السبت, يناير 11, 2025

أيها الكرد السورييون اتحدوا ( ٥ )

صلاح بدرالدين

حول جواب ” اللاجواب ” من حزب الاتحاد الديمقراطي – ب ي د –
كنت نشرت في الحلقة الثامنة نص كل من رسالتي حراك ” بزاف ” التي يدعو فيها – الاتحاد الديموقراطي – للموافقة على مشروع عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع بالقامشلي ، ومايستدعيه من شروط النجاح مثل – اللجنة التحضيرية – وتمثيل الوطنيين المستقلين ، والرسالة الجوابية للاخوة في – ب ي د – التي تجاهلت الموضوع الرئيسي الوحيد في رسالة الدعوة ، وحملت بدلا من ذلك دعوة من جانبهم لحضور ( مؤتمرهم المزمع عقده في العشر الأول ! من العام الجديد من اجل حل القضية الكردية ..) ، ومن الواضح ان مضمون رسالتهم الجوابية في هذا الوقت بالذات الذي تحررت فيه سوريا من نظام الاستبداد ترمي ولو بشكل غير مباشر الى : ١ – اعتبار حزبهم وسلطتهم – الامر واقعية – الممثل الوحيد للكرد السوريين ، ٢ – نفي وجود الوطنيين المستقلين وهم الغالبية الساحقة ، ٣ – الاستمرار في مصادرة قرار الكرد السوريين ، ٤ – تجاهل التعددية الفكرية والسياسية في الساحة الكردية السورية ، ٥ – الالتفاتة السريعة جدا من نفي القضية القومية الكردية السورية الى تبني مؤتمر مزعوم لحل القضية الكردية ! ؟ وهم وغيرهم يعلمون ان حل القضية كما هو معروف مشروط بالاجماع الكردي ، والتوافق الوطني في ظل العهد الجديد بدمشق ، أي انهم لوحدهم عاجزون عن ذلك .
ماذا عن جواب – المجلس الوطني الكردي – ؟
في رسالة مماثلة تمت دعوة أحزاب – الانكسي – للموافقة على المشاركة في المؤتمر الكردي السوري الجامع ، والى هذا التاريخ لم نستلم أي جواب مباشر ، وما استنبطناه من مجمل احاديث مسؤوليها ، وتوضيح ( الرئاسة ! ) الذي كان بمثابة الإجابة غير المباشرة ، وما تسربت من معلومات ، تاكد لنا ان هذا المجلس منفصل عن الواقع ، ويستمر في العيش على أوهام – التمثيل الشرعي الوحيد – ، كما انه يمر باوقات عصيبة ، وبدأ يفقد مظلته الوطنية الوحيدة على الصعيد السوري ( انهيار الائتلاف )وهي بدورها ستضعف المظلة القومية في قادم الأيام , وكل ذلك برسم الاشقاء في أربيل .
مفارقة في غاية الغرابة
الطرفان الحزبييان على استعداد لملاقاة اية جهة خارجية وداخلية ، ولكنهما يمتنعان عن الحوار الشفاف مع الوسط الكردي السوري ، يبذلان الجهود ، ويوسطان الاخرين للتواصل ، والتعامل مع تركيا ، وروسيا ، وايران ، وامريكا ، وفرنسا وحتى – إسرائيل – ولكن يمارسان كل أنواع – التحايل – وخلق الذرائع عندما يتعلق الامر بتوحيد القرار الكردي السوري في العهد الجديد ، يهرولان ، ويتسابقان نحو دمشق ، ويجتمعان مع أحزاب كانت في جبهة النظام البائد ، ويمتنعان حتى الإجابة على رسائل كردية تدعو لوحدة الصف عبر المؤتمر الجامع المنشود .
