المبادئ العامة لتطبيق العدالة والحقيقة والإنصاف في سوريا من وجهة نظر المجتمع المدني ومجموعات الضحايا والناجين/ات

هناك اليوم فرصة حقيقية أمام السوريين والسوريات لإعادة امتلاك بلدهم/ن ورسم ملامح مستقبل وعقد اجتماعي جديد يقوم على العدالة والحقيقة والمحاسبة وسيادة القانون. يتطلب اغتنام هذه الفرصة معالجة جادة لإرث الاستبداد والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم الدولية إضافة إلى الشروخ المجتمعية العميقة التي تسبّب بها أكثر من عقد من النزاع و عقود من الاستبداد والقمع المنهجي.

في ظل الخطوات الرسمية التي تتخذها الحكومة الانتقالية في مسار العدالة والحقيقة والإنصاف، مثل إنشاء الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية والهيئة الوطنية للمفقودين وبدء عملهما، إضافة إلى صدور المرسوم الرئاسي رقم (149) القاضي بتسمية أعضاء وعضوات الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، تبرز الحاجة الملحّة لوضع إطار وطني واضح وشفاف يقوم على التواصل المستمر من قبل الحكومة وتوفير الوصول للمعلومات اللازمة، بما يكفل رؤية شاملة تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان وتشمل جميع الفئات المتضررة، ويضمن انسجام هذا المسار مع باقي الخطوات ذات الصلة، كتلك التي تقوم بها وزارة العدل لمحاسبة رموز النظام السابق.

تُظهر التجارب الدولية أن نجاح مسارات العدالة الانتقالية يتطلب توافقاً وطنياً جامعاً يعكس مصالح جميع الضحايا بلا تمييز، ويضمن مشاركتهم الفاعلة في صياغة مستقبلهم. وفي الحالة السورية، حيث تتداخل التحديات السياسية والمؤسساتية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، تصبح ضرورة هذا الإطار أكثر إلحاحاً بوصفه الضامن لأي مسار عدالة جاد وفعّال.

لقد لعبت منظمات المجتمع المدني وروابط الضحايا دوراً محورياً خلال السنوات الماضية، من خلال خبراتها في التوثيق، والدعم القانوني، والمناصرة، ومكافحة الإفلات من العقاب، وحماية الذاكرة الجماعية، والتصدي لمحاولات طيّ ملفات الانتهاكات دون مساءلة. وفي هذه المرحلة، يتحتم على هذه الجهات مواصلة دورها الحيوي رغم التحديات، لما توفره من خبرات ودعم فني وقدرة على الوصول، يمكن أن تسهم في تعزيز عمل الهيئات الوطنية وضمان استقلاليتها وشمولية وعدالة المسار.

من هنا، تبرز ضرورة إعلان منظمات المجتمع المدني وروابط الضحايا التزاماً مشتركاً بمبادئ عامة توحد رؤيتها وتوجّه عملها الجماعي لإنصاف جميع الضحايا وصون كرامة السوريين والسوريات وحقوقهم دون تمييز. فأي مسار للعدالة الانتقالية في سوريا لن ينجح ما لم يستند إلى مبادئ واضحة يتوافق عليها جميع المعنيين، بما يحوّل العدالة إلى أداة حقيقية لبناء دولة المساواة وسيادة القانون.

وعليه، تتوافق إرادة منظمات المجتمع المدني وروابط الضحايا المساهمة في إعداد هذه الورقة على المبادئ العامة المُدرجة أدناه، باعتبارها الحد الأدنى من التوافق المطلوب لإرساء مسار شامل للعدالة والحقيقة والإنصاف في سوريا، يكفل إنصاف الضحايا وأسرهم-ن وتحقيق العدالة وضمان عدم تكرار الجرائم والانتهاكات في المستقبل.

لتحميل ورقة المبادئ بالكامل باللغة العربية

 

Scroll to Top