أكّد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، في إحاطته لمجلس الأمن بتاريخ 25 نيسان/أبريل 2025، أن شمال وشرق سوريا يشهد تطورات معقدة تتطلب معالجة سياسية شاملة وجهوداً ملموسة من الأطراف المحلية والدولية.
وأشار بيدرسون إلى أن الاتفاق الموقع بين الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في 10 آذار/مارس، تضمن رسائل متبادلة وخطوات أولية، من بينها تشكيل لجان وزيارات متبادلة، وتفاهمات على ترتيبات أمنية في مناطق ذات أغلبية كردية بمدينة حلب، وجهود مشتركة في مجالات مثل التعليم. كما أشار إلى إشارات على تطوير نهج تفاوضي مشترك في شمال شرق سوريا، يضم عدداً من الأحزاب.
وأضاف أن هذه الخطوات تندرج ضمن جهود بناء الثقة، مؤكداً أهمية أن تُنفذ بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، ومشيراً إلى أن الوضع في شمال شرق سوريا يتسم بتحديات كبيرة، من بينها “تواجد جماعات مسلحة، تراجع التمويل الدولي، وجود عناصر لتنظيم داعش داخل المخيمات وخارجها، بالإضافة إلى قضايا ترتبط بالحوكمة واللامركزية والهوية”.
وقال بيدرسون إن معالجة هذه القضايا تتطلب “إرادة سياسية من جميع الأطراف المعنية للتوصل إلى حلول وسط، بما يسهم في دمج شمال شرق سوريا في العملية السياسية الوطنية، ويحافظ على وحدة سوريا واستقرارها”.
كما ناقش بيدرسون ما وصفه بـ”أفكار حول نزع سلاح الفصائل المسلحة وتسريحها وإعادة دمجها”، مبيناً أن تحقيق هذا الهدف “يستلزم بيئة سياسية ملائمة وهياكل حوكمة شاملة تحظى بدعم دولي”، مشيراً إلى إمكانية دمج الفصائل المسلحة في جيش وطني في التوقيت المناسب.
وفي سياق آخر، أشار إلى استمرار ورود تقارير بشأن حوادث اختطاف لنساء وفتيات، معبراً عن قلقه من هذه الممارسات، وأكد أنها “غير مقبولة”، ودعا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المجتمعات المتضررة.
وشدد بيدرسون في ختام إحاطته على أن “نجاح أي انتقال سياسي في سوريا يتطلب خطوات جادة لبناء الثقة، وبيئة آمنة، وشمول سياسي، واستقرار اقتصادي”، مؤكداً أن “الوضع لا يزال هشاً”، ومجدداً دعوته لتطبيق القرار 2254 باعتباره الإطار الدولي المعتمد للحل السياسي في سوريا.
الولايات المتحدة الأمريكية
القائمة بأعمال بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة دوروثي شيا أعربت عن أملها في أن يمثل تشكيل الحكومة المؤقتة خطوة إيجابية، وقالت “نتوقع أن نرى إجراءات إضافية وتعيين أفراد أكثر تأهيلا وتمثيلا للخدمة في مناصب مهمة”.
وأضافت قائلة: “كما أوضحنا مرارا وتكرارا، إننا سنحمل السلطات السورية المؤقتة المسؤولية عن الخطوات التالية: نبذ الإرهاب وقمعه تماما، وتبني سياسة عدم الاعتداء على الدول المجاورة، واستبعاد المقاتلين الإرهابيين الأجانب من أي أدوار رسمية، ومنع إيران ووكلائها من استغلال الأراضي السورية، وتدمير أسلحة الدمار الشامل، والمساعدة في استعادة المواطنين الأمريكيين المختفين في سوريا، وضمان أمن وحريات جميع السوريين”.
وقالت إن الشعب السوري يستحق أيضا قيادة شفافة ومسؤولة وملتزمة تماما بمستقبل أكثر سلاما وازدهارا بعد “54 عاما من الحكم المدمر في ظل نظام الأسد”.
وأشارت إلى إعلان بلادها أنها ستعزز قواعدها العسكرية في سوريا، مشيرة إلى أن هذا القرار يعكس “التقدم الكبير الذي أحرزته الولايات المتحدة مع شركائنا …. بشأن خفض قدرة داعش العملياتية على الصعيدين الإقليمي والعالمي”.
روسيا
شدد الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا على ضرورة ألا تبقى الدعوات إلى احترام وحدة أراضي سوريا وسيادتها “مجرد شعارات جوفاء”، وأن تلتزم بها عمليا جميع الدول، بما في ذلك جيران سوريا.
وشدد على أهمية ضمان عودة إسرائيل إلى تنفيذ اتفاق فك الاشتباك لعام 1974، وتوقفها عن قصف الأراضي السورية وسحب قواتها من البلاد، “خاصة وأن دمشق أكدت مرارا وتكرارا استعدادها لبناء علاقات بناءة مع جميع جيرانها دون استثناء”.
وأشار نيبينزيا إلى أن المناطق الساحلية في سوريا لم تتعافَ بعد من الأحداث المأساوية الأخيرة، وقال إن نتائج عمل لجنة التحقيق وتقصي الحقائق “سيشكل أساس العلاقات المستقبلية بين دمشق والمجتمع العلوي، وكذلك الأقليات العرقية والدينية الأخرى”.
