الأربعاء, سبتمبر 18, 2024
القسم الثقافي

الكرد أمة الإبادات الجماعية

عطا درغام

تأليف الباحثة الفنلندية: كريستينا كويفنن
ترجمة :حسين ملا محمود
الهدف من الكتاب هو وصف تاريخ الإبادة الجماعية خلال القرن العشرين في كردستان الشمالية والجنوبية في منطقة حُكمت من قبل العثمانيين منذ العام 1514 وحتي العام 1923، وتشَّكل الآن منطقتي كردستان في العراق وتركيا.
فكرة الكتاب تتكون من ثلاثة عهود تاريخية : ووصف الكتاب بشكل عام كيف قسِّمت كردستان العثمانية بعد الحرب العالمية الأولي (1914-1918) بين تركيا والعراق، وكيف بدأ الترك والعرب بعملية صهر الكرد
الفكرة الثانية هي كيف أن الكرد دافعوا من خلال التمرد عن هويتهم القومية ضد عملية التتريك والتعريب القسرية. والموضوع الآخر هو قمع تركيا والعرب للمتمردين الكرد،أدي أسلوب القمع في كل من تركيا والعراق إلي أن تصل إلي مستويات الإبادة الجماعية، ووصل القمع قمته في عمليات الأنفال في جنوب كردستان العام 1988، وركزت الكاتبة علي موت المدنيين غير المسلحين (يقع موت الجنود والمحاربين في الحروب التي حدثت بين الجيوش المحتلة وحركات التحرر الكردية خارج نطاق الدراسة ).
وتذكر الكاتبة يستعمل بعض الكرد مصطلح (الإبادة الحمراء) للإبادة بالطريقة الفيزيائية، ومصطلح (الإبادة البيضاء) للإبادة بطريقة الصهر، التي تُسمي أيضًا بالإبادة السيكولوجية.. وكمثال للعمليات التي واجهتها كردستان بشكل عام ،وصفت الكاتبة بالتفصيل الإبادة الجماعية في ثلاث مناطق بارزان ودرسيم وحلبجة. وكيف رفض الناس في هذه المناطق الحكم الأجنبي ومنذ بداية حكم العثمانيين طوَّر هؤلاء ثقافتهم الكردية وحتي القومية بصورة تدريجية.

عطا درغام

وصف الكتاب مرحلة الإبادة الجماعية الحالية للكرد في نهاية الكتاب باختصار، فالإبادة الجماعية للكرد ليست تاريخًا، فهي مازالت مستمرة .وهناك حكم ذاتي في جنوب كردستان في ثلاث محافظات هي”دهوك وهوليـر”أربيل” والسليمانية”، لكن مازالت محافظات نينوي وكركوك وديالي- المناطق المسماة بالمتنازع عليها- تحت سيطرة الحكومة العراقية التي تدار من قبل أكثرية عربية، تقوم مجموعات سنية عربية بارتكاب هجمات إرهابية بالتعاون مع البعثيين السابقين في هذه المحافظات ، وتأثير هؤلاء هو نفسه في زمن صدام يموت الكرد في مذابح أو يفرون إلي مناطق آمنة.الكتاب في مضمونه بشكل عام تجربة حية ودقيقة عاشتها وقامت بها كرستينا كويڤنن لأكثر من خمس عشرة سنة في كردستان الجنوبية “كردستان العراق” بدعم من جهات رسمية حكومية في إقليم كردستان ، فضلاً عن العديد من الأصدقاء والمعارف من خلال الإتصالات وتقديم المعلومات والتجربة العملية لها لجمع نتائج علمية ومنطقية، سلطت الضوء فيها على جملة من الأحداث التي تمثل إبادة جماعية تعرّض لها الشعب الكردي في أجزاء كردستان الأربعة لاسيما كردستان الجنوبية.
يُشير الكتاب من خلال عنوانه إلى أنه يحمل في طياته الكثير من الخفايا والأسرار التي لم تُكشف أو لم تذكر بشكل دقيق في المؤلفات الأخرى التي تناولت هذه القضية.
وأهم نقطة في الكتاب أنه يكشف الحملة الوحشية التي تعرض لها الكرد على مدى التاريخ على يد السلاطين والحكام الظلاميين وجرائمهم وأعمالهم البشعة التي وصفتها جميع الكتب والمؤلفات بأنها غير إنسانيه على مختلف الأصعدة.
يعتبر الكتاب أحد أهم المؤلفات الذي أنصف الكرد ومظلوميتهم وقضيتهم القومية المهمشة عبر التاريخ بطريقة أكاديمية وعلمية لكونه يمثل تجربة حية منقولة عن الواقع لا سرد فقط كما في المؤلفات الأخرى.
تقول المؤلفة في مقدمة كتابها “وصف كردستان بشكل عام يعني أن يقوم الباحث بتحليل الوضع في هذه الدول الأربع، التي لدى كل واحدة منها تاريخ معقد. وجود ثلاث لغات (العربية والتركية والفارسية)، إضافة إلى العديد من اللهجات الكردية يعقد العمل إلى حدٍ كبير”.
“الإبادة الجماعية للكرد ليست مجرد تاريخ. والعملية ما زالت مستمرة. حصلت أكبر عملية عسكرية عالمية بعد حرب فيتنام في العراق العام 2003 ولغاية العام 2011 عندما كان الاتحاد الأوربي يفاوض تركيا في مسألة عضويتها في الاتحاد.

