الجمعة, فبراير 21, 2025

بيان من الشيخ الهجري الرئيس الروحي للمسلمين الموحدين الدروز حول التطورات الأخيرة في سوريا

الشيخ
حكمت سلمان الهجري
الرئيس الروحي
للمسلمين الموحدين
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الحق سبحانه : (( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربّك بظلاّم للعبيد )) صدق الله العظيم .
السوريون الأكارم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أمّا بعد
من موقعنا في الرئاسة الروحية ، نجيب أسئلتكم ،وماذا بعد التحرير؟. كيف سنستمر بإصرار على البناء والتقدم والاحتفاظ بكرامتنا وخيراتنا لأهلنا ؟..
حين تكلمنا عن التسامح ، لم نقصد التدوير أو إعطاء فرص جديدة للعابثين في القيادات السابقة ، كما لم نقصد قطع لقمة عيش عن أحد ، بل قصدنا عدم تدوير الفساد ، فمن يريد البناء لا يقوم بتدمير المؤسسات والدوائر بإفراغها من طاقاتها دون دقة وحذر ، بل يجب أن نسير بنهج إدارة مدنية تكنوقراطية لا تسيّرها أيّ انتماءات عرقية أو دينيّة أو سياسيّة ، فالمطلوب .. هو تغيير التفكير وأسلوب العمل ، ونظافة الكف ، والمهنيّة والاختصاص ، وعدم تغوّل أي جهة على موقع عام . ويجب أن ننتبه إلى البوصلة الوطنية السليمة ، فإن سقط النظام البائد ، يتوجب ألا نترك رواسبه تكمل الإفساد الذي انتهجه ، وعلينا التنبيه لوقف التدمير والانتقام .
لذلك فالشعب السوري الحر لا يقبل بسياسات الأمر الواقع ، وذلك أن الثورة كانت على طغمة حاكمة تم طردها وهربت لتتركنا متوقعة أن نحترق ، ولكن هيهات أن يحصل ذلك ، لأن الشعب لا يحمل ضغائن على بعضه ، وكل من أخطأ يتوجب أن تتم محاسبته ضمن الاصول والأعراف وتحت ظل القانون السائد في حينه ، ولن يقبل الشعب أن يحاسب الجناة خارج المحاكم والقوانين السورية العادلة .
أهلنا وإخوتنا الكرام ..بالنسبة لأبنائنا المنتمين للفصائل المسلحة : نتمنى منهم عدم الانحراف عن الأصول ، وعدم التدخل بالحالات المدنية ، و ألا ينساقوا لاستغلال الخلافات الشخصية ، أو الانتقام والأذى ، كي لا يكونوا وسيلة إرهاب كالتي كانت.. فالسيادة للقانون والأخلاق ، والأعراف المتداولة ، ولا محل للترهيب والتهديد بالسلاح ، وقد دعونا أبناءنا لتوحيد الصفوف ، ورأينا منهم الغيرة والرجولة ، لتبقى هذه النظرة إليهم كحماة ارض وعرض ، وطلبنا ان ينكفئ السلاح إلى مواقعه ، ففخرنا بأخلاقنا وعقولنا ، لذلك فأملنا منكم بالتعاون والرتابة ، وبعدها فنحن أول من طلب هيكلة الدولة ، وهيبتها على أسسها السليمة ، وحين تتعافى وتظهر ، فمن المؤكد أن أبناءنا الذين يحملون السلاح سينضمّون لجيش دولتهم النظامية وبأي صفة داعمة تحت ستائر القانون والتنظيم .
ونحاكي المجتمع المدني في كل المحافظات السورية ، وفق ما يعاني منه الكثيرون في تعاملاتهم ، فنحن نهيب بالجميع ، بعدم خرق القوانين والأعراف ، مما يهدم العلاقات ، مثل الإخلاءات العشوائية تحت فرض القوة والتهديد ، ولا حل المشاكل بالقوة بحجة ان السلطة غائبة ، فكل الأمور تنظمها القوانين ، وتحميها الأخلاق ، بما فيه من صيانة للأرزاق وعدم التعدي على أمن وأمان بعضنا .

