بيان من الشيخ الهجري الرئيس الروحي للمسلمين الموحدين الدروز حول التطورات الأخيرة في سوريا
الشيخ
حكمت سلمان الهجري
الرئيس الروحي
للمسلمين الموحدين
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الحق سبحانه : (( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربّك بظلاّم للعبيد )) صدق الله العظيم .
السوريون الأكارم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أمّا بعد
من موقعنا في الرئاسة الروحية ، نجيب أسئلتكم ،وماذا بعد التحرير؟. كيف سنستمر بإصرار على البناء والتقدم والاحتفاظ بكرامتنا وخيراتنا لأهلنا ؟..
حين تكلمنا عن التسامح ، لم نقصد التدوير أو إعطاء فرص جديدة للعابثين في القيادات السابقة ، كما لم نقصد قطع لقمة عيش عن أحد ، بل قصدنا عدم تدوير الفساد ، فمن يريد البناء لا يقوم بتدمير المؤسسات والدوائر بإفراغها من طاقاتها دون دقة وحذر ، بل يجب أن نسير بنهج إدارة مدنية تكنوقراطية لا تسيّرها أيّ انتماءات عرقية أو دينيّة أو سياسيّة ، فالمطلوب .. هو تغيير التفكير وأسلوب العمل ، ونظافة الكف ، والمهنيّة والاختصاص ، وعدم تغوّل أي جهة على موقع عام . ويجب أن ننتبه إلى البوصلة الوطنية السليمة ، فإن سقط النظام البائد ، يتوجب ألا نترك رواسبه تكمل الإفساد الذي انتهجه ، وعلينا التنبيه لوقف التدمير والانتقام .
لذلك فالشعب السوري الحر لا يقبل بسياسات الأمر الواقع ، وذلك أن الثورة كانت على طغمة حاكمة تم طردها وهربت لتتركنا متوقعة أن نحترق ، ولكن هيهات أن يحصل ذلك ، لأن الشعب لا يحمل ضغائن على بعضه ، وكل من أخطأ يتوجب أن تتم محاسبته ضمن الاصول والأعراف وتحت ظل القانون السائد في حينه ، ولن يقبل الشعب أن يحاسب الجناة خارج المحاكم والقوانين السورية العادلة .
أهلنا وإخوتنا الكرام ..بالنسبة لأبنائنا المنتمين للفصائل المسلحة : نتمنى منهم عدم الانحراف عن الأصول ، وعدم التدخل بالحالات المدنية ، و ألا ينساقوا لاستغلال الخلافات الشخصية ، أو الانتقام والأذى ، كي لا يكونوا وسيلة إرهاب كالتي كانت.. فالسيادة للقانون والأخلاق ، والأعراف المتداولة ، ولا محل للترهيب والتهديد بالسلاح ، وقد دعونا أبناءنا لتوحيد الصفوف ، ورأينا منهم الغيرة والرجولة ، لتبقى هذه النظرة إليهم كحماة ارض وعرض ، وطلبنا ان ينكفئ السلاح إلى مواقعه ، ففخرنا بأخلاقنا وعقولنا ، لذلك فأملنا منكم بالتعاون والرتابة ، وبعدها فنحن أول من طلب هيكلة الدولة ، وهيبتها على أسسها السليمة ، وحين تتعافى وتظهر ، فمن المؤكد أن أبناءنا الذين يحملون السلاح سينضمّون لجيش دولتهم النظامية وبأي صفة داعمة تحت ستائر القانون والتنظيم .
ونحاكي المجتمع المدني في كل المحافظات السورية ، وفق ما يعاني منه الكثيرون في تعاملاتهم ، فنحن نهيب بالجميع ، بعدم خرق القوانين والأعراف ، مما يهدم العلاقات ، مثل الإخلاءات العشوائية تحت فرض القوة والتهديد ، ولا حل المشاكل بالقوة بحجة ان السلطة غائبة ، فكل الأمور تنظمها القوانين ، وتحميها الأخلاق ، بما فيه من صيانة للأرزاق وعدم التعدي على أمن وأمان بعضنا .
أهلنا الكرام في ربوع الوطن ..
العلاقة مع حكومة الإنقاذ المؤقتة الحالية ، علاقة شراكة وتواصل ، نحن دوما ندعو للخير ، وأن ينطلق كل منا في مجتمعه ومنطقته ، لا ليبتعد عن باقي أهله بل ليجتمع ويتعاون معهم، ونطمئنكم أننا من المحافظين على أواصر التلاقي ، حيث يتم التواصل مع الحكومة المؤقتة ، آملين التجاوب دوما ، مع منح الثقة للمختصين ، ونأمل إيلاء الثقة من كل الجهات ، والتعاون مع شركاء المصير بعيدا عن الاستقلالية ، وأن لا يكون هناك تعتيم على أي جواب ، فالوضوح سبيل الى الوصول السليم ، والبناء القويم ..
ونحن نبارك بكل الخطى الوطنية الصحيحة التي يتم اتخاذها . وأيدينا مفتوحة للتعاون مع الحكومة المؤقتة التي وعدت أنها ستقف عند مهامها تحت ظل القوانين المحلية والدولية ، وأنها لن تتجاهل وتستأثر بسلطة ولا بقرار .
ويتعين في مرحلة تأسيس البناء دعوة المجتمع المدني السوري بأطيافه وألوانه كلها دون إقصاء لأي مكون للحوار والعمل ، بعيدا عن أي تبعية ،وأن يكون ذلك تحت الغطاء الوطني والدولي، ومخاطبة دول العالم للإشراف والمتابعة وإبداء الرأي ، للوصول إلى حكومة انتقالية تمثِل أطياف وتلاوين المجتمع السوري كلها . ونأمل ان لا يطول الوقت كما يتوقع الكثيرون .
ونؤكد أن الشعب لا يريد تكرار المعاناة كالولاء مقابل الغذاء ،فالولاء لله و للوطن ، ومصلحة الأهل والوطن هي الاساس ، ولا تخوين ، ولا فتنة ، ولا تجيير للكلام بغير مضمونه ، ولا ترحيل مسؤوليات ، فالإرادة الشعبية هي الأساس ،وأن يبقى خير الوطن لأهله، فالشعب لن يقبل بالخروج من سطوة أمنية وتسلط وفساد ، إلى ما يشبه ذلك من نهج آخر بأسماء ومصطلحات جديدة . ونحن نؤكد على مبادئنا الأساسية المعلنة ..وحدة سورية أرضا وشعبا.. ولا انفصال ، ولا انتماء لغير الوطن والأهل ..
ومن هنا نتوجه لإخواننا أبناء العشائر الكرام ، أنه يجمعنا تاريخ واحد ، عشناه بالمحبة والتآخي ، ولا نقبل أن نكون لونين في هذا الوطن ، لأننا لون واحد من النسيج السوري المتكامل ، ولا يزاود علينا أحد في تآخينا وترابطنا وعيشنا الهانئ المشترك.
أيها الأهل الكرام …
ستبقى وسيلتنا لتحقيق غاياتنا ، هي مد جسور الثقة بين ابناء الوطن الواحد على امتداد جغرافيته ، وإصلاح المسارات وتصويبها ، ونثابر على نهج أسلافنا بإرادة مجتمع مدني متماسك حر ، ونرغب بالتعاون مع كل ابناء الوطن تحت ظل النصر ، لتحقيق مستقبل يستحقه الأبناء والأحفاد ..
لنبقى في سوريا ، منارة للحضارة والسلام ، لحفظ الإنسان والأوطان .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جبل العرب 15 / 2 / 2025
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=62917