حادثة تدمر والفكر الجهادي السلفي

بير رستم

إن ظاهرة أبو جابر الشامي؛ منفذ عملية تدمر ضد القوات الأمريكية، ليست بغريبة وذلك إذا أخذنا بعين الإعتبار واقع وتركيبة هذه القوات وبنيتهم التنظيمية والفكرية القائمة على العقيدة الجهادية ضد كل من يعتبرونهم كفاراً، وخاصةً أن أغلب هؤلاء كانوا وما زالوا جزء من جماعات وميليشيا تكفيرية سلفية جهادية حاربت قوى التحالف الدولي تحت مسميات إسلامية مختلفة؛ منها تنظيم الدولة وباقي المسميات، وبالتالي فإن هؤلاء أو على الأقل العديد من أفراد تلك الجماعات ما زالوا على استعداد للعمل ضد قوات التحالف وذلك بالرغم من كل محاولات الحكومة الحالية في دمشق بالعمل والتنسيق مع هذه القوات.

ثم علينا أن لا ننسى بأن الذهنية العقائدية لدى مثل هؤلاء الأشخاص ونيل الدخول في جنات النعيم هي الأساس لكل العقيدة الجهادية لديهم ولذلك لم ولن نستغرب أن تتكرر مثل هذه الظاهرة في القادم، وليس فقط من داخل هذه الجماعات الجهادية الميليشاوية والتي تشكل ما يسمى الأمن العام، بل ربما حتى من داخل أطراف أخرى أو أشخاص مشبعين بهذه الأفكار السلفية التكفيرية ولذلك فإن ظاهرة هذه “الذئاب المنفردة” قد تتكرر كثيراً ولمحاربة هذه المشكلة يجب معالجة الجذر الفكري والعقائدي وليس تكريس تلك الذهنية في المناهج التعليمية، كما هي في واقع المجتمعات الإسلامية والعربية ومنها ما يتم وضعه في مناهج التربية والتعليم في سوريا بعد سيطرت هذه الجماعات السلفية على مقاليد السلطة في البلاد!

لكن ربما تكون للظاهرة، أو العملية التي تم تنفيذها في تدمر، إيجابية واحدة؛ ألا وهي دفع الأمريكيين والتحالف الدولي للمزيد من الاعتماد على قوات سوريا الديمقراطية وكذلك المزيد من الضغط على السلطات في دمشق للتخلص من ظاهرة الجهاديين وبالأخص الأجانب منهم في المرحلة الأولى وبالتالي دفع دمشق إلى التنسيق مع قسد للتخلص من هذه الميليشيات حيث دون مساعدة من قسد والتحالف الدولي لن تكون بمقدور دمشق الوقوف في وجه هذه الجماعات السلفية الجهادية التكفيرية.

Scroll to Top