تم إنجاز هذا العمل بدعم من الاتحاد الأوروبي وبالشراكة مع “مركز سيسفاير لحقوق المدنيين/ Ceasefire centre for civilian rights” . إن محتويات هذا المنشور هي مسؤولية “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” فقط/الجهة الناشرة، ولا تعكس بالضرورة آراء “الاتحاد الأوروبي” وآراء “مركز سيسفاير لحقوق المدنيين/ Ceasefire centre for civilian rights”.
1. ملخص تنفيذي:
يوثّق هذا التقرير الصادر عن “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” سلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت بحق مدنيين ومدنيات من أبناء الطائفة العلوية، خلال الفترة الممتدة من 10 آذار/مارس وحتى نهاية حزيران/يونيو 2025، في محافظات اللاذقية، وحمص، وحماة، وطرطوس وريف دمشق.
تأتي هذه الانتهاكات في أعقاب المجازر الوحشية التي شهدها الساحل السوري (من 6 إلى 9 آذار/مارس 2025)، في ظل عدم قدرة السلطات السورية المؤقتة على توفير الأمن الحماية الفعلية للفئات المحمية في سوريا.
تنوّعت الانتهاكات الموثقة في هذا التقرير بين القتل خارج نطاق القانون، والخطف، والتعذيب، والنهب والتخريب، والعنف الطائفي، وجرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي، شملت بشكل خاص النساء والفتيات.
خلال الفترة التي يغطيها التقرير، وثّقت المنظمة عدداً من الانتهاكات الجسيمة شملت 64 حالة قتل، من بينها 9 أطفال و 9 نساء، إضافة إلى 4 حالات نجا أصحابها من الموت، بينهم طفلة. كما تم تسجيل 5 حالات خطف، بينها حالتان لنساء، و 10 حالات تعذيب جسدي أو نفسي أو ضرب أو معاملة غير إنسانية، من بينها حالة لطفل. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام لا تعكس العدد الإجمالي للضحايا، وإنما تمثّل فقط الحالات التي جرى توثيقها ضمن نطاق هذا التقرير.
تكشف الشهادات التي جمعتها “سوريون” والتحقيقات الميدانية التي تمّ دعمها بالمصادر المفتوحة، أن هذه الجرائم لم تكن حوادث معزولة، بل يبدو أنّها جرت كسياسة في سياق استهداف مجتمعات بعينها على أسس طائفية وجندرية، وسط غياب الحماية، وإنكار رسمي للوقائع، وتقاعس عن التحقيق.
ورغم تشكيل لجنة وطنية للتحقيق في مجازر الساحل، فإن صلاحياتها اقتصرت على أيام معدودة ومناطق محددة، ما استبعد الانتهاكات اللاحقة، كما تجنّب تقريرها تحميل القيادات العسكرية أو الأمنية أي مسؤولية، وأنكر الخلفية الطائفية للأحداث، وامتنع عن نشر نتائجه الكاملة للرأي العام، ما يعكس قصوراً جوهرياً وخطيراً في مقاربة المساءلة، ويعزز مناخ الإفلات من العقاب، وبالتالي وجود مخاوف حقيقية من ضياع حقوق الضحايا إذا لم يتم التحقيق في تلك الانتهاكات من قبل جهات دولية مستقلة، وذات مصداقية.
لا يدّعي التقرير الإحاطة بجميع الانتهاكات، بل يقدّم نماذج موثّقة وأنماط تمثّل جزءاً من دائرة أوسع من العنف والانتهاكات، شملت القتل خارج نطاق القانون، والخطف، والتعذيب، والانتهاكات القائمة على النوع الاجتماعي، والنهب، والتخريب، مع التركيز على مسؤولية الجهات الرسمية والفصائل المسلحة التابعة لها أو المدعومة منها.
في ختام هذا التقرير، تقدم “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” مجموعة توصيات للسلطات السورية المؤقتة والمجتمع الدولي والآليات الأممية.
