الخميس, نوفمبر 21, 2024

الروائي والشاعر عبد الحميد القائد: الأدب رسالة التسامح والحب والسلام

حاوره/ عبد الرحمن محمد_
حين تغدو الكلمات مملكة السحر، والحروف منابع العطر، تطير الروح فراشة حالمة بألف جناح، تحط على صورة جميلة هنا، وتحلق مع تعبير منمق هناك، فتضحك خوابي الكلام البليغ، وتنضح بعذب النشيد، ودلالة التعبير، من شعر، ومن نثر وسرد.
في حديقة السحر، وجادات الحروف المعطرة، استوقفنا الروائي والشاعر، وشاعر ينسج من لُحمة الحروف، ومناحل الوصف شعرا بديعا، ونصا يطير بنا نحو مجد الكلمة، والمعنى الأشمل، فكان لنا حوار مع الناقد، والشاعر البحريني عبد الحميد القائد:
 ـ لو حدثنا عبد الحميد القائد الشاعر عن بدايات مُعاركة الحياة، ومفردات التعايش معها، ومع الأدب، فماذا يقول؟
كان البحر أمامي، حينما قذفتني أمي من داخلها، على بعد خطوات، فصادقته، وأسرتني زرقته وهدوءه. ولدتُ في حي البحارة والخياطين “الحورة” التي ظلت ترافقني طوال حياتي أينما حللت، وأينما توجهت. هذا البحر الذي اختطفته المدنية لاحقًا، ولكنهم لم يتمكنوا من انتزاعه مني، اقصد بحر الحورة.
في المرحلة الابتدائية كنت تلميذا في مدرسة القضيبية، التي كانت تبعد عن بيتنا خمسة كيلومترات، وكنت أصل إليها مشياً مهما كانت الأحوال الجوية، ذهابًا وإيابًا، ثم التحقت بمدرسة المنامة الثانوية، هنا بدأت رحلة التعب والمشقة مع الحرية والحرف، هنا بدأ مشوار الحلم، بعدها توجهت إلى بريطانيا لحضور دورات مصرفية ومالية مختلفة، لقد عملت معظم حياتي في المجال المصرفي والمالي، وربما لحسن حظي إنني عملت في قطاعات عديدة مثل الطيران، والبنوك، ومعاهد التدريب المصرفي، والإعلام، والتلفزيون، والصحافة، وأمانة سر مجالس الإدارة؛ ما أكسبني خبرة واسعة في مجالات عديدة أفادتني في عملي الحالي، وهو صاحب مكتب للترجمة إلى مختلف اللغات العالمية، هذا المكتب، الذي رافقني، وما زال حتى في أوج انشغالاتي الوظيفية، أنا في الوقت الحاضر متفرغ لمكتب الترجمة.
ـ وماذا نجد في جعبتك من الأعمال الأدبية المنشور منها، والذي ينتظر النور؟
فيما يتعلق بالأعمال المنشورة: في مجال السرد: وللعشق رماد (رواية) 2016، طريق العنكبوت (رواية) 2019، حكاية حب في زمن الكورونا (رواية) 2022، توقف الزمن هنا (مجموعة قصصية) 2022،
في مجال الشعر: عاشق في زمن العطش 1975، صخب الهمس 2003، غربة البنفسج 2010، ما عاد شيء يهم 2015، رذاذ الدهشة 2023
في مجال الترجمة: اللؤلؤ وأحلام المحار، “انطولوجيا الشعر البحريني الحديث”، (باللغة الإنكليزية) 2007م،  كتب تبحث عن ناشر: ديوان “سر ما رأى”، ديوان، “رقص داخل الجسد”، ديوان “عازف وحيد في زاوية المقهى”، ضوء للعتمة (مجموعة مقالات).
ـ الحراك الثقافي والأدبي في الخليج عموما والبحرين على وجه الخصوص. ماذا عنه؟
الحراك الثقافي في البحرين لم يهدأ يومًا، إلا في فترات بسيطة، كانت البحرين دائمًا في طليعة دول الخليج ثقافيًا، ولم يكن يصدر فكر، أو موجات إبداعية في بيروت، أو القاهرة، أو بغداد، إلا وكانت هنا في اليوم التالي، نظرًا لأن التعليم النظامي بدأ هنا مبكرًا في عام 1919 قبل كل دول المنطقة، لذلك أصبحت هذه الجزيرة تستقطب كل الأيديولوجيات القومية واليسارية، منذ بداية القرن العشرين، الحركة الأدبية الجديدة بدأت في بداية السبعينيات مع تأسيس أسرة الأدباء، والكتّاب وهي عبارة عن اتحاد الأدباء البحرينيين، والحراك الأدبي في الخليج منتعش أيضاً، وبروز العديد من الكتّاب من السعودية، والإمارات، وعمان، والكويت، وأيضًا قطر.
ـ السوشيال ميديا تخيم على الأجواء العامة والأدبية. هل يمكن “للأدب الالكتروني” أن يطغى أو يحل محل الأدب الكلاسيكي؟
