شهدت مدينة دوسلدورف، عاصمة ولاية شمال الراين في جمهورية ألمانيا الاتحادية، حدثاً مهماً للجالية الكوردية في المهجر، حيث تم وضع اللبنة الأساسية للمشروع الوطني الجديد المتمثل في المركز الكوردستاني للجالية تحت اسم “مركز الجالية الكوردستانية – رفند”. جاء هذا الحدث تتويجاً لجهود حثيثة ومشتركة لعدد من الفاعلين والمؤسسات المجتمعية الكوردية التي تسعى إلى تعزيز الدور القومي والثقافي والسياسي للكورد المقيمين في أوروبا.
حضر الكونفرانس التأسيسي عدد كبير من ممثلي منظمات المجتمع المدني والشخصيات الثقافية والاجتماعية والناشطين والإعلاميين، في دلالة واضحة على أهمية المشروع وثقة المجتمع الكوردي في قدرته على إحداث نقلات نوعية في مسار العمل القومي داخل المهجر. وشهد اللقاء حوارات موسعة حول أسس العمل المؤسسي للمركز وتوجهاته المستقبلية، إلى جانب وضع الخطط الأولية لتوسيع نشاطاته عبر أرجاء القارة الأوروبية.
برز في هذا السياق الدور الرئيسي للهيئة التأسيسية للمركز، التي تضم نخبة من المعرفيين الأحرار ومنظمة الجيوستراتيجي للمجتمع المدني الكوردي إلى جانب ناشطين كورد قدموا من مختلف أجزاء كوردستان، من باشور وباكور وروجهلات، بما يعكس الطبيعة الجامعة للمشروع وهويته القومية الشاملة. كما حضر وشارك ممثلو المنظمة الألمانية الدولية للتنمية والسلام وجمعية المرأة الكوردية النمساوية وكومله زوزان وكومله آزادي إضافة إلى مجموعة من المثقفين والأدباء الكورد من الأجزاء الأربعة لكوردستان، مما عزز الطابع الوحدوي للمبادرة ودعم روح التضامن القومي بين مكوّنات الجالية الكوردستانية.
مجريات الكونفرانس
بدأت فعاليات الكونفرانس بكلمة افتتاحية قدمها السيد عبد الله جندي، الذي استعرض رؤية المشروع بصورة شاملة، موضحاً أبعاده التنظيمية والإدارية وآليات العمل الميداني خلال المرحلة المقبلة. وتابعت الناشطة سلاف إدارة المحور الرئيسي للقاء، مركزة على أهمية بناء نموذج مؤسسي يواكب حاجات الجالية ويدعم حضورها الفاعل في دول الاغتراب.
كما قدّم السيد ريبر هبون عرضاً مفصلاً حول أنشطة المركز منذ انطلاق الفكرة وحتى تأسيسه الرسمي، مع تسليط الضوء على البرامج والمبادرات المخطط تنفيذها مستقبلاً. وجاءت مداخلة السيد إبراهيم كابان لتؤكد ضرورة وجود مؤسسة كوردية مستقلة تخدم أبناء الجالية بمعزل عن التقسيمات الأيديولوجية وبصورة تجمع الكوردستانيين حول قضيتهم وثقافتهم وهوّيتهم دون استثناء أو إقصاء.
بعد ذلك، فُتح باب الحوار أمام الحضور، وشهدت الجلسة نقاشات موسعة مع عشرات الأسئلة والاستفسارات التي تناولت أفق عمل المركز، آليات العضوية، سبل التوسع المؤسسي، والضمانات التنظيمية الداعمة لنجاح المشروع. كما طرح الحضور سلسلة توصيات اعتبرت بمثابة مرجع مهم لعمل الهيئة التأسيسية خلال المرحلة المقبلة.
