رستم أحمد
غسان شربل الذي طالما عرف بصوته الذي ينطق بالحق وقلمه الذي يدون حاضراً وتاريخاً بصدق وأمانة وضمير بات يفتقر إلى إليه معظم منتسبي المهنة الذين تراهم يتمايلون مع الموجة حقاً وباطلاً لنيل الرضا من المالك، قامة صحفية لا تحتاج من كاتب المقال الإشادة به فتاريخه الصحفي وغزارة مقالاته التي يتشوقها القراءة للنهل من أسلوبه الذي بات نادراً في الصحافة العربية المكتوبة يجعل منه عميد الصحافة العربية المكتوبة في هذا العصر.
جاء الخبر التالي على الوكالة الرسمية للسلطة الجديدة التي استلمت الحكم من بشار الأسد في ليلة أحطها من الغموض ما احاطها “استقبل السيد الرئيس أحمد الشرع وفداً إعلامياً عربياً، يضم مديري مؤسسات إعلامية ورؤساء تحرير صحف عربية ووزراء إعلام سابقين”.
نعم ضم الوفد أسماء بارزة في الإعلام العربي لكن أن يضم “غسان شربل” رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط، آخر قلعة صحفية صامدة أمام غزوات التكنولوجيا ووسائل التمييع الاجتماعي هذا ما لم يتوقعه كاتب المقال، ولتبدأ سلسلة من التساؤلات والافتراضات التي تدور في رأس كل فرد من قرائك وخاصة الليبراليين والعلمانيين منهم.
هل سألته عن كلمته بتاريخ 10 نيسان/ أبريل 2013 الموجهة لزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي والذي جاء فيها “ثم شرفني الله عز وجل بالتعرف على الشيخ البغدادي ذلك الشيخ الجليل الذي وفى لأهل الشام حقهم ورد الدين مضاعفا ووافق على مشروع قد طرحناه إليه لنصرة أهلنا المستضعفين بأرض الشام ثم أردفنا بشطر مال الدولة رغم أيام العسرة التي كانت تمر بهم ثم وضع كامل ثقته بالعبد الفقير وخوّله بوضع السياسة والخطة وأردفه ببعض الإخوة وعلى قلتهم إلا أن الله عز وجل قد بارك فيهم وبجمعهم وبدأت الجبهة تخوض غمار الصعوبات شيئا فشيئا..”.
ولا أعلم إذا استخدم معكم أيضاً كلمته “العبد الفقير” التي يروجها في كل خطاب ولقاء ورسالة وحسب الحاجة، ولا أعلم إذا حدثته عن تفجير القزاز في دمشق الذي راح ضحيته عشرات المدنيين والذي تبنته حينها جبهة النصرة وفق ما وثقه المفكر هيثم مناع في كتبه حول الحركات الجهادية والسلفية وجبهة النصرة.
هناك العديد من الأسئلة التي تدور في رأس كل متابع لك عن الأسئلة المحرجة التي سألتها أياه والتي لا مجال لذكرها الآن بدءاً من بيعته للقاعدة وارتكاب التنظيمات التي ترأسها من جرائم وفظائع، لنقل أن الرجل غير من أفكاره كما يروج لنفسه لكن هل سألته بعد ما روجه من تغيير لأفكاره عن المجازر التي ارتكبت بحق العلويين والدروز وظهر بالصوت والصورة ليشكر وقفة من أسماهم العشائر والفزعات.
وهل سألته عن تحويل سوريا إلى قاعدة للمتطرفين الذين يلاحقون شعوبها وطوائفها على ملبسهم ومشربهم ويسرحون ويمرحون في شوارع دمشق واللاذقية وحمص.. مرددين شعاراتهم الطائفية الفاشية، وهل سألته كيف حول من نفسه دكتاتوراً خلال شهراً من حكمه بينما أحتاج الدكتاتور الراحل حافظ الأسد عدة سنين لتنفيذ هذا الأمر.
الحديث يطول ولا مجال لذكر موبقات هذه السلطة فصحفي بقامتك يعرف أكثر مني هذه الأمور، وأنا إذ أكتب هذه السطور إنما الهدف منها ليس النيل من شخصكم الكريم بل من موقع حب لشخص نتأمل منه الكثير.
بانتظار مقالتك التالية لتكتب لنا كما عهدناك “الحق” ولا غيره، لا أن تروج له كمفكر ومخلص للسوريين كما فعل أقرانك في ذلك الوفد.
مع المودة والمحبة
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=74527