مرحلة جديدة تستدعي التوضيح وإعادة النظر في بعض المصطلحات
أولا – من باب التوضيح : صحيح نحن في حراك ” بزاف ” طرحنا مشروعنا السياسي بمافي ذلك إعادة بناء الحركة الكردية من خلال المؤتمر الكردي السوري الجامع منذ أعوام ، وعندما كنا من معارضي النظام المستبد والداعين لسقوطه ، ولكن كنا قد اوضحنا مرارا ان مشروعنا بشأن المؤتمر يصلح في كل وقت ، وصياغة مشروع بالحالة الكردية الخاصة تسهيل للحوار ، والتفاهم في عهد مابعد الاستبداد ، وبناء عليه وجهنا رسائل الدعوة الى الطرفين الحزبيين ، ليكون للحالة الكردية عنوان واضح ضمن الحالة الوطنية العامة .
من ” الاستقطاب ” الى ” الاستعصاء ”
ثانيا – كنا نطلق منذ نحو عشرة أعوام وفي عهد نظام الاستبداد على الطرفين الحزبيين ( الأحزاب التابعة لسلطة الامر الواقع ، وأحزاب – المجلس الوطني الكردي – تسمية ( طرفي الاستقطاب ) ، ولم يعد هذا المصطلح مناسبا بعد اليوم ، حيث سنستخدم بعد الان تسمية ( طرفي الاستعصاء ) ففي زمنهما انقسمت الحركة السياسية الكردية ، وتفككت ، ودب الصراع بين أحزاب الطرفين بل امتد الى المجتمع ، ذلك الصراع كان ومايزال حول النفوذ ، والمحاصصة ، وخدمة اجندة المحاور الخارجية ، والقليل القليل من مسائل هذا الصراع يلامس افتراضيا القضية الكردية ، والقضايا الوطنية ، وهنا لابد من التأكيد ان طرفي المشكلة لاتتوفر فيهما شروط لا حل القضية الكردية ، ولا الدعوة للوحدة والاتحاد ، ولاعقد مؤتمرات حرة ومستقلة وسيدة نفسها ، فهما الان جزء من المشكلة وليسا جزء من الحل فقط الوطنييون المستقلون مهيؤون لهذا الدور التوحيدي النزيه .
ثالثا – ( طرفا الاستعصاء) وكل على حدة ، لديهما قضايا خاصة بهما ، لاتمت بصلة للكرد السوريين ، وبالغالبية الوطنية المستقلة ، هناك مسائل عسكرية ، وامنية ، ومالية ، وجرمية ، وقضائية ، وقد تحصل تطورات تفاجئ الجميع بعد وضع اليد بدمشق على وثائق فروع الامن والمخابرات ، هناك إشكاليات العلاقة مع الخارج ، والتبعية ، والمال السياسي ، والكرد السورييون بغالبيتهم العظمى لاشان لهم بأزمة الأحزاب ، ولن يتحملوا اوزارها بالنيابة ، وبصراحة لافضل لاحزاب ( طرفي المشكلة ) على الكرد السوريين خصوصا في موضوع حرمان الكرد من شرف المشاركة في اسقاط الاستبداد ، فقضية الكرد السوريين تنحصر في الحقوق القومية المشروعة ، والديموقراطية ، والتطور الوطني العام ، والمشاركة مع العهد الجديد في بناء المؤسسات ، وصياغة الدستور ، والحفاظ على السلم الأهلي ، وإزالة العسكرة عن كاهل المجتمع .
رابعا – كشف الاسبوعان الاخيران وخلال تواصل حراك ” بزاف ” مع بعض أحزاب ( طرفي الاستعصاء ) ان كلا من (حزب الاتحاد الديموقراطي و الحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا ) هما اللذان يقرران كل شيئ ، وان بقية الأحزاب مجرد ارقام تابعة تتلقى حصصها من الأموال الشهرية ، ولاتشارك بالقرار ، قد يكون هذا الامر معروفا لدى البعض ، او موضع شك لدى البعض الاخر منذ أعوام ، ولكن تاكد لنا مجددا على ارض الواقع .
