أيها الكرد السوريون اتحدوا – 2
صلاح بدرالدين
عملية التجديد
بالأساس أحزاب طرفي الاستقطاب تمتلك برامج ونظم داخلية باهتة لم تكن صالحة حتى قبل سقوط الاستبداد ، ولم يتم استخدامها على علاتها ، بسبب الفساد ، والمال السياسي ، ونهب خيرات الشعب السوري ، والان وفي بداية مرحلة التحرير فان الاستجابة لمشروع حراك ” بزاف ” بعقد المؤتمر الكردي السوري ، والانتقال الى حالة تنظيمية جديدة ليس هو الحل الوحيد فحسب بل بمثابة انقاذ لها أيضا ، من الازمة المستعصية التي تعيشها تلك الأحزاب ، لانها تواجه الطريق المسدود ، وفي الوقت ذاته تعزيز لارادة شعبنا في إعادة بناء الحركة الكردية السورية على أسس سليمة ، وضخ دماء شابة جديدة لمواصلة النضال ، من اجل مواجهة التحديات الماثلة ، وتحقيق الأهداف ، والمشاركة في تقرير مصير البلاد .
المؤتمر هو طريق خلاص أحزاب الطرفين من المأذق
حزب الاتحاد الديموقراطي الذي يقود سلطة الامر الواقع وضع نفسه في مأزق ، ومعرض لمساءلات شتى لا اول لها ولا آخر ، بالإضافة الى احتمالية مواجهات عسكرية لانه لم يفك ارتباطه الأيديولوجي ، والتنظيمي ، والمالي مع مركز – قنديل – وقيادة ب ك ك ، ، بل ولا يستطيع ذلك لانه ان فعل فستكون نهاية معظم المسميات العسكرية ، والحزبية ، والمخرج الوحيد للنجاة هو العملية المركبة – السورنة والكردنة – وتاطيرهما تنظيميا كتيار سياسي ، في اطار المؤتمر المنشود ، اما المجلس الوطني الكردي وصاحبه الحقيقي الحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا ، ولأنه انتهج طريقا من دون الانطلاق من الحاضنة الكردية السورية ، واعتماد الوساطة الخارجية في علاقاته وحتى انتمائه للائتلاف السوري ، الذي يعتبره الطريق الوحيد للانتماء الوطني ، فان الائتلاف فشل ، وخسر ، وفي طريق التلاشي وتركه السوريون من ورائهم ، لذلك فان المجلس بامس الحاجة الى إعادة التعريف والتموضع والمخرج الوحيد له كما ب ي د هو المؤتمر المنشود .
الكتلة التاريخية
الوطنيون المستقلون وهم الكتلة التاريخية الأهم في معادلة نمو وتجديد الحركة الكردية السورية ، الطرف الوحيد الذي فاز بالصبر والثبات ، وحراك ” بزاف ” الجسم الأكثر تماسكا ، والاوضح مشروعا وبرنامجا ، كان السباق الى وضع الاصبح على الجرح منذ نحو عشرة أعوام ، والذي حدد المهمة الأساسية لحل الازمة وهي إعادة بناء الحركة السياسية الكردية السورية ،و وانتزاع استقلاليتها ، واستعادة شرعيتها ، وتعزيز دورها الوطني السوري ، وفي اللقاء التشاوري الافتراضي الواسع الذي التأم يوم الخامس عشر من هذا الشهر بمشاركة نحو ثمانين شخصية من ممثلي الراي العام الكردي السوري من الداخل والخارج توافقت الآراء على مشروع حراك ” بزاف ” بخصوص عقد المؤتمر الكردي السوري بالسرعة الممكنة .
نعم للقاءات التشاورية ولكن
نعم من دواعي سرورنا مانراه الان من انقلاب حاد في المزاج الشعبي الكردي السوري نحو تبني خطاب حراك ” بزاف ” بخصوص المؤتمر الكردي السوري ، من خلال اللقاءات التشاورية التي تنعقد تباعا بالخارج والداخل ، ولكن لابد من الإشارة ان هذا التوجه الإيجابي خصوصا في الداخل يعاني من عدم الوضوح لان مهام مثل هذه اللقاءات التشاورية هي مناقشة قضايا المصير القومي والوطني مابعد سقوط الاستبداد ، والمطالبة بالاتحاد ، والموقف الكردي الموحد في هذه المرحلة الذي لن يتم الا بعقد المؤتمر الكردي الجامع ، وليس تاييد هذا الطرف الحزبي اوذاك بل ممارسة الضغط على الجميع للرضوخ لمطلب عقد المؤتمر ، من جهة أخرى فان تلك اللقاءات قد تدفع أناسا للتسلل اليها ومحاولة استثمارها لمنافع شخصية والاتكاء اليها للتوجه نحو دمشق بحثا عن موقع وجاه ، وهي أمور تحدث ولكن يقظة غالبية الناشطين من الوطنيين المستقلين كفيلة بقطع الطريق على مثل هؤلاء ، وكما هو معروف فان الناشطين المؤثرين عليهم اصدار بيانات ختامية حول ما تتبناه الغالبية المشاركة من اهداف وخاصة ضرورة عقد المؤتمر المنشود .
لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد اية تبريرات ، وذرائع فالفرد الكردي كما هو السوري في كل مكان بات حرا من حقه ابداء ما يؤمن به ، وتقرير مصيره دون خوف ، وان استعصت الدروب من حقه وواجبه اعلاء صوته عبر التظاهرات السلمية ، خاصة اذا استمرت الاحزاب من أي طرف كانت بعدم التجاوب مع الارادة الشعبية .
احد الخيارات
هناك خيار آخر امام الأحزاب التي تتردد تجاه اتخاذ موقف واضح ، وحاسم من المؤتمر الكردي السوري المنشود بذريعة التمسك بماضيها ، واسمائها ، وتركيبتها ، وسياساتها ، واموالها ، وعدم استعدادها للاندماج التنظيمي ، والسياسي ، في حركة وطنية كردية موحدة تتمتع بالشرعيتين القومية والوطنية ، وهذا الخيار بالرغم من انه غير محبذ ، هو إمكانية البحث عن صيغة حركة واسعة من الكيانات ، والتيارات الفكرية والسياسية تحتفظ بخصوصياتها ، ومسمياتها ، تعمل سوية بتحالف جبهوي ، تتوافق على مشتركات المرحلة الراهنة ، وابرزها التبني المشترك للمشروع الكردي السوري في المرحلة الراهنة مابعد التحرير واللاحقة أيضا ان امكن . .
توجهان بشان إدارة الازمة
هناك في الساحة بشان تقارب او او تنسيق او توحيد – سمه ماشئت – الموقف الكردي السوري ،او بعبارة ادق إدارة الازمة الراهنة ، توجهان : الأول : القيام بعمل تحضيري ، وتهيئة الحالة الكردية ، ليتمكن الكرد من القيام بدورهم الوطني بشكل منظم ، وطرح الحالة الكردية الخاصة على شركاء الوطن بدمشق في الوقت المناسب ، أي عندما يعقد المؤتمر الوطني السوري ، وبعده اجراء الانتخابات البرلمانية ، والمشاركة بالحكومة .
اما التوجه الثاني : فيسعى الى ارسال وفد بشكل سريع الى دمشق بغض النظر عن من سيستقبله ، وهو توجه يفتقر الى الحكمة السياسية ، ويقف من ورائه افراد من خلفيات اجتماعية معينة يبحثون عن مواقع ليس الا .
نهجان اساسيان استراتيجييان لمعالجة الازمة
اما بشأن إعادة بناء وتاهيل الحركة السياسية الكردية السورية المفككة فبرز حتى اللحظة نهجان : الأول وهو الأكثر شعبية وقبولا من الكرد ، وكذلك الشركاء السوريين ، يهدف الى عقد مؤتمر كردي سوري جامع يتمثل فيه الوطنيون المستقلون بنحو – ٦٠٪ ، والباقي لاحزاب الطرفين ، يحقق المصالحة ، ويستعيد الشرعية ، وينتخب هيئة مسؤولة عن الحركة لمواجهة كل التحديات ، ونقل الصورة الحقيقية للحالة الكردية ، بمافي ذلك المطالب ، والمشاركة في كل مايتعلق بمصير الوطن مابعد الدكتاتورية من مؤسسات تشريعية ،. وتنفيذية .
اما النهج الثاني فيدعو الى اتفاق الطرفين الحزبيين فقط على ارسال وفد الى دمشق ، من دون الإشارة الى إعادة بناء الحركة السياسية الكردية ، مع استبعاد الكتلة التاريخية من المستقلين بكل فئاتهم الشبابية ، والنسائية ، والثقافية ، والابداعية ، والإعلامية ، وهذا النهج يعمل من اجل الحفاظ على الامر الواقع ، وإعادة تأسيس ماكان قائما منذ اكثر من عشرة اعو ام بكل ماخلفه من إخفاقات ، ومآسي ، وتفكك ، وتبعية للخارج ، وهذا لن يكون مقبولا من الكرد السوريين باي شكل من الاشكال .
ما الجدوى من هذا التواجد الغريب ؟
لقد بات واضحا للجميع ان روسيا وايران ، والميليشيات الطائفية المسلحة ، قدموا مختلف أنواع الدعم العسكري ، والسياسي ، والاقتصادي ، والدبلوماسي للنظام المقبور ، اما الولايات المتحدة الامريكية ، والدول الأوروبية ، والنظام العربي الرسمي الذين عول عليهم السورييون لدعم ثورتهم فانهم خذلوهم ، بل تركوهم أهدافا سهلة للتقتيل ، والتهجير ، وفي هذه المرحلة الجديدة ، مرحلة الحرية ، والبناء من غير المجدي ان تبقى – قامشلو – محطة للزيارات السياحية من جانب أجهزة تلك الدول ، فامر العلاقات الخارجية منوطة بالمركز دمشق الى حين وضع الدستور السوري الجديد لفصل السلطات ، وتحديد الصلاحيات حسب النظام السياسي المتوافق عليه ، واتساءل هنا : ماجدوى دعوة هؤلاء بالقامشلي الى مناسبات تخص الوضع الكردي السوري ان كانوا لايمتلكون موقفا واضحا من القضية الكردية السورية ؟ .
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=59368