دوغلاس ليتل [2]
الترجمة عن الإنكليزية : راج آل محمد (مدارات كرد)
أسفل جبال زاغروس المكسوة بالثلوج، والتي تمتد من جنوب شرق تركيا عبر شمال العراق إلى غرب إيران، يعيش نحو 25 مليون كردي، وهم أكبر مجموعة عرقية لغوية في العالم ليس لها دولة خاصة بها. على مر القرون شكّل الكرد، الذين يتحدثون لغة أقرب إلى الفارسية منها إلى العربية أو التركية وينتمون إلى الإسلام السني، على الرغم من وجود مجتمعات شيعية قوية بين ظهرانيهم، هوية قومية مميزة نتيجة حالة عدم الثقة الدائمة في الأتراك والعرب وغيرهم من الدخلاء الذين عارضوا الاستقلال الكردي. بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، في أعقاب الحرب العالمية الأولى، شرع الكرد في سعي لا هوادة فيه لإنشاء كردستان حرة وموحدة ومستقلة، وتفاوضوا في بعض الأحيان مع الشعوب المجاورة، وفي أحيان أخرى توسلوا إلى القوى العظمى، ولكنهم لم يتوانوا عن الكفاح المسلح لتأمين التحرر الوطني. عندما انتهت الحرب العالمية الثانية، لم يكن معظم الأميركيين قد سمعوا قط عن الأكراد، وكان القلة الذين سمعوا عنهم في حيرة من أمرهم بسبب المنافسات القبلية والعرقية والدينية المعقدة والسخيفة، في بعض الأحيان، التي ابتليت بها المنطقة المحظورة الواقعة بين شبه جزيرة الأناضول. ومنابع نهر دجلة.[3]
ولكن في أواخر أربعينيات القرن العشرين، كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي غارقتين في حرب باردة متصاعدة امتدت لظاها أولاً إلى المضائق التركية عبر العراق وإيران إلى الخليج الفارسي. ومع احتدام الصراع الأيديولوجي، اكتشفت واشنطن أن القومية الكردية يمكن أن تكون مفيدة في الحد من نفوذ موسكو في الشرق الأوسط. وكسردية من سرديات الحرب الباردة الكلاسيكية، التي ستتكرر بدءاً من المرتفعات الوسطى في فيتنام إلى السافانا الوعرة في أنغولا، استغل صناع السياسة الأميركيون الانقسامات العرقية والقبلية القديمة داخل كردستان لتحقيق أفضلية جيوسياسية على المدى القصير. لم يُظهر المسؤولون الأمريكيون أي التزام دبلوماسي أو ارتباط عاطفي بالأكراد، الذين اعتبروهم مجرد كابحين لتوازن الاتحاد السوفييتي وحلفائه العرب كالعراق في صراع دام 40 عامًا. وعلى الرغم من أن الأكراد بدأوا في الظهور بشكل عرضي في التقارير الإخبارية المعاصرة في السبعينيات، إلا أن الوثائق التي رُفِعت عنها السرية مؤخرًا تتيح الآن إمكانية تتبع العلاقة الأمريكية المتناقضة مع القومية الكردية خلال الحرب الباردة بشكل أكمل[4].
يتناول هذا المقال ثلاث محطات رئيسية: أولاً، الدعم السري الذي مُنح للأكراد من قبل إدارات دوايت أيزنهاور وجون كينيدي في محاولة لإضعاف النظام العسكري العراقي بقيادة عبد الكريم قاسم، الذي مالَ نحو موسكو. بعد الاستيلاء على السلطة في بغداد في يوليو/تموز 1958: ثانياً، العمل السري الخبيث الذي شنه ريتشارد نيكسون وهنري كيسنجر في كردستان العراق، بمساعدة إيران وإسرائيل، بعد أن وقع صدام حسين تحالفاً مع الاتحاد السوفييتي في أبريل/نيسان 1972؛ وثالثاً، محاولات واشنطن الفاترة في أوائل التسعينيات لاستخدام المقاتلين الأكراد للتحريض على تغيير النظام في العراق بعد حرب الخليج الأولى. في كل حالة من هذه الحالات، استغلت الحكومة الأمريكية استياء الأكراد الطويل من العرب، وزودتهم سرًا بالأسلحة الأمريكية أو الدولارات أو في بعض الأحيان كليهما معًا، وساعدت في إشعال التمرد في كردستان، لتتوقف [عن الدعم] بشكل غير رسمي عندما بدأت الأحداث تشكل تهديداً بالخروج عن السيطرة.
