الثلاثاء 19 آب 2025

الشاعرة هيفاء دو سكي وفارسة الشمس

* كيف تكون المرأة ناضجة فكرياً ؟
*   صور لمواجهة الانكسار الذاتي والعاطفي   ج / 23
 عصمت شاهين الدوسكي
الحداثة الشعریة لا بد منھا ، إذا كانت في أطوار متعددة ، فھي تعاني الاصطدام ومواجهة  الوعي الطبیعي ،لما یدور من تجدید في النفس البشریة والعالم ، أو وعي سریع بجوانب عدیدة تفرضھ الأحداث المسرعة  ،في زمن أسرع ، وربما تعني الحداثة الشعریة التعامل الجدید مع أجواء الحضارة المدنیة والمجتمع ، بإطار خیالي ،الذي ینتج منھ ، مشاعر حیویة ،ونشاط في العواطف الراقیة ، وقد تكون حاجة ملحة لقربھا من الإنسان ، بتفاعل كبیر بینھ وبین ما یحیط بھ ،  وهناك جوانب أخرى للحداثة الشعریة ، كالثورة على التقالید البالیة واستخدام صور مضادة لھا ،تكون أكثر ذكاء من التقالید ، باعتمادها على الإحساس الصادق والمشاعر المترابطة ، وإبراز الآلام والانتكاسات والمعاناة التي تنتجھا تلك التقالید ، الشاعرة ھیفاء دو سكي لا تطیق إلا أن تكون ضمن ھذه الحداثة التي ولدت بقوى أدبیة مختلفة ،بلغت ذروتھا في أمكنة وأزمنة مختلفة ، إن كان أو قصیراً ،فھي إعصار آخر تقف بوجه ( أعاصیر العشق ) بمقدورھا أن تجثم على ( قمم المحبة ) الشاعرة مكوثھا طویلاً ھیفاء دو سكي ، تستهل قصيدتها لا تدعوني أنثى ب ( لم أطیق ) كأنھا ذاقت ذرعاً قاسیاً من الأوجاع والتراكمات الزمنیة ، . صورة لمواجهة الانكسار الذاتي والعاطفي لم أعد أطیق )) مع أعاصیر العشق أن ألحم الكلمات على قنوات هوامشك لا تدعونني ” أنثى ” لأنھ بمقدوري (( أن أجثم على قمم المحبة  هذه الصور الشعریة المصرة على قمم المحبة حتى لو تجردت قلیلا ( أنثى ) لیس من كينونتها  الطبیعیة ، بل بنكرانھا زادت الأنوثة إصراراً على التغییر والتجدید للوصول إلى قمم المحبة ،بل رمز تحدي جمیل لتكوین قدر جدید ، من الحب والأمل والحیاة ، إن الحداثة الشعریة علیھا أن لا تسيء إلى التراث والموروث الراقي ،كالتراث الواقعي والرومانسي والجمالي وغیره بل یجب أن یعد تطوراً جدیداً منعشاً لذلك التراث وإحیاء لھ بأي شكل ومضمون حدیث ،الشاعرة ھیفاء دو سكي تنعش أجنحة الخوف  بتجلي ملامحھ  الظاهرة والضمنیة ،وفي نفس الوقت ترفض وجوده ( لا أطیق ) فمشاعر الخوف لا تعني شیئاً مھما كان وجوده وجبروتھ أمام ( فارسة الشمس ) فالشمس تمحي ظلام الخوف واضطراب الفكر ،وتضعف جوھره الوجودي ، رغم أن مفاهيم الخوف عدیدة لا تحددھا سوى تلك الأطر الإنسانیة العمیقة التي تختلج في أفكار وهواجس الوعي ولا وعي ، . ومهما كانت فھي واهنة أمام نور الشمس المشرقة ، التي تذوي في مسامات الجسد الفكري والعاطفي والحسي لا أطیق )) أن أقبل على أجنحة الخوف ((  لأني فارسة الشمس فھي صور من التحدي الذي یختلف من امرأة إلى أخرى ، ومن زمن إلى زمن آخر ، ومن مكان إلى مكان آخر ، فھو في نفس الوقت نشاط نقدي حدیث لإضاءة الفكرة وتنویرھا ، لتتجاوز الملل النفسي ،والركود الإجباري ، والفكر الاجتماعي المتسلط ، واستكشاف الحركة الأنثویة ، الفنیة ،في عصر لا یقیده قوانین مظلمة ولا تقالید سوداء تحید من قوة الأنثى ، والأنثى ھنا إن جاءت كرمز ، فھو رمز