الجمعة 01 آب 2025

تحولات الفضاء الديني في سوريا بعد سقوط النظام: قراءة في الإقصاء والتشدد والضغوط

1. مقدمة:

منذ سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، وانتقال السلطة إلى الحكومة السورية الجديدة، دخلت البلاد في مرحلة انتقالية دقيقة تستوجب إعادة هيكلة شاملة لمؤسسات الدولة، بما في ذلك المنظومة الدينية. وقد شهد هذا القطاع تغيّرات كبيرة تمثّلت في إنهاء مهام عدد من الأئمة والخطباء، وظهور تيارات دينية ذات توجهات أكثر تشددًا، إلى جانب توسع حملات دعوية يغلب عليها الطابع الإقصائي، لا سيما في المناطق ذات التنوع الديني والمذهبي. وقد وثقت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” هذه الاتجاهات من خلال عدد من الشهادات والمصادر المحلية، التي تشير إلى واقع جديد يثير القلق بشأن مستقبل التعددية الدينية وحرية المعتقد في سوريا.

يعتمد هذا التقرير على شهادات ميدانية موثّقة ووثائق مفتوحة المصدر جمعتها “سوريون”، ويتناول أبرز نماذج التحول في الفضاء الديني خلال الأشهر الأولى التي تلت انهيار النظام السابق. كما يستعرض التقرير الأبعاد القانونية والاجتماعية لهذه التحولات، ويختتم بتوصيات عملية موجهة إلى الحكومة السورية الانتقالية والجهات الدولية المعنية، تهدف إلى حماية الحقوق الدينية، وصون الحريات العامة، وتعزيز التماسك المجتمعي في مرحلة ما بعد النزاع.

2. إعادة هيكلة البنية الدينية التقليدية: تغيير الأئمة وتبني خطاب جديد:

كانت المنظومة الدينية من أوائل القطاعات التي خضعت لإعادة الهيكلة من قبل السلطات السورية الانتقالية.[1] وقد انعكست هذه الهيكلة بشكل واضح على تعيينات الأئمة والخطباء ومضامين الخطاب الديني، كان من أبرز تجلياتها إحلال شخصيات دينية جديدة محل أخرى، وتبني خطاب أكثر تشدداً، وهو ما أكده الشيخ الدكتور عبد القادر محمد الحسين، أستاذ التفسير وعلوم القرآن في جامعة يالوا وعضو هيئة التدريس في جامعة دمشق سابقاً، حيث ظهر في فيديو يرد فيه على شكوى أهل حلب أن مدينتهم أصبحت “مرتعاً للوهابية الذين يُكفّرون الناس وينشرون الطائفية في خطبهم” قائلاً:

“ما لا يقل عن 100 إمام وخطيب تم عزلهم من غير سبب… تستمر سياسة عزل الخطباء والأئمة في مناطق واسعة بحلب، واستبدال هؤلاء بخريجي المعاهد الوهابية، وكثير منهم لا يتقن العلوم الأساسية، وإيقاف بعض معاهد تعليم القرآن لفتح غيرها بإشراف وهابي. كما يتم التعدي والسب والشتم على العلماء في مديرية الأوقاف بتهم باطلة وظالمة بأنهم وقفوا مع النظام البائد رغم أنهم كانوا مرابطين رغم كل المعاناة والضغط عليهم”.

كذلك تشير الشهادات والتوثيقات التي جمعتها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” إلى انطلاق حملة لعزل الأئمة والخطباء المرتبطين بالمنظومة الدينية السابقة، بذريعة ولائهم للنظام، واستُبدل عدد كبير منهم بآخرين محسوبين على الفصائل الإسلامية، لا سيما من التيار السلفي الجهادي.

في بعض المدن الكبرى، مثل دمشق وحلب، غالباً ما اتخذت هذه الإجراءات شكلاً قانونياً من خلال قرارات صادرة عن وزارة الأوقاف التابعة للحكومة الانتقالية. أما في ريف دمشق، فقد اضطر العديد من الأئمة إلى التنحي قسراً أو تحت الضغط، عقب اتهامات علنية بالتعاون مع النظام السابق. وقد جرى استقدام بدائلهم من مناطق إدلب، أو من المهجّرين من أبناء نفس المناطق.[2]

أكد أحد أئمة المساجد في ريف دمشق في شهادة أدلى بها لـ”سوريون”،[3] أنه تعرّض لضغوط مباشرة من السلطات الأمنية بهدف عزله. فبحسب شهادته، حضر في 2 كانون الثاني/يناير 2025 إلى منزله “الأمير الأمني” في المدينة برفقة شيوخ من المهجرين العائدين، وأبلغوه بقرار عزله لقيامه بـ”مساعدة النظام بدعاء أو حتى بكلمة”. وأوضح الشاهد أن جميع محاولاته للاعتراض باءت بالفشل، بل تعرض للتهديد بالسجن في حال عودته إلى المسجد. وأشار إلى أنه موظف رسمي في وزارة الأوقاف، ولا يمكن فصله من منصبه دون اتباع الإجراءات القانونية، قائلاً: “ليس كل من كان في مناطق النظام كان داعماً له”.

