الثلاثاء 01 تموز 2025

إلى متى يستمر هذا السجال

غيفارا معو

الكورد(الواو من اصل الكلمة كورديا وحركة في اللغة العربية ) بطبيعتهم شعب مُسالم يعشق الحرية والسلام ولكنه أشرس الشعوب في الحرب إذا دق ناقوس الحرب يخرجون اليها أفولا لايهمهم الموت رجالا ونساء شيبا وشبابا عاش الكورد حياة غير مستقرة بعد مشروع سايكس وبيكو التي منحت خارطة دولية الى شعوب المنطقة ولكنها أخفت وأذرت شعوبا في تلك الخارطة تماشيا مع نفوذ كل دولة استعمارية من الاستعمار القديم واستمرت تلك الخارطة بعد ان استلم الدول التي استلمتها سلطات استبدادية ديكتاتورية كالبعث في سوريا والعراق والشهنشاهي والطورانية في ايران وتركيا وبدأت تلك السلطات تمارس الديكتاتورية والفاشية بحق الكورد دون استثناء اعدمتهم ميدانيا وعلقت لهم المشانق ولم يبقى سجنا في تلك الدول لم يكن فيها الكورد وبقضايا سياسية وجنائية زائفة كزيف تلك الدول واجهزتها الامنية القمعية التي كانت تشبه اجهزة هتلر النازية في المانيا وموسوليني في ايطاليا وو غيرهم من الفاشيين بل كانت جرائمهم في الكثير من الاحيان تفوق تلك الفاشيات
ورغم كل هذا القمع الممنهج والتنكيل العلني لم ينكسر صمود الكورد بل تحول إلى مقاومة مترسخة في وجدان الأجيال. فصوت الأم الكوردية التي ودّعت أبناءها إلى الجبال لا يختلف عن نداء المقاتل الذي نذر نفسه دفاعًا عن الأرض والكرامة. لقد أصبحت الهوية الكوردية – برغم محاولات الطمس عنوانًا للبقاء للحرية وللإصرار على الحياة.
إن مأساة الكورد ليست مجرد نتاج اتفاقية سايكس-بيكو التي جزّأت الجغرافيا بل هي أيضا ضحية تواطؤ دولي طويل الأمد حيث تغاضى المجتمع الدولي عن الانتهاكات المستمرة بحق هذا الشعب إما تجاهلًا أو من باب المصالح.
ورغم الجراح لم يتخلَّ الكورد عن الحلم ففي كل قرية دُمّرت في كل لغة حُظرت، وفي كل راية أُسقطت وُلدت قصة بقاء جديدة.
لقد قدّم الكورد ثقافة غنية، شعرًا وموسيقى وتاريخًا مقاومًا، لا لشيء سوى من أجل حق بسيط:
أن يُرى الإنسان الكوردي، أن يُحترم، أن يعيش حرًا كما يليق به.
فإلى متى يبقى هذا الجرح مفتوحًا؟
إلى متى يُطلب من الكورد أن يصمتوا باسم “الوحدة الوطنية” المزعومة وهم الذين لم يُعاملوا كمواطنين أصلًا؟
هل ما زال للعدالة معنى إن غُيّبت عن أمة كاملة؟
ما زال الطريق طويلًا لكن صوت الكورد بات أعلى.
فالتاريخ لا يُمحى، والحرية لا تُشترى، والكرامة لا تُفرّط.
في العقود الأخيرة لم تكن الحركات الكوردية مجرد تمرّد سياسي أو عسكري بل كانت تعبيرًا حيًّا عن تطلعات شعبٍ رفض أن يُختَزل إلى أقلية مهمّشة بدأت هذه الحركات تتخذ أشكالًا أكثر تطورًا تجمع بين الوعي السياسي التنظيم الشعبي والنضال الحقوقي والديمقراطي.
في روج آفا (غرب كوردستان في سوريا)، ظهر نموذج جديد لحكم ذاتي قائم على تمكين المجتمع، وخاصة المرأة، في تجربة استثنائية جذبت اهتمام العالم. هذه التجربة، رغم ما واجهته من حصار وصراعات، برهنت أن الكورد ليسوا فقط مقاومين، بل حاملي مشروعات إنسانية بديلة تنشد السلام والعدالة الاجتماعية.
وفي العراق بعد عقود من القمع البعثي ظهرت كوردستان ككيان شبه مستقل، بنظام برلماني وتجربة ديمقراطية فتية ما أعاد للكورد جزءًا من صوتهم المسلوب وأثار تساؤلات حول إمكانية تعميم هذا النموذج في مناطق أخرى من كوردستان التاريخية.
أما في تركيا وإيران، فرغم التحديات الأمنية والقمع المستمر، تستمر الحركات الكوردية هناك في رفع راية الهوية والحق عبر مقاومة ثقافية وسياسية تعكس مدى رسوخ الشعور القومي والانتماء الجماعي.
وفي الختام تبقى قضية الكورد شاهدة على مأساة شعبٍ لم يُمنح حق تقرير مصيره رغم تضحياته الهائلة ونضاله المستمر من أجل الحرية والكرامة.
لم يكن الكورد يوماً دعاة انفصال عن الحياة المشتركة بل كانوا دائماً في طليعة من يطالبون بالعدالة والمساواة والعيش الكريم ضمن مجتمعات تعترف بوجودهم وتحترم لغتهم وثقافتهم.
غير أن تجاهل الحقوق لا يُنتج سوى مزيدٍ من الانكسارات والتمردات ومهما حاولت الأنظمة طمس الهوية فإن ما يحمله الكورد من تاريخ وعزيمة يجعل من قضيتهم صرخة لا تسقط بالتقادم، بل تتجدد مع كل جيل.
إن نضال الكورد في جوهره هو نضال كل شعوب الأرض التي تطمح إلى أن تُرى وتُحترم وتُعامل كندٍّ لا كظلٍّ هامشي. فالكورد ليسوا ضحية الجغرافيا فقط بل ضحية صمتٍ دولي ونفاقٍ سياسي طال أمده.
لكن الإيمان بالحق والحرية لا يموت وسيبقى الكورد كما كانوا دائمًا عنوانًا للثبات في وجه الظلم ونبراسًا للشعوب التوّاقة إلى العدل.
ولعل الغد، وإن تأخر لا بد أن يحمل لأمةٍ عريقة مثل الكورد فجرًا منصفًا تستحقه عن جدارة.