خامسا – انعقد المؤتمر الوطني السوري سريعا او متاخرا ، واشترك فيه الكرد بالعدل والمساواة او باقل التوقعات ، ومن الان وحتى صياغة الدستور السوري الجديد ، وانتخاب السلطة التشريعية – البرلمان – وتشكيل الحكومة ، وإعادة بناء المؤسسات ، والبدء بالاعمار ، فان مهمة إعادة بناء ( الحركة الكردية السورية ) على شكل تعبيرات منظمة ، تحمل المشروع الكردي للسلام ستبقى في أولويات خيارات الوطنيين الكرد على أسس سليمة ، ومن المفيد في هذه المرحلة ان يشعرجميع الوطنيين المستقلين ، والشخصيات ، والنخب الثقافية ، والشبابية بالمسؤولية التاريخية وخصوصا – الوسط الرمادي – والتخفيف من غلواء – الانا – الواسع الانتشار والتوجه نحو العمل الجماعي الديموقراطي ضمن القضيتين القومية والوطنية بذلك وحده يمكن خدمة الشعب ، وبناء الوطن .

الاكاديمي والثورة السورية
حوار قصير بين وطني سوري وبسمة القضماني

عندما شكلت جماعة – الاخوان المسلمين – ( المجلس الوطني السوري ) باستانبول بعد اندلاع الثورة السلمية العفوية الدفاعية بعدة اشهر عام ٢٠١١ ، وارادوا – تطعيمه – كعمل تكتيكي بحت برموز ليبرالية ، ويسارية ، والاحتفاظ بسلطة القرار ، والمفاصل الأساسية المالية ، والعسكرية ، والخارجية ، كان من بين من استدعوهم لتولي عضوية المجلس عددا من أصحاب الشهادات الجامعية بداعي الزينة الشكلية فقط وبينهم المرحومة د بسمة القضماني التي اعتقدت انها وزملاؤها سيديرون الثورة السورية ، ففي لقائها بعد اكثر من عام في موقع المسؤولية في بهو احد فنادق استانبول وبمحض الصدفة مع صديقي القديم وهو مناضل وطني قارع نظام الاستبداد لعقود ، وعانى السجون ، والمحاكم ، والملاحقة ، والاعتقال ، وهو ابلغني محتوى الحوار الشيق التالي :
بعد السلام والجلوس توجهت د قضماني الى الحضور وكنا نحوة عشرة اشخاص وكلنا من المعارضة قائلة بحماس شديد :
نحن الاكاديمييون في قيادة اول مجلس وطني ، وندير الثورة ، وسنوصلها الى بر الانتصار قريبا ، بعكس ماحصل لثورات الربيع في البلدان الأخرى .
قاطعها المناضل الوطني الجالس امامها موجها كلامه اليها : ولكنكم جئتم بدعوة من الاخوان المسلمين ، وبوساطة دولة خليجية معروفة ، وبعضكم يفتقر الى أي تاريخ نضالي سابق وهذا شرط في غاية الأهمية ، ولستم من شكل المجلس بل تشكل قبل وصولكم الى تركيا ، ولم تستلموا مواقع القرار حتى الان ، ثم ان صناع القرار لديهم مشروع وبصدد – اسلمة واخونة – الثورة السورية ، واضعاف الجيش الحر ، على مرأى ومسمع منكم فماذا انتم فاعلون ؟ من جهة أخرى قام السورييون بالانتفاض من خلال التظاهرات الاحتجاجية السلمية تحت شعارات الحرية والكرامة ، والتغيير الديموقراطي ، وواجهها نظام الاستبداد بالحديد والنار وتحولت الانتفاضة الى ثورة ، ومواجهات ، وحرب حقيقية بعد انحياز مجموعات من الجيش الحر الى صفوف الشعب ، فهل انتم ( الاكاديمييون ) على استعداد للحرب ، والانخراط بين صفوف المقاتلين ، والوقوف في المقدمة ؟ سيدتي الفاضلة الثورة المنتصرة تحتاج الى امرين أساسيين : الأول – انخراط الشعب في المواجهة بقيادة ثورية على الارض فلاثورة بدون ثوار ، الامر الثاني – ان يبادر الاختصاصييون ، وعلماء السياسة ، والتاريخ ، والاجتماع و ( الاكاديمييون ) امثالكم الى الانكباب على الكتابة وتقديم خلاصة تجارب الشعوب النضالية ، وخصوصيات المجتمع السوري ، ومشاريع البرامج السياسية والاقتصادية ، وصياغة الدستور ، والقوانين ، وتقديمها للثوار ومن يديرونها حتى لايقعوا بالاخطاء ، وتكون خطواتهم لصالح الشعب والوطن ، فهذا هو دوركم وهو في غاية الأهمية .