وفي مدينة زملكا في ريف دمشق، أدلى إمام أحد المساجد بشهادة لـ”سوريون” أكد فيها تعرّضه للضرب والتهديد على يد عناصر تابعة للحكومة الجديدة، بهدف إرغامه على مغادرة المسجد. ووفق روايته، في ليلة 17 كانون الثاني/يناير 2025، حضر إلى منزله القيادي في الهيئة، أبو حمزة الشامي، برفقة مسلحين ملثمين، قاموا بسحبه من شعره وانهالوا عليه بالضرب المبرح، مرفقين ذلك بشتائم وتهديدات مباشرة وقالوا له:

“يا شيخ النظام، يا شيخ الكلاب، والله لأجعل منك عبرة أنت وكل شيخ شد على يد النظام وحزب البعث… إذا لم تلتزم منزلك سأجعلك تتمنى الموت. إياك أن تعود إلى الجامع وتنجسه.”

وبحسب المصدر، لم يجرؤ الإمام على العودة إلى المسجد منذ ذلك الحين، رغم تقديمه شكوى رسمية لدى “الأمن العام”، إذ لم تُتخذ أي إجراءات قانونية بحق المعتدين، ولا يزال أبو حمزة يتنقل بحرية في المدينة دون مساءلة. كما لم تُبادر أي جهة رسمية لإعادة الإمام إلى عمله أو لرد اعتباره.

وفي 2 شباط/فبراير، أصدرت مديرية الأوقاف في دمشق قرارًا بإقالة الشيخ إبراهيم دنون، إمام جامع أفريدون العجمي في الشاغور، والشيخ محمد يوسف خورشيد، إمام وخطيب جامع الهدى في المزة، ومنعهما من إقامة أو المشاركة في أي نشاط ديني في مساجد المدينة، بعد “التدقيق في ما تم تداوله” بحقهما. لا سيما أن “زمان الوصل” تمكنت من الحصول على بطاقة أمنية صادرة عن ميليشيا الدفاع الوطني تحمل اسم وصورة خورشيد، وتؤكد انخراطه الرسمي في صفوف الميليشيا. أثارت هذه القرارات اعتراضات واسعة. إذ اعتبرها البعض حملة منظمة تهدف إلى زعزعة ثقة الناس برجال الدين التقليديين داخل سوريا، واستبدالهم بشخصيات مرضي عنها سياسياً.

من جهته، دافع خلدون طه، أحد مريدي الشيخ خورشيد، عن شيخه، نافياً أي مديح أو دعاء صدر عنه للنظام السابق، ومعتبراً أن بطاقة الانتساب المذكورة “كان يمكن لأي شخص استخراجها مقابل مبلغ مالي لتحاشي الحواجز فقط، دون أن تعكس موقفاً سياسياً فعلياً”. وأضاف: “أي تشهير آخر من أي صفحة سأتولى توجيه معروض إلى النائب العام في دمشق. كفانا تشهيراً بشيوخ الشام المعتدلين المعروفين بخطابهم المتزن.”

وفي تطور مقلق يعكس تصاعد العنف ذي الطابع الديني–السياسي في البلاد، تعرّض شيخا دين بارزان للاختطاف والإهانة والضرب، ليقتل أحدهما ويبقى مصير الآخر مجهولاً. أثارت الحادثتان جدلاً واسعاً ومخاوف متزايدة بشأن استهداف رجال الدين المعتدلين.

ففي 5 كانون الثاني/يناير، تداول ناشطون صورًا لاعتقال الإمام عمر حوري، شيخ مسجد مصعب بن عمير في حي البرامكة، بتهم تتعلق بكونه “شبيحاً” و”أحد أذرع مخابرات النظام السابق”، بزعم مشاركته في اعتقال العشرات. وبحسب ما ذكره الناشطون، طاف عناصر الأمن العام به في شوارع المدينة مكبَّل اليدين ومعصوب العينين، قبل اقتياده إلى جهة مجهولة. ليعلن عن مقتله لاحقاً في 27 كانون الثاني/يناير 2025. وصرحت أسرته إلغاء كافة المراسم المتعلقة بالجنازة والعزاء “حفاظاً على سلامة الجميع، وتأكيداً على التزامنا بمنهج الشهيد في نبذ الفتنة وتعزيز روح الأخوة والتآلف بين أبناء الأمة”.

وفي اليوم التالي، 28 كانون الثاني/يناير 2025، نشرت رابطة علماء ودعاة سوريا بيانًا عاجلًا يؤكد اختطاف الشيخ الصوفي أسعد الكحيل على يد فصيل مسلح في دمشق، وضربه بشكل أدى إلى كسر في ضلعَيْه وحالة صحية حرجة تستدعي تدخلاً طبياً عاجلاً. وجّهت الرابطة البيان إلى الحكومة السورية الجديدة، مطالبةً بنقله للمشفى وتقديم العناية الطبية اللازمة له.

