الجولاني يردّ «الجميل» لتركيا: الأولوية لكم… في كل شيء
محمد نور الدين
لمّح رئيس «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع (الجولاني)، إلى وجود محاولات للتوصل إلى حلٍّ وسط لِما تطالب به تركيا من نزع سلاح «قوات سوريا الديمقراطية»، وترحيل قادتها وعناصرها من غير السوريين، إلى خارج البلاد. وقال الشرع إن كلّ الميليشيات التي كانت موجودة في سوريا، يمكن أن تكون جزءاً من الجيش السوري الجديد. ومن جهته، بادره القائد العام لـ»قسد»، مظلوم عبدي، بالقول إنه يمكن إقامة كانتون كردي منزوع السلاح بإشراف الولايات المتحدة. وكتب في تغريدة: «(أنّنا) نؤيّد الدعوة إلى وقف إطلاق النار بالكامل في سوريا. ونحن مستعدّون لإقامة منطقة بإشراف الولايات المتحدة. هذه المبادرة هي لتبديد القلق التركي وضمان الاستقرار البنّاء في المنطقة». وبعثت الرئيسة الموازية لـ»الإدارة الذاتية» الكردية، إلهام أحمد، بدورها، برسالة إلى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، تشكو فيها من أن تركيا تستعدّ لاحتلال شرق الفرات قبل أن يتسلّم هو الرئاسة، معتبرةً أن «نتائج ذلك ستكون كارثية».
وعلى المقلب التركي، نشرت صحيفة «حرييات»، أمس، تقريراً عن استعدادات الجيش التركي للهجوم على مدينة عين العرب (كوباني)، وقالت إن «الهدف هو وصْل مناطق درع الفرات غرباً بمناطق تل أبيض شرقاً، حيث الجيش التركي، لتمتدّ بذلك سيطرة الجيش من دون انقطاع، وصولاً إلى رأس العين. ومنطقة كوباني كانت حتى الأمس تحت إشراف المراقبين الروس، لكنّ العلم الروسي أُنزل، وانسحب الروس بعد سقوط النظام، ووصلت إلى كوباني قوّة أميركية ورفعت بدلاً منه علم الولايات المتحدة، في رسالة إلى تركيا بعدم التقدّم للهجوم»، وفقاً للصحيفة التركية.
أمّا الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، فأكّد، خلال لقاء جمعه إلى رئيسة المفوّضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، أن «سوريا الجديدة يجب ألّا تكون وكراً للإرهاب»، وأن «تركيا هي بلد مفتاح للتطوّرات في سوريا»، داعياً المجتمع الدولي إلى مساعدة هذا البلد في المرحلة الجديدة. ودخل الناطق باسم «العدالة والتنمية»، عمر تشيليك، أيضاً، على خط الجدل حول إزالة «هيئة تحرير الشام» من قائمة الجماعات المصنّفة إرهابية في تركيا والغرب، إذ قال إن «رئيس الاستخبارات، إبراهيم قالين، التقى مع كلّ الأطراف، بمَن فيهم الجولاني، الذي التقى أيضاً الأميركيين والأوروبيين. لذلك، نحن حذرون ما دامت القائمة هكذا، ولكن نجري لقاءات معهم. وحين يلتقي مسؤول رسمي، الهيئة، فهذا يعني أنها لم تَعُد إرهابية».
في هذا الوقت، أجرى الشرع أول مقابلة له مع صحيفة تركية، مؤكداً في حديث إلى ياسين أقتاي، في «يني شفق»، أن تركيا هي «الدولة الأكثر مساعدة لسوريا وستكون علاقاتنا معها استراتيجية، وسنعطي الأولوية لها في معظم المجالات، ولا سيما في التجارة والاقتصاد، وسنستفيد من تجربتها، ونؤسّس روابط اجتماعية معها. وهذا الانتصار ليس فقط للشعب السوري، بل أيضاً للشعب التركي». ونفى الجولاني أن يكون هناك أيّ اتفاق مع إيران أو روسيا سرّع في إسقاط الأسد، بل «كان الانتصار نتيجة جهد دؤوب وخطّة منظّمة واستخدام للتقنيات الحديثة»، على حدّ قوله. وبالفعل، وكعربون وفاء لدعم أنقرة للمعارضة السورية، قال مدير الطيران المدني الجديد في سوريا، أشهد الصليبي، إن «أول رحلة خارجية ستكون اليوم الخميس أو الجمعة، إلى تركيا، وتنطلق من مطار حلب». وأضاف الصليبي أنه «لولا الدعم التركي، لَما وصلنا إلى هنا. والآن ليس هناك من ذريعة لإسرائيل لتضرب المطار، فهو مدني بالكامل».
