الأربعاء 09 تموز 2025

بيار روباري: الإستفتاء الكردي وما رافقه ؟؟

لقد قيل الكثير عن الإستفتاء الذي جرى على إستقلال جنوب كردستان، ولهذا سأتجنب الحديث عنه، وسأتناول في مقالتي هذه، فقط ثلاثة ظواهر رافقت الإستفتاء العتيد، وهي ظاهرة التخوين والتجريم، المعارضة الغربية للإستتفتاء، عودة التعاون الثلاثي الشرير ضد الكرد.

25d825a825d9258a25d825a725d825b12b25d825b125d9258825d825a825d825a725d825b125d9258a-9316603


أولآ، ظاهرة التخوين والتجريم:
رافق هذا الإستفتاء، حملة تخوين وتجريم قل نذيرها، قادها أتباع مسعود البرزاني ضد حركة “لا” للإستفتاء، وحركة التغير، التي إعترضت على تفرد البرزاني بموضوع الإستفتاء وشخصنته، وإحلال نفسه محل البرلمان. وهذه الحملة التخوينية، ذكرتني بالحملة التخوينية، التي كان طرفيها الإتحاد الوطني، وحزب مسعود البرزاني، والتي جرت أحداثها في تسعينات القرن الماضي، والتي تعرضت حتى للشرف والعرض.
فما هو سبب هذه الحملة الشعواء والهيستيرية يا ترى؟ وثانيآ، هل حقآ المعارضين للإستفتاء خونة، كما يدعي أتباع البرزاني؟ والسؤال الثالث، لِمَ سمح البرزاني لهؤلاء الغوغاء بشن هذه الحملة الغير الأخلاقية ضد خصومه، ووضع مكنته الإعلامية في خدمتهم؟
الهدف الأول، من هذه الحملة الهيسترية برأي، هو حرف أنظار الجماهيرعن القضية الأساسية ألا وهي بقاء البرزاني في السلطة رغم انتهاء مدته القانونية منذ أكثر عامين، ومن ثم إغلاق برلمان الإقليم بالمفتاح، ومنع رئيسه من مزاولة عمله، وتفرد مسعود بالسلطة وإحلال نفسه محل البرلمان، وإتخاذ القررات نيابة عنه. تصوروا هذا لم يحدث حتى في جملوكية بشار الأسد!!
الهدف الثاني، من هذه الحملة المقصودة، هو الإساءة لإولئك الإخوة في حركة “لا” وحركة التغير الذين عبروا عن رفضهم للإستفتاء بالصيغة الذي تم، أي تفرد مسعود البرزاني بالأمر، وإستغلال الإستفتاء لمأراب شخصية. وكان مطالبهم أن يقوم البرلمان بذلك، كونه الجهة الوحيدة المخولة للبت بمثل هذه القضية الحساسة والمصيرية.
الهدف الثالث، من ذلك هو إظهار البرزاني كونه الوحيد، المنادي بإستقلال كردستان، والقول إن بقائه في السلطة ضرورة كردستانية، وبكلام أخر تبرير إغتصابه للسلطة. ومن الجهة الإخرى، تلطيخ سمة حركة التغير، بهدف لجمها والحد من دورها، وخاصة إن الإنتخابات البرلمانية والرئاسية، باتت على الأبواب.
السؤال هنا، لماذا لم نشهد مثل هذه الحملة التخوينية، في كل من استفتاء اسكتلندا، وكيبك، وكتالونيا. مع العلم، إن نسبة الرافضين لإستقلال اسكتلندا عن بريطانيا في استفتاء عام 2014، كانت أكبر من المطالبين بها.
ثانيآ، ظاهرة معارضة الغرب لإستقلال كردستان:
إن الموقف الغربي من الإستفتاء، ترواح بين الرفض، كما كان الحال مع الأمريكيين، والتخوف، كما كان الأمر مع الإتحاد الأوروبي. الموقف الغربي بقناعتي نابع من قلق أوروبي من إنهيار الوضع في منطقة الشرق الأوسط، المتاخمة لحدود إتحادهم المؤلف من 27 دولة. وثانيآ، إعتقادهم إن خروج الكرد من العراق، وتشكيل دولة خاصة بهم، سيخل بالتوازن بين الشيعة والسنة، وسيسمح لإيران الشيعية بالسيطرة المطلقة على العراق، والغربيين يجدون في ذلك تهديدآ لمصالحهم القومية، لذا يفضلون بقاء الكرد ضمن العراق الموحد. والسبب الثالث في ذلك حسب قناعتي، هو تخوف الغربين من فكرة “الإنفصال”، بسبب ما يعانيه العديد من دول الإتحاد الأوروبي، من ذات الإشكال. وكسبب رابع، إن أمريكا والأروربيين لا يرغبون بتعريض مصالحهم الإقتصادية مع كل من تركيا، وإيران، والعراق العربي للخطر. بكلام آخر مسكوا العصا من منتصفها، وحافظوا على علاقتهم مع الطرفين.
ثالثآ، عودة ظاهرة تكالب الدول المحتلة لكردستان ضد الكرد:
عودة ظاهرة التعاون الثلاثي الشرير(تركيا، ايران، العراق) ضد الكرد من جديد، بعدما إختفت من المسرح لفترة معينة من الواجهة، بسبب خروج العراق من هذا الثلاثي بعد سقوط صدام حسين، وتطور العلاقة بين تركيا البرزاني، بعد أن رضخت تركيا للأمر الواقع، وقبول الفدرالية الكردية. والسبب الأخر، هو زيادة الخلافات بين ايران وتركيا بسبب الأزمة السورية. وكما عاد معها المفردات القديمة، التي كان يستخدمها أنظمة هذه الدول وإعلامهم في السابق. فعلى سبيل المثال بدأنا نسمع مؤخرآ، مصطلح شمال العراق على لسان المسؤولين العراقيين، وإطلاق تصريحات عدائية ضد الكرد، وتهدديهم بعظائم الإمور إن لم يتراجعوا عن نتائج الإستفتاء. وكما أخذنا نسمع على لسان المسؤولين الأتراك، مصطلح شيخ العشيرة، كمحاولة للتقليل من مكانة الشعب الكردي وقادته، والقول بأن الكرد ليسوا سوى عشائر وقبائل، وليسوا بإمة، وبالتالي لا يستحقون دولة. هذا إضافة إلى تهديد الكرد بالتجويع والحرق، وإغلاف المنافذ الحدودية وخطوط النفط، بعد غلق الأجواء أمام حركة الطيران!!!
ردود الفعل الصادرة عن هذه الدول وبشكل موحد، ضد إقليم جنوب كردستان، تؤكد حقيقة ساطعة لا جدال حولها، وهي أن هذه الدول مهما تغيرت أنظمتها، وإختلفت فيما بينها، لكنها تتوحد بسرعة البرق، عندما يتعلق الأمر بالكرد وقضيتهم. ومع ذلك هناك بعض القادة الكرد العراقيين والسوريين، لا يرغبون في رؤية هذه الحقيقة المرة؟؟!!

09 – 10 – 2017

أضف تعليق