3. صعود خطابات أكثر تشددًا على المنابر: تسييس الدين وتزايد خطاب الكراهية:

لا يقتصر توسع النفوذ الديني في المرحلة الانتقالية على التعيينات والخطابات ذات الطابع الأكثر تشدداً، بل ينعكس أيضاً في سعي بعض الجهات الدينية إلى تعزيز حضورها المؤسساتي وممارسة دور رقابي على أنشطة الدولة. ففي مقابلة مع صحيفة “القدس العربي” بتاريخ 2 نيسان/أبريل 2025، صرّح الشيخ محمد نعيم عرقسوسي، عضو مجلس الإفتاء الأعلى، بأن مهام المجلس تشمل الرقابة على القوانين وقرارات الوزراء وتصويب السياسات الحكومية لضمان توافقها مع الشريعة الإسلامية. ورغم أنه عاد لاحقاً في تصريح لوكالةسانا لينفي أن تلك التصريحات تمثل رأي المجلس، مشيراً إلى أنها “رؤية شخصية ذات طابع إرشادي”، فإن هذه الأقوال عكست توجهاً مثيراً للقلق نحو إرساء دور وصائي ديني

1. مقدمة:

منذ سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، وانتقال السلطة إلى الحكومة السورية الجديدة، دخلت البلاد في مرحلة انتقالية دقيقة تستوجب إعادة هيكلة شاملة لمؤسسات الدولة، بما في ذلك المنظومة الدينية. وقد شهد هذا القطاع تغيّرات كبيرة تمثّلت في إنهاء مهام عدد من الأئمة والخطباء، وظهور تيارات دينية ذات توجهات أكثر تشددًا، إلى جانب توسع حملات دعوية يغلب عليها الطابع الإقصائي، لا سيما في المناطق ذات التنوع الديني والمذهبي. وقد وثقت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” هذه الاتجاهات من خلال عدد من الشهادات والمصادر المحلية، التي تشير إلى واقع جديد يثير القلق بشأن مستقبل التعددية الدينية وحرية المعتقد في سوريا.

يعتمد هذا التقرير على شهادات ميدانية موثّقة ووثائق مفتوحة المصدر جمعتها “سوريون”، ويتناول أبرز نماذج التحول في الفضاء الديني خلال الأشهر الأولى التي تلت انهيار النظام السابق. كما يستعرض التقرير الأبعاد القانونية والاجتماعية لهذه التحولات، ويختتم بتوصيات عملية موجهة إلى الحكومة السورية الانتقالية والجهات الدولية المعنية، تهدف إلى حماية الحقوق الدينية، وصون الحريات العامة، وتعزيز التماسك المجتمعي في مرحلة ما بعد النزاع.

2. إعادة هيكلة البنية الدينية التقليدية: تغيير الأئمة وتبني خطاب جديد:

كانت المنظومة الدينية من أوائل القطاعات التي خضعت لإعادة الهيكلة من قبل السلطات السورية الانتقالية.[1] وقد انعكست هذه الهيكلة بشكل واضح على تعيينات الأئمة والخطباء ومضامين الخطاب الديني، كان من أبرز تجلياتها إحلال شخصيات دينية جديدة محل أخرى، وتبني خطاب أكثر تشدداً، وهو ما أكده الشيخ الدكتور عبد القادر محمد الحسين، أستاذ التفسير وعلوم القرآن في جامعة يالوا وعضو هيئة التدريس في جامعة دمشق سابقاً، حيث ظهر في فيديو يرد فيه على شكوى أهل حلب أن مدينتهم أصبحت “مرتعاً للوهابية الذين يُكفّرون الناس وينشرون الطائفية في خطبهم” قائلاً:

“ما لا يقل عن 100 إمام وخطيب تم عزلهم من غير سبب… تستمر سياسة عزل الخطباء والأئمة في مناطق واسعة بحلب، واستبدال هؤلاء بخريجي المعاهد الوهابية، وكثير منهم لا يتقن العلوم الأساسية، وإيقاف بعض معاهد تعليم القرآن لفتح غيرها بإشراف وهابي. كما يتم التعدي والسب والشتم على العلماء في مديرية الأوقاف بتهم باطلة وظالمة بأنهم وقفوا مع النظام البائد رغم أنهم كانوا مرابطين رغم كل المعاناة والضغط عليهم”.

كذلك تشير الشهادات والتوثيقات التي جمعتها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” إلى انطلاق حملة لعزل الأئمة والخطباء المرتبطين بالمنظومة الدينية السابقة، بذريعة ولائهم للنظام، واستُبدل عدد كبير منهم بآخرين محسوبين على الفصائل الإسلامية، لا سيما من التيار السلفي الجهادي.

في بعض المدن الكبرى، مثل دمشق وحلب، غالباً ما اتخذت هذه الإجراءات شكلاً قانونياً من خلال قرارات صادرة عن وزارة الأوقاف التابعة للحكومة الانتقالية. أما في ريف دمشق، فقد اضطر العديد من الأئمة إلى التنحي قسراً أو تحت الضغط، عقب اتهامات علنية بالتعاون مع النظام السابق. وقد جرى استقدام بدائلهم من مناطق إدلب، أو من المهجّرين من أبناء نفس المناطق.[2]

أكد أحد أئمة المساجد في ريف دمشق في شهادة أدلى بها لـ”سوريون”،[3] أنه تعرّض لضغوط مباشرة من السلطات الأمنية بهدف عزله. فبحسب شهادته، حضر في 2 كانون الثاني/يناير 2025 إلى منزله “الأمير الأمني” في المدينة برفقة شيوخ من المهجرين العائدين، وأبلغوه بقرار عزله لقيامه بـ”مساعدة النظام بدعاء أو حتى بكلمة”. وأوضح الشاهد أن جميع محاولاته للاعتراض باءت بالفشل، بل تعرض للتهديد بالسجن في حال عودته إلى المسجد. وأشار إلى أنه موظف رسمي في وزارة الأوقاف، ولا يمكن فصله من منصبه دون اتباع الإجراءات القانونية، قائلاً: “ليس كل من كان في مناطق النظام كان داعماً له”.

