الأربعاء 16 تموز 2025

إلهام أحمد تكتب في نيويورك تايمز: نموذج الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا يقدم بديلاً ديمقراطيًا لمستقبل البلاد

دعت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إلهام أحمد، إلى تبني نموذج “الإدارة الذاتية” كخيار ديمقراطي بديل في سوريا، معتبرة أن هذا النموذج يمثل تجربة ناجحة في التعددية وحماية الحقوق، وقادر على الإسهام في استقرار البلاد والمنطقة بأسرها.

وفي مقال رأي نشرته في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أكدت أحمد أن “النموذج الديمقراطي في سوريا وُلد في الأيام الأولى للثورة، عندما حققت منطقتنا الحكم الذاتي في عام 2012″، مشيرة إلى أن المنطقة المعروفة باسم “روجافا” تغطي نحو ثلث مساحة سوريا وتضم خليطًا متنوعًا من المكونات العرقية والدينية، من أكراد وعرب وعلويين وأرمن ودروز ويزيديين، إلى جانب طوائف مسيحية كالآشوريين والسريان والكلدان.

وقالت أحمد إن “إدارتنا تضمن قانونيًا حماية المجموعات العرقية، وتمنح النساء دورًا قياديًا في صنع السياسات والمجتمع”، معتبرة أن ذلك يشكل “نموذجًا ليس فقط لسوريا بل للشرق الأوسط بأسره”.

وانتقدت أحمد الدستور المؤقت الجديد الذي تم الإعلان عنه مؤخرًا، واعتبرته لا يعكس التنوع الحقيقي في سوريا. وقالت: “لا يحمي الدستور المؤقت حقوق الأقليات أو النساء بشكل كامل، ويجعل من الشريعة الإسلامية المصدر لجميع القوانين الوطنية في دولة مركزية للغاية”، مضيفة أن “غياب الضوابط والتوازنات الكافية على السلطة التنفيذية، التي تملك سلطة تعيين القضاة وثلث المشرعين، يمثل تطورًا خطيرًا”.

وأعربت عن قلقها من أن الدستور المؤقت “تم وضعه إلى حد كبير من قبل أطراف كانت جزءًا من جماعة هيئة تحرير الشام”، محذرة من أنه “يسمح بتقييد الحقوق المدنية، بما في ذلك الحقوق الدينية، إذا اعتُبرت مخالفة للنظام العام”.

كما أشارت إلى تصاعد التوترات في البلاد بعد سقوط نظام الأسد، مستشهدة بـ”العنف المروع الذي شهده الساحل السوري في مارس، والذي قُتل فيه أكثر من 1600 مدني، معظمهم من العلويين، إضافة إلى الاعتداءات الأخيرة على الطائفة الدرزية جنوب دمشق”، ما يعكس، بحسب وصفها، الحاجة إلى “عملية دستورية ديمقراطية جديدة وشاملة”.

وأوضحت أحمد أن تجربة الإدارة الذاتية تقوم على “تقاسم السلطة”، حيث تُشغل المناصب من قبل رجل وامرأة من أعراق مختلفة، ويُدار الحكم عبر مجالس محلية منتخبة، مع مشاركة مجتمعية واسعة في صياغة السياسات. وأضافت أن “دستورنا الإقليمي، الذي نسميه العقد الاجتماعي، يضمن حقوقًا متساوية للجميع”.

وفيما أقرت أحمد بوجود تحديات على مستوى البنية التحتية والاقتصاد والبيئة، أكدت أن “الديمقراطية تتطلب ممارسة مستمرة”، مشيدة بدور الإدارة الذاتية في محاربة تنظيم داعش، وقالت: “تمكنا من هزيمة التنظيم بدعم عسكري أميركي، وبفضل تضحيات 14,000 من شبابنا وشاباتنا”.

وذكّرت أحمد بأن مناطق الإدارة الذاتية اعتمدت ثلاث لغات رسمية في التعليم (العربية، الكردية، السريانية)، وتتبنى إعلامًا حرًا، ونظام عدالة تصالحية يشمل ما يُعرف بـ”بيوت النساء”، إلى جانب تمكين واسع للنساء في جميع مجالات الحياة.

وختمت أحمد بالقول: “لقد فشل النظام المركزي الذي فُرض على سوريا بعد الاستعمار. من المنطقي أكثر أن تحكم المناطق نفسها ضمن دولة موحدة”، مؤكدة أن الاتفاق الموقع مع الحكومة السورية في مارس – والذي تضمن نية دمج مؤسسات الإدارة الذاتية في الهيكل الجديد للدولة – يشكل خطوة مهمة، إلا أن “الدستور المؤقت يهدد بتقويض هذه النوايا الحسنة”.

ودعت الإدارة الأميركية والكونغرس إلى دعم نموذج حكم ديمقراطي في سوريا، معتبرة أن ذلك “لن يفيد السوريين فقط، بل سيقدم أيضًا نموذجًا يُحتذى به في الشرق الأوسط”.