وأكد السفير الروسي أنه لا بديل عن عملية سياسية شاملة، بقيادة جميع السوريين وبدعم من الأمم المتحدة، وأضاف: “سوريا التي لا تشعر فيها كل مجموعة عرقية أو دينية بالقمع أو التهميش، وتحصل فيها على تمثيل مناسب في هياكل الأمن والسلطة، ستكون منيعة ضد أي محاولات لتقويض سيادتها أو سلامة أراضيها”.
وقال إنه لا يمكن أن يكون هناك مكان في البلاد “للمقاتلين الإرهابيين الأجانب الملطخة أيديهم بالدماء والذين لا علاقة لهم بالشعب السوري”.
مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية
من جانبها، قالت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية، جويس مسويا، إن التحديات المعقدة التي تواجه سوريا تحدث في ظل “واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم”، حيث يعاني ما يقرب من ثلاثة أرباع السكان من العوز، ويواجه أكثر من نصفهم انعدام الأمن الغذائي، ولا يزال هناك حوالي سبعة ملايين نازح في البلاد.
وفيما رحبت بالانخفاض الكبير في الأعمال العدائية، أكد السيدة مسويا على ضرورة التركيز بشكل واضح على “تهدئة الصراع حيثما يستمر وضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية”.
وقالت إن تحسن الوضع الأمني في أجزاء من محافظة حلب وشمال شرق سوريا في الأسابيع الأخيرة – عقب الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين السلطات الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية – كانت له فوائد ملموسة للمدنيين، بما في ذلك العمل الذي تقوم به اليونيسف وشركاء آخرون لتوسيع إمدادات الطاقة من سد تشرين.
إلا أنها أشارت إلى استمرار ورود تقارير عن حوادث تؤثر على المدنيين في المناطق الساحلية، على الرغم من التحسن الملحوظ في الوضع الأمني هناك، واستمرار الغارات الجوية الإسرائيلية والتوغلات في المحافظات الجنوبية، مما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين في بعض الحوادث.
سلّطت المسؤولة الأممية الضوء على المساعدات الحيوية التي تقدمها المنظمة وشركاؤها لملايين الأشخاص شهريا، بما في ذلك المساعدات الصحية والغذائية والمأوى، وإزالة الذخائر غير المنفجرة، من بين خدمات أخرى.
وقالت إن المجتمع الإنساني يواصل اتباع جميع السبل المتاحة لتقديم المساعدة بأقصى قدر ممكن من الكفاءة، إلا أنها شددت على الحاجة الماسة إلى مزيد من التمويل لاستدامة هذا العمل، “ناهيك عن توسيع نطاقه”.
وأضافت: “حتى الآن، تلقينا 186 مليون دولار أمريكي – أي أقل من 10% من متطلبات النصف الأول من عام 2025. وهذا لا يزال يُترجم إلى عواقب وخيمة على استجابتنا”.
وأشارت السيدة مسويا إلى أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تتوقع تقليص فريقها في سوريا بنسبة 30%، وأن 122 من مراكزها المجتمعية ستُغلق بحلول الصيف دون تمويل، “في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى دعم عودة اللاجئين”.
وأضافت أن برنامج الأغذية العالمي حذّر من حاجته إلى 100 مليون دولار لتجنب انقطاع المساعدات الغذائية في آب/ أغسطس، وأن العديد من المنظمات غير الحكومية – وخاصة في شمال شرقي سوريا – تواجه نقصا مُقلقا للغاية في الموارد.
وشددت السيدة مسويا على ضرورة الحفاظ على “زخم الاستثمار” في تعافي سوريا وتنميتها. وقالت: “بدون ذلك، سيتجاوز حجم الاحتياجات الإنسانية قدرتنا على الاستجابة لها بكثير. وملايين اللاجئين والنازحين داخليا الذين أعربوا عن رغبتهم في العودة إلى ديارهم سيظلون مترددين بسبب نقص الخدمات الأساسية وفرص كسب الرزق، والأمل في اغتنام هذه الفرصة الحاسمة لبناء مستقبل أكثر ازدهارا معرض لخطر التلاشي”.
سوريا
قال وزير الخارجية السوري المؤقت أسعد الشيباني إن علم بلاده الذي رفع اليوم في المقر الدائم “ليس مجردَ رمز، بل هو إعلان لوجود جديد نبع من رحم المعاناة، ويجسد مستقبلا ينبثق من الصمود، ووعدا بالتغيير بعد سنوات من الألم “.
وأضاف أن قصة بلاده اقترنت لعقود من الزمن “بقسوة نظام الأسد، الذي لم تتسبب أفعاله في مآس إنسانية عميقة للشعب السوري فحسب”، بل أتاحت “لقوى مزعزعة للاستقرار أن تنبت في تراب وطننا”.
وأكد أن سوريا بدأت أخيرا “تلتقط أنفاسها” بعد 50 عاما من القمع، وفتحت أبوابها للعالم، بما في ذلك من خلال منح المنظمات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان الوصول إلى أراضيها.
وقال إن السوريين والسوريات حققوا “المستحيل” في الأشهر الأربعة الماضية من خلال تعاون غير مسبوق فيما بينهم، بما في ذلك الحفاظ على مؤسسات الدولة، وتشكيل الحكومة الانتقالية، وتوحيد الفصائل العسكرية، التي انحلت “جميعا دون استثناء”، وبدء خطوات دستورية نحو إصلاح حقيقي. كما تم إطلاق حوار وطني “اجتمع فيه – لأول مرة – ما يقارب ألف سوري في القصر الرئاسي”.
المصدر: الأمم المتحدة
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=67739