وفي مدينة زملكا في ريف دمشق، أدلى إمام أحد المساجد بشهادة لـ”سوريون” أكد فيها تعرّضه للضرب والتهديد على يد عناصر تابعة للحكومة الجديدة، بهدف إرغامه على مغادرة المسجد. ووفق روايته، في ليلة 17 كانون الثاني/يناير 2025، حضر إلى منزله القيادي في الهيئة، أبو حمزة الشامي، برفقة مسلحين ملثمين، قاموا بسحبه من شعره وانهالوا عليه بالضرب المبرح، مرفقين ذلك بشتائم وتهديدات مباشرة وقالوا له:

“يا شيخ النظام، يا شيخ الكلاب، والله لأجعل منك عبرة أنت وكل شيخ شد على يد النظام وحزب البعث… إذا لم تلتزم منزلك سأجعلك تتمنى الموت. إياك أن تعود إلى الجامع وتنجسه.”

وبحسب المصدر، لم يجرؤ الإمام على العودة إلى المسجد منذ ذلك الحين، رغم تقديمه شكوى رسمية لدى “الأمن العام”، إذ لم تُتخذ أي إجراءات قانونية بحق المعتدين، ولا يزال أبو حمزة يتنقل بحرية في المدينة دون مساءلة. كما لم تُبادر أي جهة رسمية لإعادة الإمام إلى عمله أو لرد اعتباره.

وفي 2 شباط/فبراير، أصدرت مديرية الأوقاف في دمشق قرارًا بإقالة الشيخ إبراهيم دنون، إمام جامع أفريدون العجمي في الشاغور، والشيخ محمد يوسف خورشيد، إمام وخطيب جامع الهدى في المزة، ومنعهما من إقامة أو المشاركة في أي نشاط ديني في مساجد المدينة، بعد “التدقيق في ما تم تداوله” بحقهما. لا سيما أن “زمان الوصل” تمكنت من الحصول على بطاقة أمنية صادرة عن ميليشيا الدفاع الوطني تحمل اسم وصورة خورشيد، وتؤكد انخراطه الرسمي في صفوف الميليشيا. أثارت هذه القرارات اعتراضات واسعة. إذ اعتبرها البعض حملة منظمة تهدف إلى زعزعة ثقة الناس برجال الدين التقليديين داخل سوريا، واستبدالهم بشخصيات مرضي عنها سياسياً.

من جهته، دافع خلدون طه، أحد مريدي الشيخ خورشيد، عن شيخه، نافياً أي مديح أو دعاء صدر عنه للنظام السابق، ومعتبراً أن بطاقة الانتساب المذكورة “كان يمكن لأي شخص استخراجها مقابل مبلغ مالي لتحاشي الحواجز فقط، دون أن تعكس موقفاً سياسياً فعلياً”. وأضاف: “أي تشهير آخر من أي صفحة سأتولى توجيه معروض إلى النائب العام في دمشق. كفانا تشهيراً بشيوخ الشام المعتدلين المعروفين بخطابهم المتزن.”

وفي تطور مقلق يعكس تصاعد العنف ذي الطابع الديني–السياسي في البلاد، تعرّض شيخا دين بارزان للاختطاف والإهانة والضرب، ليقتل أحدهما ويبقى مصير الآخر مجهولاً. أثارت الحادثتان جدلاً واسعاً ومخاوف متزايدة بشأن استهداف رجال الدين المعتدلين.

ففي 5 كانون الثاني/يناير، تداول ناشطون صورًا لاعتقال الإمام عمر حوري، شيخ مسجد مصعب بن عمير في حي البرامكة، بتهم تتعلق بكونه “شبيحاً” و”أحد أذرع مخابرات النظام السابق”، بزعم مشاركته في اعتقال العشرات. وبحسب ما ذكره الناشطون، طاف عناصر الأمن العام به في شوارع المدينة مكبَّل اليدين ومعصوب العينين، قبل اقتياده إلى جهة مجهولة. ليعلن عن مقتله لاحقاً في 27 كانون الثاني/يناير 2025. وصرحت أسرته إلغاء كافة المراسم المتعلقة بالجنازة والعزاء “حفاظاً على سلامة الجميع، وتأكيداً على التزامنا بمنهج الشهيد في نبذ الفتنة وتعزيز روح الأخوة والتآلف بين أبناء الأمة”.

