التحالف السوري الديمقراطي
23 تشرين الأول / أكتوبر 2025
بيان من التحالف السوري الديمقراطي حول القرار الصادر عن الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية المُتعلّق بإحداث مديريات الإدارة المحلية والبيئة والقرار الصادر عن السيد وزير العدل القاضي بإحداث منصب ” رئيس العدلية ” في العدليات والمجمعات القضائية:
انطلاقاً من المسؤولية الوطنية والسياسية في صون مبادئ الشرعية الدستورية، وترسيخ سيادة القانون، وحماية مبدأ الفصل بين السلطات، ومراقبة سلامة الإجراءات التنفيذية في المرحلة الانتقالية الحساسة التي تمرّ بها البلاد، فإنّ التحالف السوري الديمقراطي يتابع باهتمام وقلق بالغين صدور قرارات تنظيمية وإدارية تمسّ جوهر البنية الدستورية للدولة، أبرزها:
1. قرار الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية رقم ( 126/ ق ) بتاريخ 1 تشرين الأول 2025م ؛ القاضي بإحداث ” مديرية عامة للإدارة المحلية والبيئة ” في كل محافظة.
2. قرار السيد وزير العدل رقم ( 89 / ل ) بتاريخ 29 كانون الثاني 2025م والقاضي بإحداث منصب ” رئيس العدلية ” في العدليات والمجمعات القضائية.
وإذ نؤكد أنّ التحالف ليس في موقع المعارضة لمبدأ التنظيم الإداري أو تطوير مؤسسات الدولة، فإنّ ما ورد في القرارين المذكورين ينطوي على مخالفات جوهرية دستورية وقانونية ومؤسسية، تستوجب الوقوف عندها وتوضيح أبعادها ومخاطرها على المسار الانتقالي والديمقراطي في سوريا.
أولاً – في القرار رقم ( 126 / ق ) الخاص بمديريات الإدارة المحلية والبيئة:
لقد صدر هذا القرار عن السيد الأمين العام لرئاسة الجمهورية بإحداث مديرية عامة للإدارة المحلية والبيئة في كل محافظة، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وترتبط بالمحافظ إدارياً وبالوزير فنياً.
ويُسجَّل على هذا القرار عدد من العيوب الدستورية والقانونية الفادحة، أبرزها:
1- انعدام الصلاحية: فالإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 13/ آذار- مارس/ 2025م لم يرد فيه أي نص يُنشئ منصب ” الأمين العام لرئاسة الجمهورية ” كجهة ذات صلاحية تشريعية أو تنظيمية، ولا يمنحه الحق بإصدار قرارات تتعلّق بالبنية الإدارية للدولة.
2- تعارض القرار مع قانون الإدارة المحلية رقم ( 107) لعام 2011، الذي وضع هيكل وحدات الإدارة المحلية وصلاحيتها بتسلسل واضح من البلديات إلى المحافظات، ولم يمنح أي جهة صلاحية تعديل هذا التسلسل أو استحداث مديريات عامة دون قانون صادر عن السلطة التشريعية.
3- تناقض داخلي في النصوص: إذ يمنح القرار المديرية المُحدثة استقلالاً إدارياً ومالياً، ثم يُخضعها إدارياً للمحافظ ووزير الإدارة المحلية، وهو تناقض ينسف المبدأ الإداري ذاته ويُفقد القرار اتساقه القانوني.
4- مُخالفة مبدأ الاختصاص التشريعي: فالقرار صادر عن موظف إداري ضمن السلطة التنفيذية، بينما يُفترض بمثل هذا الإحداث أن يتم بقانون من مجلس الشعب، وفقاً لأحكام المادة ( 51) من الإعلان الدستوري.
ثانياً – في القرار رقم (89 – ل) الخاص بمنصب رئيس العدلية:
إنّ إحداث منصب تحت مسمى “رئيس العدلية” في كل محافظة، بموجب قرار إداري، يشكّل تجاوزاً صريحاً لقانون السلطة القضائية رقم (98) لعام 1961 وتعديلاته، وقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (112) لعام 1950 وتعديلاته، إذ لم يرد في أيٍّ منهما ما يسمح بإنشاء منصب إداري جديد يتولى الإشراف على القضاء أو القضاة.
