الخميس, مارس 28, 2024
القسم الثقافي

بيتُ الشَّعْرِ مسكنُ البُدَاةِ وهويَّة أبناءِ الصَّحارى

إعداد/ حسام الدخيل

 يعد بيت الشعر أهم بنية الهوية الثقافية لدى العرب، وخاصة البدو منهم، حيث كانوا يبنون بيوتهم، ويصنعونها من الطبيعة المحيطة بهم، ولتناسب البادية، التي يسكنونها، فكان شعر الماعز والأوبار، والسعف، والجريد، المواد الرئيسية الهامة في حياكة البيوت، التي انتشرت في عرض الصحراء.

ولا يزال البدو في البادية السورية إلى يومنا هذا يسكنون بيوت الشعر، على الرغم من التطور العمراني، الذي وصلت إليه المنطقة من تقدم وحضارة. بالإضافة إلى أن بعض الأثرياء، أو شيوخ القبائل في الجزيرة السورية، لا يزالون يحافظون على هذه الهوية، من خلال بناء بيت شعر حقيقي إلى جانب المنزل الأساسي، أو إدخال تصاميم بيت الشعر، وشكله على دواوينهم الحديثة.

 

تاريخ بناء بيت الشعر

 يعود أصل بيوت الشعر إلى شبه الجزيرة العربية، التي كانت الموطن الأصلي للعرب في العصور السالفة، كما نقلت الروايات والأبحاث التاريخية، أن أصل بيت الشعر، أو الخيمة العربية، يعود إلى قبائل اليمن وسلطنة عمان، وانتقل بعدها إلى العرب عامة في البادية، ليصبح جزءاً لا يتجزأ من هويتهم الثقافية.                         

طريقة حياكة البيت البدوي

 ويتكون بيت الشعر أو الخيمة البدوية من شعر الماعز، وصوف الضأن، ووبر الإبل، وذلك ليكون أكثر تشابكا عند نزول المطر عليه، ليمنع بذلك مرور المطر خلال فصل الشتاء، كما يكسبه هذا الخليط القوة المقاومة لحرارة الشمس والرياح، والرمال، ليجعله مناسباً لمناخ الصحراء.

ويعود سبب حياكة البيت من شعر الماعز والصوف، ووبر الإبل، وتفضيلها على البيوت الحديثة المصنوعة من الطوب، إلى أن البدو من المعروف أنهم يتنقلون في طول البادية وعرضها بحثاً عن المراعي، لذلك هم غير مستقرين؛ ما جعل بيوت الشعر ملائمة أكثر لهم وذلك لسهولة حملها، والتنقل بها من مكان إلى أخر.

ويأخذ بيت الشعر أشكالا عديدة، وتختلف طرق بنائه باختلاف فصول السنة، كما تختلف التصميمات من عشيرة إلى أخرى.

وهناك نوعان لبيوت الشعر، بيت صيفي، وهو مصنوع من صوف الغنم غالباً، ليعطي شعور بالبرودة داخلة كما تسمح المسامات الموجودة إلى عبور الهواء إلى داخل البيت.

والبيت الشتوي، مصنوع من شعر الماعز، وذلك لأنه يحوي مواد دهنية طبيعية تمنع تسرب الرياح، والأمطار إلى داخل البيت. 

أقسام بيت الشعر

 يقسم بيت الشعر الى قسمين، أو أكثر ويحدد اسم البيت عدد الأعمدة المسندة له، حيث أن البيت، الذي يقسمه عمود واحد إلى قسمين فقط، يُسمى “قِطبة”، والبيت الذي يُقسم بعمودين إلى ثلاثة أقسام، فيُسمى “الصَّهوة”، والبيت ذو الثلاثة أعمدة، المُقسَّم إلى أربعة أقسام، يُسمى “المثُولَث”، أما البيت ذو الأربعة أعمدة والمقسَّم الى خمسة أقسام، يُسمى “المرُوبع”. أما المقسم بخمسة أعمدة، أو بستة أقسام، يُسمى “المخومس”، وأما “المسودس” فيكون لسكن شيخ القبيلة؛ لأنه بستة أعمدة وبسبعة أقسام.

أجزاء بيت الشعر

 يتكون بيت الشعر من أجزاء عدة، أهما:

ـ “الشقة”، والجمع منها أشقاق، حيث يتم صناعتها من حياكة الشعر.

ـ “الرفة” مصنوعة من الشعر أيضاً، وتكون على جانبي البيوت من جهة اليمين واليسار.

ـ “الرواق”، وهو الجزء، الذي يغطي الجانب الخلفي من بيت الشعر.

 ـ “الستار”، يكون من الجهة الأمامية للبيت.

ـ “العمدان، والأحبال المصنوعة من الألياف”، ولها أسماء عدة، مثل “الأوتاد، العكف”، و”الخلال” وتستخدم لتثبيت البيت، ورفعه.

“البطانة”، وهي الساحة، أو القاطع، وهي الفاصل بين الرجال والنساء، ويطلق اسم “الشِق” بكسر حرف الشين، وهو المخصص لجلسة الرجال، “المحرم” وهو مكان تواجد النساء.