قوي ، سحري ،یؤكد الطابع الأنثوي المحلي الأصیل خاصة والعالمي عموماً ،ولیس ضعیفاً كما یدعي البعض ، فوجودھا فعال ، حیوي ، للنص الشعري والحیاتي ، التي تغطي مساحات زمنیة واسعة ، مساحات تمتد لعمق التاریخ ولبدایة الحضارة ،فنشوء الأنثى وتطورھا وانفجارھا ، أمام الظلم والقسوة ، والمعاناة والقیود والأفكار السوداء ، كأنھا سلعة . تباع وتشترى ،نتیجة ( أفكار جوفاء ) أو أنثى داعرة نتیجة الظلم والفقر الأسود ، الكئیب ،الذي لا یعي ولا یعیل لا أقدر )) أن أقبل وجھ كئیب في ثنایا خصلات شعر اللیل بأفكار جوفاء (( أتعلم في عالم بلا حدود إن مفهوم المرأة بمشاعرھا وأفكارھا وكیانھا في الأطر الشعریة الحدیثة ،لا تختلف من بعید أو قریب عن الإشارة إلى وضعھا الحیاتي ، الفكري ، الوجودي ، الحسي ،وفرض الحقیقة الأنثویة لمن یود معرفة الأنثى في الأدب الرومانسي والأدب الثوري ، النقدي ، وھو جزء من تطور الأنثى في الحیاة الحرة الكریمة ،، نلاحظ استخدام الشاعرة ھیفاء دو سكي لاءات عدیدة دلالة على الرفض والتمرد والانفجار الداخلي ومنھا هذه اللاءات ( لا تدعونني أنثى – لا أطیق – لا أقدر ) التي تعكس فكر المرأة الحدیث ،ونشاطھا الحقیقي في المسیرة ألكيانيه والفعلیة والوجودیة ،التي تشھد على مر الزمن تقلبات الأفكار السوداء والجھل القاتل  ،والفقر المدقع ،رغم مظاهر التطور والحداثة والتغییر والتجدید المستمر في العالم ، إن تسلیط الضوء على الحداثة الشعریة الأنثویة ،تؤذن بمیلاد فكر خلاق ، واعي ، جمیل ، نتعرف من خلالھ إلى المغامرة الأنثویة الحدیثة ، المسئولة عن كشف الحقیقة الإنسانیة مع المتغیرات الحضاریة ، وتنتقي منھا لحظات حسیة وفكریة ،من صور الواقع ، لتجعلھا نقطة بدایة للتغییر الكبیر في الطبیعة البشریة ، فقد تغیرت العلاقات عموماً بین الغني والفقیر بین الحاكم والمحكوم ، بین السلطان والرعیة ، بین الزوج والزوجة ، بین الابن وأبیھ ، فعندما تتغیر العلاقات الإنسانیة ، لابد أن یتبع ذلك تغیر في الفكر والنظرة إلى المجتمع والدین والقیم والأخلاق والسیاسة والأدب ، وھنا لا بد أن یكون لدور المرأة في كل المجالات الإرشادیة والتعبویة المؤثرة ،قویاً ، نشطاً ،فاعلاً ،حیویاً ،مؤثراً ،في توجیھ المجتمع وإمكانیة إصلاحه بقدر ما ، بدلاً من الخنوع والركود والسكون والخمول ، لتقول للآخر بیأس ، لقد انتهى العالم ، الشاعرة ھیفاء دو سكي رفضت الیأس والضعف ، بل قدمت للعالم كیف تكون المرأة . ناضجة فكریاً بأسلوب شعري حدیث جمیل ، لتعلن إن الأنثى بمقدورھا أن تكون فارسة الشمس .
************
ھیفاء دو سكي ولدت عام 1982 في قریة بروشكي في محافظة دهوك كوردستان تعود بدايتها الشعریة إلى عام 1996 ومنذ عام 2003 تنشر إنتاجھا الشعري بكثافة في الصحف والمجلات الكوردیة في كوردستان ، ومنذ عام 2003 تنشر في المجال الصحفي ولھا نتاج جم منشور في الصحف والمجلات منھا ” جافدیر ره سھ ن ، بھدینان ، ” مجلة زاخو ، مجلة سیلاف ، وصحف ومجلات أخرى تعمل حالیا مراسلة صحفیة في جریدة ” ئه فرو ” والتي تصدر في محافظة دهوك شاركت في العدید من المهرجانات والمسابقات الشعریة عضوه جمعیة الشعراء الشباب في  دهوك