ضرورة اجتماعية بحكم ارتباط سهولها ومراعيها بالجبال وانتماء أغلب براريها إلى الفضاء العمراني الواسع المتشكل من آلاف القرى والبلدات ذات الغالبية السكانية الكردية.
المراجع:
-1-مقالة بعنوان الوجود الكردي في مدينة دير الزور الكردية الكردستانية للأستاذ يوسف الأومري.
2-مقالة بعنوان كيفية تجميع حطام الإمبراطوريتين العربية والكردية –أ.آزاد أحمد. مجلة الحوار –العدد 78-عام 2021م.
3- دراسة تاريخية بعنوان هوية وتاريخ مدينة درزور (دير الزور) على شكل حلقات في صوت كردستان.
4-دير الزور–أقدم إدارة ذاتية في سوريا الحديثة (2/2) _دراسة للأستاذ حسين جمو – موقع المركز الكردي للدراسات. أيلول 11-2023م.
5 -مقالة بعنوان الوجود الكردي في مدينة دير الزور الكردية الكردستانية للأستاذ يوسف الأومري.
6-مقالة بعنوان آل السيد من العائلات العريقة في مدينة دير الزور للكاتب مروان مجيد الشيخ عيسى.
7- صفحة أ.مؤنس بخاري19-7-2023م بحث بعنوان مذابح تيمورلنك إلى قيادة حرب العثمانية على الصفويين إلى سنجق الزور البريطاني.
8-أثر انتفاضة لواء دير الزور السوري في العراق أ.م.د.يوسف سامي دليمي .مجلة الحضارة –العدد 24كانون الثاني.
10- كتاب تقسيم كردستان العثمانية إلى دولتي سوريا والعراق – فصل 18 ص373-عن أ. آزاد أحمد.

المصدر: صحيفة روناهي

 

شارك هذه المقالة على المنصات التالية