السوشيال ميديا وسيلة خطيرة بدأت تسود الساحة الثقافية، وتسحب البساط من تحت أرجل الكلاسيكيين، فالورق في طريقه إلى الانقراض، بعد عدة سنوات، ولكنني على المستوى الشخصي، لا أحبذ قراءة الكتب الرقمية، وأحب معانقة الكتاب مثل حبيبة، المسألة الخطيرة الآن هو بروز عدد من الكتّاب المتمكنين من تقنية المعلومات، على الرغم من أن ما يكتبونه لا يرقى إلى المستوى المطلوب، على حساب الكتّاب المبدعين الحقيقيين، الذين لا يعرفون العالم الرقمي.
ـ المنتديات والصالونات الأدبية في الواقع وعلى الإنترنت تنتشر وتتوسع. ما الدور، الذي يمكنها أن تقوم به؟
المنتديات الأدبية والثقافية بدأت تنتشر كالنار في الهشيم، وقد بدأت هذه الانطلاقة في الأساس منذ فترة الجائحة؛ للتغلب على القيود في التواصل، وفي رأيي هذه ظاهرة جيدة من الممكن أن تساهم في ازدهار الثقافة، والأدب، وتوثيق روابط الصداقة، والعلاقة مع الأدباء في مختلف الأقطار العربية وخارجها.
ـ في صلة بالسؤال السابق؛ تدير -منذ تأسيسه – منتدى البحرين الإبداعي. ما مشاريعك القريبة، وكيف تنظر للمنتدى، وما يقدمه؟
منتدى البحرين الإبداعي عمره الآن ما يقرب من سنتين، وخلال هذه الفترة تمكنّا من استقطاب أسماء أدبية من مختلف الأقطار العربية، ونأمل في إضافة المزيد لتغطية أرجاء الوطن العربي، وبعض القامات من خارج الوطن العربي، نحن نحاول، كل جهدنا، أن نساهم في الحراك الثقافي الأدبي، وأكاد أقول: إننا تمكنا الآن من كسر الحاجز الجغرافي، وأصبح للمنتدى مكانة ولو “متواضعة” على المستوى العربي، ولكننا نطمح في المزيد، فمن مشاريعنا المستقبلية، إصدار مجلة الكترونية تُعنى بالأدب بمختلف تفرعاته، وأيضا إصدار كتب في مناسبات مختلفة، وهذه المشاريع كلها، هي عبارة عن حلم يحتاج إلى تكاتف الجهود، لأنه يحتاج إلى فريق عمل ملتزم ومتحمس في هذا الاتجاه.
ـ كيف تنظر لتوجه الكثيرين إلى كتابة الرواية، رغم تجاربهم القليلة، ما مرد هذه الظاهرة؟
إن توجه الشاعر إلى كتابة الرواية، هو مبادرة مشروعة، فهذا الزمن هو زمن الرواية والشعر، وخاصة أن الشعر الحداثي أصبح شعر النخبة، شئنا أم أبينا، أعتقد أنك تقصد بأن هناك شعراء مبتدئين دخلوا عالم السرد، هنا يكون هذا الشاعر أمام اختيار، ربما لم يفلح في مجال الشعر، وانتقل إلى كتابة الرواية، التي يمكن أن يتفوق فيها، فمن يدري؟ أما فيما يتعلق بالشعراء، الذين رسخوا أقدامهم في مجال الشعر، فإن دخولهم عالم السرد، هو محاولة لفتح نافذة أخرى للتعبير، وأعتقد أنه عندما يكتب الشاعر رواية ربما يحقق التفوق بسبب لغته الشعرية.
ـ في ظل الصراعات الدولية والإقليمية، وظهور بعض الأوبئة، أيه رسالة، وأي دور يمكن أن يقوم به الأدب؟
الأدب في مختلف العصور كانت رسالته، وما زالت التسامح، والحب، والسلام، والآن مع انحدار العالم نحو الحروب والدماء، والإثنية من الممكن للكاتب أن يلعب دورًا محوريًا في إبراز موقفه الواضح من هذا الظلم، واللاعدالة، والحروب.
ـ تنتشر ظاهرة منح الأوسمة، والجوائز، وحتى شهادات الدكتوراه الفخرية، هل لهذه الألقاب، والتقييمات دور سلبي، أم إيجابي؟
هذه الشهادات، والأوسمة، فيما يتعلق بي، لا تعني شيئًا، فقد تحولت الأجواء الأدبية إلى أجواء شللية، وفئوية، وسلطوية، يمنحون الأوسمة والجوائز إلى أناس لا يستحقونها، ولا يعني عدم حصول الكاتب على هذه الأوسمة، أنه ليس مبدعًا، أو أن من حصل عليها، هو من النجوم، وينطبق هذا أيضا على المسابقات العربية، التي تدخل فيها حسابات مختلفة سياسية وجغرافية، وعلاقات شخصية.

​الثقافة – صحيفة روناهي

شارك هذه المقالة على المنصات التالية