وفي اليوم التالي، 28 كانون الثاني/يناير 2025، نشرت رابطة علماء ودعاة سوريا بيانًا عاجلًا يؤكد اختطاف الشيخ الصوفي أسعد الكحيل على يد فصيل مسلح في دمشق، وضربه بشكل أدى إلى كسر في ضلعَيْه وحالة صحية حرجة تستدعي تدخلاً طبياً عاجلاً. وجّهت الرابطة البيان إلى الحكومة السورية الجديدة، مطالبةً بنقله للمشفى وتقديم العناية الطبية اللازمة له.

3. صعود خطابات أكثر تشددًا على المنابر: تسييس الدين وتزايد خطاب الكراهية:

لا يقتصر توسع النفوذ الديني في المرحلة الانتقالية على التعيينات والخطابات ذات الطابع الأكثر تشدداً، بل ينعكس أيضاً في سعي بعض الجهات الدينية إلى تعزيز حضورها المؤسساتي وممارسة دور رقابي على أنشطة الدولة. ففي مقابلة مع صحيفة “القدس العربي” بتاريخ 2 نيسان/أبريل 2025، صرّح الشيخ محمد نعيم عرقسوسي، عضو مجلس الإفتاء الأعلى، بأن مهام المجلس تشمل الرقابة على القوانين وقرارات الوزراء وتصويب السياسات الحكومية لضمان توافقها مع الشريعة الإسلامية. ورغم أنه عاد لاحقاً في تصريح لوكالة “سانا لينفي أن تلك التصريحات تمثل رأي المجلس، مشيراً إلى أنها “رؤية شخصية ذات طابع إرشادي”، فإن هذه الأقوال عكست توجهاً مثيراً للقلق نحو إرساء دور وصائي ديني يتجاوز حدود الفتوى إلى التأثير على التشريع والإدارة العامة.

ويتماهى هذا النزوع التوسعي في سلطة المؤسسة الدينية مع التحولات الميدانية التي شهدتها البلاد خلال العام الحالي، لا سيما في طبيعة الخطاب الديني على المنابر. فقد انزاحت خطب الجمعة والمواعظ الدينية باتجاه تبنّي خطاب أكثر تشدداً وتطرفاً، يعكس التوجهات السلفية الجهادية التي ينتمي إليها العديد من الأئمة المعينين حديثاً، ما أفرغ المنبر من دوره الإرشادي التقليدي، وحوّله إلى أداة تعبئة وتحريض سياسي–ديني.

في شهادته لـ”سوريون”، عبّر أحد طلاب الشريعة في جامعة دمشق، عن خيبة أمله من مسار الخطاب الديني في ظل الإدارة الجديدة، قائلاً:

“كنت أتمنى أن تتبنى الإدارة اتجاهاً إسلامياً ملتزماً، لكن تبيّن أنها جاءت بخطاب أكثر تشدداً وعنفاً.”

وألقى الشاهد باللوم على الأئمة الجدد الذين تم تعيينهم “بتزكية من مجموعات إسلامية عسكرية”، متهماً إياهم بالتحريض على الكراهية والدعوة إلى الجهاد ضد من يختلف معهم سياسياً أو مذهبياً.

أوضح الشاهد أنه قرر مقاطعة جامع الحي الذي اعتاد ارتياده منذ سنوات، بعد أن صُدم بمضمون خطب الإمام الجديد، الذي لا ينتمي للمنطقة، حيث دعا المصلين إلى “التحصن” ومقاطعة من يخالفهم في الرأي أو الانتماء المذهبي بدعوى حماية الدين وردع الفتنة. وأضاف الشاهد:

“شعرت بالصدمة، فهذا ليس ما تعلمناه عن الإسلام الذي يأمر بالعدل والإحسان حتى مع المخالفين أو أتباع الديانات الأخرى.”

وعبّر عن أسفه لما وصفه بـ”تسييس المنبر وتغيّر الخطاب الديني تبعاً للظروف السياسية والاجتماعية”، مؤكداً ضرورة مواجهة من “يستغل الدين لأغراض سياسية”، بحسب تعبيره.

في مثال آخر على خطورة هذا الانزياح الخطابي، شهدت مدينة حماة حادثة أثارت جدلاً واسعاً، حيث وثق نشطاء في 4 آذار/مارس 2025 مقاطع فيديو تُظهر شجاراً بين مصلين ومسلحين خارج جامع “الشريعة”، تطور إلى إطلاق نار في الهواء، بعد أن اعتبر المسلحون أن أداء صلاة التراويح على تلك الهيئة يمثل “بدعة”.

علّق أحد شيوخ المدينة على الحادثة قائلاً: “استفزاز المتشددين للمصلين ووصمهم بالضلال أمر لن يُسكت عنه”، متوعداً برد شعبي في حال تكرار هذه الاعتداءات.

وهي ليست الحادثة الوحيدة من نوعها، فقد حدثت مشاجرة داخل مسجد مصعب بن عمير في مدينة حماة، حيث اندلعت اشتباكات بالأيدي بين المصلين وجماعة سلفية متشددة، عندما اقتحمت الجماعة المسجد أثناء مجلس للذكر، متهمة المصلين بممارسة “شعائر كفرية”، مما أدى إلى مواجهة عنيفة انتهت بطرد الجماعة من المسجد على يد المصلين.