وبما أن البريطانيين قبلوا معاهدة لوزان وأكدوا تقسيم كردستان، فمن السهل اقتراح أن بريطانيا والاتحاد الأوروبي مسؤولان عن مصير الكرد. ومع ذلك حينما تحدث الإبادة الجماعية للكرد أمام أعين المجتمع الدولي فإنهم يديرون أنظارهم إلى الناحية الأخرى”.
“مسألة الإبادة الجماعية للكرد كبيرة ومعقدة. وليس من الممكن تغطية كل مظاهرها في كتاب واحد”.
لقد تجرأت الكاتبة في هذه المقدمة إلى حدٍ كبير في كشف الحقيقة التي حاول الكثير اخفاؤها والإبتعاد عنها أو نكرانها وهي أن دولٌ عظمى وكبيرة مثل بريطانيا وغيرها من الدول الأخرى لها يد في كل الجرائم والإبادات التي تعرض لها الشعب الكردي، من خلال صمتها وعدم تجاوبها مع تلك المظلومية التي وقعت على الكرد. وهذه الحقيقة قلة ما نراها في المؤلفات الأخرى التي تحدثت عن مظلومية الكرد عبر التاريخ.
قول الحقيقة بهذه الطريقة في هذا الكتاب أصاب الزمن بالجمود من خلال وصول الكاتبة إلى قناعة بأن القضية الكردية أثبتت للكل بأنها قضية شعب تجرع سموم الحكام والسلاطين سواء العرب منهم أو غيرهم من الفرس والعثمانيين. “إشارة إلى أكراد تركيا وإيران” دون أية مساعدة من الدول العظمى لوقف النزيف الكردي أو الاعتراف بصمتها أمام مظلومية هذا الشعب.
والبراهين الواقعية التي خرج بها هذا الكتاب تشير إلى مجموعة حقائق مهمة أهمها أن جنوب كردستان ومنذ الانتفاضة عام 1991 يتمتع باستقلالية سياسية واقتصادية واجتماعية إلى حدٍ ما بعد سنوات من الظلم والاضطهاد والتهميش على يد النظام البعثي الصدامي، إلا أنه ما زال يتعرض إلى التهميش والإضطهاد من خلال الوقوف في طريق استقلاله وعدم منحه هذا الحق الشرعي، ومازال يمثلُ رمزاً للظلم والإقصاء والإنكار والانتهاكات التي حصلت بحقه على يد الحكومات والإمبراطوريات السابقة التي حكمت العراق خلال عقودٍ من الزمن وتسببت بجرائم قتل وذبح وإبادة جماعية ومع ذلك لم تسلط المنظمات الدولية والإقليمة المتخصصة في مجال حقوق الإنسان الضوء بشكل منصف حول بشاعة وشناعة هذه الجرائم والإبادات. وهذا ما جعل القضية الكردية معلقة في رفوف نيل الحقوق والاستقلالية دون أية نتائج ايجابية.

 

 

الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين

شارك هذه المقالة على المنصات التالية