يمكن بإنصاف أن يزعم الأكراد أنهم تعرضوا للخيانة ثلاث مرات، ومع ذلك، فإن تقلب أميركا لم يكن العقبة الوحيدة أمام حقهم في تقرير المصير. لقد جعلتهم المنافسات القبلية الشرسة فريسة سهلة للتلاعب الخارجي، وكان الحكام العرب الأقوياء أمثال صدام حسين يعتبرون كردستان المستقلة بمثابة تهديد لتطلعاتهم القومية. ومع ذلك، فإن الرد الأمريكي المتناقض على القومية الكردية خلال الحرب الباردة وما أعقبها مباشرة يساعد في تفسير سبب تردد الأكراد في تبني الخطط الأمريكية لعراق موحد متعدد الأعراق في حقبة ما بعد صدام في بداية الألفية الجديدة
الحرب الباردة تصل إلى كردستان
قبل بدء الحرب الباردة بنحو ثلاثين عاماً تقريباً، أدخل وودرو ويلسون الولايات المتحدة في حرب ساخنة “لجعل العالم آمنا للديمقراطية”. عندما علم الأكراد أن النقطة الثانية عشرة من نقاط ويلسون الأربعة عشر الشهيرة تشير إلى أنه “يجب ضمان حصول القوميات الأخرى التي تخضع الآن للحكم التركي… على فرصة دون مضايقة على الإطلاق للتنمية المستقلة”، توقعوا منه أن يؤيد قيام كردستان مستقلة. ومع ذلك، أثبت تقرير المصير أنه هدف بعيد المنال، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى سياسات القوى العظمى في فرساي، حيث تغلبت الطموحات الإمبريالية على القومية الكردية. وُصِف الأكراد الذين يسكنون ولاية الموصل العثمانية القديمة، في ميثاق عصبة الأمم ، بأنهم شعب “غير قادر على الوقوف بمفرده في ظل الظروف القاسية للعالم الحديث”، وأصبحوا جزءًا من مملكة العراق الجديدة المتعددة الأعراق، التي خضعت للانتداب البريطاني بقيادة الملك فيصل، وهو أمير هاشمي عربي المولد. واقتناعا منه بعدم وجود أي أمل في الحكم الذاتي الكردي داخل العراق الذي يهيمن عليه العرب السنة والشيعة، قاد الشيخ محمود برزنجي، الذي نصب نفسه “ملك كردستان”، سلسلة من التمردات في عشرينيات القرن الماضي بلغت ذروتها في حرب عصابات شاملة في أواخر عام 1930. بسبب تفوق الجيش العراقي في التسليح وقصفه من قبل القوات الجوية الملكية، فرً برزنجي وأتباعه بعد ثمانية عشر شهرًا إلى المنفى، حيث أمضى ملك كردستان سنواته الأخيرة في مشاهدة المواجهة بين بريطانيا وألمانيا النازية من الصفوف الخلفية. عندما انتهت فيه الحرب في عام 1945، بدا أن ظهور دولة قومية كردية لا يقل احتمالاً عن ظهور مملكة شانغريلا [5]الأسطورية[6].
أصبحت آفاق تقرير المصير باهتة أكثر خلال المراحل الأولى من الحرب الباردة عندما تورط الأكراد في المواجهة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بشأن إيران. في أوائل عام 1946 تنبهت إدارة هاري إس ترومان للخطر عندما حاول جوزيف ستالين إطالة أمد احتلال الاتحاد السوفييتي لأذربيجان في شمال إيران، والذي كان من المقرر أن ينتهي بعد ستة أشهر من الانتصار على اليابان. قامت الحكومة السوفيتية بتمويل الانفصاليين الآذريين، وتنمرت على الشاب الشاه محمد رضا بهلوي، وأثارت الاضطرابات في كردستان الإيرانية. في 22 يناير/كانون الثاني 1946، أعلن قاضي محمد عن جمهورية مهاباد المستقلة في غرب إيران وطالب بالدعم السوفييتي. وفي العراق المجاور، أسس الملا مصطفى برزاني، وهو ابن عم بعيد للشيخ برزنجي، الحزب الديمقراطي الكردستاني واستهدف النظام الملكي الهاشمي المتذبذب المؤيد للغرب في بغداد. في 5 مارس، بعد ثلاثة أيام من الموعد النهائي للانسحاب السوفيتي، أكد دبلوماسيون أمريكيون أن الوحدات العسكرية السوفيتية كانت تتجه غربًا نحو مهاباد وأن “قوة ضخمة أخرى من سلاح الفرسان السوفيتي” كانت تتحرك جنوبًا متجهة إلى الحدود العراقية، كما ورد في التقارير”.[7]
كان جورج ر. كينان، الذي برز سريعًا كخبير حكومي أمريكي بارز في شؤون الاتحاد السوفييتي، يشعر بالقلق من أن الأمور قد تزداد سوءاً. في 17 مارس/آذار ، حذر كينان من مقره في موسكو من أن الشائعات كثرت حول “عمل كردي مسلح بإيحاء سوفيتي من أجل الاستيلاء على منطقة الموصل في كردستان العراق، “مع وجود قوات سوفيتية في الخلفية مستعدة لدعم المتمردين في ظروف مواتية وربما تدخل بعدهم بطلب كردي ظاهرياً”[8]. ولكن في أوائل شهر مايو/أيار، انسحب الاتحاد السوفييتي من إيران مقابل ضمان الوصول إلى حقول النفط الآذرية، مؤكدة بذلك الشكوك التي ساورت مدير كينان، السفير والتر بيدل سميث، طوال الوقت. كان تدخل ستالين في الشؤون الكردية بمثابة “ستار من الدخان” للدبلوماسية النفطية السوفييتية، وليس شيكاً على بياض صدر لمجموعة من “البدو المتناحرين” الذين “لم يكونوا أدوات يمكن الاعتماد عليها بالكامل في السياسة السوفييتية[9]“.