 أسماء الأعمدة في بيت الشعر

ـ “المقدم”: وهو في مقدمة البيت، “الواسط”: وهو في وسط البيت، “العامر”، وهو عمود جانب البيت، “يد البيت”: وهي الأعمدة الخلفية للبيت، وتكون قصيرة، وكذلك الرجل بكسر الراء.

حبال البيت

 تصنع الحبال المثبتة لبيت الشعر من الليف بقطر مقطع يقارب السنتمترين، وكلما كانت طويله تكون أفضل، ومن أنواعها:

حبال المقدم (المجدي): وهي حبال البيت الأمامية، وتكون أطول الحبال المكونة للبيت.

حبال الميخر: وهي الحبال الخلفية، وتأتي أطول الحبال في البيت.

حبال الكاسر (العنب): حبل في كل جهة من جوانبه، ووسطه، والبعض يسميها “طلبة”.

حبل الأيد: حبلان في كل طرف من البيت، يتوسطهما حبل الكاسر.

خياطة بيت الشعر

 تكون المعزبة (راعية البيت – ربة البيت)، (مسديه شقة، أو شقتين للبيت) وتعني:

مسدية (السدو): يعني بعد قص شعر الماعز يتم طرقه بمطارق، ومن ثم غزله وبرمه، (أي وضع كل خيطين من الشعر المغزول مع بعضهما، وبرمهما على بعض بأداة اسمها (المُبرم)، ويتوجب على الغازلة أن تبلل الشعر المغزول بالماء، وبعد الانتهاء من العزل والبرم، تبدأ عملية النسج إلى أن يتحول الى شقة شعر بطول البيت.

الشقة: هي ما ينتج من نسج (السدُو) الغزل المبروم، ويستخدم لذلك طريقه جميلة وسهلة، وبها فن، وهي أقرب ما تكون الى النول، ويجب على صاحبة البيت، أن تكون معدة مسبقاً خيط المذيع (خيط من شعر الماعز المخلوط بصوف الغنم، بنسبة 50% لكل نوع) ويستخدم كما يسمونه (لحُمة)، وتعمل على لحم وربط الغزل، وهي لا تظهر بعد تجهيز الشقة، كونها مغطاة بخيط الشعر.

ويكون عرض الشقة 70 الى 100 سم، ويتكون بيت الشعر من سبعه إلى تسعة شقاق تخاط في بعضها بخيط من المذيع.

تجهيز طريقة البيت

تكون المعزبة قد اتمت تجهيز (طريقة للبيت) والطريقة منسوجة من خيط الشعر، ويتخلله بعض خيوط الصوف بعرض لا يزيد عن 30سم، تستعمل لربط ودعم (الشقق) للبيت، ودعم أعمدة البيت الواسط، والشعب، والكواسر، وأعمدة الميخر، وتوصل بعكف البيت، الذي تربط به الحبال، وتكون عدد الطرايق المستخدمة تزيد على عدد أرباع البيت بواحدة، و(العكف) جمع عكفة، وهي زاوية مصنوعة من خشب البلوط.

تجهيز مَخل لرواق البيت، و(المخل) هو الجزء العلوي من الرواق، الذي يوصل بالبيت بواسطة الإخلة (جمع خلال)، والخلال: هو جزء من حديد مبروم قطره ست مليمترات مدبّب من جهة، ومعقوف بشكل دائري من الجهة الثانية، لشبك أخلة البيت بخيط مع بعضها، لكيلا تفقد أثناء الترحال، وإن لم تتوفر الأخلة من الحديد يتم صنعها من خشب شجرة (الرتم)، وهي موجودة بكثره في البادية.

دور (هابّات الريح)

(هابات الريح) هن فريق يتكون من (الأمهات والجدات، والأقارب، والجيران)، وكل وحداة منهن تأتي، وتكون معلقة مخاطها بعصبتها، (المخْاط: إبرة خياطة كبيرة بقطر ثلاث مليمترات تقريباً وطول 12 سم تقريباً، ويبدأن عملية الخياطة بواسطة خيط مذيع، وتتم الخياطة لوسط البيت، الذي يسمى (القَطُبْ) على طريقة (اللواية)، وهي أن ترفع طرف الشقتين الوسطيات، وتخاط مع بعضها، كي تصبح لها زاوية في منتصف البيت، أما باقي الشقاق فتُخاط على طريقة (الرداحة)، وهي تخاط الشقاق بمحاذاة بعضها كي تبقى منبسطة.

وتكون مقدمة البيت أعرض من مؤخرته، وبعد الانتهاء يتم قلب البيت على وجهه الآخر، لإتمام عملية خياطة (الطرايق) بشكل عرضي، ليتم تثبيت (العكف بالطرايق) حيث يخاط عود أطول من عرض الطريقة بقليل، ويتكون من فرزات بشكل دائري، لربط حبل رفيع مزدوج بطول 25 سم، وربطه (بالعكف) الذي مكون من فرزات مشابهة للحبل.

​الثقافة – صحيفة روناهي