تنظيم “سرايا أنصار السنّة” يعترف بتنفيذ مجازر الساحل ويهدد الأقليات في سوريا ويخطط للتوسع في لبنان

أثار تنظيم جديد يُطلق على نفسه اسم “سرايا أنصار السنّة” حالة من القلق والخوف في سوريا، ولا سيما في مناطق الساحل، بسبب مواقفه المتطرفة تجاه الأقليات الدينية والكرد، وتهديده العلني باستهدافها بذريعة “الكفر والشرك”. ويُتهم التنظيم بارتكاب مجازر دموية، لا سيما بحق أبناء الطائفة العلوية، كما يتبنى خطاباً تكفيرياً يطال حتى الفصائل الإسلامية المعارضة، مثل “هيئة تحرير الشام”.

ورغم نشاطه الميداني، يلف الغموض هوية “سرايا أنصار السنّة” وهيكليته التنظيمية، إذ لا توجد له مقرات معلنة، ويقتصر ظهوره على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما عبر تطبيق “تلغرام”. هذا الغموض فتح الباب أمام تكهنات متضاربة حول طبيعته، حيث يرى بعض المراقبين أنه فصيل متطرف يعمل بشكل منفلت، بينما يعتقد آخرون أنه “أداة أمنية” لتخويف الخصوم، على غرار “الشبّيحة” في مراحل سابقة من حكم النظام السوري.

وفي مقابلة أجرتها صحيفة “النهار” مع القيادي الشرعي في التنظيم، أبو الفتح الشامي، عبر “تلغرام”، أكد الأخير مسؤولية جماعته عن مجازر الساحل، واصفاً إياها بأنها “غيض من فيض”، ومعلناً أن استهداف الأقليات يشكل أولوية في هذه المرحلة.

وأوضح الشامي أن التنظيم تأسس قبل سقوط النظام، وتحديداً في محافظة إدلب، مشيراً إلى أن ظروف المرحلة الراهنة ساعدت على توسيع نطاق تحركه. وأضاف أن عناصر التنظيم ينحدرون من خلفيات متنوعة، من بينهم منشقون عن “هيئة تحرير الشام”، وآخرون ينتمون إلى فصائل مختلفة، بالإضافة إلى مدنيين التحقوا به.

ورغم أن “سرايا أنصار السنّة” أصدرت فتاوى تكفّر الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع وفصيله، فإن الشامي نفى وجود نية حالياً لمواجهة عسكرية مباشرة معهم، مشيراً إلى أن الأولوية هي “ضرب طوائف الردة، النصيرية، والدرزية، والرافضية، وميليشيا الأكراد القسدية”، وفق تعبيره.

توسع نحو لبنان
وأشار بيان صادر عن التنظيم إلى خطة لمدّ نفوذه باتجاه الحدود اللبنانية، انطلاقاً من ريف حمص، بهدف تأسيس وجود له داخل لبنان. وأكد الشامي صحة البيان، لافتاً إلى أن التوسع في ريفي حماة وحمص يخدم هذه الغاية، خاصة مع تصاعد التوترات في حلب ودير الزور، حيث سُجّلت مؤخراً عمليات تفجير ومداهمات.

يُذكر أن اسم “سرايا أنصار السنّة” ظهر إلى العلن لأول مرة في 1 شباط/فبراير الماضي، إثر الهجوم على بلدة أرزة بريف حماة، الذي أسفر عن مقتل نحو 15 مدنياً وتهجير مئات السكان، معظمهم من الطائفة العلوية.

نهج داعشي دون مبايعة
ورغم التشابه الكبير بين خطاب “سرايا أنصار السنّة” ونهج تنظيم “داعش”، نفى الشامي وجود أي ارتباط تنظيمي بين الطرفين، لكنه أبدى انفتاحاً على التعاون مع من يشاركهم في ما سماه “التوحيد الخالص والجهاد الصادق”.

وكان تنظيم “داعش” قد دعا في افتتاحية صحيفة “النبأ” الأخيرة إلى ترك “هيئة تحرير الشام”، ووجّه المقاتلين الأجانب للالتحاق بـ”السرايا” دون تسميتها، في إشارة إلى “سرايا أنصار السنّة”.

هجوم على أحمد الشرع
في مقابلة “النهار”، شنّ الشامي هجوماً لاذعاً على أحمد الشرع (المعروف بالجولاني)، زعيم “هيئة تحرير الشام”، واصفاً إياه بـ”الطاغوت المستكبر” الذي “يغدر تحت لواء البهتان”، محذراً المقاتلين من الانخداع به. وأضاف أن المقاتلين الأجانب الذين يقاتلون ضمن صفوف “هيئة تحرير الشام” “لا تُعذر نيتهم ولا تُغفر خطيئتهم”، على حد تعبيره.

وفي المقابل، ميّز الشامي بين المهاجرين الذين لم يوالوا الجولاني، مؤكداً أن أمامهم فرصة للالتحاق بفصائل “صادقة”، لا تزال – على حد قوله – “تجاهد على الثغور”.

حجب القائد العام
وعند محاولة الصحيفة التواصل مع القائد العام للتنظيم، المعروف بـ”أبو عائشة الشامي” أو “أبو عائشة خليل”، قوبل الطلب بالرفض بدعوى “الظروف الأمنية المعقدة”، وسط تكتم شديد يلف قيادة التنظيم.

ورغم الشكوك التي تحيط بحقيقته ودوافعه، يبدو أن تنظيم “سرايا أنصار السنّة” يتجه لترسيخ حضوره في المشهد السوري، مع نية معلنة لتوسيع نشاطه خارج الحدود، ما يثير قلقاً إقليمياً متزايداً.