على اثر هذا الحوار القصير والمليئ بالمعاني ، والمتسم ببعد النظر انسحبت المرحومة على امتعاض ، ولم يمضي وقت طويل حتى تمت تصفية الثورة على مرأى ومسمع ( الاكاديميين ) ، وانحرفت المعارضة ، واطلق مصطلح – الثورة المغدورة – على اعظم ثورة شعبية شهدتها منطقة الشرق الأوسط .
الدروس المستقاة
هناك دروس مستقاة بمايتعلق بالاختصاصيين ، والطاقات الخلاقة ، وأساتذة المناهج العلمية باالجامعات ، لفائدة الحالة الكردية الخاصة في المرحلة الراهنة لتمكين التمثيل الكردي السليم مابعد الاستبداد ، وفي مقدمة تلك الدروس ، تقديم دراسات ، ومقترحات ، بشأن المشروع السياسي الكردي السوري لهذه المرحلة وسبل لم الشمل ، وإعادة بناء حركتنا الوطنية عبر المؤتمر الكردي السوري الجامع حتى لو اخذ متسعا من الوقت ، ( وهذا لم الاحظه شخصيا بكل اسف منذ عقود ) كل ذلك ليس من اجل الظهور الإعلامي الدعائي في دمشق كما تفعلها أحزاب طرفي ( الاستعصاء ) وملحقاتها البائسة ، والايحاء اللفظي بالتمثيل الشرعي للكرد وحركتهم .
شعبنا امام التحديات
ان شعبنا الان يواجه التحدي من مختلف الجهات ، فاالتصريحات الدبلوماسية العابرة الدعائية والغامضة ، واحيانا المسيئة من هذه الدولة الخارجية اوتلك ، وتدخلها السافر بادعاء ان هذا الفصيل العسكري اوذلك الحزب يمثل الكرد السوريين ؟! ، ومن دون انتخابات ، ومؤتمرات ، وتخويل شعبي ، ثم تحذو الفضائيات العربية حذوها ، او استغلال البعض لصلات ذات طابع عسكري مع العهد الجديد باعتبارها تفاوضا من اجل مصير الكرد السوريين ، او ادعاء هذا الطرف الحزبي اوذاك بانه بصدد عقد مؤتمر يكون برعايته ، وحسب سياسته ، نقول كل ذلك يستهدف الإرادة الشعبية الكردية الحرة الداعية الى تشكيل لجنة تحضيرية للاشراف على مؤتمر كردي سوري جامع بغالبية وطنية مستقلة ، لاقرار المشروع الكردي للسلام ، والشراكة مع العهد الجديد لبناء سوريا جديدة ، ديموقراطية ، تعددية ، تشاركية على قاعدة المساواة ، وتلبية الحقوق القومية المشروعة في اطار الوطن الواحد ، والعيش المشترك بين كل المكونات الوطنية .
نحن نفهم ونتفهم التعددية الفكرية ، والتنظيمية ، والسياسية ، في الحالة الكردية السورية ، ونميز الأصيل من الدخيل ، والتاريخي من الوافد ، والمبدئي من المكوع ، والثابت من التابع ، ولهذه الأسباب بالذات نسعى الان وبعد سقوط الاستبداد الذي كان عائقا وطرفا ؟! لتوفير مظلة شرعية جامعة وبغالبية غير حزبية ، للتوافق على المشتركات لمصلحة الشعب والوطن .

شارك هذه المقالة على المنصات التالية