وفي ختام أعمال الكونفرانس، بادر عدد كبير من المشاركين من النساء والرجال والشباب إلى تسجيل عضويتهم رسمياً في المركز، في مشهد عكس الحماسة الشعبية والرغبة الواضحة في دعم المشروع والمساهمة الفاعلة في تحقيق أهدافه.
يأتي هذا المشروع انطلاقاً من قناعة راسخة بضرورة الانتقال إلى العمل المؤسسي المنظم الذي يرتقي بطموحات الجالية الكوردية ويعبّر عن حقوقها وقيمها وهويتها الكوردستانية. ويؤكد القائمون أنّ الخطوة التي بدأت اليوم تحمل في جوهرها مشروعاً كبيراً يحمل رؤى بعيدة المدى، هدفها الوصول إلى أعلى المستويات في تمثيل الكورد في أوروبا وتعزيز حضورهم الفاعل في الحياة العامة.
وأختتم القائمون على المركز بالتأكيد على أنّ هذا الإنجاز يشكل نقطة انطلاق لمسيرة ستشهد توسعاً كبيراً في الفعاليات القومية والثقافية والاجتماعية، وترسيخ البيت الكوردستاني في بلاد المهجر ليكون حاضنة لكل أبناء الجالية ورافعة لخدمة القضية الكوردية والمجتمع الكوردي أينما وُجد.
من دوسلدورف تبدأ الخطوة الأولى، بثقة راسخة بأن المستقبل يفتح أبوابه أمام المشروع الذي يكبر يوماً بعد آخر، خدمةً للكوردياتية وللهوية الكوردستانية ولحقوق الشعب الكوردي العادلة.
توصيات الكونفرانس التأسيسي لمركز الجالية الكوردستانية – رفند
أختتم المجتمعون الكونفرانس بتدوين حزمة من التوصيات التي تهدف إلى وضع أسس متينة للمركز وتعزيز حضوره المؤسسي في المهجر، وذلك على النحو الآتي:
تعزيز العمل المؤسسي المنظم عبر بناء هيكلية إدارية واضحة وفعالة تعتمد مبدأ الشفافية والمساءلة.
توسيع شبكة العلاقات مع منظمات المجتمع المدني داخل ألمانيا وخارجها، بهدف توحيد الجهود في خدمة القضية الكوردية.
إطلاق برامج ثقافية وتعليمية وتوعوية تسهم في نشر الثقافة والفكر الكوردستاني وربط الأجيال الجديدة بهويتها.
بناء منصة قومية جامعة تستوعب مختلف الانتماءات الفكرية والسياسية دون تمييز أو إقصاء، اعتماداً على الهوية الوطنية الكوردستانية كمرجعية.
الاهتمام بالشباب والمرأة واعتبار مشاركتهم في فعاليات المركز ومواقعه القيادية أولوية أساسية.
تعزيز التواصل بين أبناء الجالية الكوردية في مختلف الدول الأوروبية والعمل على توحيد النشاطات المشتركة.
الاستمرار في فتح باب العضوية والترحيب بكل من يؤمن برسالة المركز وأهدافه الوطنية.
إطلاق آلية للتقييم والمتابعة لضمان جودة البرامج والمخرجات وقياس أثرها المجتمعي.
التأكيد على الرسالة القومية للمركز في دعم الحقوق العادلة للشعب الكوردي وحماية هويته وثقافته وقضيته على المستوى الدولي.
وقد توافقت إرادة المجتمعين على اعتبار هذه التوصيات مرجعية أولية للعمل خلال المرحلة المقبلة، على أن تستكمل تفاصيلها ضمن النظام الداخلي وخطط العمل السنوية للمركز.
كما اكد المنضمون إعرابهم عن التفاؤل الكبير بهذه الخطوة التي اعتبروها بداية مسار مؤسسي وطني راسخ، وأكدوا التزامهم الكامل بتحويل هذه التوصيات إلى واقع عملي يخدم الجالية الكوردستانية وقضيتها التاريخية.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=78649