4. الحملات الدعوية والاكراه الرمزي: توظيف الفضاء الديني لترسيخ خطاب أحادي:

من أبرز نتائج التحولات في المشهد الديني بعد سقوط النظام، تصاعد النشاطات الدعوية ذات الطابع الإقصائي، والتي اتسمت بقدر من الضغط والتوجه الأحادي، خصوصاً في المناطق المعروفة بتنوعها الديني والطائفي. فقد شهدت العديد من المدن السورية، منذ الأسابيع الأولى لتسلم الحكومة الجديدة السلطة، موجة مكثفة من الحملات الدعوية.[4]

في 29 كانون الأول/ديسمبر 2024، تداول ناشطون مقطع فيديو من منطقة السقيلبية في ريف حماة، يظهر أحد الدعاة وهو يطلب من رجل مسيحي “أن يصبح مسلماً”، ويوافق الأخير بعد أن بدا عليه الخوف والتردد. المشهد، الذي وثّق لحظة الإكراه الرمزي، أثار موجة استياء واسعة، لما يعكسه من استغلال للنفوذ الديني المفروض في ظل غياب بيئة آمنة ومتوازنة.

وفي شهادته لـ”سوريون”، تحدّث إمام أحد جوامع السقيلبية عن عزله من منصبه بعد تعرّضه لمضايقات متكررة من مصلين وافدين إلى المدينة، اتهموه بترويج خطاب “متساهل” يدعو للتسامح بين الأديان وتحريم سفك الدماء. وقال الشاهد أن الإمام الجديد الذي خلفه جاء بخطاب أكثر حدة، قائلاً:

“أصبحت خطب الجمعة تمتلئ بعبارات مثل وجوب محاربة الكفار، مع تحريض واضح ضد أبناء الطوائف الأخرى.”

وأوضح أن خطب الإمام الجديد تضمنت دعوات مباشرة لـ”التحصن ضد البدع”، و”عدم الاختلاط مع أهل الكتاب”، وهو ما أثار استياءً واسعاً حتى بين أبناء الطائفة المسلمة المعتدلة في المدينة.

أشار الشاهد خلال المقابلة إلى أن قرار استبعاده لم يكن حالة منفردة، بل تزامن مع إقالة إمام جامع قلعة المضيق المجاورة، وتعيين خطيب معروف بتوجهاته المتشددة مكانه، في خطوة وصفها بـ”الحملة المنظّمة”. وقدّم اعتراضاً رسمياً إلى محافظ حماة، الذي بدوره حمّل المسؤولية لـ”الفوضى وكثرة الأطراف المتشددة في الإدارة الجديدة التي تحاول فرض رؤيتها على الفضاء الديني”، بحسب ما نقله الإمام. وختم الشاهد:

“لم يكن هذا ما ناضلنا من أجله. لم نقم بثورة عظيمة ضد الظلم، لنقع تحت ظلم آخر بلون آخر… وكأننا عدنا إلى عصور الجاهلية.”

أما في دمشق ومحيطها، فقد تصاعدت النشاطات الدعوية خاصة في الأحياء ذات الغالبية المسيحية، مثل القصاع والقشلة وباب توما والدويلعة، حيث بدأت من منتصف كانون الثاني/يناير 2025 “سيارات الدعوى” والدعاة الراجلين، يجوبون الشوارع، ويخاطبون المارة من الرجال والنساء بالدعوة إلى دخول الإسلام، ويدعون النساء إلى ارتداء الحجاب، في سلوك أثار توتراً طائفياً كبيراً في تلك المناطق.

وأكد إمام أحد جوامع منطقة باب توما هذه الحوادث، مشيراً إلى أن معظم من يقوم بهذه التحركات هم دعاة وافدون من جنسيات مختلفة، بينهم شيشان وتركمان ومصريون، ممن يزعمون أنهم تابعون للمكتب الدعوي المخوّل من قبل الحكومة الجديدة، ويحملون تراخيص رسمية. وقال الإمام إن هؤلاء:

“يحملون عقلية جاهلية قديمة جداً، يتهمون الناس بالكفر، ويوقفون النساء في الطرقات ليضعوا غطاءً على رؤوسهن، أو يأمروهن باللباس الشرعي، مما يثير غضباً واستياءً عاماً في المنطقة.”

وأضاف أن هذه الجماعات لم تكتفِ بالمضايقات، بل هدّدته شخصياً إلى جانب بعض المصلين، قائلاً: “قالوا لي: سنقاتل هؤلاء المرتدين والكفرة من المسيحيين وغيرهم.”