في هذه الأثناء، وصل آرتشي روزفلت، حفيد ثيودور روزفلت، وهو ضابط في المخابرات العسكرية الأمريكية ومتخصص الناشئ في شؤون الشرق الأوسط، إلى كردستان، حيث أكد أن الاتحاد السوفييتي كان بالفعل يصطاد في المياه العكرة. ومع ذلك، أصر روزفلت على أن القادة الأكراد الذين التقى بهم لم يكونوا دمى سوفييتية. وعلى الرغم من أن الأكراد الإيرانيين “تمكنوا، بمساعدة السوفييت، من إنشاء جمهورية كردية مستقلة فعلياً في مهاباد، يتذكر روزفلت بعد فترة طويلة أن “السوفييت لم يتدخلوا بشكل واضح في الشؤون الداخلية لكردستان. باختصار، “إن حركة قاضي محمد كانت قومية، وليست شيوعية، وإنها مقبولة من عدد كبير من الكرد في الدول الأخرى بما فيهم مصطفى البرزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق. “[10]. ومع ذلك، لم يقبل شاه إيران بجمهورية مهاباد، وبمجرد خروج القوات السوفيتية بأمان من مملكته، أرسل قوات إيرانية إلى كردستان، حيث أسروا قاضي محمد وطردوا مصطفى البرزاني وعدة مئات من المقاتلين الأكراد إلى المنفى في الاتحاد السوفياتي. بعد أن فزعه قرار الشاه بإعدام قاضي محمد شنقًا في مارس/آذار 1947، عاد روزفلت إلى واشنطن في وقت لاحق من ربيع ذلك العام للانضمام إلى وكالة الاستخبارات المركزية التي استحدثه (CIA)، حيث أمضى العقد التالي في التخطيط لسلسلة من حملات مكافحة التمرد والأعمال السرية من إيران. إلى اليونان.”[11]
كان روزفلت ومسؤولون أمريكيون آخرون يشعرون بالقلق من أن سوء معاملة الشاه للأكراد ستؤدي إلى نتائج عكسية. فخوفًا من أن تكون جولة جديدة من العنف في كردستان في سبتمبر/أيلول 1947 بمثابة “بداية لحرب عصابات ربما تشمل البرزانيين على الحدود الإيرانية السوفيتية ” حث وكيل وزارة الخارجية روبرت لوفيت الإيرانيين على التفكير في منح شكل من أشكال الحكم الذاتي للأكراد “الذين، إذا أبعدتهم سياسة الاتهامات العسكرية عن الحكومة الإيرانية، فقد يصبحون سلاحًا بيد السوفييت ليس ضد إيران فحسب، بل ضد تركيا والعراق أيضًا”.[12] ومع ذلك، سلك الشاه خطاً متشدداً على مدى العقد التالي، فسجن القادة الأكراد، وحظر اللغة الكردية، وبمساعدة النظام الموالي للغرب في بغداد، دمر المعاقل الكردية المتبقية على طول حدود إيران مع العراق. وبسبب عجزه عن مقاومة محور طهران-بغداد، قضى مصطفى البرزاني وقته في موسكو بتعلم اللغة الروسية، والتباحث مع الخبراء السوفييت حول تكتيكات حرب العصابات، وخطّط للعودة إلى كردستان.[13]
في 14 يوليو/تموز 1958، فاجأ الضباط اليساريون بقيادة زعيم الركن عبد الكريم قاسم روزفلت وزملائه في وكالة الاستخبارات المركزية بالاستيلاء على السلطة في بغداد، وقتل العائلة المالكة، ولجأ إلى الاتحاد السوفييتي للحصول على الدعم. وبعد أربعة أشهر، دعا قاسم مصطفى البرزاني للعودة إلى العراق، على أمل أن يكون زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني المنفي بمثابة ثقل موازن لمنافس قبلي من الكرد المؤيدين للغرب والذين يتمتعون بعلاقات وثيقة مع إيران. لكن، البرزاني بدأ على الفور تقريباً بالضغط على النظام الجديد لمنح الحكم الذاتي لجميع أكراد العراق، وهو ما لم يكن قاسم مستعدًا للنظر فيه لأن ذلك يعني في المحصلة سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني على حقول النفط القريبة من الموصل وكركوك. لعدم قدرته على تحقيق الحكم الذاتي على طاولة المفاوضات، عاد البرزاني في سبتمبر 1961 إلى ساحة المعركة، وأمر البيشمركة- كلمة كردية تعني “أولئك الذين يواجهون الموت” –التابعين للحزب الديمقراطي الكردستاني لفتح النار على قوات قاسم في شمال العراق [14].
كان قاسم مقتنعاً بأن الأكراد يتلقون الدعم والتشجيع من الولايات المتحدة. حيث كان صناع السياسة الأمريكيون يناقشون طرق للإطاحة بـ”الزعيم الأوحد” للعراق لما يقرب من ثلاث سنوات. وفي وقت مبكر من مايو/أيار 1959، أفاد دبلوماسيون بريطانيون في بغداد بأن “اتصالات المخابرات الأمريكية الأخيرة مع الأكراد في المنطقة المحظورة بين العراق وإيران”. يعني أن «قاسم يرتاب بالتأكيد في أن الإيرانيين والأميركيين يتآمرون عليه»[15]. وبعد سبعة أشهر، أكد تقرير سري لوكالة الاستخبارات المركزية أن الأكراد الإيرانيين قادرون على خلق اضطرابات في العراق إذا حثتهم حكومتهم على القيام بذلك” وأن “معظم القادة الأكراد في العراق لا يدعمون حكومة قاسم”[16]. وبحلول ربيع عام 1960، كان من الواضح أن الوكالة تفكر في اتخاذ تدابير أكثر تطرفًا لتحقيق تغيير النظام في بغداد، بما في ذلك تعريض الزعيم الأوحد للسموم الحيوية القاتلة[17].