أهلنا الكرام في ربوع الوطن ..
العلاقة مع حكومة الإنقاذ المؤقتة الحالية ، علاقة شراكة وتواصل ، نحن دوما ندعو للخير ، وأن ينطلق كل منا في مجتمعه ومنطقته ، لا ليبتعد عن باقي أهله بل ليجتمع ويتعاون معهم، ونطمئنكم أننا من المحافظين على أواصر التلاقي ، حيث يتم التواصل مع الحكومة المؤقتة ، آملين التجاوب دوما ، مع منح الثقة للمختصين ، ونأمل إيلاء الثقة من كل الجهات ، والتعاون مع شركاء المصير بعيدا عن الاستقلالية ، وأن لا يكون هناك تعتيم على أي جواب ، فالوضوح سبيل الى الوصول السليم ، والبناء القويم ..
ونحن نبارك بكل الخطى الوطنية الصحيحة التي يتم اتخاذها . وأيدينا مفتوحة للتعاون مع الحكومة المؤقتة التي وعدت أنها ستقف عند مهامها تحت ظل القوانين المحلية والدولية ، وأنها لن تتجاهل وتستأثر بسلطة ولا بقرار .
ويتعين في مرحلة تأسيس البناء دعوة المجتمع المدني السوري بأطيافه وألوانه كلها دون إقصاء لأي مكون للحوار والعمل ، بعيدا عن أي تبعية ،وأن يكون ذلك تحت الغطاء الوطني والدولي، ومخاطبة دول العالم للإشراف والمتابعة وإبداء الرأي ، للوصول إلى حكومة انتقالية تمثِل أطياف وتلاوين المجتمع السوري كلها . ونأمل ان لا يطول الوقت كما يتوقع الكثيرون .
ونؤكد أن الشعب لا يريد تكرار المعاناة كالولاء مقابل الغذاء ،فالولاء لله و للوطن ، ومصلحة الأهل والوطن هي الاساس ، ولا تخوين ، ولا فتنة ، ولا تجيير للكلام بغير مضمونه ، ولا ترحيل مسؤوليات ، فالإرادة الشعبية هي الأساس ،وأن يبقى خير الوطن لأهله، فالشعب لن يقبل بالخروج من سطوة أمنية وتسلط وفساد ، إلى ما يشبه ذلك من نهج آخر بأسماء ومصطلحات جديدة . ونحن نؤكد على مبادئنا الأساسية المعلنة ..وحدة سورية أرضا وشعبا.. ولا انفصال ، ولا انتماء لغير الوطن والأهل ..
ومن هنا نتوجه لإخواننا أبناء العشائر الكرام ، أنه يجمعنا تاريخ واحد ، عشناه بالمحبة والتآخي ، ولا نقبل أن نكون لونين في هذا الوطن ، لأننا لون واحد من النسيج السوري المتكامل ، ولا يزاود علينا أحد في تآخينا وترابطنا وعيشنا الهانئ المشترك.
أيها الأهل الكرام …
ستبقى وسيلتنا لتحقيق غاياتنا ، هي مد جسور الثقة بين ابناء الوطن الواحد على امتداد جغرافيته ، وإصلاح المسارات وتصويبها ، ونثابر على نهج أسلافنا بإرادة مجتمع مدني متماسك حر ، ونرغب بالتعاون مع كل ابناء الوطن تحت ظل النصر ، لتحقيق مستقبل يستحقه الأبناء والأحفاد ..
لنبقى في سوريا ، منارة للحضارة والسلام ، لحفظ الإنسان والأوطان .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جبل العرب 15 / 2 / 2025

شارك هذه المقالة على المنصات التالية