5. رأي قانوني:

تُبرز الشهادات والوقائع الميدانية السابقة نماذج مقلقاً من التسييس المتزايد للمجال الديني، وانتهاكاً لمبدأ حياد الدولة تجاه الأديان والمذاهب. كما تثير هذه التحولات مخاوف بشأن التأثير على التماسك الاجتماعي، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى بناء الثقة وتكريس التعددية. في هذا السياق، يستعرض هذا المحور من التقرير الأبعاد القانونية لهذه الممارسات، سواء على مستوى القانون السوري الداخلي أو في ضوء التزامات سوريا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

أولاً، يتعارض مضمون الخطاب الديني المحرّض على غير المسلمين، كما ورد في عدد من خطب الجمعة والشهادات، مع الإعلان الدستوري الصادر عن الحكومة الانتقالية السورية في آذار/مارس 2025، الذي ينص صراحة على أن “حرية الاعتقاد مصونة، وتحترم الدولة جميع الأديان السماوية، وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها على أن لا يخل ذلك بالنظام العام.” وهو ما يعني أن الدولة ملزمة بضمان احترام التعدد الديني ومنع أي خطاب ديني يحض على الإقصاء أو التمييز.

ثانياً، تُعدّ عمليات فصل الأئمة من مناصبهم، سواء بقرارات صادرة عن مديريات الأوقاف أو بإجراءات قسرية نفذتها مجموعات مسلحة، مخالفة للقانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004، الذي يضع شروطاً صارمة لاتخاذ أي إجراء تأديبي ضد موظف عام. وبحسب هذا القانون، فإن فصل الموظف من عمله يُعد من العقوبات المشددة التي لا يجوز تطبيقها إلا بقرار صادر عن المحكمة المسلكية المختصة بمحاكمة العاملين لدى الجهات العامة.[5] ويُحظر على الجهات الإدارية تنفيذ قرار كهذا بشكل منفرد دون المرور بالإجراءات القضائية المنصوص عليها.

ثالثاً، ما أشار إليه بعض الشهود من تعرض أئمة للضرب والإهانة والتهديد بالقتل من قبل عناصر أمنية أو مسلحة، يُعدّ وفق قانون العقوبات السوري رقم 148 لعام 1949 جرائم يعاقب عليها القانون. إذ تنص مواد هذا القانون على تجريم الإيذاء العمدي والتهديد بجناية،[6] وهي مواد يُفترض تفعيلها فوراً لمساءلة الجناة، خصوصاً في حال وجود شكاوى رسمية.

رابعاً، تُعدّ خطب بعض الأئمة الجدد التي حرّضت على أتباع الطوائف الأخرى، ودعت إلى فرض اعتناق الإسلام أو نبذ “أهل الكتاب”، انتهاكاً للمادة 307 من قانون العقوبات السوري، والتي تنص على تجريم كل عمل أو كتابة أو خطاب يقصد منها أو ينتج عنها إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف المختلفة.

خامساً، إن ما تعرّض له الشيخان عمر حوري وأسعد الكحيل يشكّل انتهاكاً جسيماً لمبادئ سيادة القانون والحق في الحرية والأمان الشخصي، المنصوص عليهما في المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يُعدّ جزءاً من الالتزامات القانونية الواقعة على عاتق الدولة السورية الانتقالية. ويُعتبر اختطاف الأفراد دون إذن قضائي، وممارسة الإذلال الجسدي أو النفسي بحقهم، بما في ذلك التعذيب أو المعاملة القاسية، مخالفة واضحة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما اتفاقية مناهضة التعذيب. كما أن قتل الإمام عمر حوري خارج نطاق القضاء، دون محاكمة عادلة أو إثبات قانوني للاتهامات، يُعدّ إعداماً تعسفياً محرّماً قطعاً. وتشير هذه الحوادث إلى خطر تحول المؤسسات المسلحة أو الجهات الأمنية غير الخاضعة للرقابة إلى أدوات للتصفية السياسية والدينية، ما يستدعي محاسبة الجناة وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، وتفعيل الضمانات الدستورية لحماية الحق في الحياة والمحاكمة العادلة وحرية المعتقد.

سادساً، من منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإن ما ورد في هذا التقرير من دعوة أشخاص إلى الدخول في الإسلام في بيئة يسيطر عليها طرف يملك القوة الأمنية والعسكرية، كما حدث في حادثة السقيلبية مثلاً، يُعدّ خرقاً لمبدأ حرية الفكر والوجدان والدين، المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966). فحتى في غياب الإكراه المادي، فإن استخدام النفوذ الديني أو الترهيب الرمزي أو الضغط الاجتماعي لتغيير معتقد الأفراد يُعدّ انتهاكاً لجوهر الحرية الدينية.

كذلك، فإن منع المصلين من أداء شعائرهم الدينية كما في حالة اعتراض بعض المسلحين على صلاة التراويح، يُعدّ تدخلاً غير مشروع في حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية، وهو ما يخالف نص المادة 18 من العهد الدولي، التي تكفل للفرد الحق في ممارسة دينه سواء بمفرده أو مع جماعة، في العلن أو على حدة.[7]

أخيراً، فإن دعوة النساء في الأماكن العامة إلى ارتداء الحجاب أو اللباس “الشرعي” تحت ضغط معنوي مباشر أو ضمني، تمثل شكلاً من أشكال الإكراه المعنوي الذي يُفرغ حرية المعتقد من مضمونها، ويؤسس لحالة من التمييز الديني القائم على الجنس والدين، بما يخالف ليس فقط العهد الدولي، بل أيضاً اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وإن كانت سوريا قد أبدت تحفظات عليها، إلا أن المبادئ العامة لعدم التمييز تبقى سارية بحكم القواعد الآمرة في القانون الدولي.

