برادوست ميتاني
الموقع ,الاسم والتاريخ
-الموقع
تقع مدينة عامودا الملقبة بعامودا رنكين (المدينة الملونة) وعامودا بافى محمد ( أي مدينة بافى محمد نسبة إلى المناضل سعيد آغا الدقوري والد الشاب الغيور محمد)على آرض سهلية منبسطة تشغل منها مساحة (1)كيلومتر مربع ، يخترق أرضها وادي يسمى بوادي خنزير تجري فيه المياه شتاءً، ويقسمها إلى قسمين شرقي وغربي كان يجري فيه نهر عام 1955 م.يذكر لنا مصدرنا أنه كان يمرّ فيها نهر آخر صغير(ربما هو نهر الخنزير نفسه) يدعى نهر داريه. بلغ مساحة عامودا 1000 كم2(1) المقصود هنا منطقة عامودا وليس مكان الذي تشغله المدينة.هي احدى مدن روزافا الكوردستانية, تبعد 27كم عن مدينة قامشلو من الشرق و 25كم عن مدينة الدرباسية من الغرب و68كم عن مدينة الحسكة من الجنوب(2)
تبعد حوالي ثمانية كيلومترات عن أوركيش/تل موزان عاصمة الخوريين(الحوريون) أحد أجدادنا الكرد والآريين في اتجاه الغرب وتبعد قرابة 2كم عن الحدود مع شمال كردستان من جهة الشمال
-الاسم
حملت المدينة منذ القدم أسماء متعددة تناقلتها الأجيال حتى اليوم منذ العهد الميدي أحد أجدادنا الكرد ودون في بعض من الكتب التاريخية للرحالة والممالك والحكومات ، أقدم ذكر مكتوب لاسمها حتى الآن ورد في رواية الواقدي المتوفي سنة 823م وذلك في حديثه عن الفتوحات الإسلامية عندما ذكر فتوح قلعة ماردين قائلاً :أن اسم عامودا هو اسم ابن الملك شهرياض بالتبني الذي وجد على سطح عمود وهو الأبن غير الشرعي لراهب مع زائرة للدير و أراد أن يتخلص منه فرماه بتلك الحالة ولكن بعد أن يكبر الولد يبني له والده الراهب قصراً في ماردين باسم قصر عامودا(3) )
ولكن لبحثي الطويل و منذ سنوات عديدة عن مصدر ومعنى اسم عامودا تيقنت من أنه مأخوذ عن الموقع الأثري القديم الذي يقع في شماله وليس ببعيد ولكنه أصبح بعد تقسيم كردستان في جزئها الجنوبي ألا وهو موقع وقرية دارى أو دارا حيث أن اسم عامود هو دار ,فلدينا نحن الكرد يطلق هذا الاسم على الأعمدة العالية الموضوعة في الأرض مثلما نقول دارى تيلي أي عمود السلك سواء الهاتفي أو الكهربائي أو دارى جلا أي عمود اللباس والذي حملته قرية أيضاً تأسست بجواره وربما أن ذلك الاسم أتى من اسم ذلك العامود ولكن ذلك بالترجمة إلى العربية . لذلك فأن أسم عامودا هو بمعنى دار أي ذلك الاسم القديم للموقع الأثري أو من اسم ذلك الشخص أو ربما من اسم الملك الأخميني دارا (داريوس) الذي أصبحت المنطقة تحت حكمه بعد سقوط الأمبراطورية الميدية في نهايات القرن السادس قبل الميلاد . كما يؤكد ذلك أ.محمد زكي أوسي عندما يقول اسمها الحقيقي دارى(4).
للكاتب أ. عبد اللطيف الحسيني أيضاً تفسير في ذلك :عموده :وهو حقيقة اسمٌ لربوة أنَّ اسمَ عامودا كُتب ( عموده ) ، وهناك أشكالٌ كثيرة يكتبُ بها الاسمُ . منها ( عامودة – عاموده – عامودا – عموده – عمودا – عامودي – عمودة) ربما تكونُ الكلمة مشتقة من القرية القريبة من عامودا : ( داري ) التابعة – راهنا و مؤقتا – لتركيا ، و داري تعني ( العمود) أي أنّ الترجمة الحرفية للاسم لعبتْ فعلها العنيف.وثمة قصة أسطورية تتحدثُ أنّ ابنة ملك ماردين ولدتْ سفاحاً . وأمرتْ بإبعاد ابنها ، فعلّقه المكلّفُ بهذه المهمة على ( عمود ) نُصِبَ قربَ تلّ عامودا حاليا . وتناقلَ القومُ قصّة الطفل المعلّق ب( العمود) . حتى أُطلقت التسمية على هذه المدينة.
للباحث ( كوني ره ش) تحليلات أخرى منها : التسميةُ موجودةٌ منذ العهد الآشوريّ و السوبارتيّ و الميتانيّ ، و التسميةُ هي آمادا) التي تعني : ( المتأهّب و الجاهز و المستعدّ ) لأنّ حاميتها في العصر القديم مستعدة للدفاع عنها . و قد رُخّمت الكلمةُ بتأثّرها باللغة العربية ، فأصبحتْ عامودا(5). والرواية الأخرى تتحدث عن أصل كردي للاسم يعود لأيام امبراطورية ميديا الكردية، التي كانت قائمة قبل الميلاد بقرون عديدة(6) . أن كردستان غنية بأسماء من ذلك القبيل والتي توحي إلى أن اسم عامودا مشتق من ميديا مثله مثل أسم مدن آمد ,وآميدية وجبال مندان وغيرها عندما يتحول حرف (أ) كثيراً إلى (ع) لذا ممكن القول بأن آمودا تحولت إلى عامودا هذا ليس في العربية فقط بل في الكردية أيضاً .
