إردوغان يهدّد «قسد»… لتَسمع أميركا: سوريا لن تُقسَّم

محمد نور الدين
تواصل «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديموقراطية» المشكَّلة من نواب مختلف الأحزاب المنضوية تحت قبّة البرلمان التركي، عقد جلسات متتالية، لاقتراح مشاريع لحلّ المشكلة الكردية، وعرضها تالياً على الهيئة العامة للبرلمان لاتخاذ القرار النهائي. لكنّ النقاشات التي تحصل على هامش اللجنة، في الصحافة، كما في مواقف العديد من المسؤولين، لا تعكس اقتراباً من أهدافها، بل تتعدّاها إلى مروحة واسعة من القضايا التي قد تشتّت التركيز عن المشكلة الكردية. ولعلّ الأهمّ هنا، هو محاولة ربط المشكلات الداخلية المتعلّقة بالقضية الكردية، بالبعد الخارجي المتّصل تحديداً بالوضع في سوريا، لا سيّما مستقبل «قوات سوريا الديموقراطية»، التي تعتبرها أنقرة معنية مباشرة بنداء زعيم «حزب العمال الكردستاني»، عبد الله أوجالان، وهو ما ترفضه «قسد».

وعلى هذه الخلفية، تتوالى التحذيرات والتهديدات التركية لهذه القوات؛ وآخرها، ما أدلى به الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، من مواقف اعتُبرت «إنذاراً أخيراً» لـ«قسد»، قبل أن تقع الواقعة. وممّا قاله: «ضمانة الأكراد في سوريا، كما كل المكوّنات هناك، هي في تركيا. وإذا توجّهوا نحو أنقرة ودمشق فسيربحون. لكن، إذا استُلّ السيف من غمده، فلن يبقى مكان لقلم ولا كلام». وسبق هذه التهديدات، تصريح للمبعوث الأميركي إلى سوريا، توم برّاك، قال فيه إنّ ما يريده لسوريا «ليس نظاماً فدرالياً، ولكن أقلّ منه بقليل»، في تناقض فاقع مع ما كان الرجل أدلى به سابقاً من أنّ «نظام الولايات العثماني كان ناجحاً، وعلى سوريا أن تبقى موحّدة».

في التعليقات الإعلامية، رأى تورغاي يرلي، في صحيفة «يني شفق» الموالية، أنّ «امتناع «قسد» عن تسليم السلاح، يجعل من مبادرة حلّ المشكلة الكردية في تركيا تحت الخطر، إذ لا يمكن المبادرة أن تكون مستقلّة عن الوضع في شرق سوريا». وبدوره، اعتبر أحمد فارلي، في صحيفة «بركون» المعارضة، أنّ تحذيرات إردوغان لـ«قسد»، «مرتبطة ارتباطاً وثيقاً باقتراحه المتكرّر عن تحالف تركي – كردي – عربي». وقال فارلي: «بعد إسقاط نظام بشار الأسد، كانت تركيا مستعدّة لقبول مطالب كردية في سوريا، على أن تسلّم سلاحها وتندمج بالجيش السوري وتتخلّى عن الحكم الذاتي. ورسائل إردوغان قبل أيام كانت موجّهة لقوات «قسد» كما للأكراد داخل تركيا وللولايات المتحدة، للتخلّي عن احتضان «قسد» مسلحة».

ووفقاً للخبير في العلاقات الدُّولية، سميح إيديز، فإنّ إردوغان، بتهديده بعملية عسكرية في شرق سوريا ضدّ الأكراد، «يحاول أن يهدّئ من مخاوف الجناح القومي التركي المتطرّف من تنازلات مؤلمة للجانب الكردي في تركيا». ورأى إيديز أنّ رئيس الجمهورية «وجّه رسالة قوية إلى واشنطن بألّا تمنح الأكراد حكماً ذاتيّاً في سوريا، حيث تشعر أنقرة بالقلق من مثل هكذا خطط يسعى الدروز أيضاً إلى فرضها في جنوب سوريا». ولفت إلى أنّ أوراق اللّعبة هي بيد الولايات المتحدة، التي لا تريد خسارة حليفتها التركية، وتقترح عليها، عبر برّاك، «أقل من فدرالية» برعاية أنقرة.

أمّا الخبير في شؤون الشرق الأوسط، يوسف قرداش، فاعتبر أنّ تهديدات إردوغان موجّهة أوّلاً إلى «قسد»: «إمّا أن تقبلوا بشروطنا للتسوية، أو أن تتحمّلوا العواقب». ولكنّ التهديدات، كما أضاف، «لا تقتصر على «قسد»، بل هي موجّهة أيضاً إلى الداخل التركي وعمل اللجنة البرلمانية لحلّ المشكلة الكردية»، قائلاً: «إردوغان، ومعه دولت باهتشلي، يخطّطان لجعل عملية الحلّ في الداخل أساساً لطموحات توسّعية في الخارج». وفي نهاية المطاف، فإنّ إردوغان يضع أكراد سوريا وتركيا معاً أمام معادلة «إمّا التسوية وفق شروطه المفروضة، أو تجدّد الحرب».

وفي صحيفة «حرييات» الموالية، كتب عبد القادر سيلفي، أنّ برّاك غيّر فكره من «سوريا ذات أمة واحدة وشعب واحد وجيش واحد»، إلى «يجب التفكير في سوريا ليست فدرالية ولكن ببنية أقلّ من الفدرالية بقليل». وقال: «إذا نال الأكراد حكماً ذاتياً، وكذلك الدروز، فإنّ الأطراف الأخرى ستطالب بذلك، من العلويين إلى العرب والتركمان وستبدأ الحرب الأهلية من جديد». ولفت سيلفي إلى أنّ تهديد إردوغان حول خروج السيف من غمده «لا يقصد به قوات «قسد» فقط، بل كل اللاعبين الذي يريدون التقسيم في سوريا، ومن بينهم إسرائيل والولايات المتحدة».

الأخبار اللبنانية

Scroll to Top