وفي النهاية، اختارت وكالة الاستخبارات المركزية العمل السياسي بدلاً من الاغتيال. على الرغم من عدم ظهور أي دليل حتى الآن يشير إلى أن إدارة كينيدي أعطت بالفعل الحزب الديمقراطي الكردستاني الضوء الأخضر لشن حرب عصابات في خريف عام 1961، إلا أن تقرير وكالة الاستخبارات المركزية الصادر في أبريل/نيسان 1962 حول الوضع “المائع” في كردستان قد تنبأ بأن “مصطفى البرزاني”. قد يسبب بعض المشاكل الحقيقية لقاسم هذا العام” في أقصى الشمال. وخلصت وكالة الاستخبارات المركزية إلى أنه ” لا داعي لقلق الزعيم الوحيد بشأن غزو برزاني لبغداد”، لكنه “لا يستطيع تحمل قتل كتيبتين من أشجع وأجرأ الكتائب العراقية في الجبال”.[18] في وقت لاحق من ذلك العام، اتصل ممثل الحزب الديمقراطي الكردستاني بروي ملبورن، القائم بالأعمال الأمريكي في بغداد، برسالة من البرزاني نفسه. أفاد ملبورن أن” الكرد وجهوا نداء قويا يطلبون دعم الولايات المتحدة لحركة الثورة”. وقال إنه يحتاج إلى المال الآن وربما الأسلحة لاحقًا. وعلى الرغم من أن البرزاني فضل كثيرًا أن يأتي هذا الدعم من واشنطن بدلاً من موسكو، إلا أن شعبه كان يواجه “الإبادة العنصرية”، و”قبل أن يحصل ذلك، فإن الأكراد سيطلبون المساعدة من الاتحاد السوفييتي ومن الشيطان ذاته”، اتبع ملبورن الإجراء بإخبار ضيفه أن الولايات المتحدة لا تتدخل أبدًا في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى[19]. ولكن، بعد أن أعلن الزعيم الأوحد في يناير/كانون الثاني 1963 عن خطط لتأميم شركة النفط العراقية(IPC)، التي كان من بين مالكيها العديد من شركات النفط الغربية. أفاد مسؤولون بريطانيون أن “حكومة الولايات المتحدة بدأت تبدي اهتماماً أكبر بالشائعات القائلة بأن القوميين العرب والكرد قد يتعاونون ضد قاسم”[20]
في 8 فبراير/شباط، بينما كان معظم الجيش العراقي غارقًا في [أوحال] جبال كردستان، قامت مجموعة صغيرة من ضباط الجيش المرتبطين بحزب البعث السري بانقلاب دموي في بغداد أدى إلى اعتقال وإعدام علني لـعبد الكريم قاسم في اليوم التالي. لقد اعتنق أنصار البعث، وهي كلمة عربية تعني “الولادة الجديدة” أو “النهضة”، أيديولوجية عربية ورفعوا شعار “وحدة، حرية، اشتراكية” وهو صدى لخطاب جمال عبد الناصر. في الأيام التي تلت ذلك، قامت فرق الموت البعثية بقيادة صدام حسين، البالغ من العمر 26 عاما، بذبح المئات من أنصار قاسم باستخدام قوائم يُزعم أن وكالة الاستخبارات المركزية زودته بها. وعلى الرغم من أن الأكراد لم يشاركوا في الانقلاب العسكري، إلا أنهم لم يذرفوا الدموع على قاسم، مثلما لم يذرف صناع القرار الأمريكيون. بعد ساعات قليلة من سقوط قاسم، أخبر روبرت كرومر، خبير الشرق الأوسط في البيت الأبيض، الرئيس كينيدي ” من المبكر التأكيد، إلا إنه يبدو إن الثورة العراقية قد نجحت. ويكاد يكون من المؤكد أنه مكسب أكيد لنا”. وتوقع مسؤول في البنتاغون أنه “إذا نجح الانقلاب، فإن العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق سوف تشهد تحسناً كبيراً.[21]“
بعد ذلك بوقت قصير، تأزمت علاقات الولايات المتحدة مع النظام البعثي الجديد بسبب التطورات في كردستان العراق، حيث أصر مصطفى البرزاني على أن مكافأة مساعدته في إضعاف قاسم يجب أن تأتي على شكل حكم ذاتي للأكراد. في 1 مايو/ أيار حذر دبلوماسيو الولايات المتحدة في بغداد من مغبة عدم تقدم البعثيين بمقترحات جدية مقابل المطالب الكردية “فإن استئناف الثورة يبدو أمراً مرجحاً للغاية” وهو ما يعني “شن حرب عصابات…بدعم سوفيتي على الأرجح للأكراد.” [22]. معترفة أن “للنظام العراقي الجديد عيوبه”، ظلت وزارة الخارجية مقتنعة بأنه أفضل بكثير من أي بديل محتمل”. حاول المبعوثون الأمريكيون التوسط في صفقة بين البعثيين والكرد باستخدام القمح الفائض من برنامج الولايات المتحدة “الغذاء من أجل السلام”. نحن نعتبر أن المشكلة الكردية أخطر مشكلة يجب على الحكومة العراقية التعامل معها”، كما جادل خبراء وزارة الخارجية في العراق في 17 مايو/أيار، “وإن بادرة الحكومة [البعثية] بالعفو العام وإعادة تأهيل المناطق الكردية قد تقطع شوطا طويلا لتشجيع [التوصل] إلى تسوية سلمية[23].”
رفض البعثيون المقترح الأمريكي بشكل قاطع، وأعادوا الجيش العراقي إلى كردستان في أوائل يونيو/حزيران مع أوامر بإطلاق النار بهدف القتل. وقبل انتهاء الصيف، أيد النظام العراقي أيضًا أجندة عبد الناصر القومية العربية وأبدى استعداده في المساعدة في تحرير فلسطين. كما سعى العراقيون للحصول على أسلحة من الاتحاد السوفييتي. وفي أوائل شهر يوليو/تموز، اتصل ممثلو الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة البرزاني بعملاء وكالة الاستخبارات المركزية في بيروت وعرضوا عليهم عرضًا وجد الأمريكيون صعوبة في رفضه. فقد أبدى الكرد استعدادهم لاستئناف حرب عصابات شاملة، هذه المرة ضد النظام البعثي الجديد في بغداد، بشرط أن يتلقوا أسلحة ودولارات من الولايات المتحدة. وحذر شوكت العقراوي وكالة الاستخبارات الأمريكية من أن “الكرد سيتعاونون مع السوفييت، ويدعون متطوعين دوليين ويحولون قضيتهم إلى كوبا أخرى (أو) حرب أهلية إسبانية أخرى، إذا تم التعامل معهم ببرود من قبل الغرب “[24]. بعد ثلاثة أشهر. أكدت الاستخبارات الأميركية أنه ما لم يتلق الأكراد مساعدة خارجية، فإنهم محكوم عليهم بالهلاك. وأوضح محللو وكالة الاستخبارات المركزية في 27 سبتمبر/أيلول 1963 أن “حكومة البعث تحركت في يونيو الماضي ضد المتمردين الأكراد في شمال العراق في هجوم هو الأقسى والأكثر نجاحًا من أي هجوم آخر في عهد قاسم. يبدو أن النظام يعتقد أن القصف العشوائي والتفوق العددي والقوة النارية الساحقة للجيش ستؤدي في نهاية المطاف إلى إضعاف الروح المعنوية للأكراد والتسبب في تفكك التحالف القبلي للبرزاني”[25].
