انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو.. تسليم أكراد مقابل صفقات جيوسياسية؟
دانا البوز
من أجل الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، رضخت السويد وفنلندا إلى شروط فرضتها تركيا على الدولتين ويمهدان الطريق أمام تعاون استخباراتي جديد وتسليم عشرات المطلوبين لدى الحكومة التركية، لا سيما من الناشطين الأكراد.
“هل تقدم السويد وفنلندا الأكراد قربانا للناتو؟”، بهذا العنوان تناولت صحيفة “الإندبندنت” ملف طلب انضمام دولتي الشمال الأوروبي إلى حلف الناتو* والشروط التي فرضتها أنقرة عليهما حتى لا تستخدم حق النقض ضد عضويتهما. إذ وبعد الضغوط المستمرة، توصلت تركيا في نهاية حزيران/يونيو الماضي إلى مذكرة تفاهم مع السويد وفنلندا “تستجيب لمخاوف تركيا بشأن صادرات السلاح ومكافحة الإرهاب”.
وكانت تقدمت فنلندا والسويد بطلب انضمام إلى حلف شمال الأطلسي المؤلف من 30 دولة، على خلفية الهجوم الروسي على أوكرانيا، لكن تركيا رأت في ذلك فرصة لفرض شروطها على الدولتين وطالبتهما برفع الحظر على مبيعات الأسلحة المفروضة عليها إثر التوغل العسكري التركي شمال سوريا عام 2019، إضافة إلى تسليم أعضاء من حزب “العمال الكردستاني” التي تصنفه أنقرة “إرهابي”.
ورغم أن السويد تصنف حزب “العمال الكردستاني” كمجموعة إرهابية، إلا أن تركيا تقول إن ستوكهولم تقدّم الدعم لـ “وحدات حماية الشعب” السوري وذراعها السياسي “اتحاد الحزب الديمقراطي” في شمال شرق سوريا، اللتين تعتبرهما تركيا تنظيمين تابعين لحزب العمال الكردستاني.
تسليم أكراد مقابل صفقات جيوسياسية؟
بناء على مذكرة التفاهم الموقع عليها، ستشارك السويد وفنلندا المعلومات الاستخباراتية مع أنقرة، وطالبت تركيا على الفور الدولتين بتسليم 33 شخصا من الـ”إرهابيين”، في حين سارع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتذكير بـ”وعد قطعته السويد بشأن تسليم 73 إرهابيا”.
هناك شخصيات كردية بارزة وصحفيين على قائمة المطلوب تسليمهم، مثل الكاتب البالغ من العمر 74 سنة والمرشح السابق لجائزة نوبل للسلام لعام 2012 رجب زاراكولو، الذي سُجن في السبعينات وفي عام 2012 لنشره أعمالاً تدافع عن الأقليات، قبل لجوئه إلى السويد في العام 2013 وحصوله على الجنسية لاحقا.
وقال في لقاء إعلامي “كنت أول صحفي يتحدث عن القضية الكردية والإبادة الجماعية للأرمن، وحوكمت بسبب ذلك”.
خوف وقلق لدى الأكراد في السويد
واستنكرت حركة الديمقراطية في أوروبا (DiEM25) اعتقال السلطات السويدية اللاجئ السياسي الكردي زينار بوزكورت الذي يواجه خطر الترحيل إلى تركيا، وقالت في تغريدة “هذا هو الثمن الذي وافقت الحكومة السويدية على دفعه لتتمكن من الانضمام إلى الناتو: بيع الشعب الكردي”، ودعت إلى إطلاق سراحه و”احترام حقوق الإنسان”.
Sweden has arrested Kurdish political refugee Zinar Bozkurt, who now faces extradition to Turkey. This is the price the Swedish government agreed to pay to be able to join NATO: the selling out of Kurdish people.
We call on Sweden to respect human rights and free Zinar Bozkurt. pic.twitter.com/hfIu4VmmZw
— DiEM25 (@DiEM_25) August 21, 2022
ومنذ حوالي 13 يوما، بدأ الشاب إضرابا عن الطعام لتعليق قرار ترحيله، ويوضح ميران كاكائي محامي الشاب البالغ من العمر 26 عاما، أن “اسم بوزكورت ليس مدرجا في القائمة الأولية التي تضم 33 شخصا، لكننا لا نعرف ما إذا كان مدرجا في القائمة الأخرى التي تضم 73 إسما”.
وتحدث المحامي لمهاجرنيوز عن حالة الخوف والقلق لدى عشرات آلاف الأكراد الذين يعيشون حاليا في السويد، مضيفا إذا كان الشخص “كردي وناشط سياسي، ذلك يعني وجود مخاوف حقيقية”، وقال “اتصل بي الكثير من الأشخاص لمعرفة ما إذا كانت هذه الاتفاقية ستؤثر عليهم أو على طلبات اللجوء الخاصة بهم. إنهم قلقون للغاية.”
تنازلات سياسية
يرى الباحث المساعد في معهد واشنطن ماغنوس نوريل، أن القضية الكردية لطالما شكلت موضع خلاف بين تركيا والسويد، إذ إن دعم الأخيرة “المفتوح” للجماعات الكردية، إضافة إلى “انتقادها للحكومة التركية الاستبدادية يزعج أنقرة”.
وذكّر بأن السويد تستضيف حوالي 100 ألف كردي ينشط الكثير منهم سياسيا حتى على المستوى الداخلي، إذ يضم حاليا البرلمان السويدي ثمانية أعضاء من أصول كردية. وتعتمد الحكومة السويدية الحالية على تصويت النائبة المستقلة (الكردية الإيرانية) أمينة كاكابافيه للحصول على الأغلبية بمقعد الواحد في البرلمان.
وكانت حكومة الأقلية الديمقراطية الاجتماعية الحاكمة توصلت إلى اتفاق مع كاكابافيه في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، الأمر الذي أثار حفيظة أنقرة تخوفا من تعميق التعاون مع الأكراد في شمال سوريا، لا سيما وأن كاكابافيه المقاتلة السابقة في قوات “البشمركة” تنتقد بشدة سياسات أردوغان وطالبت باستقلال الأكراد في الشرق الأوسط، ما أثار استياء تركيا.
الحزب الشيوعي السويدي (SKP)، أدان من جهته التنازلات التي قدمتها الحكومة السويدية واصفا ذلك بأنه تخلّي عن “حقوق الإنسان”، واستنكر تسليم السويد للمطلوبين قائلا “إن تركيا تصفهم بالإرهابيين وتقبل الحكومة السويدية هذه الاتهامات الباطلة وقد بدأت بالفعل في اعتقال النشطاء الأكراد بالتعاون مع السلطات التركية. يتم القبض على الأشخاص الذين حاربوا من أجل الحرية والديمقراطية وترحيلهم إلى مصير مجهول حتى تتمكن السويد من الانضمام” إلى الناتو.
وشدد الحزب على أن تسليم الأشخاص إلى دول مثل تركيا “التي تستخدم التعذيب المنهجي ضد خصومها السياسيين”، مخالف للقانون السويدي، وينتهك الاتفاقات الدولية التي وقعتها السويد.
*تنتظر فنلندا والسويد المصادقة على طلب انضمامهما إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وبتاريخ 25 آب/أغسطس الماضي، حصلت الدولتان على موافقة 23 دولة عضو من أصل 30، إذ لا تزال تنتظر التصديق على الطلبات من قبل إسبانيا واليونان والبرتغال وسلوفاكيا وتركيا وجمهورية التشيك والمجر.
المصدر: مهاجر نيوز
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=7566