-التاريخ
تعتبر مدينة عامودا من المراكز البشرية القديمة العريقة حيث سبقت في وجودها مدن رئيسة في الجزيرة كقامشلو و ديرك والحسكة وكانت معمرة ومسكونة منذ قرابة مئتي عام وذات بيوت كثيرة ,إذ كان الفقيه والاديب البغدادي أبو شهاب الدين السيد محمود الألوسي 1803-1854م قد مر بقرية عامودا وذكرها بصيغة عمودا وان عدد منازلها 70 منزل وكان قادماً من ماردين حينها عام 1852م ويقول كان فيها جامع ونزلت في بيت ملا سليمان(وهو كردي) وهذه القرية قرب قرية دارا ثم يمدحها كثيراً(7).
يقول الصحفي صبحي عبد الرحمن في كتيبه كاليفورنيا الشرق ص 49: الجزيرة عام 1954م …لا يخفى أن بعد المسافة بين ماردين ودير الزور كان حوالي 200كم …لم يكن إذ ذاك ما بين ماردين ودير الزور إلا بضع قرى للأكراد (لم يوجد حينها في منطقة عامودا أية قرية عربية)في سهل ماردين الجنوبي في أطراف عامودا ونصيبين والدرباسية القديمة الواقعة ضمن الحدود التركية حالياً وقليلاً من الأعراب الشوايا مبعثرين على ضفاف الخابور جنوب الحسكة وضفاف الفرات(8)
يسرد لنا أ. بدرخان علي مشكوراً حقائق عن أحداث تاريخية لمدينة عامودا ويقول: هناك اشارة في الأرشيف العثماني العائد إلى عام 1564م الخاص بولاية ديار بكر (آمد)كقرية متوسطة الحجم .
أن مفتي ماردين عبدالسلام مارديني 1785-1843م يذكر عامودا كثيراً في كتابه تاريخ ماردين كقرية في برية ماردين ويدرك من ذلك ان محيط ماردين بالطبع منها عامودا مسكونة بعشائر كردية .يقول المفتي عن حوادث 1818 و1819م حين كان حاكم ماردين هو يونس آغا وقعت بينه وبين أمير عشيرة الملية علي آغا ايراهيم عداوة فعزل علي آغا إبراهيم عن أمارة الملية ونصب بدلاً منه علي آغا يونس ولكنه رفض فوقعت حرب بين الطرفين جرد على أثرها حاكم ماردين يونس أغا جيشاً في قوجحصار ،الاسم الحقيقي لها هو دنيسر أي دنيا سر وذلك لأهميتها العلمية والتجارية وتجمع القوافل التجارية فيها وتوزعها منها كونها تمتاز بموقع تجاري بين نسيبين وسرى كانيي وكأن الدنيا اجتمعت عليها وذلك في اللغة الكردية’ وان اسم دنيا سر هو بتقديم من ابن خلكان وهاجم علي لأغا إبراهيم الملي في عامودا .انتهت الحرب بعزل علي آغا إبراهيم وتعيين أحمد النعمان عوضاً عنه. يقول المفتي في كتابه عن عامودا أثناء حكم أحمد آغا الأربيلي لماردين انه في عام 1826 -1827 هاجمت العرب المنطقة فسادها الخراب والنهب والسبي والقتل ومظالم الحكم والتشتت وخرجت عن الأمن قرى عشائر الكيكية بتمامها وقرى الشيخانية بأسرها وقرى الخواص بجملتها وكذلك نسيبين وما حولها وما بقي سوى عامودا وحرين و وبعض قرى بيران علي .بينار علي أو بينار آلي هي قبيلة كردية معروفة في هذه المنطقة.
يذكر المفتي- مازال القول للأستاذ بدرخان – قرية عامودا أيضاً في حادثة تعود إلى 1827-1828م بعد نصيبين اغار التتري آغاسي السابق محمد سعيد آغا قرية عامودا ونهبها واخرج ما كان في أبارها( حفرة مغطة جال) من الحنطة والشعير ففر الأهالي إلى الجبال وزاد الطين بلة بانتشار وباء الطاعون .بعد شهر نزل أميرهم خليل آغا إلى السنجق واجتمعت اليه عشيرة الدقورية بقصد الصلح .ولكن بعد ذلك خدعهم الحاكم وهاجمهم بعسكر المرتزقة والملية ونهبوا أموالهم وأغنامهم و يتحدث المؤلف عن خراب كبير في برية ماردين في عامي 1827-1828م خلال حكم التتر آغاسي محمد سعيد آغا فيقول خلت البرية بأجمعها من السكان حيث لا يرى إلا مساكنهم ومن أسباب ذلك تسلط عرب العنزة وهم قوم الوف ولكوك وقبائل شمر منهم الجربا والصايح واصلهم من بلاد نجد(9).
يتبع…
المصدر: PYD
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=79672