تحسّنت معنويات الكرد، على نحو غير متوقع، في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1963 حينما استولى الجنرال عبد السلام عارف ومجموعة من الضباط المناوئين للبعث على السلطة في بغداد في انقلاب عسكري آخر. رتّب عبد السلام عارف، الذي كان منفتحاً على التسوية أكثر بكثير من البعثيين، لاتفاقية وقف النار في العاشر من شباط 1964 ووافق على مناقشة الحكم الذاتي الكردي مع مصطفى البرزاني بعد ذلك بوقت قصير[26]. وعندما انهارت تلك المحادثات في يونيو/حزيران، اتصل شوكت العقراوي، الذي يتواجد في كل مكان، بالدبلوماسيين الأمريكيين في القاهرة لطلب “المساعدة للأكراد من خلال بلد ثالث في حالة تجدد القتال في العراق”[27]. كان الجواب الأولي لوزارة الخارجية هو “لا”، ولكن من الواضح أنه، في وقت لاحق من ذلك العام، بدأت وكالة الاستخبارات المركزية في تشجيع كل من إسرائيل وإيران لمساعدة الأكراد.
ولم تكن طهران ولا تل أبيب بحاجة إلى الكثير من التشجيع. فقد عارض شاه إيران جميع أشكال القومية العراقية وكان حريصًا على استعادة الوصول الكامل إلى شط العرب، وهو الممر المائي الذي كان يمثل الحدود القديمة بين بلاد فارس والعالم العربي. وقد اعتبر مقاتلي الحزب الديمقراطي الكردستاني عنصراً محورياً في حملته لإبقاء النظام العسكري في بغداد غير متوازن. وعلى الرغم من وقف إطلاق النار الوشيك في كردستان العراق، أبلغ الشاه المسؤولين الأمريكيين في يناير/كانون الثاني 1964، “لدينا أسبابنا لتوقع أن القتال سوف يشتعل مرة أخرى في الربيع”. ولتحقيق تلك الغاية، أصدر تعليماته لجهاز الاستخبارات الذي دربته وكالة الاستخبارات المركزية، وجهاز معلومات الأمن والدولة (السافاك)، بتزويد قوات البشمركة التابعة لبرزاني بالمدافع الرشاشة والمدفعية وسيارات الجيب. وفي أبريل 1965، أكد دبلوماسيون أمريكيون أن طهران تعزز وجودها العسكري أيضًا على طول الحدود العراقية لثني بغداد عن إثارة الاضطرابات في كردستان الإيرانية[28].
من جانبهم، كان الإسرائيليون يأملون في أن يؤدي تمرد آخر في كردستان إلى إبقاء القوات المسلحة العراقية مقيدة مما يمنع عبد السلام عارف من إعادة نشر قواته في الغرب، حيث قد تصبح جزءًا من قيادة عربية موحدة موجهة ضد الدولة اليهودية. ولم يشك جهاز المخابرات الإسرائيلي الأسطوري، الموساد، الذي أقام اتصالات مع البرزاني عندما حمل السلاح لأول مرة ضد قاسم في أواخر الخمسينيات، في قدرة مقاتلي البشمركة على الصمود في وجه الجيش العراقي. بعد فترة طويلة قال أحد عملاء الموساد “ضع الكردي على قمة جبل ومعه بندقية ورغيف خبز وبصلة، وسوف يوقف لك طابورًا من القوات”. وفي منتصف الستينيات، زود الإسرائيليون الأكراد بكل شيء بدءًا من المدافع المضادة للدبابات وحتى المستشفى الميداني المتنقل، والذي تم تسليمه أحيانًا عبر طائرات الشحن وأحيانًا أخرى عبر قافلة البغال[29]. بحسب إليعازر تسافرير الذي أشرف على العمليات السرية الإسرائيلية في كردستان: “لقد أخبرنا الأكراد… [أنهم] مهما فعلوا، فإننا ندعمهم في الحرب وفي السلم[30]“.
في وقت مبكر من ديسمبر/كانون الأول 1964، أعرب وزير الخارجية العراقي ناجي طالب عن استيائه لوزير الخارجية الأمريكي دين راسك. وقال طالب لراسك: “الأكراد فقراء. من أين يحصلون على المال… لشراء المواد الغذائية الأساسية والأسلحة والمعدات؟”، وفقاً لمدون الملاحظات في وزارة الخارجية. “لم يرغب [طالب] في الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تدعم الأكراد، لكنه كان يرغب في التأكيد على أن حكومته في حيرة شديدة من قوى غامضة تدعم الأكراد”[31]. ولكن بعيداً عن كونها أحجية، بات دعم الولايات المتحدة السري للجماعات العرقية والإثنية، التي عارضت القادة اليساريين أو الأنظمة المدعومة من الكتلة السوفيتية ،من سرديات الحرب الباردة التي يمكن التنبؤ بها بحلول 1964. ففي أواخر الخمسينيات، على سبيل المثال، لم تقم وكالة الاستخبارات المركزية بتمرير حقائب مليئة بالنقود إلى المسيحيين اللبنانيين فقط من أجل منع المسلمين من أنصار عبد الناصر من السيطرة على بيروت، بل قاموا أيضًا بتدريب وتجهيز جيش صغير من المتمردين التبتيين الذين خاضوا حربًا سرية، وخسروها، لتحرير وطنهم من النظام الشيوعي في بكين[32]. وبالمثل، استغلت إدارتا كينيدي وجونسون في الستينيات التوترات العرقية بين السود والآسيويين في غيانا البريطانية لإبقاء تشيدي جاغان، الرفيق الاشتراكي لفيدل كاسترو، خارج منصبه في جورج تاون وحشدت الآلاف من رجال القبائل غير الفيتناميين “مونتانيارد [أهل الجبل]” في المرتفعات الوسطى بجنوب فيتنام في محاولة غير مجدية لعرقلة تدفق عتاد الحرب الذي كانت هانوي ترسله عبر طريق هوشي منه إلى المتمردين الشيوعيين الذين يقاتلون النظام الموالي لأمريكا في سايغون[33]. إن ما ميّز العلاقات الأمريكية السرية مع بيشمركة البرزاني هو تعقيدات السياسة العراقية، واستمرار [الروح] القبلية الكردية، وتدخل أطراف ثالثة مثل إيران وإسرائيل.
بفضل أعمال العنف المتقطعة جزئياً في كردستان، انزلق العراق بسرعة إلى طريق سياسي مسدود بين المجموعات المتحاربة من الضباط العسكريين، الذين أثبتوا مهارتهم فقط في تشكيل الحكومات ثم حلها بسرعة مذهلة. وفي إبريل/نيسان 1966، توفي عبد السلام عارف عندما سقطت مروحيته في عاصفة رملية بالقرب من البصرة. وخلفه أخوه الأكبر عبد الرحمن عارف، وهو بعثي سابق تبنى نهجا أكثر تشددا تجاه التمرد الكردي. وبعد شهر، قامت قوات البشمركة التابعة للبرزاني، بمساعدة مستشاري الموساد، بنصب كمين للواء من الجيش العراقي بالقرب من جبل هندرين في كردستان. وعندما توقف إطلاق النار، كان أكثر من 2000 جندي عراقي قد لقوا حتفهم، في حين خسر الأكراد عشرين مقاتلاً فقط. مذهولاً من هول الهزيمة، وافق الرحمن عارف على وقف إطلاق النار استمر قرابة عامين. حرصًا على إبقاء العراقيين في حالة من عدم التوازن، واصل الإسرائيليون بتأزيم الوضع بإرسال المزيد من الأسلحة إلى البرزاني عشية حرب الأيام الستة في الشرق الأوسط في يونيو/حزيران 1967. وبعد الحرب، انتشرت شائعات مفادها أن الشاه أيضاً قد استأنف إرسال شحنات الأسلحة للأكراد. وحذر رئيس المخابرات بوزارة الخارجية توماس هيوز راسك في الأول من سبتمبر من أنه “في حالة الكشف عن أي تورط إسرائيلي أو إيراني، فإن الدعاية الراديكالية العربية ستدعي بلا شك أن هذه “مؤامرة” جديدة ضد العرب بتحريض من الولايات المتحدة. “[34] ومع ذلك، فإن التدخل الأمريكي غير المباشر حقق مكاسب كبيرة من خلال منع العراق من التدخل في الصراع العربي الإسرائيلي، “الجزء الأكبر من الجيش العراقي موجود في الشمال يراقب الأكراد”، وليس في الغرب لمواجهة إسرائيل، حسبما ذكرت وكالة الاستخبارات المركزية يوم 22 مايو/أيار 1968 “لكنها تظل غير قادرة على إخضاعهم في حالة نشوب قتال جديد[35]“.
انتهت سياسة الولايات المتحدة المتمثلة في الانتظار اليقظ في الوقت الذي كانت فيه الحكومات العراقية المتناوبة ترتكب الخطأ الفادح تلو الآخر في كردستان باستيلاء حسن البكر وابن عمه من بعيد، صدام حسين، على السلطة في يوليو/تموز 1968 وبدآ في وضع الأسس لديكتاتورية بعثية وحشية. لاحظ مسؤولو وزارة الخارجية الأمريكية في فبراير/شباط 1969 أن النظام الجديد تحرك بسرعة لاستعادة اليد العليا في كردستان من خلال دعم “المجموعة الكردية المنافسة “التقدمية” بقيادة جلال الطالباني في حملة فرق تسد الفجة التي تستهدف تقويض دور البرزاني”[36]. وبعد شهرين، وبينما كان الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة الطالباني، يغض الطرف، أعاد البعثيون القوات العراقية إلى جبال زاغروس للمرة الرابعة خلال عشر سنوات لتدمير الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة البرزاني وبيشمركته[37]. في يونيو/حزيران 1969، وصل وفد من الحزب الديمقراطي الكردستاني مكون من خمسة رجال إلى مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية، حيث أبلغوا تالكوت سيل Talcott Seelye ما لم يتلق الكرد دعماً سرياً من الولايات المتحدة لـ” عمل حاسم ضد الحكومة العراقية” فإن البرزاني مستعد أن يستهدف المصدر الرئيس لدخل نظام البعث من خلال إصدار الأوامر للبيشمركة “بمهاجمة المنشآت النفطية لشركة النفط العراقية IPC وقطع تدفق النفط.” وعندما شجع سيلي الحزب الديمقراطي الكردستاني على التوجه إلى مكان آخر للحصول على الدعم واقترح طلب “المساعدة الإيرانية والإسرائيلية”، اعترف زواره بالمساعدة من تلك المصادر لكنهم قالوا إنها غير كافية. وخلص سيلي إلى القول أن “الأكراد سئموا تماما” و”ليس لديهم أي ثقة على الإطلاق في العراقيين العرب[38] “.
على الرغم من أجواء عدم الثقة الدائم هذه، أجبرت سلسلة من الانتصارات العسكرية البعثية في الشمال البرزاني على قبول وقف إطلاق النار في النهاية وتوقيع اتفاقية “انتقالية” بشأن الحكم الذاتي الكردي مع صدام حسين في 11 مارس/آذار 1970. وبموجب هذا الاتفاقية، التي كان من المقرر دخولها حيز التنفيذ اعتبارًا من 11 مارس 1974، ستقوم البشمركة بتسليم أسلحتها الثقيلة وسيعترف البرزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني رسميًا بسيادة بغداد على كردستان. وفي المقابل، وافقت الحكومة العراقية على السماح للأكراد بانتخاب مسؤوليهم المحليين، والتعبير عن “حقوقهم اللغوية والثقافية”، والمشاركة في عائدات حقول النفط في الموصل وكركوك. ولكن قبل أن يجف حبر الاتفاق الانتقالي، كان الأكراد يبحثون عن دعم خارجي لتمرد آخر، كما أشار أحد الدبلوماسيين الأميركيين في كانون الأول/ديسمبر 1970 إثر قيام ممثلي الحزب الديمقراطي الكردستاني بجولات في طهران: “ثمة دلائل على تدهور فعلي للموقف بين البرزاني وبغداد، على الرغم من أن أياً من الطرفين لا يريد، على ما يبدو، أن يبدأ القتال مرة أخرى”[39]. وبعد شهر، اتصل عملاء برزاني بالسفير مالكولم تون في براغ، مما دفع مساعد وزير الخارجية جوزيف سيسكو إلى القول ” إن الشرق الأوسط وأوروبا الوسطى قد تقاربا أخيرًا على عتبة داركم بطريقة كافكاوية نموذجية، “.[40]
[1] المقال مستل Journal of Cold War Studies, Volume 12, Number 4, Fall 2010,.