6. التوصيات:

لضمان سيادة القانون، وصون حرية الدين والمعتقد، واحترام التعدد الديني في سوريا خلال المرحلة الانتقالية وما بعدها، توصي “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بما يلي:

6.1. على المستوى الوطني:
  • الامتثال للعهود الدولية، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك ضمان الحق في الحياة والأمان الشخصي وحرية الدين والمعتقد وحرية التعبير، والامتناع عن ممارسة أي شكل من أشكال الضغط المباشر أو غير المباشر لدفع الأفراد إلى تغيير معتقداتهم.
  • وقف الحملات الدعوية القسرية أو الضاغطة، سواء تلك التي تُمارَس من فوق المنابر أو في الفضاء العام، وضمان عدم استخدام السلطة الدينية أو الأمنية للتأثير على القناعات الدينية للأفراد.
  • إقرار قانون وطني يُعرّف خطاب الكراهية بشكل دقيق ويجرّمه، بما ينسجم مع المعايير الدولية، ويمنع أي تحريض على العنف أو الإقصاء على أساس ديني، مع التأكيد على عدم استخدام هذا القانون لتقييد حرية التعبير المشروعة.
  • مساءلة المتورطين في التحريض على الكراهية الدينية أو في ممارسة التهديد أو الإكراه الديني، سواء كانوا أئمة، دعاة، أو عناصر أمنية، وتفعيل القوانين المحلية ذات الصلة.
  • إطلاق حملات وطنية للتوعية بثقافة حقوق الإنسان والتسامح الديني، وتعزيز قيم التنوع والتعايش، بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني والقيادات الدينية المعتدلة.
  • ضمان حق الأئمة الذين تم فصلهم من مهامهم في الاعتراض والتظلم القضائي، ضمن إطار قانوني نزيه، والتقيد بإجراءات المساءلة الإدارية المنصوص عليها في القوانين السورية، بما يضمن عدم تنفيذ أي عقوبة فصل أو عزل دون حكم قضائي مختص.
6.2. على المستوى الدولي:
  • دعم مبادرات الحوار بين الأديان والطوائف، وتمويل البرامج المجتمعية التي تعزز السلم الأهلي والتماسك المجتمعي، لا سيما في المناطق ذات التنوع الديني والمذهبي.
  • تمويل آليات رصد مستقلة لانتهاكات حرية الدين والمعتقد في سوريا، وضمان نشر تقارير دورية موثوقة تسلط الضوء على هذه الانتهاكات وتقيّم أثرها على النسيج المجتمعي.
  • تشجيع المقررين الخاصين المعنيين بحرية الدين والمعتقد، وحرية الرأي والتعبير، على تنفيذ زيارات ميدانية إلى المناطق المتأثرة، بهدف التحقق من الوقائع، وإعداد تقارير مواضيعية تُرفع إلى مجلس حقوق الإنسان.

[1] كمثال على ذلك (وليس على سبيل الحصر)، تم تعيين الشيخ أسامة الرفاعي مفتياً عاماً للجمهورية العربية السورية في آذار/مارس 2025، رغم تاريخه المثير للجدل. فقد أدلى الرفاعي بتصريحات علنية في آب/أغسطس 2021، ضد النساء حملت نبرة تشدد واضحة، حيث انتقد السوريات العاملات في منظمات المجتمع المدني، واتهمهن بنشر الإلحاد والفساد الأخلاقي، في خطاب يعكس نزعة إقصائية وتمييزية تتعارض مع مبدأ المساواة واحترام الحريات. كما ورد اسمه ضمن الموقعين على فتوى صادرة عن “مجلس الإفتاء السوري” في مدينة إسطنبول عام 2018، اعتُبر القتال ضد قوات سوريا الديمقراطية في عفرين جهادًا مشروعًا، وأُجيزت فيها مصادرة ممتلكات المنتمين لهذه القوات باعتبارها “غنائم”، كما تضمنت الفتوى مواقف متشددة تجاه الأسرى والجرحى، وهو ما يشكل انتهاكًا صريحًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني ويكشف عن توظيف واضح للخطاب الديني في تبرير العنف والتمييز. كذلك ورد اسمه ضمن الموقعين على فتوى ثانية، تُجيز الاستيلاء على أملاك المقاتلين الكرد في منطقة عفرين خلال عملية “غصن الزيتون”، وهو ما فُسّر لاحقًا كغطاء ديني لعمليات النهب المنظّمة التي طالت ممتلكات المدنيين الكرد في تلك المنطقة.

[2] جريدة المدن الإلكترونية. سورياتشكيلة جديدة لخطباء المساجد ومسؤولي الأوقاف. 2 شباط/فبراير 2025.

[3] تتحفظ “سوريون” عن ذكر أسماء الشهود في هذا التقرير، حرصاً على أمنهم وسلامتهم.

[4] انظر مثلاً: فيديو 1، فيديو 2، فيديو 3، فيديو 4، فيديو 5، فيديو 6

[5] المواد 68-69-70 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة.

[6] المادة 540 وما بعدها والمادة 560 وما بعدها من قانون العقوبات السوري.

[7] المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة