سربست نبي
أستاذ الفلسفة السياسية- جامعة كويا
ماهي حكاية، أو لغز، توماس باراك( المبعوث الأمريكي الخاص) والساسة الأمريكيون، وولعهم الشديد ببطولات إرهابيي الإسلام السياسي وخيباتهم معهم في الوقت نفسه؟ في كلّ مرّة يكتشفون فيها جهادياً متطرفاً يسارعون إلى إطلاق صفات ملحمية عنه، ويسبغون عليه صفات وألقاب مؤسسي أمريكا العظام، فقد أهانوا بذلك الإرث الإنساني والأخلاقي لمؤسسي أمريكا كثيراً وازدروا به بتشبيه هؤلاء الإرهابيين بصناع تاريخ أمريكا. في الثمانينات من القرن الفائت ضد النفوذ السوفييتي في أفغانستان، أطلق الرئيس الأمريكي( رونالد ريغان) على الجهاديين الإسلاميين وقتئذ( برهان الدين رباني، قلب الدين حكمتيار، جلال الدين حقاني، مولوي يونس خالص…الخ) اسم “المحاربين من أجل الحرية” ضد الديكتاتورية الشيوعية، وشبههم بمؤسسي أمريكا العظام!!
ثم أطلقوا على الإرهابي، الذي تخلصوا منه فيما بعد، أسامة بن لادن لقب( المحارب من أجل السلام ضد الروس) ولا نحتاج إلى التذكير بـ( السلام) الذي حصدوه على يدي بن لادن وجماعته في ١١ أيلول ٢٠٠١، فأهالي الضحايا من المواطنين الأمريكيين لايمكنهم أن ينسوا ذلك بأي حال.
الآن، يكررون الخطأ ذاته في سوريا، فقد أسبغ رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب صفات استثنائية على إرهابي، مطلوب أمريكياً عن مشاركته في قتل العديد من الأمريكيين في العراق وسوريا، و وصفه بـ( الوسيم، الحاذق، القوي…الخ) ولعل السيدة الأمريكية الأولى Melania Trump لم تحظى بمثل هذا الإطراء من الرئيس ترامب مرة واحدة طوال الدروتين الرئاسيتين!!
وأخيراً، لعل أكبر ازدراء محتمل يمكن أن يلحق بتاريخ مؤسسي أمريكا هو أن يماثل في الدور والمكانة بين إرهابي مثل الجولاني و( George Washington) من حيث الأهمية التاريخية. وأنا على يقين مطلق بأنه لو قدّر لجورج واشنطن أن يسمع توماس باراك وهو يقول عن الجولاني بأنه بمثابة) جورج واشنطن سوريا) لشعر باشمئزاز شديد واعتذر عن دوره في تاريخ أمريكا. جورج واشنطن، كما نعلم، ساهم في تأسيس أمة حرة، وساوى بين مواطنيها رغم اختلافاتهم اللغوية والإثنية والدينية، بينما الجولاني أباح قتل مواطنيه المختلفين عنه دينياً وعرقياً، وارتكبت قواته مجازر ومذابح بحق أبناء الأقليات الأخرى، وكان هذا التصريح المجاني بمثابة الأفيون الذي أنعش لديه غريزة القتل، ومثل تعويذة سرّية لجهادييه لارتكاب المجازر بحق الأقلية الدرزية في السويداء. فهل مثل هذه الأحكام والتقديرات السيئة في السياسة الأمريكية هي نتاج جهل معرفي بالتاريخ والمجتمعات، أم نتاج ذهنية براغماتية، بخسة ومجردة تماماً من القيم الإنسانية المشتركة.
https://t.me/sarbastnabi2024/14761
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=72747