2. مقدمة وخلفية:
في أعقاب المجازر الطائفية التي شهدها الساحل السوري ومحافظتي حمص وحماه بين 6 و9 آذار/مارس 2025، سارعت السلطات السورية إلى تشكيل “اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق بشأن أحداث الساحل السوري“، بقرار من الرئيس المؤقت أحمد الشرع في 9 آذار/مارس. وكُلّفت اللجنة بالتحقيق في أحداث الساحل السوري التي وقعت في 6 آذار، ضمن مهلة ثلاثين يوماً تم تمديدها لاحقاً حتى منتصف تموز/يوليو 2025.
في 22 تموز/يوليو، عرضت اللجنة نتائجها في مؤتمر صحفي بدمشق، مشدّدة على التزامها بـ”المعايير القانونية والمهنية”، وأكدت توثيقها لمقتل 1426 شخصاً، بينهم 90 امرأة، و20 مفقوداً، إضافة إلى وقوع انتهاكات واسعة خلال العمليات العسكرية، لكنها اعتبرت أن هذه الانتهاكات “غير منظمة” وناجمة عن دوافع متباينة كالانتقام والفوضى. كما امتنعت عن نشر تقريرها كاملاً للرأي العام، وتجنّبت الإشارة إلى الطابع الطائفي للأحداث أو تحميل القيادات العسكرية أي مسؤولية مباشرة.
ورغم تشكيل اللجنة، استمرت الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين/ات من الطائفة العلوية، وسط عجز رسمي عن ضبط الجرائم، وتدهور الثقة العامة بإجراءات الدولة، وهو أيضاً ما أكدته لجنة التحقيق الدولية في تقريرها المنشور في 14 آب/أغسطس 2025.
في هذا السياق، أعدّت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” هذا التقرير التوثيقي الذي يرصد الانتهاكات المرتكبة بين 10 آذار/مارس ونهاية حزيران/يونيو 2025، استناداً إلى 19 مقابلة معمّقة مع ضحايا وذويهم وشهود عيان، إضافة إلى تحليل مواد منشورة عبر المصادر المفتوحة، شملت مقاطع فيديو وصور ومنشورات موثقة.
خلال أخذ موافقاتهم المستنيرة، اطلع جميع من قابلناهم على الطبيعة الطوعية للمقابلة وسبل استخدام المعلومات التي شاركوها، بما في ذلك نشر هذا التقرير، فآثروا إخفاء هوياتهم أو أي معلومات قد تدل عليها، خوفاً من أية أعمال انتقامية قد تطالهم أو تطال عائلاتهم. وعليه، تم استخدام أسماء مستعارة للدلالة على الأشخاص الذين يقتبس التقرير أجزاء من إفاداتهم.
يسعى هذا التقرير إلى تسليط الضوء على الانتهاكات التي استمرت بعد انتهاء أعمال لجنة التحقيق، والتي لم تشملها تقارير الدولة أو إجراءاتها، رغم خطورتها واتساع نطاقها. ويُظهر ما جمعته “سوريون” من شهادات ومصادر مفتوحة أن الاستهداف لم يكن عشوائياً، بل طال أبناء وبنات الطائفة العلوية في محافظات حمص وحماة واللاذقية وطرطوس وريف دمشق،[1] في سياق واسع من العنف الطائفي، ووسط غياب الحماية أو المساءلة.
[1] وثقت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في تقريرها “سوريا: توثيق حالات اختفاء قسرية واعتقالات تعسفية في حي القدم الدمشقي” عدة انتهاكات وقعت في ريف دمشق، على مدنيين/ات من أبناء الطائفة العلوية والمقيمين في منطقة “حارة العنازة/العنازي” في حي القدم. ويُسلّط التقرير الضوء على حملتين نُفذتا في كانون الأول/ديسمبر 2024 و7 آذار/مارس 2025، وأسفرتا عن اختفاء وفقدان العشرات وسط أنباء عن تصفية عدد منهم خارج نطاق القانون.
لقراءة التقرير كاملاً (25 صفحة) بصيغة PDF، يرجى الضغط هنا
المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=78724