[2] مؤرخ أمريكي متخصص في تاريخ الدبلوماسية الأمريكية وعلاقات أمريكا مع الشرق الأوسط. محاضر في جامعة كلارك، ماساتشوستس
[3] لإلقاء نظرة موجزة على التاريخ الكردي خلال الحرب العالمية الأولى، راجع ديفيد ماكدول. تاريخ الأكراد الحديث ، الطبعة الثالثة. (نيويورك: 1. ب. توريس، 2004)، [تُرجمت إلى العربية عن دار الفارابي 2004. المترجم] الصفحات 38-112؛ وجون بلوج وهارفي موريس، لا أصدقاء سوى الجبال: التاريخ المأساوي للأكراد (نيويورك: مطبعة جامعة أكسفورد، 1992)، [ترجمت إلى العربية في عام 1996 وصدرت آخر طبعة عن دار نقش 2022] الصفحات 50-87. للحصول على وصف ممتاز للشؤون الكردية الأخيرة، راجع كويل لورانس، أمة غير مرئية: كيف يشكل سعي الأكراد من أجل إقامة دولة العراق والشرق الأوسط (نيويورك: ووكر آند كومباني، 2008)
[4] عن العلاقات السرية للويلات المتحدة مع الكرد انظر George Lardner, Jr., “Nixon, Shah
Tied to Arms for Kurds through CIA,” The Washington Post, 2 November 1975, pp. A1, A10; Joseph
Fitchett, “Kurds Say CIA Betrayed Them,” The Washington Post, 19 November 1975, p. A11; William
Saªre, “Mr. Ford’s Secret Sellout,” The New York Times, 5 February 1976, p. A15; William Saªre,
“Son of ‘Secret Sellout,’” The New York Times, 12 February 1976, p. A17; and Taylor Branch, “The
Trial of the CIA,” The New York Times Magazine, 12 September 1976. The ªrst overviews of U.S.
Central Intelligence Agency (CIA) covert action during the Cold War offered only brief accounts of
U.S. contacts with Kurdish nationalists. See John Ranelagh, The Agency: The Rise and Fall of the CIA,
rev. ed. (New York: Simon and Schuster, 1987), pp. 607–608; and John Prados, Presidents’ Secret Wars:
CIA and Pentagon Covert Operations from World War II through Iranscam (New York: William Morrow,
1986), pp. 313–315, 323. In an updated version of his earlier study, Prados expanded his discussion of
Kurdish affairs to include material on the 1990s. See John Prados, Safe for Democracy: The Secret Wars
of the CIA (Chicago: Ivan Dee, 2006), pp. 391–395, 604.
[5] مكان خيالي جاء وصفه في رواية الفردوس المفقود للروائي البريطاني جيمس هيلتون 1933 (المترجم)
[6] للاطلاع على ثورة البرزنجي والثورات الكردية الأخرى ضد البريطانيين انظر: مكداول ص 158-171، هارفي موريس وجون بلوج ص 87-97 وجونثان راندل أية مغفرة ترتجي بعد كل هذه المعرفة: دروب كردستان كما سلكتها [ترجمها فادي حمود تحت عنوان أمة في شقاق . المترجم] ص 120-125
[7] Robert Rossow (Tabriz) Telegram to Department of State (DOS), 5 March 1946, U.S. Department
of State, Foreign Relations of the United States, 1946, Vol. VII, p. 340 (hereinafter referred to as FRUS,
with appropriate year and volume number)
[8] Kennan Telegram to DOS, 17 March 1946, in FRUS, 1946, Vol. VII, pp. 362–364.
[9] Smith Telegram to DOS, 17 June 1946, in FRUS, 1946, Vol. VII, pp. 824–825.
[10] Archie Roosevelt, For Lust of Knowing: Memoirs of an Intelligence Ofªcer (Boston: Little Brown, 1988), p. 282.
[11] Archie Roosevelt, Jr., “The Kurdish Republic of Mahabad,” The Middle East Journal, Vol. 1, No. 3 (July 1947), p. 268.
[12] Lovett Telegram to George Allen (Tehran), 26 September 1947, in FRUS, 1947, Vol. V, pp. 960– 962.
[13] Randal, After Such Knowledge, pp. 134–137.
[14] Avshalom H. Rubin, “Abd al-Karim Qasim and the Kurds of Iraq: Centralization, Resistance and Revolt, 1958–63,” Middle Eastern Studies, Vol. 4, No. 3 (May 2007), pp. 353–382. Massoud Barzani, Mustafa Barzani and the Kurdish Liberation Movement (1931–1961), ed. by Ahmed Ferhadi (New York: Palgrave Macmillan, 2003) includes dozens of documents describing Kurdish tribal politics in the late 1950s and the KDP’s growing disaffection with the Qassim regime.
[15] Ambassador Humphrey Trevelyan (Baghdad) to Foreign Ofªce (FO), Telegram, 21 May 1959, in PREM 11/4317, The National Archives of the United Kingdom (TNAUK).
[16] CIA/RR SR 60-2:1, “The Kurds,” January 1960, RDP63-00314R000200140069-2, in CIA Records Search Tool (CREST), National Archives and Records Service, College Park, MD (NARA).
[17] On U.S. efforts to destabilize Qassim’s regime in 1959 and 1960, see Douglas Little, “Mission Impossible: The CIA and the Cult of Covert Action in the Middle East,” Diplomatic History, Vol. 28, No. 5 (November 2004), pp. 694–695.