ويُعدّ هذا القرار، من حيث الشكل، انتحالاً لصلاحية تشريعية لا يملكها وزير العدل، لأنّ تعديل أو إحداث أيّ منصب قضائي لا يتم إلا بموجب قانون يصدر عن السلطة التشريعية، وليس بقرار إداري من السلطة التنفيذية.
أما من حيث المضمون، فقد مُنح “رئيس العدلية” صلاحيات واسعة تتجاوز الإشراف الإداري إلى التدخل في صميم العمل القضائي، كالتحكم في التشكيلات والتنقلات والإجازات، والإحالة على المجالس التأديبية، ما يجعل القضاة خاضعين لسلطة شخصية أو تنفيذية غير دستورية، ويهدر مبدأ استقلال القضاء المنصوص عليه في المادة (43) من الإعلان الدستوري.
هذا، فقد تمّ تعيين عدد من شاغلي هذا المنصب استناداً إلى معايير الولاء أو الانتماء الديني أو الفصائلي، لا على أساس الكفاءة والخبرة القانونية، بل إنّ بعضهم لا يحمل أصلاً مؤهلاً قانونياً، مما يمسّ بكرامة المرفق القضائي ويُضعف ثقة المواطنين بعدالته.
وإنّ هذا القرار، في جوهره، يناقض المبادئ الأساسية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 10) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 (المادة 14)، اللذين نصّا على حقّ كل فرد في المثول أمام قضاء مستقل ومحايد.
ثالثاً – في البعد السياسي والدستوري العام:
إنّ القرارين معاً يشيران إلى اتجاه خطير لإعادة إنتاج المركزية القديمة عبر أدوات جديدة، وإلى تغوّل السلطة التنفيذية على السلطتين القضائية والتشريعية في آنٍ واحد، بما يتنافى مع جوهر المرحلة الانتقالية القائمة على التوازن بين السلطات وبناء مؤسسات حكم رشيد قائمة على الشرعية والمساءلة والشفافية.
إنّ مثل هذه القرارات، التي تصدر خارج الأطر الدستورية والتشريعية، تفرغ العملية الانتقالية من مضمونها الإصلاحي، وتعيد إنتاج نمط الحكم العمودي القائم على الولاءات لا على سيادة القانون، وهو ما يعارض روح الإعلان الدستوري والتزامات الدولة السورية المعلنة تجاه المواثيق الدولية.
رابعاً – موقف التحالف السوري الديمقراطي وتوصياته:
1. يعتبر التحالف السوري الديمقراطي القرارين رقم (89 – ل) و(126 ق) باطلين قانوناً لصدورهما عن جهات غير ذات اختصاص، ومخالفتهما للقوانين النافذة.
2. يدعو التحالف إلى وقف العمل بهذين القرارين فوراً، وفتح مراجعة قانونية مستقلة بإشراف مجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين لضمان احترام مبدأ المشروعية الدستورية.
3. يهيب التحالف بالسلطة الانتقالية الالتزام الصارم بمبدأ الفصل بين السلطات، وإحالة أي مشروع لإصلاح الجهازين القضائي والإداري إلى السلطة التشريعية المنتخبة وفقًا للأصول الدستورية.
4. يؤكد التحالف أن إصلاح مؤسسات الدولة لا يكون بقرارات فوقية أو استنسابية، بل بحوار وطني ومؤسساتي قائم على الشراكة والمساءلة.
إنّ التحالف السوري الديمقراطي ، إذ يؤكد أنّ بناء الدولة الحديثة لا يتحقق إلا بسيادة القانون واستقلال القضاء وتكريس اللامركزية، وأنّ أيّ مساس بهذه المبادئ هو تراجع عن روح المرحلة الانتقالية ومبادئ الثورة والحرية.
فلا دولة ديمقراطية بلا قضاء مستقل،
ولا عدالة بلا شرعية قانونية،
ولا استقرار بلا احترام للفصل بين السلطات.
التحالف السوري الديمقراطي
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=78452