الشرع: «تركيا هي الدولة الأكثر مساعدة لسوريا وستكون علاقاتنا معها استراتيجية»
وفي هذا الوقت، لا تزال تصريحات ترامب وإشادته بإردوغان ووصفه له بـ»الرجل القوي والذكي والعاقل»، مثار تعليقات مؤيّدة ومنتقدة. ووفقاً للخبير في شؤون الإرهاب، جوشكون باشبوغ، فإن «الجملة المفتاح في تصريحات ترامب هي: إردوغان واحد من الذين أتَفاهم معهم جيداً». وقال: «عندما انتخب ترامب، توجّه إردوغان إليه بالتهنئة، قائلاً: صديقي ترامب، وهذا كان مهمّاً جداً. إردوغان لا يستخدم مثل هذا الوصف إلّا قليلاً. فلم نسمع قبلاً أنه قال ذلك للرئيس الفرنسي أو المستشار الألماني». وبيّن أن «إردوغان يوازن جيداً بين علاقته بترامب، وعلاقته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين»، مشيراً إلى أن «تركيا هي البلد الأكثر محاربةً لداعش»، ومذكّراً بأن «ترامب قال خلال الفترة الأولى لحكمه: إنّنا ننسحب من سوريا وقد أنهينا داعش، وإذا كان بقي بضعة إرهابيين، فإن إردوغان سيتكفّل بهم». وبحسب باشبوغ، فإنه «على الرغم من أن تركيا لا تظهر مباشرة في صورة التطوّرات الميدانية حيث تنحصر الأمور بهيئة تحرير الشام، فإن تركيا هي أكبر الرابحين في سوريا، فيما أميركا التي تدعم الأكراد تَظهر واحدة من الخاسرين. ولا يجب نحن الأتراك ألّا نرى ذلك».
ورأت رئيسة برنامج السياسة الخارجية في وقف أبحاث السياسات الاقتصادية التركية، غول رو غيزير، من جهتها، أن «كلام ترامب عن تركيا وإردوغان يعطي إشارات قوية إلى ملامح المرحلة المقبلة من العلاقات بين أنقرة ودمشق في السنوات الأربع المقبلة». وقالت إن «سياسة أميركا تجاه سوريا ستكون على ما يبدو بالتنسيق مع تركيا»، وإن «ترامب لم يكن ذا خبرة في المرحلة الأولى، لكنه الآن يحيط نفسه بفريق متناغم معه بالكامل. ولذلك، عندما يقول إنه يجب التحرّك في سوريا مع تركيا، فإن أحداً لن يعارضه».
وكتب النائب السابق المعارض، مصطفى بلباي، بدوره، في صحيفة «جمهورييات»، متسائلاً عمّا إذا كان ترامب يمدح إردوغان أم لا. ورأى أن «التطوّرات في سوريا تسير كما لو أنها فيلم معدّ مسبقاً ومنظّم بحيث سارت بكل دقة. إردوغان يقوم بالدور الأكبر في هذا الفيلم وبتغطية كاملة من الرئيس الأميركي الجديد». وقال إن «الأوروبيين يهمّهم اللاجئون، ويعطون إردوغان المال لإبقائهم في تركيا. أمّا جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ففي خبر كان». وأضاف بلباي أن «ما يقوله ترامب يعني أنه لا وجود لتركيا. يوجد فقط إردوغان. وهذا أمر مخجل. قال عنه إنه قوي وذكي وأسّس جيشاً قويّاً، يمكن التفاهم معه بشكل جيد. هذا ترجمته بالتركية ما يلي: بعد الآن أيّ شيء سلبي يطرأ، سيدفع إردوغان فاتورته. أنا لن أضع يدي تحت الحجر في هذه المنطقة وأنت تعرف مسؤولياتك. وإذا أردت شيئاً في المستقبل، فلا تقل لي برلمان وفلان. المخاطب الوحيد هو أنت. وأنت تعرف من التجارب الماضية (ماذا يحدث) إن لم تسر الأمور كما أشتهي». وانتهى بلباي بالقول: «الآن، أبو محمد الجولاني زعيم سوريا الأوحد، وإسرائيل تدمّر سوريا وتحتلّ أراضيَ جديدة والعالم العربي ساكت والدول الإسلامية ساكتة، أمّا ترامب فيقول إن إردوغان هو المفتاح في سوريا. لا حاجة إلى أيّ تعليق إضافي».
أما زعيم «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، أوزغور أوزيل، فقال في اجتماع لتكتُّل حزبه، إن «الوجوه التي ابتسمت مع وجود إردوغان في الحكم واضحة: إسرائيل وترامب. ممّا يجري في سوريا الآن، هناك كتلتان مسرورتان: إسرائيل وحزب العدالة والتنمية. أن يُسرّ حزب العدالة والتنمية وإسرائيل للشيء نفسه، فهذا أمر سيّئ لتركيا».
المصدر: الأخبار اللبنانية
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=58633