[18] Sherman Kent to John McCone, “Qasim’s Troubles in Kurdistan,” 10 April 1962, in RDP79R00904A000800020023-9, in CREST, NARA
[19] Melbourne Telegram to DOS, 20 September 1962, in FRUS, 1961–1963, Vol. XVIII, pp. 116– 117.
[20] Alan Donald (U.K. Representative to NATO) to FO, 23 January 1963, in FO371, General Correspondence of the Foreign Ofªce, Vol. 170428, TNAUK. During a meeting in Paris, Donald had discussed the deteriorating situation in Baghdad with U.S. ofªcials assigned to the North Atlantic Treaty
Organization. For evidence that Barzani and the KDP were in contact with the Ba’athists and other opponents of Qassim’s regime as early as the summer of 1962, see Sa’ad Jawad, Iraq and the Kurdish Question, 1958–1970 (London: Ithaca Press, 1981), pp. 109–111.
[21] Komer to President Kennedy, 8 February 1963, in FRUS, 1961–1963, Vol. XVIII, p. 342; and Stephen Fuqua (Department of Defense), “Iraqi Coup,” 8 February 1963, in FRUS, 1961–1963,Vol. XVIII, p. 343. On the CIA’s role in the overthrow of Qassim, see Hanna Batatu, The Old Social Classes and the Revolutionary Movements of Iraq (Princeton, NJ: Princeton University Press, 1978), pp. 974–986; Marion Farouk-Sluglett and Peter Sluglett, Iraq since 1958: From Revolution to Dictatorship (London: KPI, 1987), pp. 85–86; and Andrew Cockburn and Patrick Cockburn, Out of the Ashes:The Resurrection of Saddam Hussein (New York: HarperCollins, 2000), pp. 75–76.
[22] Embassy Baghdad to DOS, Telegram, 1 May 1963, in Pol 26 Iraq, State Department AlphaNumeric File, Record Group (RG) 59, NARA.
[23] DOS Circular Telegram, 4 May 1963, in Pol 26 Iraq, State Department Alpha-Numeric File,RG59, NARA; and DOS to Embassy Baghdad, Telegram, 17 May 1963, in Pol 26 Iraq, State Department Alpha-Numeric File, RG59, NARA.
[24] Armin Meyer (Beirut) to DOS, Telegram, 3 July 1963, in Pol 26 Iraq, State Department AlphaNumeric File, RG59, NARA.
[25] CIA Special Report, “The Baathist Regimes in Syria and Iraq,” 27 September 1963, in RDP79-00927A004200040003-1, CREST, NARA.
[26] Farouk-Sluglett and Sluglett, Iraq since 1958, pp. 102–103.
[27] DOS Telegram to Embassy Baghdad, 5 June 1964, in FRUS, 1964–1968, Vol. XXI, p. 337.
[28] Shah to President Johnson, 7 January 1964, 23 April 1965, in FRUS, 1964–1968, Vol. XXII, pp. 7–8; DOS Memorandum of Conversation, 23 April 1965, in FRUS, 1964–1968, Vol. XXII,p. 144; and Trita Parsi, Treacherous Alliance: The Secret Dealings of Israel, Iran, and the U.S. (New Haven: Yale University Press, 2007), pp. 52–53.
[29] Andrew Cockburn and Leslie Cockburn, Dangerous Liaison: The Inside Story of the U.S.-Israeli Covert Relationship (New York: HarperCollins, 1991), pp. 104–106; and Dan Raviv and Yossi Melman, Every Spy a Prince: The Complete History of Israel’s Intelligence Community (Boston: Houghton Mifºin, 1990), pp. 82, 153. The Mossad veteran is quoted in Randal, After Such Knowledge, p. 185.
[30] Tsafrir quoted in Parsi, Treacherous Alliance, p. 53.
[31] DOS Memorandum of Conversation, 10 December 1964, in FRUS, 1964–1968, Vol. XXI, pp. 343–344.
[32] On the CIA’s covert activities in Lebanon, see Wilbur Crane Eveland, Ropes of Sand: America’s Failure in the Middle East (New York: W. W. Norton, 1980), pp. 245–55. For a superb account of American support for the Tibetan guerrillas, see Kenneth Conboy and James Morrison, The CIA’s Secret War in Tibet (Lawrence, KS: University of Kansas Press, 2002).
[33] On America’s secret campaign against Cheddi Jagan, see Stephen G. Rabe, U.S. Intervention in British Guiana: A Cold War Story (Chapel Hill: University of North Carolina Press, 2005). For a detailed account of the Montagnard tribal militias and their tragic fate, see John Prados, The Hidden History of the Vietnam War (Chicago: Ivan R. Dee, 1995), pp. 71–87, 165–175.
[34] Hughes to Rusk, “Kurdish Insurgency Threatens,” 1 September 1967, in FRUS, 1964–1968,Vol. XXI, pp. 384–386.
[35] CIA, “Iraq: The Stagnant Revolution,” 22 May 1968, in RDP85T00875R002000160010-8, CREST, NARA.
[36] Hughes to William Rogers, “Iraq: Internal Stresses and the Search for the Bogeyman,” 14 February 1969, in FRUS, 1969–1976, Vol. E-4, Item 251.
[37] Ismet Sheriff Vanly, “Kurdistan in Iraq,” in Gerard Chaliand, A People without a Country: The Kurds and Kurdistan (New York: Olive Branch Press, 1993), p. 153
[38] Seelye Memorandum of Conversation, 13 June 1969, in FRUS, 1969–1976, Vol. E-4, Item 259.
[39] Donald R. Toussaint (Tehran) to Ambassador Douglas MacArthur, II, 19 December 1970, in Item 0746, Iran Revolution Collection, Digital National Security Archive (DNSA).
[40] Sisco to Toon, 28 January 1971, in “Top Secret—1971,” Records of the Bureau of Near Eastern and South Asian Affairs, Lot 80D234, Box 1, RG59, NARA.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=51316