الغنم تمشي كالقطيع أما الاسود تمشي فرادا

جواد إبراهيم ملا
في مثل هذا اليوم، في 6 نوفمبر من عام 1944، قام إلياهو حكيم وإلياهو بيت زوري (أعضاء في حركة شتيرن اليهودية) باغتيال اللورد البريطاني إدوارد غينيس (بارون موين الأول) في القاهرة. كان موين وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط، لأن إقتراحاته لم تتفق مع أهداف اليهود فقاموا بإغتياله مع أن بريطانيا ترعى المصالح اليهودية بكل أمانة، إلا أن اليهود حسب استرتيجيتهم لا يفرقون فيما بين الصديق والعدو لأنهم يبنون سياستهم على قطع رؤوس من يقف في طريق دولتهم أكان صديقا أم عدوا.

وعلى أثر اقتراح بريطاني أثناء الانتداب البريطاني في فلسطين يدعو إلى منح اليهود في فلسطين حكما ذاتيا… فكتب “بن غوريون” أول رئيس لإسرائيل في مذكراته ما يلي: “لقد صمنا 5000 عام فلا نفطر على حكم ذاتي تافه”.
ولكن القيادات الكوردية الحزبية يرحبون بأي حق كوردي تافه لأنهم لم يصوموا على أي شئ ومستعدون ليفطروا على شئ من التوافه وفي كل زمان ومكان.

القيادات الكوردية الحزبية ليسوا ضد كل من يسعى للدولة الكوردية فحسب بل هم مع كل من يعادي قيام الدولة الكوردية أيضا، حيث فتحوا لأعداء الكورد مكاتب رسمية وعلنية، إعلامية وسياسية وعسكرية واستخباراتية في كوردستان. فإيران وتركيا فقط لهما عشرات المراكز العسكرية والاستخباراتية ومئات المؤسسات الاعلامية والسياسية في حلبجه والسليمانية وهولير ودهوك.

أما مسألة إغتيال أعداء الكورد وكوردستان كالتي قام بها اليهود بمدينة القاهرة في العام 1944 فهي مسألة تم إلغؤها من مناهج القيادات الكوردية الحزبية منذ أن ألغوا مسألة استقلال كوردستان رسميا من مناهجهم الحزبية، وللحقيقة والتاريخ في بعض الاحيان تطلق القيادات الكوردية الحزبية تصريحات بشأن استقلال كوردستان ليس من أجل استقلال كوردستان بل من أجل ذر الرماد في عيون القطيع في إنهم يسعون من أجل استقلال كوردستان ليسير القطيع وراءهم مطأطئ الرأس.
كما لم تسمح القيادات الكوردية الحزبية للشعب الكوردي في أن يعلن عن استقلال كوردستان حينما كانت كوردستان تحت حماية الطائرات البريطانية والامريكية في العام 1991 وحينما شارك الكورد في إسقاط دولة العراق في العام 2003 وحينما شارك الكورد في الحرب ضد تنظيم داعش في العام 2014…

ففي هذه التواريخ كانت القوى الكبرى بحاجة إلى الكورد ومستعدة لتنفيذ كل ما يطلبه الكورد إلا أن القيادات الكوردية الحزبية أجرت الاستفتاء من أجل استقلال كوردستان في العام 2017 حينما انتهت الحاجة للكورد. فالسياسة كالتجارة تخضع لقوانين العرض والطلب، فقيمة البترول كبيرة ولكن في زمن جائحة الكورونا توقفت السيارات والطائرات والمعامل فهبط سعر البترول إلى الصفر لأنه لم يعد أحدا بحاجته.

وأعود مرة أخرى وأؤكد في أن القيادات الكوردية الحزبية لو كانت صادقة في عملية الاستفتاء الذي أجرته كان يجب عليها الاعلان عن استقلال كوردستان ولو لساعة واحدة بعد أن أدلى الشعب الكوردي بصوته مؤيدا للإستقلال.
وهناك من يدّعون في أنهم فطاحل وفلاسفة القومية الكوردية يكتبون مقالات تدّعي الدفاع عن الكورد وكوردستان، إلا أنهم وبنفس الوقت أعضاء أو أنصار لحزب من الاحزاب الكوردية التي ألغت مسألة استقلال كوردستان، أي أن فطاحل وفلاسفة القومية الكوردية هؤلاء بالرغم من دفاعهم عن الكورد إلا أنهم مشاركون عمليا في العداء لإستقلال كوردستان بمناصرتهم للقيادات الكوردية الحزبية التي مسحت مسألة استقلال كوردستان من مناهجها العقيمة.

والأكثر مرارة أشاهد القطيع يعطيهم التأييد والمباركة بالمئات والألوف ولربما بالملايين… إلا أن من يناضل من أجل استقلال كوردستان وقيام الدولة الكوردية لا يحصلون على ذلك التأييد الذي يستحقونه.
وهناك أمثلة عديدة عالميا حول ما تجره سياسة القطيع من مآسي وويلات وفيما يلي إحدى تلك الامثلة:
لم يستلم أدولف هتلر الحكم في ألمانيا في العام 1933 من خلال ثورة أو إنقلاب عسكري بل استلم الحكم لإن قطيع الألمان صوتوا له في الانتخابات، مع أن هتلر تسبب في قتل عشرات الملايين من الألمان في حروبه المدمرة التي أدت إلى تقسيم ألمانيا وإهانة شعبها.

فليس كل من يملك الفلوس والسلاح والقطيع يقود الشعوب إلى بر الأمان.
مختصر الكلام: إن كل من مسح مسألة استقلال كوردستان من منهاجه الحزبي يقوم عمليا بتنفيذ الإتفاقيات والمعاهدات الاستعمارية التي مسحت كوردستان عن الخارطة كإتفاقية سايكس بيكو 1916 ومعاهدة لوزان 1923 وقرارات مؤتمر طهران 1943.

ولكن مهما تكالبوا على الشعب الكوردي المظلوم والذي ظلم نفسه أكثر في أن جعل من نفسه قطيعا.
إلا أن دولة كوردستان قادمة مهما كره الكارهون والمتآمرون.

Scroll to Top